رخا عرفت الصحافة المصرية فن الكاريكاتير في الربع الأول من القرن العشرين علي يد الأجانب المقيمين بمصر، ويعد الفنان محمد عبد المنعم رخا، أول رسام مصري يحترف هذا الفن بالمعنى الحقيقي، والذي عبر به لمنعطف خطير بعيد عن استحواذ اللهجة الأجنبية عليه. وأسس رخا، مدرسة الكاريكاتير المصري الحديث، وقد امتلك تلك الريادة بقوة وموهبة، وقدم صفحات من الكاريكاتير تعكس ستين عاما من تاريخ مصر السياسي والاجتماعي. ولد محمد عبد المنعم رخا، يوم 7 نوفمبر عام 1911 بمحافظة القليوبية وكان والده قاضيا شرعيا، لكنه توفي دون أن يراه وكان عمره وقتها عام ونصف.
وانتقلت الأسرة إلى القاهرة وهو ابن الست سنوات وأقامت بحي باب الشعرية وهناك التحق بالمدرسة الابتدائية التي حملت اسم الحي العريق. وحصل رخا على الابتدائية وعمره 11 عاما، وفي هذه السن كانت هوايته الرسم وتمكنت منه، وكان يقلد رسوم المجلات التي تقع تحت يديه مثل مجلة "اللطائف المصورة" التي كان مغرما بها، والتي كانت تهاجم الحكام فتعلم منها أهمية فن الكاريكاتير. وكان قد قرر الالتحاق بالفنون الجميلة، ولكن رغبة رخا، في دخولها قوبلت بالرفض فقد عارضتها الأسرة وكانت نظرة العائلات للرسم في ذلك الوقت مثل النظرة للتمثيل والموسيقى. وقام بتلبية رغبة الأهل والتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية، لكن هواية الرسم ظلت تشغله وأفقدته التركيز في الدروس ورسب ثلاث سنوات في السنة الأولى ثم وقع الحادث الذي غير مجرى حياته؛ حيث طلب منه زميله بالفصل تبديل الأماكن وجلس مكانه وأثناء الحصة فتح زميله درج مكتبه وإذا به يرى مجموعة من الرسومات فأخذ يتأملها وهنا لمحه المدرس، واقترب منه وهو غاضب ونزع منه الرسومات بعنف وهنا صاح زميله بأن الرسومات ليست له وأشار على محمد رخا، وتوجه نحوه المدرس مبتسما ونصحه بالالتحاق بالقسم الحر في مدرسة ليوناردو دافنشي الإيطالية. فكان يذهب سرا في الليل إلى المدرسة وبعد سنتين من الالتحاق بالمدرسة أصبح الرسم هو كل حياة محمد رخا. وفى عام 1937 اشتغل رساما ومحررا في مجلة "الفنان" وقد أغلقت المجلة أبوابها دون أن يقبض أول مرتب له، والتحق بعدها بالعمل في مجلة "الستار" وحصل على أول أجر له وكان خمسين قرشا نظير رسمه لغلاف المجلة وبدأ بعدها بالانتشار لتقوم المجلات بالاتصال به وتعرض عليه ريالا ثمن كل صورة يرسمها. وكان أول مرتب حصل عليه هو تسعة جنيهات من جريدة "البلاغ" الأسبوعية ثم انتقل إلى مجلة "أبو الهول" بمرتب 15 جنيها، واستمر هذا المرتب ينخفض حتى عاد بعد خمسة أشهر فقط إلى تسعة جنيهات مرة أخرى..وفى يناير عام 1930 أصدر رخا، مجلة ساخرة بعنوان "اشمعنى" فخسر فيها كل ما ادخره وقدره مائة وخمسون جنيها، وقال له متعهد بيع الصحف: "إحنا مش بنبيع حتى بجنيه".
وهنا قرر محمد رخا، أن يحول نفسه إلى ورشة للرسم فكان يرسم في اليوم الواحد لعشر مجلات. وفى عام 1933 سجن محمد رخا، بتهمة العيب في الذات الملكية وقضى في السجن 43 شهرا وعين خطاط للسجن. وفى يناير 1937 عين رساما في دار الهلال بمرتب سبعة جنيهات ثم اشتغل في روز اليوسف بثمانية جنيهات..وفى عام 1941 أعاده الكاتب الصحفي مصطفى أمين، إلى دار الهلال حتى جاء عام 1944، واشترك مع أمين في تحرير أخبار اليوم وترك جميع المجلات التي يرسم فيها وظل بأخبار اليوم حتى وفاته عام 1989 عن عمر يناهز 78 عاما. أخر ساعة: 30 ديسمبر 1953