بوتين: محطة الضبعة النووية تلبي احتياجات الاقتصاد المصري المتنامي    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    لن نبكي على ضعف الدولار    الزراعة: أكثر من مليون شتلة فراولة تم تصديرها خلال أكتوبر    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات تطوير الطرق.. ويؤكد: تحسين كفاءة المحاور أولوية    وزير الزراعة يعقد اجتماعاً موسعاً لمديري المديريات ومسئولي حماية الأراضي بالمحافظات    البيئة تنظم مؤتمر الصناعة الخضراء الأحد المقبل بالعاصمة الإدارية الجديدة    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    مجلس الشيوخ الأمريكى يوافق على مشروع قانون للإفراج عن ملفات إبستين    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    تأهل منتخبا 3×3 إلى نصف نهائي دورة ألعاب التضامن الإسلامي    دوري أبطال إفريقيا.. 30 ألف متفرج في مباراة الأهلي وشبيبة القبائل الجزائري    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    محافظ قنا يكرم مسعفا وسائقا أعادا 115 ألف جنيه وهاتف لصاحبهما    حسين فهمى يكرم محمد قبلاوي.. والمخرج يهدى التكريم لأطفال غزة    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد الجوية تحذر من تغير حالة الطقس    سرايا القدس تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي بعبوة ناسفة في جنين    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    تامر حسني يكشف تفاصيل أزمته الصحية بعد خضوعه لجراحة دقيقة في ألمانيا    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    هيئة الرعاية الصحية تُطلق عيادة متخصصة لأمراض الكُلى للأطفال بمركز 30 يونيو الدولي    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية التي تستخدمها القوات الأوكرانية    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    المايسترو هاني فرحات أول الداعمين لإحتفالية مصر مفتاح الحياة    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة حول دور الأردن في المفاوضات المباشرة
نشر في شباب مصر يوم 30 - 08 - 2010

كما في الحالة الفلسطينية، تجد المعارضة الأردنية لتأييد المملكة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة دعما لها من داخل "معسكر السلام" نفسه، فلم تعد هذه المعارضة تقتصر على منطلقات أحزاب المعارضة والنقابات المهنية التي تعارض التفاوض مع دولة الاحتلال الإسرائيلي من حيث المبدأ، بل إنها تجد مسوغات قوية لها في المنطلقات الرسمية الملتزمة ب"عملية السلام".
إن تجربة تأييد الأردن لحل اعتبره الشعب الفلسطيني مفروضا عليه أملته مقتضيات موازين قوى دولية وإقليمية وفلسطينية بعد نكبة عام 1948 قد أثبتت، بالتطورات اللاحقة، بأنها زرعت قنبلة موقوتة كانت تنتظر من يشعل فتيلها في ظروف مغايرة ليفجر الأمن الوطني الأردني من الداخل، ومن المشروع التحذير، عشية اطلاق جولة جديدة من المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة بواشنطن في الثاني من الشهر المقبل ثم بعد ذلك في شرم الشيخ المصرية، من أنه قد لا يكون من الحكمة تكرار التجربة.
ولا يجادل اثنان اليوم أن المفاوض الفلسطيني لا يملك خيار رفض التفاوض، باختياره التفاوض خيارا استراتيجيا لا بديل له، لذلك فإن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، خالد مشعل، لم يجانب الصواب كثيرا عندما قال إن هذا المفاوض يذهب للمفاوضات "بمذكرة جلب أميركية"، وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها مشعل عن إجماع فلسطيني يمثل فيه حتى رأي الفصائل المؤتلفة مع المفاوض الفلسطيني في إطار منظمة التحرير، وهو إجماع من المفترض أن يكون الرئيس محمود عباس مسلحا به ويمثله وهو يستعد للمفاوضات الجديدة.
لكن الأردن يملك خيار رفض دعم "هذه المفاوضات" تحديدا دون أن يستطيع أحد أن يشكك حتى تلميحا في مصداقيته السلمية، كونها مفاوضات تشير كل الدلائل إلى فشلها حتى قبل أن تبدأ، وكونها مفروضة بالإكراه على الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن نتائجها سوف تفرض عليه بالإكراه أيضا. إن عوامل الجغرافيا السياسية، ناهيك عن صلة الرحم القومية والأخوة الإسلامية، تقتضي أن لا يعيش الأردن التجربة المرة ذاتها مرتين.
من الناحية الاستراتيجية، ينسجم التأييد الأردني لاستئناف المفاوضات المباشرة الفلسطينية – الإسرائيلية "الثنائية" مع خمس محددات رئيسية تحكم القرار الأردني، أولها أن التوصل إلى حل سلمي للصراع العربي – الصهيوني في فلسطين كان استراتيجية أردنية مبكرة قبل الإجماع العربي على هذه الاستراتيجية بوقت طويل، وثانيها أن ما وصفه البيان الصادر عن الديوان الملكي الأردني الأسبوع الماضي ب"مركزية الدور الأميركي في الجهود السلمية" و"الدور القيادي" الأميركي في المفاوضات هو تعبير عن علاقات استراتيجية طويلة تحرص المملكة على استمرارها مع الولايات المتحدة، وثالثها التزامات المملكة بموجب معاهدة السلام التي وقعتها مع دولة الاحتلال، ورابعها قناعة الأردن المعلنة بأن إقامة دولة فلسطينية في إطار "حل الدولتين" هو مصلحة أردنية وطنية عليا، وبالتالي كان التأييد الأردني للدعوة الأميركية ولاستئناف المفاوضات متوقعين تماما.
والمحدد الاستراتيجي الخامس الذي لا يقل أهمية هو أن المملكة تتعامل مع "عملية السلام" تعاملا جادا كوسيلة للتوصل إلى تسوية سياسية وليس كهدف في حد ذاته، كما تريدها دولة الاحتلال الإسرائيلي، أو كوسيلة ل"إدارة الصراع" فحسب كما تريدها الإدارات الأميركية المتعاقبة، ولهذا السبب على وجه التحديد توجد مسوغات وجيهة للأصوات الأردنية والفلسطينية والعربية التي تحذر من أن محطة واشنطن المقبلة في "عملية السلام" لا تخدم الاستراتيجية الأردنية بمحدداتها الخمسة المذكورة.
فهي أولا مطلب إسرائيلي معلن وملح تجمع الحكومة والمعارضة على أنه "لمصلحة" دولة الاحتلال، مطلوب في حد ذاته "دون أي شروط مسبقة"، وهو مطلب حاصر المفاوض الفلسطيني حصارا جعله يبدو "عقبة" أمام استئناف عملية السلام في أعين "المجتمع الدولي" الضاغط من أجل استئنافها "بأي ثمن"، وهذه هي المصلحة الإسرائيلية الأولى. وتدرك دولة الاحتلال أن استئناف المفاوضات سوف يخفف ضغط العزلة الدولية التي ضاقت عليها بعد عدوانها قبل أقل من عامين على قطاع غزة ومضاعفاته من تقرير غولدستون إلى لجنة تقصي الحقائق التي أعلنها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف مرورا بفصول سفن كسر حصار غزة وبخاصة الفصل التركي منها. لكن المصلحة الإسرائيلية الأولى والأخيرة تظل في استئناف "عملية السلام" كمظلة لاستئناف الاستعمار الاستيطاني المتسارع للأراضي العربية المحتلة، وفي القدس بخاصة، الذي تضاعف أكثر من ثلاث مرات في المساحة وفي عديد المستوطنين على حد سواء منذ انطلقت عملية السلام قبل حوالي عشرين عاما. وبالتأكيد فإن كل هذه المصالح الإسرائيلية وغيرها تتعارض تماما مع الاستراتيجية الأردنية وبخاصة عندما لا يوجد ما يوازنها لا أردنيا ولا فلسطينيا ولا عربيا في استئناف المفاوضات المباشرة.
ومحطة واشنطن المقبلة لاستئناف المفاوضات هي، ثانيا، مطلب أميركي مطلوب في حد ذاته أيضا، كأداة من أدوات "إدارة الصراع"، لأسباب داخلية (انتخابات الكونغرس النصفية) وخارجية إقليمية تتعلق بتهدئة الجبهة العربية – الإسرائيلية في وقت تتأزم فيه عسكريا وسياسيا جبهات الحروب الأميركية على العراق وأفغانستان وباكستان بقدر ما تتعلق بإقامة جبهة أميركية – عربية – إسرائيلية لتحييد قدرة إيران المتنامية على تقاسم النفوذ مع الولايات المتحدة إقليميا. فهل تخدم جولة جديدة من جولات "إدارة الصراع الأميركية"، في واشنطن أو في غيرها، الاستراتيجية الأردنية في أي من منطلقاتها الرئيسية ؟
وهي ثالثا تجر المفاوض الفلسطيني إليها بالإكراه، لتخير الرئيس الفلسطيني محمود عباس بين "طاعون" الضغوط والتهديدات الأميركية وبين "كوليرا" عدم وجود أي التزام إسرائيلي سواء بتجميد الاستيطان أو بتحديد مرجعية أو جدول زمني للمفاوضات كما كتب أكيفا إلدار في هآرتس مؤخرا، بحيث يذهب عباس إلى التفاوض وهو في أضعف حال، وكل المؤسسات الشرعية لديه قد انتهت شرعيتها، بينما الانقسام الوطني مستمر، والانقسام في "خندقه" نفسه يتفاقم، والمعارضة لاستئناف المفاوضات عليها إجماع وطني، وبين رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي يذهب إلى واشنطن وهو في أفضل حال، مسلح بشرعية داخلية له ولمؤسساته، وبوحدة على باطله حظيت بدعم "المعارضة" (تسيفي ليفني و"كاديما").
والنتيجة المتوقعة لمفاوضات واشنطن المقبلة واحدة من اثنتين، إما أن يقدم عباس تنازلات جديدة فتنجح المفاوضات وفي هذه الحالة سيكون النجاح اتفاقا يتوصل إلى "حل وسط في الضفة الغربية" يفرض على الشعب الفلسطيني(مثل "اتفاق إطار ينفذ على مدار عشر سنوات"، أي دولة مؤقتة طويلة الأمد/ على ذمة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي)، وإما أن يرفض عباس أي حل وسط أو حل انتقالي طويل الأمد في الضفة الغربية مما يعني فشل المفاوضات. وليس للأردن أي مصلحة لا في نجاح كهذا ولا في فشل المفاوضات. فلماذا يتورط الأردن في مفاوضات تفتقد كل عوامل نجاحها بمنظور الاستراتيجية الأردنية نفسها ناهيك عن كون النتيجتين المتوقعتين منها كلتاهما مرة ولا تخدم أي منهما أيا من المحددات الخمسة لاستراتيجيته ؟ أما الفشل المتوقع لهذه المفاوضات فقد عبر عنه أحد المهندسين الإسرائيليين لاتفاق أوسلو والشريك الإسرائيلي لياسر عبد ربه من الجانب الفلسطيني في "مبادرة جنيف"، يوسي بيلين، عندما قال ساخرا إن "الفكرة الذكية" الأميركية "بإلزام" رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالدعوة الأميركية و"إلزام" الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدعوة الرباعية هي "سابقة" لكنها تدل على "الاستهتار" الأميركي لأنها تدفع الجانبين إلى طاولة المفاوضات على أساس جدولي أعمال مختلفين !
فحسب البيانات الأردنية الرسمية لا بد من توفر ثلاثة عوامل لنجاح المفاوضات المرتقبة، أولها "تحقيق المفاوضات للتقدم المطلوب يستوجب التزام بيان اللجنة الرباعية (الذي رفضته حكومة دولة الاحتلال قبل وبعد صدوره) وجميع المرجعيات التي تؤكد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة" وثانيها "ضرورة استمرار الولايات المتحدة بالقيام بدور قيادي في المفاوضات" (بيان الديوان الملكي)، وثالثها اعتماد بيانات اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والاتحادان الأوروبي والروسي والأمم المتحدة) الصادرة "خلال العامين المنصرمين" وهي تحديدا كما ذكرها وزير الخارجية ناصر جودة بيانات الرباعية الصادرة في تريستي بشمال إيطاليا في 26/6/2009 وفي نيويورك في 24/9/2009 وفي موسكو في 19/3/2010، وهي نفسها البيانات التي وردت في بيان الرباعية الأخير (20/8/2010) الذي وجه الدعوة لاستئناف المفاوضات في الثاني من أيلول / سبتمبر المقبل. وهذه البيانات كررت إلإشارة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي أرقام 242 و338 و1397 و1515 و"مبادئ مدريد" و"خريطة الطريق" (التي كان للأردن دور رئيسي في التوصل إليها) كأساس ومرجعية للمفاوضات، وأضافت إليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1850 كمرجعية لحل الوضع في قطاع غزة في إطار "شرعية السلطة الفلسطينية" وليس شرعية منظمة التحرير. أما مبادرة السلام العربية (التي لعب الأردن دورا حاسما في إقرارها وما زال صوته الأعلى في تسويقها) فقد ذكرت في البيانات الأربعة بعبارات مثل "تأييد الرباعية للحوار بين كل الدول في المنطقة بروح مبادرة السلام العربية" وأن الرباعية "تدرك أهمية مبادرة السلام العربية (لكنها) تحث الحكومات الإقليمية على دعم استئناف المفاوضات الثنائية" لكنها لا تعتمد المبادرة كمرجعية ولا تدعو دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتراف بها كمرجعية.
* أسئلة
ألم تكن هذه هي نفسها المرجعيات التي أوصلت "عملية السلام" إلى الفشل الذي من المفترض أن تكون المفاوضات الجديدة مخرجا منه ؟ ألا ينسف تأكيد الوسيط الرئاسي الأميركي جورج ميتشل وإدارته بأن "مرجعية المفاوضات ما زالت غير محددة وسيقررها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي الأسبوع المقبل" (وفا) الرؤية الملكية بأن " تحقيق المفاوضات للتقدم المطلوب يستوجب التزام بيان اللجنة الرباعية" ؟
وهل يمكن التفاؤل حقا بالرباعية وبياناتها عندما تستخدم كأداة في يد الولايات المتحدة لتوجيه الدعوة إلى إطلاق مفاوضات لا تتم دعوة الرباعية لحضورها ؟ وهل يمثل الاحترام الأميركي الشكلي والرمزي للرباعية بدعوة ممثلها توني بلير للحضور تعويضا عن حضور قادة الرباعية الثلاثة الآخرين بكل ما كان سيعنيه حضورهم من ثقل يضفي جدية على المفاوضات ويوازن الانحياز الأميركي لدولة الاحتلال، وهل ينسجم ذلك مع "حرص الملك على بلورة موقف دولي فاعل يعمل على انجاح المفاوضات" كما جاء في بيان للديوان الملكي ؟ أليس من المؤسف أن يعبر وزير الخارجية الفرنسي الجمعة الماضي عن الأسف لعدم تمثيل أوروبا في المفاوضات بينما لم يسمع أي احتجاج أردني أو فلسطيني على الاستهتار الأميركي بالرباعية ؟ ثم أين هو "الدور القيادي" الأميركي الذي يعتبره الأردن "ضروريا" في وقت تكرر فيه بيانات الرباعية وكذلك الإدارة الأميركية بان المفاوضات يجب أن تظل "ثنائية ومباشرة" وأن الاتفاق الثنائي فقط هو الذي يقرر نتائجها ؟ فأي دور يتركه هذا السيناريو للمملكة ؟
لقد دعا البيت الأبيض الملك عبد الله الثاني للمشاركة في تدشين إطلاق المفاوضات، ويقول المفاوض الفلسطيني إن الأردن سوف يشارك في المحادثات المباشرة بفعالية وقوة وسوف تكون له كلمة حاسمة في قضايا الحدود والقدس واللاجئين، وتكرر المملكة القول إن قضايا الحل النهائي الأساسية وهي القدس والامن واللاجئون والحدود والمياه لها مساس مباشر بالامن الوطني الاردني وإنها لن تقبل أي حل يفرض عليها ويتم التوصل إليه دون علمها في هذه القضايا، وتقول تقارير إن خبراء أردنيين سوف يساعدون المفاوض الفلسطيني وإن وزارة الخارجية ألفت لجانا لمتابعة قضايا الحل النهائي في المفاوضات.
فما هو إذن تعريف دور الأردن في المفاوضات المرتقبة، وبأي صفة على وجه التحديد يشارك فيها، وهل يتفق ذلك الدور وتلك الصفة مع خطورة مساس القضايا موضوع التفاوض "بالامن الوطني الاردني" ؟ ألا يفترض قول ذلك أن يكون الأردن شريكا في التفاوض على هذه القضايا وطرفا فيها ؟ لماذا إذا "يؤكد" مسؤول أردني يوم الثلاثاء الماضي (بترا) أن الأردن "ليس طرفا مفاوضا" وأنه "لن يفاوض إسرائيل".
وإذا لم يفاوض الأردن إسرائيل في قضايا "لها مساس مباشر بالأمن الوطني الأردني" فمن يفاوض عليها إذا ؟ وهل المفاوض الفلسطيني موكل بالتفاوض عن الأردن بالنيابة بمساعدة "خبراء" أردنيين "تتابعهم" اللجان التي ألفتها الخارجية ؟ وهل يكفي أن "رأيه سوف يكون متواجدا ويؤخذ بعين الاعتبار" كما قال المسؤول نفسه ؟ صحيح أن وجود هؤلاء الخبراء وهذه اللجان قد يكون كافيا "للعلم" بما يجري حتى لا تتكرر تجربة إبرام اتفاق أوسلو من وراء ظهر الأردن وغير الأردن من العرب، لكن هل يكون "العلم" بما يجري في حد ذاته، أو ما يقال عن "ضمانات" أميركية للأردن بالتشاور معه حول أي اتفاق له علاقة بأي من القضايا التي تصفها المملكة بأنها ذات "مساس مباشر" بأمنها الوطني، بديلا كافيا لمشاركته بدل استبعاده كطرف مفاوض وهو دور تقتضيه قضايا بهذا الوصف ؟
وتثير هذه الأسئلة بدورها مسألتين هامتين، أولاهما سؤال يفرض نفسه: إذا كانت خمس من قضايا الوضع النهائي التي سيتفاوض عليها الفلسطينيون والإسرائيليون وهي القدس والامن واللاجئون والحدود والمياه لها مساس مباشر بالامن الوطني الاردني، فهل يعني ذلك أن معاهدة السلام المبرمة بين الأردن وبين دولة الاحتلال كانت منقوصة وبالتالي توجد مسوغات أمنية ووطنية لإعادة النظر فيها ؟ والمسألة الثانية تتعلق باستمرار إصرار الولايات المتحدة على أن تكون أي مفاوضات عربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي "ثنائية ومباشرة"، حسب بيانات الرباعية المتكررة، وهذا شرط إسرائيلي قديم متجدد. إن استمرار التزام الولايات المتحدة على الأخص بهذا الشرط قد يفسر ما قيل عن ضمانات أميركية للأردن في المفاوضات المرتقبة من الواضح أن الهدف منها هو حرمان الأردن من التفاوض على قضايا يعتبرها "ذات مساس مباشر" بأمنه الوطني.
وكلتا المسألتين تفرض سؤالا ثالثا: ألم يحن الوقت كي يصر المفاوضون العرب جميعهم على أن يفاوضوا جماعة، وأن يرفضوا المفاوضات "الثنائية" من حيث المبدأ كأسلوب أثبتت التطورات والمعاهدات المنفردة التي تمخضت عنه أنها خلقت من الحروب وعدم الاستقرار الإقليمي أكثر من السلام المفترض انها كانت تستهدفه، طالما أجمعوا على السلام كخيار استراتيجي ؟ الا ينسجم ذلك مع روح مبادرة السلام العربية التي أجمعوا عليها ؟
* كاتب عربي من فلسطين
[email protected]*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.