- كيف يُحاكم عديد المتظاهرين والمدنيين محاكمات عسكرية لتهم غامضة ، بينما يحلّق مبارك الذي لا يبارح مشفاه ( ذو الطراز العالمى ) فوق أكاديمية الشرطة بجسد ممتد فوق سرير متحرك من داخل طائرة هيليكوبتر ويلج قاعة المحاكمة طليق الأيدي دونما اية اصفاد ( ولا اعتقد انه في وسع القضاة ذاتهم ان ينالوا تلك المعاملة التي لا يمكن ان ينالها الا شخص ذو مقام رفيع ربما سليلا لنبيل من نبلاء روسيا القيصرية او لسيد اقطاعي عاش في عصر مصر الملكيّة ، فما بالكم بمتهم خليق بأن تُكال اليه كافة الاتهامات السياسية والجنائية على مدار ثلاثين عام ! ) ، ونجليه الذين لا يختلف حالهما عنه كثيرا ! ما الذي يمكن ان يعنيه ذاك ؟ - أين الاعلام المصري ( ولا استثنى هنا اي من القنوات أكانت ارضية ام فضائية ) من جلسة المحاكمات الاخيرة ؟ هل ينبغي ان يغدو المواطن المدني العادى صحفيا او مراسلا ميدانيا ( ربما تابعا لقنوات وصحف ومؤسسات اخبارية اجنبية ) ليتسنى له الاطلاع على الاحداث عينيا ؟ ام ان ذاك ليس متاحا بهذا اليسر سوى لعساكر الامن المركزى الذين يتحسسون بأطرافهم عصيهم السميكة من فينة لآخرى اذا ما شعروا بأي اضطراب ؟ - اتعجب كثيرا من اصدار المجلس العسكري جملة من التصريحات مُفادها ان الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الحالي له كل الصلاحيات فيما عدا الاقتراب من الجيش والسلطات القضائية ! أليس من المفترض الآن اننا نرسي قواعد الدولة المدنية تمهيدا لكتابة الدستور ؟ ألم تتعالى النداءات وترتفع الاكف وتلتهب الحناجر مرددة : ينبغي ان نرسي قاعدة فصل جميع السلطات عن بعضها البعض ؟ فما الذي يمكن ان يعنيه تدخّل الدكتور الجنزورى في عمل السلطة القضائية ؟ أيعني ذاك ان السلطة القضائية امست بالقطع في قبضة المجلس العسكري؟ أيمكننا هكذا تفسير تحويل محاكمات يُفترض لها ان تكون " محاكمات ثوريّة " الى محاكمات مدنيّة مُفرّغة من مضمونها بفعل المماطلة ؟ ان مجلسا يسيطر على السلطة القضائية الى جانب السلطة التنفيذية الى جانب المؤسسة الاعلامية المصرية ، هو ليس في واقع الامر سوى انعكاساً لصورة نظام مبارك على نحو لم يتغير كثيرا حتى في ادق صغائر تفاصيله . والامر فيما ارى لم يعد يتعلق بمآل نتائج الانتخابات البرلمانية او الرئاسية ، بقدر ما امسى يتعلق بكيفية ازاحة الفرعون الجديد ( القديم ) . وفي ابتعاد العسكر نهائيا عن المشهد السياسي في مصر لا ارى اي ضربا للاستقرار ( المزعوم ) ، بل ارى طريقا ممهدا لارساء قواعد الديمقراطية .