السطور القادمة عبارة عن حكايات وفضفضة سائق تاكسي لخص فيها حال المجتمع المصري بعد الثورة من وجهة نظره ، وحاول المقارنة بين مصر قبل الثورة وبعدها، الكلام خرج من السائق تلقائيا لأنها كانت دردشة غير معدة سلفا ، لم أطرح عليه أسئلة بالمعني المفهوم ولكني سمعته وطلبت منه أن أسجل كلامه خلال مشوار امتد من وسط البلد إلي المهندسين .. تصوير : محمود شعبان يقول شعبان غمري إسماعيل : أنا لم أشارك في الثورة لأنني مسئول عن أسرة وأولاد ولا أستطيع ترك عملي ويكفي أنني لم أدخل بيتي مليما واحد في الفترة من 25 يناير وحتي تنحي مبارك أما بالنسبة لشباب الثورة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل مستقبل هذا البلد فنحن جميعا مدينون لهم بالولاء والشكر ولكن أكثر ما يضايقني الآن هو كثرة الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية فهذه ليست لها أي فائدة وتعطل أحوال البلد ومصالح الناس وإذا استمرت هنفلس ومش هيبقي معانا فلوس ومن وجهة نظري فإن السر في نجاح الثورة هو ' دعوات الناس الغلابة اللي كنت بشوفهم بيلموا الأكل من أكوام القمامة ويدعون علي مبارك وأعوانه قائلين حسبي الله ونعم الوكيل ربنا يورينا فيهم يوم ' وأنا شخصيا لم أكن أتخيل أن هذا اليوم سيأتي ولذلك أنا لست مع من ينادي بالتعامل برحمة مع مبارك لمرضه أو كبر سنه .. هو يعني رحم مين وتكفي الأغذية المسرطنة فأنا مع محاكمته والحكم عليه وتنفيذ الحكم حتي لو وصل للإعدام وأنا شخصيا لا أري فارقا بين الحكومة الحالية والحكومات السابقة فهي كلامها مجرد وعود .. كلام وبس لم نشاهد حلا لمشكلة البطالة ولا السكن حتي الآن ولكني متفائل بمستقبل أولادي وعندما أنظر إليهم بعدما كنت أقول لهم دائما يا تري الأيام بتاعتكوا هيكون شكلها ايه فالناس كلها تشعر بالامل والتفاؤل برغم عدم حدوث أي شيء جديد . ويضيف شعبان : قبل الثورة كان الشعب كله بجميع فئاته يردد كلمة واحدة ' البلد دي مش بتاعتنا وحاسين إننا أغراب فيها لأن خيرنا رايح لغيرنا ' وبعد الثورة شعر الناس بالرضاء التام رغم استمرار البطالة وارتفاع الأسعار وهذا ما لمسته من خلال حواراتي مع الركاب وكان هذا غريبا بالنسبة لي أما بالنسبة لتعامل الشرطة مع سائقي التاكسي قبل الثورة فكانت تتعامل معنا من منطلق البلطجة ويوميا كنت أتعرض لمواقف استفزازية منهم منها تلفيق مخالفات لم تحدث وحتي يتم إلغاء هذه المخالفات لا بد أن أدفع رشوة لأمين الشرطة وأتذكر أن ضابط شرطة سحب مني الرخصة بدون سبب وعندما سألته عن السبب نادي أمين شرطة وأعطي له الرخصة وتركنا الضابط وبعدها قال لي أمين الشرطة ' الباشا عايز علبة سجاير مارلبورو وشوف هتجيب لي أيه أنا كمان ' ولم يكن معي وقتها فلوس لأنني كنت في بداية اليوم والتاكسي لم يكن ملكي المهم أنني أصررت علي عدم الدفع وبعد نصف ساعة أعطاني الرخصة ومشيت الأكثر من ذلك أن ضباط الشرطة والأمناء كان يركبون معي التاكسي بدون أن يدفعوا اي مقابل مادي وهذا كان نوعا من البلطجة أما الآن فالصورة تغيرت تماما ولاحظت مؤخرا أنهم بدأوا يعودون لعملهم ولكن في الماضي كنت أري ضابط شرطة وحوله مجموعة من الأمناء أما الآن فأجد مجموعة من الضباط وعلي ما يبدو أنهم متخوفون من الشعب ويحتمون ببعضهم البعض وهم يتواجدون فقط في الإشارات الرئيسية والميادين خلاف ذلك هم غير موجودين لاحظت أيضا أن ضباط الشرطة تحولوا لموظفين ويقومون بترك أماكن عملهم في الثانية ظهرا كما أن ضباط المرور لا يتحركون من أماكنهم إذا طلبنا مساعدتهم فأنا تعرضت لحادث ميكروباص منذ أيام وصدمني سائق ميكروباص من الخلف وعندما ذهبت لنقطة المرور التي تبعد عن المكان كيلو مترا واحدا رفض الضابط أن يأتي معي لتسجيل الواقعة وقال لي اتصل بالنجدة وهي ستتولي الأمر وفعلا حقي ضاع ولم أحصل علي شيء . ( استمع إلى بقية الحكايات على صفحات عدد يوليو من مجلة الشباب )