وعلي مدي أربعين سنة قام كاتب هذه الرسالة بزيارات متعددة للسلطنة حيث تابعت عن كثب مراحل التطور والتقدم المستمرين. والحقيقة المؤكدة أن كل مواطن ومواطنة علي ارض السلطنة قد حصل علي نصيب وافر من منجزات النهضة وذلك بالعدل والقسطاس . ولقد شاهدت رأي العين خلال جولاتي في الولايات بمختلف المحافظات والمناطق مشاهد عديدة تعكس عمق تميز المجتمع العُماني بالتحلي بقيم المساواة في إطار سلوك اجتماعي قويم وعلي خلفية مبادئ تنشئة سياسية حرصت علي تكريس هذه المفاهيم وتقنينها ايضا. كما رصدت خلال جولاتي عبر دول العالم أصداء النجاحات المتلاحقة التي تحققها الدبلوماسية العمانية وما أكثرها. فعاليات تاريخية وعلي مدار أيام وليالي الأسابيع القليلة الماضية شهدت السلطنة العديد من الفعاليات المهمة في إطار الاحتفالات بالعيد الوطني الأربعين الذي يعد مناسبة تاريخية بالغة الأهمية. في هذا الإطار شمل السلطان قابوس برعايته افتتاح صرح شامخ جديد هو مركز جامعة السلطان قابوس الثقافي. وقد أكد في الكلمة التي وجهها بهذه المناسبة علي أهمية العلم والمعرفة وضرورة متابعة مستجداتهما بكافة السبل المتاحة بذهن متقد علي أساس من التدبر والتجربة لأخذ الصالح المفيد وترك ما لا طائل من ورائه. مشيرا الي أن التأكيد علي العلم النافع هو المنطلق الصحيح لكسب المعارف ونيل الخبرات والمهارات بما يمكّن هذه الأجيال والأجيال القادمة من الإسهام إسهاما فاعلا في خدمة وطنها ومجتمعها وتلبية متطلبات التنمية علي بصيرة وهدي. معايير الجودة العالمية كما أوضح انه من هذا المنطلق تم توجيه عناية تامة الي التعليم فأنشئت المؤسسات الحكومية التي تعني بجميع جوانبه وكذلك بالبحث العلمي. مع فتح المجال أمام القطاع الخاص للاسهام في ذلك في ظل تشجيعه وتقديم التسهيلات والدعم المادي والمعنوي له.ليعمل القطاعان معا في إطار المشاركة الهادفة إلي تقديم أفضل المستويات التعليمية وفق معايير الجودة العالمية. وقال السلطان قابوس في كلمته : لقد تابعنا بكل عناية واهتمام مسيرة التعليم بمختلف مستوياتها لأبنائنا وبناتنا من المراحل الأولي وحتي الدراسات العليا بما فيها البعثات الدراسية الخارجية وما يؤدونه من أنشطة وبرامج ثقافية وعلمية تعزز بناء قدراتهم وتنمية مواهبهم وإظهار كفاءتهم .وقبل أيام قليلة شهدت الجامعة وبتوفيق من الله تخريج الدفعة الحادية والعشرين من حملة البكالوريوس. والدفعة الخامسة عشرة من حملة الماجستير. وذكر السلطان قابوس في عبارات أبوية كريمة وجهها إلي أبنائه طلبة وطالبات الجامعة: إننا نسعي إلي تحفيز الهمم للإضافة الجيدة في هذا المجال فمهما اجتهد المجتهدون يبقي ما وصلوا إليه شيئا يسيرا أمام بحر العلم الواسع. كما أعرب عن تقديره لجميع الجهود المخلصة التي يبذلها العاملون في مختلف المؤسسات العلمية خاصة أعضاء الهيئة التدريسية وكذلك الطلبة والطالبات داعيا الجميع للمثابرة والاجتهاد وبذل المزيد من أجل الوصول الي الغاية المنشودة بإذن الله. خطة إستراتيجية للبحث العلمي و قد تفضل السلطان قابوس وأزاح الستار عن اللوحة التذكارية للمركز الذي يستهدف نشر الثقافة الوطنية وإجراء الدراسات عن السلطنة ومساندة الجهود البحثية المبذولة في هذا المجال. ويتطلع الجميع إلي أن يصبح معقلا مهما لخدمة المجتمع والحفاظ علي هويته وتراثه عبر إستراتيجية بحثية تربطه بالمؤسسات العربية والعالمية ذات الصلة. كما قام السلطان قابوس بجولة في المعرض المصاحب لحفل الافتتاح والذي يحتوي علي 12 لوحة فنية من أعمال طلبة وطالبات الجامعة. وقد تقبل السلطان قابوس هدية من أحد منتسبي الجامعة وهي مجموعة من الأعمال الثقافية من ضمنها كتاب من مجلدين. الأول: "عمان.. الأرض". والثاني: "عمان.. الإنسان". ويشتمل علي صور بعنوان "أعجوبة بصرية" تعبر عن المشاهد الطبيعية والسياحية الرائعة والخلابة في السلطنة. أحدث التقنيات وكان قد تم وضع حجر أساس المركز في شهر ابريل من عام 2004م واستُلهِم تصميم مقره من روح العمارة العمانية وتم التركيز في بنائه علي استخدام المواد المحلية. وتم تجميع مبانيه لتكوين فناء داخلي مفتوح وذلك للاستفادة منه في إقامة الفعاليات المختلفة. ويقع المركز علي بعد حوالي " 360 " مترا من برج ساعة الجامعة شرقا ويتكون من عدة منشآت في مقدمتها: القاعة الكبري.ومكتبة ضخمة. ومركز الدراسات العمانية.وقاعة للاستقبال. ويُعد مبني القاعة الكبري الركيزة الأساسية للمركز حيث أدي تشييده الي توفير مكان متسع وفسيح لإقامة الفعاليات الرسمية والاجتماعية للجامعة بشكل خاص والمجتمع بشكلي عام. ويتكون من مقصورة ومدرجات وساحة تحتوي علي حوالي خمسة آلاف كرسي. كما يضم مبني القاعة مسرحا مزودا بأحدث الأنظمة الصوتية والمرئية وأفضل التقنيات المتعلقة بالإضاءة والديكور. والتي تمكّن الخبراء والفنيين من وضع لمساتهم الإبداعية بأساليب متطورة وفي وقت قياسي. وتعد المكتبة الرئيسية أحد المرافق المهمة في المنظومة الجامعية المتكاملة وهي بمثابة القلب النابض بالمعلومات الذي تتدفق منه المعارف والعلوم. نشر الثقافة المعلوماتية العصرية الالكترونية وتأكيدا علي الاهتمام بنشر الثقافة المعلوماتية العصرية الالكترونية ومتابعة أحدث المبتكرات التكنولوجية :فقد تفضل السلطان قابوس. في توقيت واكب احتفالات العيد الوطني. بمكرمة تتضمن منح جهاز حاسب آلي لكل أسرة من أسر الضمان الاجتماعي لديها طالب بالمدارس. مع تقديم أجهزة الكمبيوتر أيضا لطلاب مراحل التعليم العالي من أبناء هذه الأسر . وتشتمل المكرمة كذلك علي تحمل جزء من تكلفة جهاز الحاسوب الشخصي لطلبة التعليم العالي في السنة الدراسية الأولي والمعلمين من خريجي مشروع تدريب موظفي الخدمة المدنية. وتتجاوز تكلفة المكرمة ما يزيد علي "20" مليون ريال عماني وشملت أكثر من 113 ألف مستفيد. الانعقاد السنوي لمجلس عُمان وقبيل احتفالات العيد الوطني تابعت حدثا مهما في السلطنة. وتحديدا داخل قاعة الحصن بحي الشاطئ في صلالة بمحافظة ظفار. حيث شمل السلطان قابوس برعايته.في شهر أكتوبر الماضي. الانعقاد السنوي لمجلس عُمان وألقي كلمة مهمة استعرض فيها نتائج الجهود المكثفة التي تم بذلها علي مدار 40 سنة.واهتم ايضا بتحديد عناصر الإطار العام للتقويم النهائي للحصاد المثمر الذي تحقق بعد أربعة عقود فأكد انه تم انجاز نسبة عالية من بناء الدولة العصرية وذلك من خلال خطوات مدروسة ومتدرجة تبني الحاضر وتمهد للمستقبل. لم يكتف بذلك إنما حدد في كلمته ايضا معالم خريطة الطريق الذي يقود نحو مواصلة تنفيذ إستراتيجية متكاملة تستهدف تحقيق الرخاء في مجتمع الوفرة . علي خلفية علاقات وثيقة تجمع السلطنة مع الكثير من شعوب ودول العالم وفقا لسياسة خارجية تتسم بالحكمة والحرص علي أن يسود السلام ربوع العالم انطلاقا من دعوة عُمانية متجددة الي تفعيل حوار الحضارات والثقافات وسياسات حسن الجوار ودعم التعاون المشترك بين مختلف البلدان في جميع المجالات. وتأكيدا علي شموخ وأصالة الحضارة العمانية وان جذورها تعود الي حقب بعيدة في أعماق الزمان فقد نوه عن ان للسلطنة تاريخا عريقا ومبادئ راسخة منذ عصور مضت. مشيرا الي ان ما قد تم- منذ عام 1970 - هو بمثابة تأكيد علي تلكم المبادئ في ظل التعبير عنها بلغة العصر. وحول أبعاد الدور المهم للسلطنة علي الأصعدة العربية والإقليمية والعالمية قال أن من مبادئها الراسخة التعاون مع سائر الدول والشعوب علي أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في شئون الغير وكذلك عدم القبول بتدخل ذلك الغير في شؤوننا. تطوير النظامين القانوني والقضائي وفي إطار تحليل السلطان قابوس العميق لآفاق ومجالات التنمية الشاملة أكد علي الاهتمام الكبير بالخطط التنموية لبناء مجتمع الرخاء والازدهار والعلم والمعرفة. وقال انه تم انجاز نسبة نعتز بها في شتي أنحاء السلطنة من برامج التنمية. وأوضح ايضا أن النتائج التي شهدتها الحياة العمانية. وكذلك المتغيرات المفيدة التي طرأت علي المجتمع. قد اقتضت تطوير النظامين القانوني والقضائي وتحديثهما لمواكبة مستجدات العصر فصدرت النظم والقوانين اللازمة لذلك والتي توجت بالنظام الأساسي للدولة. من هذه المنطلقات أكد السلطان قابوس في كلمته علي أهمية المحافظة علي المنجزات وصونها وحمايتها لكي يتمكن الجيل القادم والأجيال التي تأتي من بعده من أبناء وبنات عُمان من مواصلة المسيرة الخيرة برعاية المولي عز وجل وتوفيقه وعونه. وأشار الي أن النهضة الحديثة انطلقت من محافظة ظفار وفيها بدأت خطواتها الأولي لتحقيق الأمل مؤكدا أن السلطنة وهي تحتفي بالذكري الأربعين لمسيرتها حققت منجزات لا تخفي في مجالات كثيرة غيرت وجه الحياة في عُمان وجعلتها تتبوأ مكانة بارزة علي المستويين الإقليمي والدولي. التجاوب مع روح العصر وحضارته وعلومه وتقنياته في اتجاه مواز كان للحديث عن التراث الحضاري الخالد والمتميز للشعب العُماني نصيبا بارزا من اهتمامات السلطان قابوس حيث قال ان السلطنة تمكنت خلال المرحلة المنصرمة من انجاز الكثير ضمن توازن دقيق بين المحافظة علي الجيد من التراث الذي نعتز به. وبين مقتضيات الحاضر التي تتطلب التجاوب مع روح العصر ومع حضارته وعلومه وتقنياته والاستفادة من مستجداته ومستحدثاته في شتي ميادين الحياة العامة والخاصة. وأكد أن بناء الدولة العصرية لم يكن سهلا ميسورا ولكن بتوفيق من الله والعمل الدءوب وبإخلاص تام وإيمان مطلق. بعون الله ورعايته. من جميع فئات المجتمع ذكورا وإناثا تم التغلب علي جميع الصعاب واقتحام كل العقبات. وقد لاحظ المحللون أن كلمة السلطان قابوس لم تستغرق سوي فترة قصيرة حيث تميزت بالإيجاز البليغ وبالتعبيرات المحكمة التي تستقبلها العقول بيسر وفي ذلك تأكيد علي حرصه علي توجيه رسالة ضمنية مؤداها انه لابد من عدم تبديد الطاقات وتوجيه كل دقيقة للعمل المثمر البناء.. كذلك فان مفرداتها عبرت عن العقيدة الإيمانية المتأصلة لدي الشعب العُماني الشقيق. ملحمة وطنية بمشاركة العسكريين والمدنيين وقد تواصلت العديد من الاحتفاليات المهمة الاخري فقد شمل السلطان قابوس برعايته مهرجان العيد الوطني الأربعين الذي أقيم علي ميدان الفتح. حيث تحول المهرجان الي ملحمة وطنية بمشاركة العسكريين والمدنيين. وشارك في فعالياته 15 ألف و977 فردا من قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني وشرطة عمان السلطانية وشؤون البلاط السلطاني وقوات الفرق. وكذلك فرق الأهازيج العمانية من المدنيين الذين يمثلون محافظات ومناطق السلطنة. مهرجان عُمان الموسيقي كما شمل السلطان قابوس برعايته بميدان الفتح بالوطية: مهرجان عُمان الموسيقي العسكري - التاتو -2010 وشارك فيه 3898 فرداً يمثلون مختلف التشكيلات تألقوا في تقديم تسع لوحات. وقد أخذت شرطة عمان السلطانية علي عاتقها مهام تنظيم هذا المهرجان الكبير منذ عام 1975. واحتفاءً بالأعياد الوطنية زادت نسبة المشاركة في المهرجان وأصبح للعنصر البشري دورا بارزا في استعراض المهارات والقدرات لمواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي الحديث.ولأول مرة شاركت هذا العام الفرق الموسيقية النسائية. وقد تم تقديم لوحة فنية مشتركة رائعة بعنوان "مسيرة النهضة" طافت ساحة الميدان علي نغمات مقطوعات نالت الاستحسان. السلام والتنمية المستدامة * ممثلا للسلطان قابوس : شهد السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء المهرجان الطلابي الذي أقيم بمجمع السلطان قابوس الرياضي بولاية بوشر تحت عنوان " السلام والتنمية المستدامة " ونظمته وزارة التربية والتعليم ابتهاجا بالعيد الوطني .وقد شارك في فقراته أكثر من 12 ألف طالب وطالبة قدموا خمس لوحات عبروا من خلالها عن الاعتزاز بما تحقق من منجزات خلال مسيرة النهضة التي نقلت البلاد إلي عصر التقدم والنماء بعد إقامة الدولة العصرية. كما أعرب أبناء السلطنة عن فرحهم من خلال المهرجان الطلابي. الذي جسد الولاء والعرفان عبر لوحات المهرجان المتنوعة التي تمزج بين الماضي والحاضر في قالب فني رائع يعكس المهارة في تأدية الاستعراضات. والتناغم بين الصوت والحركة والكلمة.