إصابة 8 فلسطينيين في قصف مسيرة استهدف خيمة بجامعة الأقصى غرب خان يونس    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    اللجنه العامة توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على مواد الإجراءات الجنائية    نائب بريطاني يندد باعتراض إسرائيل لأسطول الصمود ويطالب بمعاقبتها ووقف تسليحها    الرئيس الكولومبي ينقض اتفاقية التجارة مع إسرائيل ويطرد دبلوماسييها    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    تجارة الدم العابرة للقارات.. مرتزقة كولومبيا يشعلون جحيم السودان!    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    موعد مباريات اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    مصرع أمين شرطة وإصابة اثنين آخرين أثناء معاينة جثة سيدة ب "صحراوي" البحيرة    نقل الفنان السوري زيناتي قدسية إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    الزمالك يفتقد 3 لاعبين أمام غزل المحلة.. ومصير فيريرا على المحك    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل نحو 2 مليون مريض مصري سنويا في مختلف التخصصات الطبية    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    1160 للجنيه دفعة واحدة.. ارتفاع كبير بأسعار الذهب بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا تاريخيًا    سر ديناميكية هشام أبو النصر محافظ أسيوط    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    جوارديولا: لدينا نقطة وسنحصل عليها    إخماد الحريق الثالث بمزرعة نخيل في الوادي الجديد    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    ركزوا على الإيجابيات.. والدة طفلة «خطوبة في المدرسة» تكشف تفاصيل الواقعة (فيديو)    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    ارتفاع أسعار الذهب في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 2-10-2025    ستاندرد آند بورز: إغلاق الحكومة الأمريكية يفاقم عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية    بعد الهجوم الإسرائيلي.. قرار عاجل من أسطول الصمود العالمي بشأن حصار غزة    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    الإسكان عن أزمة قرية بحر أبو المير بالفيوم: تحركنا لدراسة الوضع ميدانيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أولى هجمات أكتوبر.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: أمطار رعدية تضرب منطقتين    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق شبرا - بنها    التجربة المصرية في الاستزراع السمكي محور برنامج تدريبي دولي بالإسماعيلية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس الدولة يقرر إعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا القصة القصيرة جدا؟.. مجدي شلبي نموذجا
نشر في شموس يوم 17 - 10 - 2012

القصة القصيرة جدا ظاهرة أدبية شاعت خلال السنوات القليلة الماضية، وان بدأت فى السبعينيات من القرن الماضي، إلا أنها لم تلق الاهتمام النقدي الواجب والشيوع إلا مع مطلع القرن ال21، بعد أن تنكر لها البعض (الكثير) من قبل.
ويعتبر الأديب "مجدي شلبي" من هذا الجيل الذي أخلص لهذا الشكل السردي، ويسعى لتحقيق ذاته الأدبية من خلالها، فكانت تلك المجموعة القصصية "حمرة خجل" التي تتضمن 39 قصة قصيرة جدا.
.. ربما القصة القصيرة جدا هي محاولة من القاص: للقبض على لحظات مثقلة، شديدة التعقيد.. محاولة لاختبار طاقات هذا الجُنَيْسِ السردي.. تتسم بشغف القاص للشكل اللغوي والتعبيري والحكائي واللعب السردي.. وقد تبدو وكأنها محاولة ليبرهن القاص لنفسه على أنه قادر على رصد تحولات الواقع، والتجديد أيضا.. وقد يبدو الأمر مزاجيا فتبدو القصة القصيرة جدا جاذبة لأن وقت كتابتها لا يستغرق زمنا طويلا، فحياتنا اليومية مشبعة بالملل والرتابة، بينما كلامنا عادة ما يطوّقه الإطناب والتكرار.
وكتابة القصة القصيرة جدا تهبنا حيزا للتعبير والإضمار والتكثيف والحذف والاختزال، وكذا إبراز مفارقات الواقع وزيفه.. ولعلها تعكس حنين البعض لجذور موهبته وقت أن كان يكتب الشعر.. ولأنها تعبر عن الحكمة القائلة: (ما قل و دل).. وربما لأنها بحكم حجمها وأشكال تناولها قادرة على التخابث، فلا موانع ولا تابوهات في أجندتها، ولا معايير مقدسة لديها، الكلّ سواء وسواسيه في المعادلة الإبداعية، فهي تفقأ عيني دكتاتور أو مستبد أو طاغية في سطور معدودات.
القصة القصيرة جدا هي الوحيدة القادرة على محاكاة العالم وفي الوقت نفسه محو فضاءاته وسخافاته، فهي الأقدر على التسرب والتوغل عميقا في ذات المتلقي والتأثير فيه بل تدفعه حنكة القاص إلى المشاركة في أحداث القصص وصياغة قصته الخاصة.. وهو ما يدفع البعض لكتابتها مخافة أن تخنقه الصرخة التي بداخله.
هي قصيرة جدا, لكنها كبيرة الفعل, مداها رحب، وسيع..
بعد هذا كله، ربما من الأفضل القول: أنه يكتب القصة القصيرة جدا، ولا تسأل كيف ولماذا؟ .. ومع ذلك نحن أمام جهد مخلص جاد من القاص يسعى لان يضع اسمه فى ميدان تلك اللعوب المسماة "قصة قصيرة جدا"، فهي تحمل في حد ذاتها غواية خاصة بحكم حجمها المراوغ. ليس هذا الملمح الكمي وحده، يحدد لمفهومها.. هناك قصر الحدث، والتكثيف الفني والدلالي، مما يستدعي قدرات خاصة أيضا في توظيف آليات قص تحمل المتلقي إلى عوالم قصصية حقيقية من خلال الرؤية السردية.. بإيحاءات رمزية وتداعيات إنسانية لها بعدها التاريخي والاجتماعي والثقافي والقيمى.. ويبقى أن الأهم هو مدى قدرتها على خلق العمق الأدبي الذي يعطي للعمل قيمته الإبداعية.
* أسئلة:
والحقيقة فإنّ القِصّة القصيرة جِدًّا تثير تساؤلات نقدية لن يجيب عليها سوى المبدع لها:
ما الذي يتبقّى من القِصّة في القِصّة القصيرة جِدًّا؟ بعد أن تماست مع قصيدة النثر، وفن صياغة الحكمة وربما الخبر الحكائى..
- هل توافقت القصة القصيرة جدا مع مقولة "النفرى": "كلما اتسعتْ الرؤية ضاقت العبارة"، لكن ضيق العبارة لا يعنى حتما صغير الحجم وقصر العبارة حتما، كما يفهم البعض؟
هل التحديد الكمي للقصة هدفا فى ذاته؟
وهو ما سوف نختبره ونتابعه فى مجموعة مجدي شلبي "حمرة خجل"، فقد جاءت في جملتها متعاركة مع الواقع، ومعبّرة عن هموم القاص.. وصفية مرة، وشاعريّة مرة أخرى، ساخرة مرة ومثيرة للشجن مرة أخرى.. متنوعة المناحي والرؤى مع الإنسان فى لحظات ضعفه وشروده وحيرته.
ملامح القصة القصيرة جدا عند (مجدي شلبي)؟
.. الشذى مع الترقيم، وهى تلك القصص التي تتسم بالقفزات الشعورية عبر الزمان والمكان، مع الرغبة فى الوصول إلى "حكمة ما" أو "عظة وعبرة". يتسم النص بذكاء الفكرة والتناول، بحيث أوجز النص الكثير مما يقال، وهكذا واحدة من ميزات القصة القصيرة جدا.
* قصة قصيرة جدا: "غير مأسوف عليه"
(1) امتطى صهوة الجواد، وبعد أن اعتدل فى جلسته؛ أصدر قراراً بإعدام جميع المشاة!
(2) سقط أرضاً؛ فاعتذر بعد فوات الأوان!
(3) حملت الجياد السائر الوحيد إلى مثواه الأخير؛ غير مأسوف عليه!
(4) كُتب على شاهد القبر: هنا يرقد جثمان فخامة الزعيم الذي قتل شعبه!
.. القصة القصيرة جدا مبنية على الجمل البسيطة ذات المحمول الواحد، وابتعدت عن الجمل الطويلة والمركبة ذات المحمولات المتعددة، كلما كانت القصة أكثر تركيزا، بدت أكثر إدهاشا للقارئ.
* لو تأملنا القصة: "عقود النعام"
(ما كاد المأذون يدعو الولي ليردد خلفه:
قبلت زواجك من موكلتي البكر......
حتى رأت العروس ألا تبدأ حياتها الزوجية بكذب وخداع وتضليل؛ فأعلنت في صراحة أنها ليست عذراء!
شعر الأب برغبة فى الاختباء والاختفاء عن الأحياء؛ تحت الأرض؛ بعيداً عن وصمة عار انتهاك الشرف والعرض، ثم سقط مغشياً عليه....
رغم سعى ابنته لإفاقته؛ إلا أن القدر حقق له رغبته.)
فإننا نجدها قد بنيت تركيبيا على الجمل البسيطة ذات المحمول الواحد، سواء أكان محمولا فعليا أم اسميا أم ظرفيا أم حاليا... وتقوم الفواصل وعلامات الترقيم الأخرى، كالاستفهام، ونقط الحذف، والنقطة، وعلامة التعجب، بدور هام في تقطيع الجمل. وتهيمن في هذه القصة القصيرة جدا، وغيرها من القصص.
.. القصص ذات الجمل الفعلية، للتدليل على الحركية، التوتر الدرامي، إثراء الإيقاع، وخلق لغة الحذف والإضمار.
* قصة قصيرة جدا: "القلل القناوى"
(وصل إلى أرض الوطن؛ غاص فى أوحال الرشوة الإجبارية؛ وقبل أن يحقق حلمه بإنشاء مصنع؛ انقطعت الكهرباء عدة ساعات....
اعتذر معالي الوزير عن الأعطال المتكررة؛ وأرجعها إلى العجز عن تلبية الاستهلاك المتزايد!
شعر المستثمر الوطني بمسؤوليته عن تزايد الاستهلاك؛ فترك المعدات والآلات يأكلها الصدأ ؛ وأنشأ فاخورة لإنتاج القلل والبلاليص!)
.. من أهم الظواهر في القصة القصيرة جدا، ظاهرة تراكب الجمل، وتتابعها في سياق النص ، من أجل تأزيم العقدة، وخلق التوتر الدرامي، عبر تسريع وتيرة الجمل، يتميز بالسرعة والإيجاز، وكثرة التعاقب في تسلسل الأحداث، وتتابع الأحوال والحالات..
* كما فى قصة "اللغز"
(أثناء تشييع الجنازة؛ رفع المرحوم الغطاء عن النعش؛ فرأى سيدة لا يعرفها تبكيه بحرارة شديدة؛ أرخى الغطاء عليه، وراح يفكر بصوت غير مسموع:
من تكون هذه السيدة؟!
وصل المنعوش إلى مثواه الأخير؛ قبل أن يهديه التفكير لإجابة قاطعة...
ورغم مرور سنوات؛ على تحوله إلى رفات؛ مازال اللغز المحير قائماً!)
.. بمقياس الامتداد توسع الجملة في أحداثها وعقدتها حتى تصير بلا حل ولا انفراج، بل تتعقد القصة صراعا وتوترا من جهة، وتمتد سردا وخطابا ومساحة لتهيمن على كل القصة.
* كما فى قصة قصيرة جدا: "فوبيا الناس"
(رغم اضطهادهم لي؛ مازلت أتعامل معهم؛ مرتدياً كمامة الحذر؛ ومصطحباً كلبي الأوفى من البشر؛ وكل ما أخشاه أن تظهر مواهبي المكنونة، وقدراتي المهولة؛ فتثار حفيظتهم المجنونة؛ ويحاولون قتلى بطريقة غير معلومة...
أنام بعيون ذئب مرتاب، وكلبي يحرسني بالباب كخفير درك؛ وخشية الوقوع فى شرك الطعام المسموم؛ جعلته حيوان تجارب لطعامي وشرابي أياً ما يكون!
عقب أن شعرت بالاطمئنان؛ تناولت الطعام..... فإذا بطارق غريب؛ يصيح من قريب:
كلبك مات......
وقع الخبر على بطني وقوع الصاعقة فأصابتها الآلام؛ وزاغ بصري الحديد؛ وتوالى القيء الشديد؛ وجميع أعرض التسمم الغذائي الحاد
أضاف الصائح:
.....لقد دهسته سيارة مسرعة.
نظر إلى ساعته فوجد عقاربها تدور للخلف؛ فترك سيارته على حالها، وعاد إلى بلدته راكباً حماراً أعرجاً؛ كان فى طريقه لأحد المطاعم الفاخرة!)
.. توافر الجملة السردية بأفعال ألحكي والسرد،
* كما فى قصة "الهدف"
(جلست ذات مساء تستعيد ماضيها الذي كان؛ فتاة حسناء تهافت عليها الرجال؛ ولم يفز بها إلا كهل ملك المال، فمكنه من الزواج بذات الحسن والجمال
ويالها من ليلة عصيبة؛ تنهدت وهى تتذكر محاولاته الفاشلة، رغم مساعداتها اليائسة؛ خلال ساعات اعتصرت فيها الألم والحزن والإحباط
وهاهي الآن تروى ظمأها من بحور العشق دون معاناة؛ لكن هيهات أن يهدأ لها بال، أو يهنأ لها حال
توقف عرض شريط الذكريات؛ على يد شاب مفتول العضلات؛ جاء طالباً يدها فى الحلال
فلم تقبل...
ولم ترفض!)
.. على قلتها فقد وجدت، أعنى تلك القصة القصيرة جدا الحوارية، وهذا النمط يتسم بما يعرف بمظاهر الصراع اللغوي، وتجسيد اختلاف وجهات النظر، كما قصة قصيرة جدا: * "كبرياء"
(فى صباح ملبد بالغيوم؛ بادرته الشمس بدفئها وجمالها:
كيف حالك يا فؤاد؟
بحث فى ذاكرته عن اسمها دون جدوى؛ إنها جارته التي أحبها؛ لكنها تزوجت منذ سنوات من غريمه العائد من دول الخليج!
نطق بتلعثم وارتباك:
كيف حالك يا... يا مدام؟!
شعر أن السماء لا زالت على حالها رغم سطوع الشمس؛ فالسحب الكثيفة ليست بحال سحب صيف!)
.. تستند القصة الوصفية عند "مجدي شلبي" إلى استخدام الصفات والأحوال والصور المجازية، قصة قصيرة جدا:
* "المزلقان"
(جرس الإنذار يدق بشدة؛ المزلقان مازال مغلقاً؛ والمارة والسيارات فى انتظار مرور القطار.... توقفت المحركات وأصيبت حركة المرور بالشلل التام، ونزل الركاب لاستطلاع الأمر...
انتشر الباعة الجائلون بشكل لافت يلبون طلبات الزبائن:
اشرب يا عطشان
طعميه ساخنة وعيش نجف
اوكازيونات: تشيرتات الواحد بعشرة جنيه يا بهوات؛ ولا استغلال المحلات
مشويه على نار الحب يا بطاطا
هادى حماتك المفترية؛ سكاكين، ملاعق، كوبايات
بعد ساعة بالتمام والكمال؛ فُتح المزلقان؛ رغم عدم مرور القطار!
من بعيد شاهدت البائعين؛ يصافحون عامل المزلقان المسرور بعطاياهم.)
* ملامح عامة فى قصص المجموعة "حمرة خجل":
- لعل التكثيف من أكثر ما يلاحظه القارئ فى قصص تلك المجموعة، وهو لا يعنى صغر الحجم بل هو الانتقالات الشعورية وربما الزمنية المكانية، مع الحذف والإيجاز دوما.
- غلبة الروح الساخرة بين طيات اغلب القصص، من خلال الاستهزاء، والتهكم من المعطى الموضوعي أو الذاتي، وذلك في عبارات ساخرة، وألفاظ قائمة على التلميح والتعريض، كما يتجلى ذلك بينا في قصة "متى يبيض الديك يا أبى؟": حيث حرمته زوجة الأب من البيض الذي يأكله نيئا بدلا عن بيعه أو استبداله بأشياء أخرى لا تهمه، فلما ذبحت زوجة الأب الفرخة انتقاما، اشترى الأب ديكا، فكانت خاتمة القصة الساخرة: "فى الصباح أحضر والدي ديكاً ضخماً يمتعنا صياحه؛ لكنه من أسف لا يبيض!"
- كما يبدو للقارئ أن القاص مهموم بما هو آني من أحداث وأحوال تمر بها البلاد، وهى ميزة الأديب الجاد المتفاعل مع أهله وناسه.. إلا أن بعض الأحوال مثل "أزمة البنزين والوقود"، مثل تلك الحالات مع القصص القصيرة جدا (بالتحديد) لو قرأت بعد فترة زمنية قد تبدو مبهمة وربما غير مبررة أو غامضة، على العكس من رصد مثل تلك الأحوال فى رواية أو حتى قصة قصيرة تمهد وتبرر للحدث.
أما وقد انتهت كلمتي، فلا يبقى سوى الإبداع وجماله وتأثيره وفعلته، وفى القصة القصيرة جدا خواص التكثيف والتشريح والشعرية والإيقاع السريع واللقطات الذكية.. وغيرها من الميزات، وإبداع "مجدي شلبي" من هذا النوع الجميل الذي يحمل تلك الخصائص، وهو الباقي المتفاعل مع القارئ دوما.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.