د. ناهد زيان حين كنت في الصف الثاني الثانوي كان يدرس لنا مادة الإنشاء أستاذ لازلت أذكره بكل الخير وقد ترك في نفسي اثرا عميقا ببساطته وحسن تصرفه معي.. إن لم تخني الذاكرة فإن ذلك المعلم الخلوق اسمه الأستاذ فتحي نصير.. الحقيقة أن حصة الإنشاء تعودنا دوما أن يأخذها أي مدرس لإكمال نصابه وجدول حصصه وكان يستغلها إما في تحضير الدروس أو قراءة صحيفة وربما ترك الفصل لإنجاز أي عمل له داخل المعهد!! حتى ان جاء ذلك الرجل وقال لنا سوف أدرس لكم الإنشاء!! بمعنى أدق سوف أعطيكم عناوين أو أترك لكم أحيانا إختيار عناوين تريدونها وسوف نحاول مناقشتها شفهي في حصة والحصة التالية نصحح الموضوعات ونقيمها. كانت حصة الإنشاء واحدة كل أسبوع... وفي الإسبوع الثاني لحضوره معنا جمع الأستاذ فتحي كراسات البنات ليصحح الموضوعات ولا أحتاج ان أؤكد لكم أن ثلث البنات فقط هو من إهتم وكتب أو حاول الكتابة ولو من باب تنفيذ الأوامر.. حين انتهى أستاذنا من التصحيح وزع الكراسات إلا كراستي ونادى: فين ناهد السيد زيان؟؟؟ فوقفت فضحك وقال موضوعك أحسن موضوع فيهم كلهم وخطك جميل ولكن الدرجة 7 من 10!!! فعقدت حاجبي وإحمر وجهي وسألته ولم؟؟ فقال لي عندك ثلاث أخطاء إملائية في كلمة واحدة!!! تبسمت وقلت له: "ذلك"؟؟ فتعجب الرجل.. الحقيقة أني كنت وحتى ذلك العام أكتب "ذلك" هكذا "ذالك" بألف بين الذال واللام !! وأعلم أنها خطأ ولكني تعودت على ذلك وحاولت كثيرا تغيير تلك العادة الخاطئة دون جدوى فكنت أصحح كتابتها مرة وأخطئ فيها مرات تالية وإن حدث وجمعت تركيزي على عدم كتابتها بالألف تشتت تركيزي في الموضوع الأساسي !! قلت لأستاذ فتحي نتفق إتفاقا هو ألا تحاسبني على ذلك الألف ولا تترك الأمر ينقصني درجات ويبعدك عن موضوعي ونقد أفكاري وصياغته ثم لا نريد موضوعات مستهلكة موسمية كالمولد النبوي والهجرة النبوية وحرب أكتوبر وتلك الموضوعات التي لا تتغير سنويا بشكل ممل.. وافقني أستاذي وكنت أسبوعيا أقوم فأقرأ موضوعا جديدا كلفت بكتابته وحدي على حين باقي الفصل يأخد حصته بالطريقة المعتادة حصة شفوي وأخرى تحريري يتم فيها تصحيح الكراسات .. كنت أقف فاقرا موضوعي ويغمض الأستاذ عينيه ليستوعب أفكاري بصفاء ذهن وكلما قلت "ذلك" سألني: بالألف أم بدونها؟؟ وشيئا فشيئا تركت الألف تبعد عن ذلك إلى غير رجعة وقضيت عاما سعيدا مع حصة الإنشاء التي أزعم أنها وأستاذ فتحي كانت سببا ضمن أسباب وعوامل كثيرة في نحت شخصيتي وبعضا من ثقافتي... جزاك الله خيرا أيها الأستاذ الرائع والإنسان الخلوق حيثما كنت سواء كنت من أهل الدنيا ام فارقتها إلى رحمة الله ورضوانه