لمع العديد من رسامي الكاريكاتير المصريين والعرب على مستوى العالم بوجه عام والوطن العربي بشكل خاص، ومنهم من أثر في وجدان الشعوب وخفت منهم من خفت. وفي تاريخ الكاريكاتير بالعالم العربي برزت أسماء كثيرة أثرت في وجدان الشعوب برسوماتهم، كناجي العلي الذي حمل لواء قضية الشعب الفلسطيني، ورخا أول رسام كاريكاتير مصري حبس بسبب رسوماته. وفي التقرير التالي نرصد أبرز خمسة رسامين للكاريكاتير في العالم العربي، تقديرا لدورهم في تفجير العديد من القضايا وتوجيه الدفة ناحية إرادة الشعوب. رخا أول رسامي الكاريكاتير يعتبر الفنان الأرمني صاروخان هو الأب الروحي لمحمد عبد المنعم رخا، فقد كان الأجانب في تلك الفترة من يقدمون فن الكاريكاتير في الصحافة المصرية. وُلد رخا عام 1911 وفي بداية حياته نشرت له مجلة روز اليوسف صورتين، وبعدها بدأ بنشر أعماله في عدد من الصحف الموجودة وقتها. وحبس"رخا" لمدة أربع سنوات بعد نشره كاريكاتيرا كتب عليه "يسقط الملك فؤاد"،وقيل إن صدقي باشا رئيس الوزراء وقتها قد زرع أحد عملاءه وهو من أضاف تلك العبارة وأضاف أخرى عن والدة رئيس الوزراء، لكن المحكمة قالت إن الكتابة تعود له، وبعد خروجه من السجن عمل مع مصطفى أمين وكان قد تولى وقتها رئاسة تحرير مجلة "الاثنين"، كما نشرت رسوماته في الصفحة الأولى يوميا في مجلة "المصري". وقال أحمد عبدالنعيم أحد رسامي الكاريكاتير، إن رخا أصدر مجلة خاصة به وهي "اشمعنى" لكنها لم تستمر بل تعرضت للإفلاس وأغلقت بعد عددها الرابع، وحصل على عضوية نقابة الصحفيين وكان أول رسام كاريكاتير يدخل النقابة بعد معركة ضاربة خاضها، وحصل على توقيع 25 صحفيا ليصبح عضوا بالنقابة. وأنشأ رخا الجمعية المصرية للكاريكاتير وكان أول رئيسا لها عام 1984، وتخرج من مدرسته كبار الفنانين كصلاح جاهين ومصطفى حسين. جواد حجازي فنان من الأرياف جواد حجازي من مواليد عام 1937 تحديدا في 20 نوفمبر في إحدى قرى مركز الزقازيقبالشرقية، وهو الأخ الأصغر لثلاث فتيات وحين بلغ التاسعة من عمره توفي والده. حصل على بكالوريوس التربية من المعهد العالي للتربية الفنية للمعلمين ودبلومة الفنون الجميلة من جامعة القاهرة وأيضا حصل على دبلومة في الإخراج المسرحي من المعهد العالي للفنون المسرحية. قدمه الفنان الراحل صلاح جاهين عام 1960 بنشره لمجموعة من أعماله في مربعه الخاص به في جريدة الأهرام، تحت عنوان "فنان من الأرياف سيكون له شأن كبير بعد أقل من عامين"، فقد كان حجازي في صغره يقوم بتشكيل العرائس من الطين ويستخدم البرسيم والورود للتلوين. وعمل كرسام للكاريكاتير في عدد كبير من الصحف المصرية منها الجمهورية والمسائية ومجلات صباح الخير وروز اليوسف وسمير ومجلة الأطفال السعودية "حسن"، بالإضافة إلى جريدة عكاظ ومؤسسة الشرق الأوسط، وهو من اعتبر أن الكاريكاتير من أصعب الفنون حيث يضطر الفنان للتعبير بأبسط الخطوط دون الإخلال بالشكل المطلوب إظهاره. ولم يقتصر عمله على رسم الكاريكاتير فقط بل شمل إنتاجه الفني عددا من القصص القصيرة وقصص الأطفال، وهو أول من أنشأ مسرح عرائس تعليمي بمحافظة الشرقية، ويقوم هو بكتابة السيناريو وإخراج المسرحيات حيث أنتج وعرضت أعماله الفنية في قصور الثقافة والمعارض السنوية والحفلات التي كانت تقام في المدارس. وقدم في التلفزيون المصري برنامج "شعاع" حيث رسم بورتريهات للشخصيات التاريخية التي تناولها البرنامج، وفي تلفزيون الدمام بالمملكة العربية السعودية قدم برنامج "ابتسامة" والذي كان يعرض في رمضان. مصطفى حسين و«فلاح كفر الهنادوة» يعد الراحل مصطفى حسين أبرز الرسامين المصرين،وشكل هو والكاتب الساخر أحمد رجب ثنائيا للريشة والقلم، عاشا، وقدما أعمالهما معا، فكانت أفكار رجب تترجمها ريشة حسين على أوراق أخبار اليوم، وعرف عنه تأييده الشديد للرئيس الأسبق حسني مبارك واعتبر بيان مبارك الثاني الذي ألقاه خلال ثورة 25 يناير بمثابة الشمس التي تشرق في وسط الفوضى كما رسمه في أحد أعماله. ولد حسين في 7 مارس 1935، والتحق بكلية الفنون الجميلة قسم تصوير بجامعة القاهرة عام 1953 وتخرج فيها عام 1959، وبدأت حياته الصحفية في دار الهلال 1952 وكان يشارك في تصميم غلاف مجلة "الاثنين"، وفى عام 1956 عمل رساماً للكاريكاتير بصحيفة المساء وظل بها حتى عام 1963، وبدأ العمل بصحيفة الأخبار عام 1974. وحصل على جائزة الدولة التقديرية في عهود الرؤساء السابقين السادات ومبارك ومرسي وجائزة الدولة التقديرية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1985، والجائزة الثانية في الملتقى العالمي بإمارة دبي، كما تم تكريمه في المهرجان الدولي للثقافة، عام 2001، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى عام 2003. أنتج الفنان الراحل بعض الشخصيات أشهرها فلاح كفر الهنادوة وسيسي مان، وعباس العرسة، وعلي الكومندا، وقاسم السماوي، وعبده مشتاق، كما ترأس الجمعية المصرية للكاريكاتير عام 1993، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة الكاريكاتير عام 1989، ومحكم لمسابقة دولية لفن الرسم بدبي عام 2000. وكان من معارضي حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي والإخوان وأيد سياسات المجلس العسكري بعد الثورة ودعم بشدة السيسي قبل وأثناء الانتخابات الرئاسية حيث صور مصر بأنها فتاة وهو منقذها، حتى رحل في أغسطس الماضي بعد صراع مع المرض. «حنظلة» رمز الشخصية الفلسطينية "اللي بدو يكتب لفلسطين, واللي بدو يرسم لفلسطين, بدو يعرف حاله ميت".. هي مقولة عرفت عن صاحب الشخصية الأبرز في تاريخ الكاريكاتير العربي والتي صارت رمزا للقضية الفلسطينية "حنظلة". أبدعها الشهيد الفلسطيني ناجي العلي ابن قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، والتي فارقها بعد النكبة الفلسطينية حيث توجهت عائلته إلى مخيم عين الحلوة جنوبلبنان، وكان عمره نحو 10 سنوات. تعرض العلي للاعتقال بعد هجرته إلى المخيم حيث ألقت القوات الإسرائيلية القبض عليه بسبب أنشطته المعادية للاحتلال لكنه قضى أوقات اعتقاله بالرسم على جدران الزنزانة، كما اعتقلته قوات الجيش اللبناني أكثر من مرة ولم يكف عن الرسم على جدران السجن، تزوج من الفلسطينية وداد صالح وأنجب منها أربعة أولاد هم خالد وأسامة وليال وجودي. وكانت شخصية حنظلة التي ظهرت في رسوماته عام 1969 بمثابة توقيع له فكان صبي في العاشرة من عمره لكن بعد عام 1973 أدار ظهره للعالم وعقد يديه خلف ظهره، وقال العلي عنه " ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي ذلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء." أما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبع، كما وصفه بأنه الأيقونة التي ترفض الانهزام والضعف في الأنظمة العربية. لناجي العلي شخصيات أخرى في رسوماته منها فاطمة المرأة الفلسطينية التي ترفض التنازل والناقمة على الأنظمة العربية وتخاذلها بشأن فلسطين وشخصية زوجها بالإضافة إلى شخصية رجل سمين تمثل القيادات الفلسطينية والعربية وأخرى لجندي إسرائيلي. اغتيل العلي في لندن في 22 يوليو عام 1987 حيث ظل في غيبوبة حتى نهاية أغسطس بعدها ورغم طلبه الدفن في مخيم عين الحلوة بجوار والده إلاأنه دفن في لندن، ورغم الغموض حول عملية اغتياله إلا أن الاتهامات توجه إلى جهاز الموساد الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية بالإضافة بعض الأنظمة العربية التي نالها النقد في أعماله. المندلاوي يعد علي المندلاوي، كاتب ورسام برز اسمه منذ منتصف السبعينات في العراق، وعُرف عنه اهتمامه بفنون الأطفال، فرسم في الصحافة المتخصصة، وعمل رساما للكاريكاتير في عدة صحف عراقية وعربية مع عدد من رسامي الكاريكاتير العراقيين مثل مؤيد نعمة و عبد الرحيم ياسر، ومنذ عام 1975 في صحافة الأطفال ووضع الرسوم لأكثر من 40 كتابا للأطفال، ونقل نشاطه إلى صحافة الكبار في عام 1983 فرسم الكاريكاتير، وانتشرت رسومه للشخصيات عبر النشر في الصحف والمجلات في العراق والبلدان العربية. وعمل في صحيفة الشرق الأوسط إلا أنه قدم استقالته بعد سقوط النظام في بغداد عام 2003 وعاد إليها وأقام مشروعا ثقافيا باسم"ميديا" نظم على قاعته عددا من المعارض والفعاليات، كما عمل مستشارا لثقافة الأطفال في وزارة الثقافة – اقليم كردستان "2005 – 2006". وأسس المندلاوي تجمع "فنانين ضد القمع" في لندن، وهو أيضا عضو مؤسس لمؤسسة "أصدقاء ثقافة وادي الرافدين" هولندا، وعضو نقابة الصحفيين والفنانين العراقيين، وجمعية الفنانين العراقيين. أقرأ فى الملف * إسلام رجب ل«محيط»: الكاريكاتير هدفه معالجة السلبيات * إسلام جاويش ل«محيط»: صلاح جاهين قدوتي.. وأتمني وصول «الورقة» للعالمية * الشخصيات الخيالية تجسد حياة الشعب وتنبع من رحم معاناته * رسوم كاريكاتيرية أحدثت ضجة عالمية ** بداية الملف