احتفل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان بالعيد الوطنى الأربعين مع كل فئات وممثلى الشعب العُمانى وعدد من المسئولين العرب والأجانب وكان من أبرز الحضور العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى ونائب الرئيس اليمنى عبد ربه منصور الهادى ومبعوث الرئيس حسنى مبارك وزير التربية والتعليم د. أحمد زكى بدر، وقد شمل السلطان قابوس هذا الحفل برعايته فى ميدان الفتح والذى جسد ملحمة وطنية عكست الصورة الحقيقية للتلاحم بين القائد المفدى وشعبه الوفى. وقد شارك فى المهرجان خمسة عشر ألفاً وتسعمائة وسبعة وتسعون فرداً من أبناء الوطن من قوات السلطان المسلحة والحرس السلطانى العمانى وشرطة عُمان السلطانية وشئون البلاط السلطانى وقوات الفرق وفرق الأهازيج العُمانية من المدنيين الذين يمثلون محافظات ومناطق السلطنة. وقد دأبت السياسة العُمانية وعلى امتداد السنوات الماضية وما تزال على مد جسور الصداقة وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول وفق أسس راسخة من الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية واحترام علاقات حسن الجوار واعتماد الحوار سبيلاً لحل الخلافات والمنازعات بين مختلف الأطراف، وبفضل هذه الأسس تمكنت السلطنة خلال السنوات الماضية من بناء علاقات وثيقة ومتطورة مع الدول والشعوب الأخرى، علاقات متنامية تتسع وتتعمق على مختلف المستويات، ومن ثم أصبحت السياسة الخارجية العُمانية مجالاً وسبيلاً لدعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية ولتحقيق السلام والاستقرار والطمأنينة لها ولمن حولها من الدول، وتحولت بفعل العمل الدؤوب إلى رافد ثابت من روافد التنمية الوطنية وترسيخ السلام والاستقرار فى المنطقة. آليات الدبلوماسية/U/ تتسم السياسة الخارجية العُمانية بالهدوء والصراحة والوضوح فى التعامل مع الآخرين مما مكنها من طرح مواقفها والتعبير عنها بثقة مع الحرص على بذل كل ما هو ممكن لدعم أى تحركات خيرة فى اتجاه تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة والحد من التوتر خليجياً وعربياً ودولياً، ومما يزيد من قدرة السلطنة فى هذا المجال أنها ليست لها خلافات أو مشكلات مع أية دولة، وأنها تتعامل مع مختلف الأطراف فى إطار القانون والشرعية الدولية، إلى جانب إدراكها العميق للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لهذه المنطقة على كل المستويات والتحديات المحيطة بها والتى تؤثر عليها بالضرورة. كل ذلك أتاح لسلطنة عُمان فرصة العمل والتحرك النشط ليس فقط على صعيد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولكن على صعيد منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية أيضاً وفى الإطار العربى والدولى كذلك بما يسهم فى توطيد دعائم السلام ويعزز آفاق التقارب والتفاهم وبما يزيل أسباب التوتر والتعقيد. ولأن السلطنة دولة سلام، فإنها اعتادت التعبير الصريح والمباشر عن مواقفها ووجهات نظرها حيال كافة التطورات، فى إطار ما تراه محققا لمصالحها ومعززا للسلام والأمن والاستقرار فى المنطقة، وقد نجحت السلطنة بالفعل، فى تأكيد حضورها الواضح، والملموس على مختلف المستويات، خليجيا وعربيا ودوليا، وما تتمتع به القيادة الحكيمة من احترام ومكانة إقليمية ودولية تعبر عن نفسها بوسائل عديدة، منها النشاط السياسى والدبلوماسى الواسع والمتواصل الذى تشهده السلطنة أو تسهم فيه مع الدول الشقيقة والصديقة لها. وبينما أكد السلطان قابوس على أن (سياستنا الخارجية معروفة للجميع، وهى مبنية على ثوابت لا تتغير، قوامها العمل على استتباب الأمن والسلام والسعادة للبشرية كافة) فإنه أكد كذلك على أن (التعاون وتبادل المنافع والمصالح بين الدول فى ظل الوئام والسلام أمر فى غاية الأهمية يجب أن نسعى إليه جميعاً بكل جد وإخلاص، ودون كلل أو ملل من أجل رخاء البشرية وأمنها ورقيها. ونحن فى السلطنة نضع ذلك نصب أعيننا دائماً، وما انضمامنا إلى مختلف التجمعات العالمية والإقليمية إلا للإسهام الإيجابى المؤثر فى كل ما يعود بالخير على الإنسانية). بهذه الرؤية الواضحة المؤمنة بالسلام والعاملة من أجله معززاً بالأمن والاستقرار فى هذه المنطقة الحيوية من العالم، مدت السلطنة منذ بداية مسيرة النهضة المباركة يدها بالصداقة والود لكل الأشقاء والأصدقاء، خليجياً وعربياً وإقليمياً ودولياً. وتحظى سياسات السلطنة ومواقفها على الصعيد العربى بتقدير واسع، نظراً لاسهامها الايجابى والمتزايد لحل مختلف القضايا العربية ولمصداقية مواقفها فى تطوير علاقاتها الثنائية مع مختلف الدول الشقيقة، وبما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة والمتبادلة معها وينطلق ذلك من إيمان السلطنة بأهمية وضرورة تعزيز العمل العربى المشترك وتوسيع نطاق التعاون بين الاشقاء واستثمار الإمكانات المتاحة لتحقيق حياة أفضل للشعوب العربية كافة. وفى هذا الإطار تؤيد السلطنة باستمرار جهود تطوير ودعم جامعة الدول العربية، سواء تلك المتعلقة بتطوير آليات عملها وأجهزتها أو من خلال تأييد جهودها الرامية إلى التوصل إلى تسوية دائمة وشاملة وعادلة لقضية الشعب الفلسطينى، بما فى ذلك اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. كما أنها تسعى جاهدة لدعم الشعب الفلسطينى لمواجهة الحصار وسياسات الاستيطان والتعسف الاسرائيلى. من جانب آخر تدعم السلطنة كل جهد عربى خير لاستعادة السلام والأمن والاستقرار إلى ربوع المنطقة والاسهام فى تهيئة أفضل مناخ ممكن لاستعادة الاستقرار فى العراق والحفاظ على وحدته، وكذلك فى الصومال، وحل أى خلافات بالطرق السلمية ومن خلال الحوار البناء لرأب الصدع فى العلاقات العربية. علاقات متميزة/U/ وبينما تشارك السلطنة فى اجتماعات القمة العربية، حيث شاركت فى القمة العربية الثانية والعشرين التى عقدت فى مدينة سرت بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى فى مارس 2010، فإنها تحرص على المشاركة فى مختلف الاجتماعات العربية فى اطار جامعة الدول العربية، وعلى المستوى الثنائى كذلك لتفعيل وتوسيع نطاق التعاون مع الدول الشقيقة. كما ترأست السلطنة الاتحاد البرلمانى العربى فى دورته من مارس 2009 حتى مارس 2010. وتعميقا للعلاقات المتميزة بين السلطنة وجمهورية مصر العربية قام السلطان قابوس بزيارة لجمهورية مصر العربية فى الثلاثين من مايو 2010 وبالنسبة للعلاقات العمانية مع الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبى وروسيا الاتحادية ودول الكومنولث الجديد، وكذلك دول الأمريكتين، فإنها تتسم بانها علاقات طيبة على كافة المستويات، حيث تتمتع السلطنة وقيادتها الحكيمة بتقدير واسع على كافة المستويات، وتقدم الزيارات المتبادلة، وخاصة على مستوى القمة مؤشراً واضحاً فى هذا المجال. مكافحة الإرهاب/U/ وفى سعيها للاسهام فى تحقيق السلام والعدل وترسيخ احترام حقوق الإنسان، فإن السلطنة تحرص على التعاون النشط والفعال فى جهود مكافحة الارهاب على كافة المستويات، للقضاء على كل اشكاله وصوره من أجل أن تعيش شعوب العالم آمنة ومطمئنة على حاضرها ومستقبلها. كما تتعاون السلطنة كذلك فى جهود مكافحة أعمال القرصنة، وجرائم الاتجار بالبشر، حيث تم إصدار قانون لمكافحة الاتجار بالبشر فى عام 2008، كما تم إنشاء لجنة وطنية لحقوق الإنسان تتبع مجلس الدولة للعمل فى هذا المجال أيضاً، وهو ما يعزز من دور السلطنة النشط والايجابى فى تحقيق ودعم الاستقرار فى المنطقة والعالم من حولها، خاصة أن السلطنة انضمت إلى العديد من الاتفاقيات الدولية فى هذا المجال. التنمية العُمانية/U/ تسير خطط وبرامج التنمية الوطنية فى السلطنة بخطوطها الأساسية فى إطار الرؤية الاستراتيجية للتنمية من ناحية، وتستجيب بتفاصيلها لأولويات وأهداف كل خطة من الخطط الخمسية المتتابعة من ناحية ثانية، فى تتابع وتراكم وتواصل يسير نحو الأهداف المنشودة، وأن الدراسة العلمية للخطط الخمسية وللمشروعات التى تتضمنها، والاتساق والتتابع بين الخطط المتتالية جعل من جهود التنمية الوطنية عملية متكاملة، تعتمد كل خطة على ما أنجزته الخطط السابقه فى المجالات المختلفة. وقد أدى هذا الأسلوب إلى الحفاظ على كل الجهود وحشدها جميعها من أجل تحقيق مزيد من التقدم والرفاهية والسعادة للإنسان العُمانى، وذلك من خلال التنمية المستدامة لكل محافظات ومناطق وولايات السلطنة وفق الأولويات المحددة والإمكانات المتاحة بالنسبة لكل خطة من الخطط الخمسية، جدير بالذكر أن ثمار هذه السياسات الواضحة الرؤية، والمتأنية، والتى تتسم بالواقعية قد أعطت، وتعطى ثمارها، سواء على الصعيد الوطنى وفى كل قطاعات الاقتصاد، أو على صعيد المواطن العُمانى الذى ارتفع نصيبه من الناتج المحلى الإجمالى إلى ما يزيد على ثمانية آلاف ريال عام 2008. كما أن الاقتصاد العمانى واصل أداءه الإيجابى برغم الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك بالاستمرار فى القيام بالمشروعات الإنتاجية والخدمية فى خطة التنمية الخمسية السابعة (2006 – 2010). وفى خطة التنمية الخمسية الثامنة (2011 – 2015) وضع فى الاعتبار أن التراجع الذى حدث فى الأداء الاقتصادى على المستوى الدولى، وكذلك انخفاض أسعار النفط فى الأسواق العالمية قد أثر بدوره على الأداء الاقتصادى لمختلف الدول، ومنها السلطنة، إلا أن الاستمرار فى تشييد المشروعات الكبيرة، سواء فى منطقة صحار الصناعية، أو فى مدينة الدقم فى المنطقة الوسطى، وكذلك فى مختلف محافظات ومناطق السلطنة، من شأنها ان توفر قوة دفع كبيرة للاقتصاد العُمانى بكل قطاعاته، ومن ثم زيادة ديناميكية الأداء الاقتصادى وما وضع فى الحسبان أن الخطة القادمة ستجعل مزيدا من الانطلاق للاقتصاد العُمانى، ليس فقط نحو التعميم والتنويع الاقتصادى، ولكن ايضا نحو تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية للاقتصاد العمانى 2020، وما يؤكد على ذلك أن العديد من الهيئات والمنظمات ومراكز الأبحاث الاقتصادية المرموقة ومؤسسات التقييم أشادت بالأداء وبالسياسات الاقتصادية والمالية التى تتبعها سلطنة عمان، وتعد التوقعات المستقبلية للاقتصاد العُمانى واعدة. وأن الخطة الخمسية التنموية الثامنة (2011- 2015) سوف يبدأ تنفيذها خلال العام القادم تأتى مواصلةً لطريق التنمية فى عُمان ومركزة على تسريع المساهمة النسبية للقطاعات غير النفطية فى الناتج المحلى الإجمالى ورافعةً المهارات والقدرات للقوى العاملة العُمانية، وتهدف الخطة الى التأكيد على تحويل السلطنة إلى مجتمع رقمى عن طريق إيلاء الأولوية لتطوير قطاع تقنية المعلومات وتعزيز تنفيذ استراتيجية الأبحاث والتنمية كما أنها تركز على رفع قدرات القوى العاملة العمانية. اتفاق التجارة/U/ إن خطة التنمية الخمسية الثامنة القادمة 2011 - 2015 تعتمد اعتمادا كبيرا فى صياغة آلياتها وبرامجها على المؤشرات والمعلومات التى وفرتها التعدادات والمسوحات الإحصائية، وأهم أحد مرتكزات الخطة القادمة هو الارتقاء بالعمل الإحصائى، وقد خطت سلطنة عُمان خطوات حثيثة ومدروسة خلال السنوات السابقة فى سبيل توفير البيانات والمعلومات الإحصائية اللازمة لخطط وبرامج التنمية الشاملة حيث كان لتلك البيانات إسهام كبير فى اعتماد المخططين عليها فى اتخاذ القرارات السليمة ورسم وبناء الخطط والرؤى التنموية الواضحة نظرا لأن تلك البيانات تعكس معطيات الواقع وتتصف بالدقة والجودة والشمولية، وقد حظيت الخطوات التى اتخذتها السلطنة للنهوض بمستوى العمل الإحصائى بإشادة المنظمات الدولية والإقليمية. وتعتبر اتفاقية التجارة الحرة بين سلطنة عُمان والولاياتالمتحدةالأمريكية التى تم التوقيع عليها فى شهر فبراير من عام 2006 ودخلت حيز التنفيذ فى الأول من يناير 2009 من بين أبرز التطورات الحديثة فى الساحة الاقتصادية، وتأتى الاتفاقية فى إطار الخطوات الهادفة إلى تعزيز سياسات التحرير ودمج الاقتصاد العمانى فى الاقتصاد العالمى بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. وبجانب هذه الخطوات التى قطعتها السلطنة إلا أنها أعدت استراتيجية للتنمية طويلة المدى حتى عام 2020 لتطوير وتنويع القاعدة الانتاجية للاقتصاد العُمانى بعد تحقيق أهداف أبرزها الاستقرار النقدى والحد من معدلات التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتتحدث نهضة عُمان عن نفسها من خلال ارتفاع معدلات التنمية الشاملة فى كل المجالات.