المصريون في الخارج يدلون بأصواتهم في 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى لانتخابات النواب    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    أسعار الخضراوات والفواكه بأسواق كفر الشيخ.. الطماطم ب8 جنيهات    وزير الخارجية يثني على العلاقات المتميزة بين مصر وألمانيا بمختلف المجالات    الجيش السوداني يحبط هجوما ل "الدعم السريع" على مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان    من أوجاع الحرب إلى أفراح كأس العرب.. فلسطين تنتصر وغزة تحتفل.. فيديو    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يعتزم تشكيل لجنة تحقيق في أسباب اندلاع حريق "تاي بو"    الليلة .. منتخب مصر الثاني يستهل مشواره في كأس العرب بمواجهة الكويت    رعب في القاهرة الجديدة.. هبوط أرضي مفاجئ يفزع السكان    الأرصاد الجوية : أمطار متفاوتة الشدة تضرب السواحل الشمالية وشمال الدلتا    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    لإشعال الثورة البوليفارية، مادورو يعلن عن قيادة جديدة للحزب الاشتراكي في فنزويلا    "إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 2 ديسمبر في بداية تعاملات البورصة العالمية    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    ترامب وماكرون يبحثان هاتفيا الوضع في أوكرانيا    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    مصر تلاحق أمريكا فى سباق الوجهات المفضلة للألمان    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    معرض إيديكس 2025.. عرض قواذف وصواريخ تستخدم مع الطائرات المسيرة..والمدرعتين فهد وقادر 2 المجهزتين بمنصات إطلاق..ومنظومة اشتباك وتحكم عن بعد للمواقع الثابتة وأخرى للاستطلاع وإدارة النيران تعمل مع المدفعية..فيديو    تقرير توغلات جديدة للجيش الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة السوري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    خمسة لطفلك | ملابس الشتاء.. حماية أم خطر خفي يهدد أطفالنا؟    تعيين رئيس لجنة اللقاحات في منصب جديد بوزارة الصحة الأمريكية    الالتزام البيئي باتحاد الصناعات المصرية: نقدم مساعدات فنية وتمويلية للمصانع المصرية ونسعى لنشر الاستدامة البيئية    وزير الزراعة: صادرات مصر من الفراولة مرتفعة هذا العام.. والأسعار ستتحرك بالزيادة خلال أيام    جيش الاحتلال يغلق مداخل الخليل الشمالية    عاجل- شعبة المخابز تؤكد ثبات سعر رغيف الخبز المدعم عند 20 قرشًا وتحذر من أي زيادات مخالفة    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    شيري عادل تكشف كواليس تعاونها مع أحمد الفيشاوي في فيلم حين يكتب الحب    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    حرب الوعي.. كيف يواجه المجتمع فوضى الشائعات الصحية على السوشيال ميديا؟    ثقّف نفسك | أهمية مشاركتك في الانتخابات البرلمانية من الجانب المجتمعي والوطني والشرعي    مصرع طفلين في حريق شقة بطنطا بعد اختناقهم بالدخان    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الثلاثاء 2 ديسمبر    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    استشهاد فرد شرطة ومصرع 4 عناصر جنائية في مداهمة بؤر لتجارة المخدرات بالجيزة وقنا    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    أتوبيس يسير عكس الاتجاه يتسبب في مأساة.. إصابة 12 في تصادم مروع بطريق بنها– المنصورة    سيد منير حكما لمباراة كهرباء الإسماعيلية وبيراميدز المؤجلة بالدورى    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    لاعب الإسماعيلي السابق يطالب بإقالة ميلود حمدي    شاهد، مكالمة الشرع ل بعثة منتخب سوريا بعد الفوز على تونس بكأس العرب    مدرب منتخب الناشئين: مندوب برشلونة فاوض حمزة عبد الكريم.. واكتشفنا 9 لاعبين تم تسنينهم    أمن الغربية يحبط عملية نصب بتمثال آثار مزيف ويضبط تشكيلا عصابيا بالمحلة    بيان جديد من المدرسة الدولية صاحبة واقعة اتهام عامل بالتعدي على تلاميذ KG1    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلمو الغرب وتجديد الحوار بين الحضارات
نشر في نهضة مصر يوم 07 - 11 - 2006

كتابات شتي ودراسات عديدة اجتهدت في سبر أغوارإشكالية العلاقة بين الحضارات، والتي تتنازعها جدليتي الحوار والصدام. وقد خلصت معظم تلك الكتابات والدراسات إلي استنتاج مؤداه أن فكرة الحوار،
التي تعد بمثابة الأصل أو الفطرة التي فطر الله عليها الحضارات، إنما تستوجب قبل الشروع فيها خطوة تمهيدية غاية في الأهمية، ألا وهي إعادة التعارف بين الحضارات علي أسس موضوعية بعيدا عن الصور الذهنية النمطية التقليدية والمشوهة، التي تداخلت اعتبارات سياسية ودينية غير موضوعية في تشكيلها علي النحو الذي يبقي تلك الحضارات في أتون مشتعل ودائم من الصراعات وسوء الفهم المتبادل وينأي بها عن الحوار الإيجابي البناء والتقارب الخلاق، توخيا لوضع لبنات راسخة وموضوعية لحضارة إنسانية جامعة تتسع بوتقتها للإسهامات الثرية والبناءة التي تجود بها جميع الحضارات البشرية بغير إحتكار أو إقصاء.
وأحسب أن عملية التعارف الحضاري تلك إنما تتطلب من جانبنا نحن العرب والمسلمين كوادر بشرية حضارية أو فاعلين حضاريين مؤهلين لمثل هذه المهمة الشاقة البالغة الحساسية، ليس فقط لكونها الأساس الذي سوف تبني عليه عملية الحوار أو التواصل بين الحضارات، ولكن لأن لغة الخطاب الحضاري التي سوف تتبناها وتروج لها تلك الكوادر أو أولئك الفاعلون، ستكون بمثابة تصحيح حضاري أو مراجعة حضارية لكل ما سبق ترويجه وتداوله من كتابات حول حضارتنا وتاريخنا اللذين طالما تعرضا للعبث بهما من قبل المغرضين والمحرضين والجهال علي مدي التاريخ، كما سوف تصير مرجعية لكل تحرك عربي وإسلامي باتجاه الحوار أو الاتصال بالآخر.فضلا عن ذلك،إن عملية التعارف الحضاري المزمعة وما تستتبعه من حوارات مرتقبة،إنما تتأتي في ظروف دولية بالغة الدقة والحساسية من شأنها أن تجعل من مهمة الكوادر الحضارية أو الفاعلين الحضاريين ضربا من المغامرة،فلا يزال الإسلام والمسلمون موضع اتهام بممارسة العنف والإرهاب وافتقاد القدرة علي التواصل أو التعايش مع الآخر،وهي الأزمة التي أسهم في تأجيجها إلي جانب الممارسات المتطرفة من بعض المحسوبين علي الإسلام، حالة الإسلاموفوبيا التي ترزح في أغلالها المجتمعات الغربية علي نحو كان له بالغ الأثر في تشييد الحواجز وتوسيع الفجوة بين الإسلام والغرب.
وانطلاقا من هذا الطرح، بدا جليا عوز المسلمين والعرب إلي كوادر وفاعلين حضاريين مؤهلين بالقدر الذي يجعل منهم خير سفراء لدي الآخر الغربي، الذي استبد به مزيج من مشاعر التوجس من الإسلام والتشكيك في المسلمين والاستعلاء عليهم. وكثيرا ما جنح مفكرون عرب ومسلمون نحو الارتكان إلي الجاليات العربية والإسلامية في بلاد الغرب باعتبارها خير من يقوم بهذا الدور الحيوي، استنادا إلي معايشتهم لأهل تلك البلاد وتحدثهم بألسنتها وإلمامهم بثقافاتها وإدراكهم لسبل وآليات الالتقاء معها. غير أن لكاتب هذه السطور رأيا مغايرا بعض الشيء،فقد بدا لي من خلال دراستي لأوضاع الجاليات العربية والإسلامية في بعض المجتمعات الغربية ومعايشتي المؤقتة لعينات منهم داخل تلك البلدان، أن ثمة ما يعوق إضطلاع تلك الجاليات من أبناء العرب والمسلمين المهاجرين بتلك المهمة الشديدة الخصوصية. ذلك أن أولئك المهاجرين، وإن صار معظمهم مواطنين، يعانون من مشاكل عديدة تؤرق وجودهم في تلك البلدان إلي الحد الذي يكاد يجعل الكثيرين منهم مواطنين من الدرجة الثانية. فإلي جانب المشاكل المتصلة بمسألتي الإندماج والهوية، والتي يتأرجح خلالها المهاجرون العرب والمسلمون ما بين خيارين إما الذوبان التام في تلك المجتمعات علي النحو الذي قد يفضي إلي مسخ ذاتهم الحضارية وثقافتهم الأصلية، وإما الإنزواء والتشرنق حول تلك الذات الحضارية والهوية الأصلية علي نحو ربما يودي بهم إلي مهاوي لإقصاء والتهميش في الوطن الجديد،هناك مشاكل أخري عديدة، منها ما ينبع من داخل هذه الجاليات ذاتها، ومنها ما يتأتي من المجتمعات والدول التي يعيشون فيها، ثم هناك ما تسهم به الدول الإسلامية والمسلمون في ديار الإسلام.
أما الشق المتعلق بالأوضاع الداخلية والعلاقات البينية داخل تجمعات المهاجرين العرب والمسلمين في الغرب،فيتجلي في حالة التشرذم والتشظي الفجة التي تفتك بهم وتفت من عضدهم تتمثل في بروز النعرات القومية والشعوبية التي تفرق صفوفهم وتنال من فاعليتهم وتأثيرهم في بلاد المهجر، فضلا عن تعدد المناهج الدعوية لديهم بسبب الافتقاد لمرجعية إسلامية موحدة وجامعة. وتبرز قضية زواج المسلم من غير المسلمة بوصفها واحدة من بين المشكلات الاجتماعية الخطيرة التي تفاقم من إشكاليتي الإندماج والهوية بين صفوف المسلمين في المجتمعات الغربية. علاوة علي ذلك،هناك مشكلات اقتصادية تؤرق الجاليات العربية والإسلامية في الغرب لعل في صدارتهاعدم وجود مؤسسات اقتصادية دائمة وقوية تقدم الدعم المالي الملائم للعرب والمسلمين في الغرب من أجل مساندة أنشطتهم الثقافية وجهودهم الحضارية، ناهيك عن سوء إدارة أموال التبرعات التي يتم جمعها بسبب ضحالة الخبرات الفنية وعشوائية التخطيط الاقتصادي, كما أن المساعدات غير المنتظمة التي تتأتي من بعض الدول العربية والإسلامية غالبا مالا تفي بمتطلبات العرب والمسلمين في بلاد المهجر.وتحت وطأة تلك المشاكل،لم يجد بعض أبناء الجاليات العربية والإسلامية في المجتمعات الغربية، مناصا من التخلي عن هويتهم وثقافتهم الأصلية والذوبان الطوعي أو الإضطراري في تلك المجتمعات هربا من المشاكل المزمنة التي من شأنها أن تقف حائلا دون بلوغهم المكانة التي يرتأون أنهم يستحقونها في مجتمعات غالبا ما يضيق صدرها حيال العرب والمسلمين الرافضين للإندماج علي الطريقة الغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.