تاريخنا الإسلامي مليء بالصفحات المشرقة التى تبعث فى النفس الشعور بالعزة والفخر ..وسوف نقوم معا بفتح هذه الصفحات لنرى من خلالها عظمة ديننا وامتنا... وسنبدأ أول صفحه مع واحد من أعظم العهود في تاريخنا الإسلامي ,عهد عقدته الدولة الإسلاميه القوية المنتصرة مع أهل بلدة صغيره طلبوا الصلح بعد ان طال بهم الحصار..سنبدأ مع العهدة العمرية لنصارى بيت المقدس فى العام الخامس عشر الهجري..فعندما طلب نصارى بيت المقدس الصلح اشترطوا ان يكون الصلح مع أمير المؤمنين نفسه وليس مع قائد الجيش,فأرسل قائد الجيش عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين عمر بذلك فسار عمر بن الخطاب بنفسه ليتم الصلح,ولننظر إلى موكب الخليفة فى هذه الرحلة.... خرج عمر بن الخطاب أمير المؤمنين فى موكب لا يضم إلا عمر وخادمه و بعير واحد يتعاقبان عليه الركوب فيركب عمر لفترة ثم ينزل ويركب الخادم لنفس الفترة وهكذا إلى ان قدموا الشام,فلما قدمها عمر اعترضت طريقه مخاضه من المياه فنزل عن بعيره وخاض الماء مع بعيره,فقال له ابو عبيده:لقد صنعت اليوم صنيعا عظيما عند أهل الأرض,فقال عمر :او لو غيرك يقولها يا ابا عبيده,إنكم كنتم أذل الناس ,فأعزكم الله بالإسلام, فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله... هذا هو موكب عمر موكب من خرج لحفظ الأرواح وليس للتعالي على الناس وإظهار السطوة والجبروت.. وكتب لأهلها عهدا يبين عظمة الإسلام فى التعامل مع الآخر,وتقديسه للنفس البشرية وإقراره لحرية الاعتقاد..فأعطى لأهل البلدة الأمان التام على أنفسهم وأموالهم وأعطاهم الحرية الكاملة فى دينهم وعباداتهم بل نص على الا تمس صلبانهم ولا تهدم كنائسهم...وانه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم ,وان أصابهم جدب سقط عنهم ما فرض عليهم.. ولننظر إلى هذا الموقف الرائع..عندما دخل عمر بن الخطاب الى كنيسة القيامه وحان وقت الصلاة, فقال للبطريرك:أريد الصلاة, فقال له :صل موضعك,فامتنع عمر,وصلى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفردا ,فلما قضى صلاته قال للبطريرك:لو صليت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدى,وقالوا هنا صلى عمر,وكتب لهم عمر:الايجمع على الدرجة للصلاة, ولا يؤذن عليها... هو حفظ الإسلام لمقدسات الآخرين وتقديره لها وحرصه على عدم المساس بها.. ولنقارن هذا بما فعله الصليبيين عندما دخلوا بيت المقدس بعد ذلك باسم الدين -وفقا لما ذكره ستيفن رينسمان ,وغوستاف لوبون,وريموند داجميل فى كتبهم-وما ذكره بن الاثير فى تاريخه- ان الصليبيين لبثوا اسبوعا يقتلون المسلمين فقتلوا فى المسجد الاقصى ما يزيد على سبعين الفا منهم جماعه كبيره من ائمة المسلمين وعلماؤهم وعبادهم ,وكانوا يزهون بانهم دخلوا بيت المقدس وارجل خيولهم تغوص فى دماء المسلمين,الى جانب ما فعلوه من استباحة الحرمات والمقدسات ,ومن نهب للاموال.. ولنقارنه بما فعله ويفعله اليهود من مجازر وبشاعات عند دخولهم بيت المقدس فهذا هو الإسلام ومبادؤه فى اقرار حقوق الانسان وحريته فى الاعتقاد بالواقع العملى,وليس بالشعارات والوعود البراقه كما هو واقع الان..فإن اهم ما فى هذا العهد انه تم تطبيقه حرفيا والتزم به جميع المسلمين ولم ينقضوا ايا من بنوده,وهذا هو الإسلام فى حفظ العهود.. وهذا نص العهد لنرى عظمة ورحمة ديننا وامتنا... هذا ما اعطى عبد الله عمر امير المؤمنين,اهل ايلياء,من الامان,اعطاهم امانا لانفسهم واموالهم ولكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبريئها,وسائر ملتها,ان لا تُسكن كنائسهم,ولا تهدم,ولا ينتقص منها,ولامن حيزها,ولا من صليبهم,ولامن شىء من اموالهم,ولا يكرهون على دينهم,ولا يضار احد منهم,ولا يسكن ايلياء معهم احد من اليهود,وعلى اهل ايلياء ان يعطوا الجزيه,كما يعطى اهل المدائن,وعليهم ان يخرجوا منها الروم واللصوص,فمن خرج منها فانه آمن على نفسه وماله,حتى يبلغوا مأمنهم,ومن اقام منهم فهو امن,وعليه مثل ما على اهل ايلياء من الجزيه,ومن احب من اهل ايلياء ان يسيربنفسه وماله مع الروم ,ويخلى بيعهم وصلبهم فانهم آمنون على انفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم,فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على اهل ايلياء من الجزيه,ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع الى اهله فانه لا يؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم,وعلى ما فى هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله,وذمة المؤمنين اذا اعطوا الذى عليهم من الجزيه..شهد على ذلك خالد بن الوليد,وعمرو بن العاص,وعبد الرحمن بن عوف,ومعاويه بن ابى سفيان..