شهدت قاعة المحاضرات بأكاديمية مصر للفنون في روما أمسية ثقافية مميزة، قدّم خلالها الباحث والمؤرخ الثقافي شريف السباعي محاضرة بعنوان: "المتاحف المصرية في القاهرة: من بولاق إلى المتحف الكبير". واستقطب اللقاء جمهورًا واسعًا من المهتمين بالتاريخ والآثار، من أكاديميين ودبلوماسيين وطلاب. استهلت الأمسية بكلمة للدكتورة رانيا يحيى، مديرة الأكاديمية، أكدت فيها على دور الأكاديمية في مدّ جسور التواصل الثقافي بين مصر وإيطاليا، مشيرة إلى أن نشر المعرفة حول التراث المصري يأتي في صلب أولوياتها، بما ينسجم مع رؤية الدولة في تعزيز القوة الناعمة. ووجهت تحية خاصة إلى وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، صاحب فكرة المتحف المصري الكبير، ودعت الحضور للتأمل في الحاضر المصري الذي يعكس نهضة حضارية تشهدها الدولة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. افتُتحت الأمسية بمعرض كاريكاتير للفنان الإيطالي الشهير أندريا بيكيا، حملت أعماله روحًا مصرية لافتة، نالت إعجاب الحضور. وأعرب الفنان عن امتنانه للأكاديمية، مؤكدًا أن علاقته بمصر تمثل محطة أساسية في مسيرته الفنية. وعقب الافتتاح، قدّم شريف السباعي محاضرته التي اصطحب خلالها الحضور في رحلة عبر تاريخ المتاحف المصرية، بدءًا من متحف بولاق الذي أنشأه مارييت عام 1858، ثم انتقال المجموعات الأثرية إلى قصر الجيزة، واستقرارها لاحقًا في متحف التحرير، الذي ظل لعقود واجهة التراث المصري. تناولت المحاضرة التحولات المؤسسية والإدارية التي مرت بها المتاحف، وتحديات الحفظ والعرض والتوثيق، ودورها في تشكيل الوعي الوطني. كما توقف السباعي عند النقلة الكبرى التي يمثلها المتحف المصري الكبير والمتحف القومي للحضارة، مشيدًا بالتصميم المعماري للمتحف الكبير ورؤية العرض الجديدة التي تعيد سرد الحضارة المصرية بأسلوب عصري تفاعلي يستهدف الأجيال الجديدة. واستخدم السباعي مواد أرشيفية وخرائط ورسومات توضيحية أغنت العرض بصريًا، وأسهمت في تبسيط المفاهيم التقنية والتاريخية، ما ترك انطباعًا قويًا لدى الحضور عن أهمية المزج بين العمق الأكاديمي والجاذبية البصرية. وأشاد عدد من الحاضرين بالمحاضرة وبجهود الأكاديمية في تنظيم فعاليات تثري الحوار الثقافي وتبرز مساهمات الباحثين المصريين في المحافل الدولية. يُذكر أن هذه المحاضرة تأتي ضمن سلسلة فعاليات تنظمها الأكاديمية لتعزيز النشاط الثقافي المصري بالخارج، في إطار استراتيجية منفتحة للتعاون مع المؤسسات الثقافية الأوروبية. وتواصل الدكتورة رانيا يحيى منذ توليها الإدارة جهودها لإحياء الأكاديمية كمركز إشعاع ثقافي يعكس تنوع وغنى الحضارة المصرية. وفي ختام الأمسية، قدّمت عازفة الكمان المصرية المقيمة في ألمانيا، سلمى صادق، فقرة فنية كلاسيكية عزفت خلالها عددًا من المقطوعات المنفردة، أظهرت من خلالها براعة تقنية لافتة جمعت بين روح الشرق وأداء الغرب، نالت تصفيقًا حارًا من الحضور. واختتمت الأمسية بتكريم المشاركين، حيث سلّمتهم مديرة الأكاديمية شهادات تقدير ودروعًا رمزية، تقديرًا لإسهاماتهم.