في حياة كل منا نافذة أو أكثر يهرع إليها دائما ليرمي من خلالها إحباطاته وقلقه وتوتره، ذكرياته السيئة، وأحلامه الضائعة والمبعثرة. نوافذنا تلك نفرغ فيها همومنا ومتاعبنا حتى وإن لم نعي ذلك وندركه لكنها تبقى منفذا وملجأ وملاذا خطيرا. نتزود منها بطاقة أمل لما هو قادم بعد، وبشحنة إيجابية للحياة ولأحبائنا وأنفسنا في المقام الأول. نوافذنا متشابهة لكنها مختلفة. كل منا له نافذه بمقاسه هو، مواصفاته هو، وحسب شخصيته. قد تكون نافذة أملك وطاقتك الإيجابية هي صديقك الذي تهرع إليه تفرغ عنده همومك وتقص عليه أفراحك ومتاعبك. قد تكون تلك النافذة هي ذلك المذياع القديم الذي ارتبطت به ارتباطا عاطفيا من خلال موسيقاه وذبذبات موجاته ومواعيد برنامجك المحبب. لا ضير أن تعتبر فنجان قهوتك الصباحية أو صحيفة الأخبار أو كوب الشاي في المساء وقد نام الجميع إلا أنت لا ضير أن تكون تلك الأشياء الجميلة الصغيرة هي نافذتك أنت التي تطل منها على نفسك وتستنشق هواء نقيا وتأخذ نفسا عميقا عمق أحاسيسك ومشاعرك البريئة. أعرف من البشر صنوفا تنوعت أذواقهم وتنوعت على أثرها ملاجئهم التي يلوذون بها من صخب الحياة، هم لا يهربون من واقعهم ولا يرفضون حياتهم لكنهم لم ينسوا أنفسهم ويستهلكوها حتى آخر قطرة دم كما هو المعتاد في دنيا الشرق. !! قد تبدي عجبا كبيرا حين أقول لك ان حبك لحل الكلمات المتقاطعة شغف وسلوى ورياضة روحية حتى لو لم تدرك ذلك في حينه وليس دليل أقوى من كونك لا تفعل ذلك إلا وأنت تحب ذلك وترغبه ولا يوجد من يعكر صفوك وعمق أفكارك وأنت تبحث عن معنى تلك الكلمة ومرادف تلك. وتلك الرواية أو هذا الكتاب الذي تخرجه من مخبئه أو تنزله من سقيفته العلوية الهادئة على ظهر دولاب الكتب أو خزانة الأطباق الخزفية، تمسكه وقد هدأت حركة الدار وفرغت من مهامك المتنوعة لتقرأ من حيث توقفت وتواصل تقليب صفحاته حتى ينهكك التعب ويغلبك النوم ومن قبلهما يفرغ فنجانك الذي يرافقك كل ليلة لا يتخلى عنك ولا تتنازل عنه فتنهض راضيا وقد وضعت فاصلك المعتاد حيث توقفت وتعيد مرافقك الأثير إلى مخبئه على وعد وأمل بمواصلة الرحلة معا حتى تنهي صفحاته. عندها؛ تنهض راضيا سعيدا لتنام وقد ظفرت لنفسك بوقت صفيت به ذهنك ونفضت عنك همومك ومتاعبك. تلك نافذة ولا أروع لا مجال للعيش بدونها اللهم إلا عيش كالموت بالنسبة لك. تمسكوا بشغفكم وعاداتكم القديمة وتلك الأشياء البسيطة التي تسعدكم. لا تغلقوا تلك النوافذ الصغيرة لأي سبب كان فبدونها تصعب الحياة وتزداد تعقيدا ومللا ورتابة وثقلا. وعن نفسي ففنجان قهوتي الصباحية الممزوجة بالحليب... وحكيي لصديقتي ومعها. وضحكات أختي الصغرى وسخريتها الشيطانية. واحتضان قلمي ورسم مشاعري وأفكاري. وغزل الكنفاة وخيوطها. والسفر عبر ذكرياتي لأمي أحتضنها وأرى ابتسامتها ثم العودة لواقعي. ومصحفي الذي أستأثر به لنفسي وبجانبه روايتي وكتبي تلك أهم نوافذي وأماكن راحتي واستجمامي التي أجدد من خلالها طاقتي وعزمي وأتنفس عميقا وبعيدا عن أي صخب أو ضغط. افتحوا نوافذكم وتمسكوا بها وبشغفكم المتواصل. الأمر ليس صعبا لكنه هام ومؤثر ونتائجه مرضية وذات أثر فارق. دمتم بخير ومحبة وشغف ودامت نوافذكم مفتوحة على الحياة مفعمة بروائح الحياة وعطور المحبة.