صباح يوم الخميس الثامن عشر من نوفمبر تحتفل سلطنة عُمان بالعيد الوطنى الأربعين .وعلى مدار أربعين سنة قام كاتب هذه الرسالة بزيارات متعددة للسلطنة حيث تابعت عاما بعد آخر مسيرة التنمية التى انطلقت بعد تولى السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان مقاليد الحكم فى الثالث والعشرين من يوليو سنة 1970. اما خلال جولاتى عبر دول العالم فقد رصدت أصداء النجاحات المتلاحقة التى تحققها الدبلوماسية العمانية وما اكثرها، وعلى سبيل المثال : ما زالت تتتابع فى واشنطن والعواصم العالمية ردود الفعل التى توالت عقب الإفراج عن الصحفية الأمريكية التى كانت تمضى عقوبة السجن فى إيران لاتهامها بممارسة انشطة الجاسوسية.وقد كان من محاور هذه المتابعة تقدير الدور الايجابى لسلطنة عُمان فى إطلاق سراحها، وقد توالت على مهبط مطار مسقط الدولى فى السلطنة مشاهد إنسانية توجت جهودا مكثفة أسفرت عن استعادة الصحفية الأمريكية سارة شورد لحريتها.فقد وصلت إلى السلطنة قادمة من طهران بعد الإفراج عنها من قبل السلطات الإيرانية حيث كانت السلطنة محطتها الأولى فى طريق عودتها الى العاصمة واشنطن، وهو الانجاز الذى كان محل تقدير بالغ لدى الشعب الامريكى عبر عنه الرئيس اوباما ،و وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون اللذين أشادا بدور السلطنة . على ضوء ذلك فان سلطنة عُمان تتبنى منذ مطلع عقد السبعينيات من القرن الماضى سياسة خارجية تتميز بالاتزان، كما تعمل على الإسهام فى الجهود الرامية الى اثراء حوار الحضارات و إحلال السلام الاقليمى و العالمي، والتوصل الى حلول ودية للمشاكل والأزمات الدولية، مع الاهتمام بتفعيل التضامن العربى، و سياسات حسن الجوار، وتعبيرا عن كل تلك التوجهات والرؤى الإستراتيجية بعيدة المدى أبرمت اتفاقيات لترسيم الحدود مع كافة البلاد المجاورة لها. العدالة والمساواة اما على الساحة العُمانية : فإن الحقيقة المؤكدة ان كل مواطن ومواطنة على ارض السلطنة قد حصل على نصيب وافر من منجزات النهضة وذلك بالعدل والقسطاس.فلقد شاهدت رأى العين خلال جولاتى فى الولايات بمختلف المحافظات والمناطق مشاهد عديدة تعكس عمق تميز المجتمع العُمانى بالتحلى بقيم المساواة فى إطار سلوك اجتماعى قويم وعلى خلفية مبادئ تنشئة سياسية حرصت على تكريس هذه المفاهيم وتقنينها ايضا. من ابسط واهم المشاهد التى لا تخفى دلالاتها فى شوارع السلطنة احترام الجميع لقواعد قانون المرور التى تسرى على الكافة حيث تلتزم بها سيارات كبار المسئولين والوزراء، وفى مرات عديدة توقفت السيارة التى تقلنى امام احدى إشارات المرور، ثم أتبين ان احد الوزراء يستقل السيارة المجاورة والتى توقفت امام الاشارة.كذلك فان الاهتمام بحماية البيئة ليس مجرد خطط وشعارات لكنه عنصر اساسى فى السلوك الاجتماعى وفى العادات والتقاليد المرتبطة بالحياة اليومية ولذلك فانه يعد من قبيل الاحتمالات المستحيلة ان يلقى مواطن عمانى اى مهملات من نافذة سيارته او منزله.ان احد أهم الأسباب التى قادت المجتمع الى التمسك بذلك هو أن قائده السلطان قابوس يمثل القدوة والأسوة الحسنة ويلهم الجميع كيفية التحلى بالقيم والمبادئ الرشيدة . الانعقاد السنوى لمجلس عُمان وقبيل احتفالات العيد الوطنى تابعت حدثا مهما فى السلطنة، وتحديدا داخل قاعة الحصن بحى الشاطئ فى صلالة بمحافظة ظفار، حيث شمل السلطان قابوس برعايته،فى شهر اكتوبر الماضى، الانعقاد السنوى لمجلس عُمان و ألقى كلمة مهمة حدد فيها معالم خريطة الطريق نحو مواصلة تنفيذ إستراتيجية التنمية الشاملة والمستدامة فى إطار سياسات الرؤية المستقبلية التى تستهدف كفالة فرص الحياة الكريمة لأبناء الشعب العمانى الشقيق جيلا بعد جيل. وقد أشار السلطان قابوس الى أن النهضة العُمانية الحديثة انطلقت من محافظة ظفار وفيها بدأت خطواتها الأولى لتحقيق الأمل، منوها عن أن السلطنة وهى تحتفى بالذكرى الأربعين لمسيرتها حققت منجزات لا تخفى فى مجالات كثيرة غيرت وجه الحياة فى عُمان وجعلتها تتبوأ مكانة بارزة على المستويين الإقليمى والدولى. النظام الاساسى للدولة على خلفية كل ذلك وعلى ضوء كلمات السلطان قابوس فلقد كان التأكيد على مفاهيم العدالة من السمات المتميزة التى سادت المجتمع العمانى، طوال أربعة عقود لا سيما أنه تم تقنينها فى النظام الاساسى للدولة الذى نص على مجموعة من المبادئ من أهمها: - سيادة القانون أساس الحكم . - العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة. - الحرية الشخصية مكفولة وفقا للقانون. - الاقتصاد الوطنى أساسه العدالة ومبادئ الاقتصاد الحر وقوامه التعاون البناء المثمر بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدى الى زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطنين وفقا للخطة العامة للدولة.