لعل الباحث في مسألة تقليد بعض شبابنا للغرب تقليدا أعمى لا يجد سببا واضحا مباشرا لذلك، لكن هذا لا ينفي استهداف الغرب والصهاينة للشباب المصرى في شتى بقاع الأرض، ومحاولة إغوائهم وتضليلهم والحيد بهم عن الطريق ، ولكن ما نريد أن ننظر إليه نظرة تبحث عن الحلول هو الخواء النفسي الذي أصاب الكثير من شبابنا ، وتبعثر الصورة الذهنية التي لابد أن تكون موجودة ومكتملة لدى كل فرد عن ذاته؛ فما من شك أن الصورة الذهنية للذات هي مفتاح التعامل السوي للفرد مع المجتمع كله، وتكوين الإنسان لصورة صحيحة عن ذاته ينعكس على تصرفاته، ولعل هذا ما يجعل الشباب يعبثون بصورهم الحسية ومظاهرهم الخارجية؛ كي يستعد المتلقي أو المشاهد لتقبل تصرفاتهم التي قد تخرج عن المألوف، وهذا بلا ريب ينم عن نقص الإعداد والتوجيه الذي بالطبع تتحمله الأسرة والمجتمع بمختلف مؤسساته. كذلك فإن بعض شبابنا لا يعرف تاريخه العظيم ، حينما كانت الدنيا حكمها وعلمها عربي قبل أن تتدهور الأمة، هذا الشاب الذي لم يجد من يكسبه الوعي ويعرفه ويشرح له، يرى أمامه حضارة الغرب المبهرة التي سرعان ما تستحوذ على القلوب والألباب، وسرعان ما يستقر بداخله أن كل ريح من الغرب تأتي بخير وحضارة ورقي، ويعمى عن ذلك البعد الواضح لمعظم الغرب عن تعاليم الله عز وجل، وجميع الشرائع والأديان، وهنا قد يسقط في بحر التقليد، وتذوب شخصيته العربية وهنا تكمن الخطورة. كما أن هناك بعض المفكرين والكتاب بهرتهم الحضارة الغربية؛ فأدوا دور الوسيط الحضري، فكان دورا سيئا استهدف في فحواه انتقاد الدين والبعد عن الإسلام والميل عن العادات والتقاليد العربية القديمة والأصيلة. ولا شك في افتقاد شبابنا للقدوة الحقيقية الصحيحة وإصرار وسائل الإعلام المضللة على تشويه صورة القدوات السليمة، بل التركيز على خلق قدوات سيئة لشبابنا من خلال تجميل صورة الفنانين والفنانات الكاسيات العاريات؛ لتكون هذه هي القدوة التي يسير خلفها شبابنا.