خرج علينا أمس العديد من الاقتصاديين بتصريحات أثارت ضجة فى الشارع المصرى حيث أكدوا ان الحكومة المصرية بدأت بالفعل في تعويم الجنيه المصري وقد يؤدي هذا الإجراء إلى دخول الأزمة الاقتصادية إلى وضع مزري عما هي عليه الآن و أن تعويم الجنيه سيؤثر تأثيرا ً بالغ السلبية على محدودي الدخل والطبقات الكادحة وأن هم من سيسددون فاتورة انهيار الاقتصاد . ولكن ماذا يعنى مصطلح "تعويم العملة " وما هى مخاطره ولماذا يتم اللجوء إليه فى هذه الأوقات بالذات , ويجيب عن هذه التساؤلات الدكتور محمد إبراهيم السقا –أستاذ الاقتصاد – قائلا : وهو نظام بمقتضاه يقوم البنك المركزي للدولة بترك معدل صرف عملته المحلية (وهى الجنيه المصرى) بالعملة الأجنبية (الدولار) يتحدد وفقا لاتجاهات الطلب والعرض على الدولار، فإذا ما ازداد الطلب على الدولار في سوق النقد الأجنبي (سوق الدولار)، فإن معدل صرف الدولار يميل نحو الارتفاع، وإذا ما انخفض الطلب على الدولار فإن معدل صرفه يميل نحو الانخفاض. معنى ذلك ان معدل صرف الدولار سوف يخضع لموجات الطلب عليها والعرض منها، ولذلك أطلق على هذا النظام تعويم العملة ، أي ترك قيمة العملة عائمة ترتفع وتنخفض مع موجات الطلب والعرض. ويضيف الدكتور السقا انه يوجد دولة في العالم تترك عملتها المحلية معومة على نحو مطلق، نظرا لخطورة النتائج التي تترتب على تغير قيمة الدولار، ولذلك فان معظم عمليات التعويم التي تتم تكون على نحو يتم إدارته من قبل البنك المركزي، ويطلق على هذه الصورة من التعويم، "التعويم المدار "، وفي ظل التعويم المدار يضع البنك المركزي ما يمكن ان نطلق عليه السعر المركزي للدولار (مثلا 300 قرش للدولار)،ثم يقوم بتحديد حد أقصى لمعدل صرف الدولار (سقف، مثلا 320 قرش للدولار)، وحدا أدنى لمعدل صرف الدولار (أرضية، مثلا 285 قرش للدولار)، على أن يترك الدولار معوما بين هذين الحدين الأقصى والأدنى للتقلب، حتى إذا ما اقترب معدل الصرف السوقي للدولار من الحد الأقصى أو تجاوزه، فان البنك المركزي يبدأ في التدخل في سوق النقد الأجنبي، إما من خلال بيع الدولار (لزيادة الكميات المعروضة منه) ومن ثم دفع معدل صرفه نحو الانخفاض، أو من خلال رفع معدل الفائدة على الجنيه، فيزيد الطلب عليه من قبل الأجانب (لأغراض الإيداع) ويزيد بالتالي عرض الدولار، وكلا السياستين يؤديان إلى عودة معدل صرف الدولار إلى نطاق التعويم، كما يقل طلب المقيمين على الدولار (لأغراض الإيداع) فيبدأ معدل صرفه في الانخفاض. والجدير بالذكر ان الخبير الاقتصادى الدكتور احمد سيد النجار صرح من خلال مدونة نشرها عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" أنه عندما يتحول البنك المركزى من تحديد سعر الصرف الأساسى الذى تحاذى عليه البنوك، ويكون لديها هامش محدد للحركة أعلاه أو أدناه فى حدود ثلاثة قروش، عندما يتحول من هذا النموذج الذى هو أقرب للتعويم المُدار الذى يبقى تحت التحكم والسيطرة من البنك المركزى، إلى عروض البيع والشراء فى السوق ليتحدد السعر بناء على العرض والطلب، موضحا أن ذلك يعنى بدء التعويم الكامل للجنيه "تحديد سعر صرفه مقابل العملات الأخرى بناء على التفاعل الحر تماما بين العرض والطلب عليه"، ولو أقر البنك المركزى قاعدة قابلية تحويل الجنيه فى كل العمليات الجارية والرأسمالية والتحويلات، يكون التعويم قد اكتمل. وأشار أنه فى كل الأحوال، فإن تراجع الجنيه سيعنى موجة من ارتفاع الأسعار لأن كل السلع المستوردة " قيمتها 350 مليار جنيه فى العام المالى الأخير" وضمنها السلع الأساسية سترتفع أسعارها بنفس نسبة انخفاض الجنيه أمام الدولار وباقى العملات الحرة. وحذر النجار، أن موجة ارتفاع الأسعار السلع المستوردة ستتبعها السلع المحلية المناظرة أولا ثم كل السلع، موضحاً أن هذه الموجة التضخمية القادمة سيعانى منها الفقراء والطبقة الوسطى والتحديد كل من يعملون بأجر، حيث تتحرك أجورهم بمعدلات أدنى من الارتفاعات السريعة فى الأسعار، وبالمقابل فإن شركات الصرافة المملوكة فى غالبيتها للإخوان والسلفيين، حيث كانت رموزهم ضمن تجار العملة فى السوق السوداء فى زمن تجريمها، سوف تتزايد ثرواتهم تبعا لحجم ما بحوزتهم من دولارات وعملات حرة، حيث سترتفع قيمته مقدرا بالجنيه المصرى.