لعل ما يحدث في مصر الآن من حوادث مؤسفة ودماء تسيل، وحرائق هنا وهناك ، من قطع شريط السكة الحديد وقفل طرق الملاحة النهرية وسطو مسلح ، وفتن وقلاقل أمنية يؤكد أن اللهو الخفي ليس خفياً ، وأنه سوف يدمر حياتنا ، وأنه حتماً سوف ينتصر على الثورة وأهدافها ما لم تتوفر الإرادة السياسية للقضاء عليه، اللهو غير الخفي سوف ينتصر لأنه يمتلك الإرادة الحقيقية لحرق البلد وإفشال الثورة، ويمتلك المال اللازم لتنفيذ خططه، ويمتلك رؤوساً تجيد للتخطيط والمكر والدهاء .. ماذا تمتلك الحكومة والمجلس العسكري لمقاومة اللهو الخفي ، وماذا يفعلون حياله؟ ولعل تصريحات المشير طنطاوي بعد أحداث بورسعيد المؤسفة التي أسفرت عن ضحايا أبرياء كثيرين من أبناء هذا الوطن الشبان تدعو للعجب وإعادة التأمل، بقدر ما أنها تشف عن غياب الإرادة السياسية الحقيقة الواعية.. ماذا قال الطنطاوي؟ .. قال سأقضي على البلطجية!! .. ابشروا أيها البلطجية بطول إقامة!!، لقد توعدكم رجل تولى سلطة البلاد منذ عام ولم يفعل شيئاً يهدد نشاطكم!. المجلس العسكري الشائخ يجلس فوق مكاتبه مع "الشغل فون" يستشعر عجزه وكآبة لحظات تتهدده بوجوب مغادرة السلطة الشرعية التي آلت إليه بأمر رجل غير شرعي.. إنه الصراع بين الشرعية واللاشرعية، كالعذراء تجلس بين شرعية مؤجلة مفترضة، ولا شرعية يتيحها واقع مضطرب. كل المؤشرات تؤكد أن البلطجية هم مجر أداة .. الرؤوس التي تدبر وتدفع أجر البلاطجة وتتصل بهم وتنظم لهم وتعطيهم الأوامر وتحدد لهم المكان والزمان والخطة كاملة هم من يجب الإمساك بهم قبل البلطجية .. كيف أن المجلس العسكري حتى الآن لا يعرف أن المليارات المنهوبة التي لا تزال في أيدي المجرمون الكبار وأيدي عيالهم ونسائهم ، هي ما ينفقون منها الآن على تدمير مصر، وهي أموال لكثرتها كفيلة بإحراق مصر ودفع أجور جيوش البلطجية وشراء الأسلحة والاتصال بكل منظمات العالم الإجرامية؟ .. كيف لم يعرف المشير أن الإنترنت وأجهزة اللاب توب التي بحوزة رجال النظام السابق في مزرعة طرة يمكنها أن تنظم الاتصال بكل عصابات الدنيا؟ .. كيف لم يعرف أن اجتماع هؤلاء الأشراس في محبس واحد يساعدهم على التخطيط؟، كيف لا يعرف المشير أن أجهزة الاتصال هذه هي ما صنعت ثورة 25 يناير وهي نفسها ما يمكن أن تصنع الثورة المضادة؟.. كيف لم يعرف المشير أن وزارة الداخلية لم تتطهر بعد من خدام النظام السابق ، وكيف لا يعرف أن حكومة الجنزوري رغم إخلاصها ليست قادرة وحدها أن تصلح ما أفسده مبارك ورجاله وأنها بحالة ما عاجزة عن محاصرة الثورة المضادة التي يحركها اللهو غير الخفي؟ .. كيف لم يعرف المشير أن البلطجية هم أداة اللهو غير الخفي وليسوا هو .. وأن القضاء عليهم وحدهم لن يحلَّ المشكلة؟ .. كيف لم يعرف المشير أن الفلول من أعضاء مجلس الشعب السابق وأعضاء الحزب الوطني المنحل ورجال لجنة السياسات والمحليات السابقة جميعهم أعضاء منظمة اللهو الخفي، وأنهم على اتصال بزوجات المحبوسين من أباطرة الفساد في مصر وأنهم جميعا ينفقون على حرق مصر بفلوس الشعب التي نهبوها؟ .. هل كل هذا خفي على المجلس العسكري أم أنه بحاجة إلى إرادة سياسية غير متوفرة في المجلس العسكري ؟ إذا كان هذا الرأي هو الصحيح فإن المسئولية الآن على عاتق مجلس الشعب ، وعليه أن يسن تشريعات ثورية تضع كل هؤلاء في السجون وتحت الإقامة الجبرية، ولعل إجراء مثل هذا سوف يوفر الكثير من الهم والغم على البلد وسوف يعيد الثوار الغاضبين إلى بيوتهم وسوف تصبح حياتنا نظيفة. [email protected]