لأول مرة منذ سنوات يخذل شهر رمضان الكثير من الفضائيات والقنوات التى اعتادت أن يكون ذلك الشهر بمثابة الرهان الفائز لها، ولأول مرة تتقلص مساحات الإعلانات على شاشات هذه القنوات على العكس من النغمة الإعلانية التى كانت تصيب المشاهد فى الفترة الأخيرة، وفى الوقت الذى يفضل فيه المعلنون عدم توضيح أسباب تراجعهم، إلا أن الإعلامى طارق نور يكشف لنا التفاصيل الكاملة. * لاحظنا هذا العام انخفاض حجم الإعلانات.. هل هذه ملاحظة صحيحة؟ - الإعلانات قلت بالفعل بحجم كبير عن العام الماضى. * كم كان حجم سوق الإعلانات فى مصر وكم أصبح؟ - بالطبع من الصعب تحديد حجم سوق الإعلانات خاصة ونحن مازلنا فى الأسبوع الأول من رمضان لكن أستطيع أن أقول لك أن حجم سوق الإعلان العام الماضى كان 500 مليون وأتوقع أن يتراوح هذا العام ما بين 250 إلى 300 مليون. * هل كان ذلك الهبوط متوقعا؟ - هذا لم يكن متوقعا على الإطلاق. * عندما تقول أنت أنك فوجئت وأنت طارق نور.. هل هذا يعنى أن السوق يعانى حالة عشوائية وتخبط؟ - لا أستطيع أن أقول أننى فوجئت.. بل بالعكس نحن نقوم بدراسات منتظمة فى السوق.. لكن قبل رمضان بأسبوع واحد كثير من العملاء قرروا الانسحاب من المساحة الإعلانية فى رمضان. * وما السبب فى ذلك؟ - السبب اقتصادى بالطبع .. يرجع إلى أن سوق العقار متوقف بالتالى معظم أرباب مشاريع العقارات الكبرى خائفون ومترقبون لأن هذا العام لم يكن الأفضل بالنسبة لهم.. وأنا هنا أتحدث عن سوق العقار الضخم الذى تأتى منه النسبة الغالبة من الإعلانات. * ماذا عن بقية العملاء؟ - زيادة على ذلك.. أسعار الإعلانات زادت عن السنوات الثلاث الماضية مما أثر بالسلب على الميزانيات الصغيرة.. ففى الأعوام الثلاثة السابقة كان من الممكن بميزانية صغيرة أن تعرضى عددا كبيرا من الإعلانات.. وهذا فى رأيى كان يفسد العملية الإعلانية.. ففى الأعوام الماضية أستطيع أن أقول أننا كنا نشاهد برامج تتخلل الإعلانات وليس إعلانات تتخلل البرامج.. فعندما زاد سعر الإعلان هذا العام قرر الكثيرون الانسحاب. * إذن السبب اقتصادى بحت ؟ - هناك عامل آخر ربما يبدو تافها لكنه للأسف موجود وهو أن رمضان جاء هذا العام فى منتصف الصيف.. فكان العملاء يأخذون القرار وهم مسترخون فى مارينا.. فالموضوع «كان مش فى بالهم قوى». * يفهم من كلامك أن قرارات الانسحاب لم تكن محسوبة؟ - أقولها بالفم المليان.. من لا يعلنون فى رمضان ليست لديهم دراية تسويقية جيدة.. قولى لى من ذلك الذى يجد 50 أو 60 مليون فرد يجلسون فى حجرة ولا يعمل لهم إعلانا؟ من رابع المستحيلات ان يكون لديك ثقافة تسويقية وتضيع مثل هذه الفرصة وتقول ''مش هعلن فى رمضان!''.. فمهما قيل من أسباب ومبررات أنا لا أصف ذلك إلا أنه عدم فهم عميق فى أساس التسويق. انظرى مثلا فى الخارج المعلنون يتصارعون على نشر إعلاناتهم فى السوبر بول..فمن أساسيات التسويق الصحيح هو أنك تجعل الناس تحب المنتج وتفضله وعملية التفضيل لا تحدث إلا عندما تعلن فى شهر به كثافة مشاهدة عالية.. فعلى سبيل المثال عندما يأتى إلى عميل ويسألنى ''هل أعلن عن سخان فى شهر أغسطس فأقول له طبعا لأن هدفك هو تحقيق ثقة فى علامتك التجارية. * من هى الشركات التى انسحبت من سوق الإعلان فى رمضان؟ - الشركات القوية فقط هى التى أعلنت فى رمضان والشركات الضعيفة هى التى أحجمت.
* من أبرز الشركات التى أحجمت؟ - أبرز الشركات ''بيبسى'' وذلك لأنها وجدت أنها أنفقت مبالغ ضخمة على حملة إعلانات كأس العالم التى كانت الراعى الرسمى له. * لكن ألا يمكننا أن نعتبر انسحاب كثير من المعلنين من السوق انسحابا احتجاجيا؟ - لا .. ليس صحيحا لكنه فقط كما قلت لك سوء تقدير. * لكن فى رأيك هل من الممكن أن يزيد عدد الإعلانات على مدار الشهر؟ - نعم فإن بعض المعلنين ربما حينما يرون أن التليفزيون خاويا من الإعلانات يقرروا أن ينزلوا بإعلانات منتجاتهم. * وما رأيك أنت شخصيا فى سياسة رفع أسعار الإعلانات وتقليل عددها؟ - أنا أرى أن هذه سياسة صحيحة مائة فى المائة لكى نعيد السوق إلى الوضع الذى كان عليه من قبل.. فالعدد الكبير للإعلانات فى الأعوام الثلاثة الماضية كان يفسد الإعلام ولابد أن نعيد القيمة لإعلامنا.. سوف تحجم الشركات وتبدى استياءها من رفع الأسعار لكن فى النهاية لن يصح إلا الصحيح. * ماذا عن إعلانات الحكومة؟ لماذا لم نشاهد إعلانا حكوميا واحدا؟ - الحكومة توقفت عن الإعلانات هذا الموسم لأسباب اقتصادية ولأن يوسف بطرس غالى لن تخرج من عنده أى أموال قبل شهر سبتمبر.. والعام القادم سيكون هناك ربط حزام. * كم خسر سوق الإعلانات من خروج الإعلانات الحكومية هذا العام؟ - إعلانات الحكومة كانت تضخ فى رمضان من 40 إلى 50 مليون جنيه خسرها السوق كلها. * وفى ظل هذا الإنتاج الضخم سواء فى البرامج أو المسلسلات هل تعتقد أن قلة الإعلانات سيتسبب فى خسارة شركات الإنتاج؟ -إذا استمر الحال على ما هو عليه أتوقع أن معظم القنوات ستخرج من هذا الموسم بخسارة. * من الذى يحدد سياسة تسعير الإعلانات؟ - التليفزيون المصرى وقناة الحياة متحالفان وهما اللذان يقرران السياسة السعرية.. البعض يرى أن هذا نوع من أنواع الاحتكار والبعض رآه اتحادا حميدا. * وكيف تراه أنت؟ - أنا ضد أن يكون وزير الإعلام بالحكومة المصرية هو المسئول عن التليفزيون الذى ينافس القنوات الفضائية التى من المفترض أنها تعمل تحت رعايته أيضا.. فلا يجوز أن يكون الوزير حاكما وقاضيا فى نفس الوقت.. هذا ضد سياسة الحكومة التى تقول أنها تشجع الاستثمار كما أنه ضد سياسة الحزب الوطنى نفسه. * هل تتوقع أن تستمر أسعار الإعلانات بهذا الارتفاع فى المواسم القادمة؟ - هذا يترتب على طول نفس التليفزيون المصرى وقناة الحياة.. هل سيستطيعوا أن يصمدوا؟ * وإذا استمرت هذه السياسة هل تعتقد أن هذا الإنتاج الضخم الذى يشهده شهر رمضان سيستمر بنفس الحجم؟ - الإنتاج الضخم لن يبقى كما هو طبعا.. * إذن فكيف نعتبر أن هذه السياسة فى صالح الإعلام؟ - هنا تبقى المعضلة قائمة.. البيضة أولا أم الفرخة؟ ذلك سيعتمد على إلى أى مدى جيوب المنتجين واسعة وتستطيع أن تتحمل حتى تجتاز المحنة. * قلت إن الشركات الكبيرة فقط هى التى لم تنسحب من السوق فى رمضان. لكن ما تفسيرك فى أن شركة كبيرة مثل موبينيل لا نرى لها غير إعلان ضعيف ''إعلان ألف ليلة وليلة'' ثم تعود وتنزل بحملتها القديمة ''أستاذ ماتخلينيش أفطر عليك وسبنى فى حالى الدنيا صيام.. إلخ''؟ - الصراحة أى إعلان سيبدوا ضعيفا إذا قورن بإعلان اتصالات الذى كسر إعلانات موبينيل وفودافون. * أنتقل معك إلى الحديث عن قناة القاهرة والناس التى تصر على أن تبقيها.. قناة رمضانية فقط بالرغم من نجاحها.. فى رأيك لماذا أنت القناة الخاصة الوحيدة التى اشترت مسلسل الجماعة؟ - هذا السؤال يجب أن توجهيه لأحمد بهجت ونجيب ساويرس وحسن راتب ولكايرو سينما وبانوراما دراما.. أما أنا شخصيا.. لماذا اشتريته؟ أولا لأن أسماء كبيرة هى التى شاركت فى صناعته.. الكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج محمد ياسين.. وتقريبا معظم أبطال الفن شاركوا فيه.. وهو يناقش موضوعا مثيرا للجدل.. موضوع الدين والسياسة وهو موضوع حسمته أوروبا منذ زمن.. قبل الثورة الصناعية .. لهذا السبب أنا اشتريت هذا المسلسل لإيمانى أن الدين يفسد السياسة والسياسة تفسد الدين. هذا ألف باء..ليس من حق أى شخص أن يفرض على دينا أو تطبيقاً دينياً معيناً. * بكم اشتريت المسلسل؟ - اشتريته بمبلغ كبير جدا. * هل هو سر؟ - اشتريته ب5,3 مليون دولار. * يقول البعض إن البرامج هذا العام فقدت بريقها وأن نسب مشاهدة المسلسلات أعلى كثيرا؟ - لا أعرف من هم هؤلاء البعض الذين تتحدثين عنهم لكن هذا كلام خاطئ تماما.. وإلا ما كانت قناة القاهرة والناس حظيت على أعلى نسبة مشاهدة طبقا لاستطلاع المعلنين وثانى أعلى مشاهدة حسب نتيجة استطلاع شركات الميديا.. و%90 من القناة قائمة على البرامج.. فأستطيع أن أؤكد لك أن معدل مشاهدة البرامج أعلى بكثير من مشاهدة المسلسلات. * ألا تتوقع أن يمل الجمهور من هذا النوع من البرامج التى تقوم حواراتها على الصراحة المبالغ فيها فى بعض الأحيان؟ - نحن دائما مستعدون للتغيير وتقديم كل ما هو مبتكر وجديد. * ما المواد الأعلى مشاهدة فى القاهرة والناس؟ - فوازير رمضان ثم برنامج طونى خليفة ثم بدون رقابة. * ألم يؤثر تغيير التردد على نسب مشاهدة القناة؟ - على العكس تماما إنما زود مشاهدتها.. فالناس أصبحت تبحث عن التردد الجديد.. ومسألة تغيير التردد هى مسألة معتادة.. والمشاهدون أصبح لديهم ثقافة تكنولوجية. * أنت كإعلامى ما رأيك فى المستوى الذى آل إليه الإعلام المصرى؟ - كنت فيما مضى أرى أننا غير قادرين على منافسة المسلسلات السورية مثلا لكن الآن أستطيع أن أقول إن المسلسل المصرى أصبح الأفضل.. أما فيما يخص البرامج فلا منافس لنا.
* ألا تفكر فى استمرار بث قناة القاهرة والناس؟ - فى الوقت الحالى لا أفكر * ولا مستقبلا؟ - أنا كل شىء مبنى عندى على أساس اقتصادى بحت.. ليست لى أجندة سياسية. ربما أكون الوحيد الذى ليست لديه أجندة سياسية فالتليفزيون المصرى له أجندته فمن حق الدولة أن يكون لها تليفزيون يعبر عنها وقناة الحياة وفدية ولها أجندتها أما أنا فقرارى سيكون مبنيا على حسابات اقتصاديات السوق فى الفترة المقبلة فقط لا غير. * لماذا تذيع برنامجا قديما لوفاء الكيلانى؟ البرنامج لم يمض على تقديمه على قناة ال «إل بى سى» 10 أسابيع فقط ولأننا نذيعه يوميا فسوف نسبق ال «إل بى سى».. وبعد ذلك سوف نتعاقد مع وفاء للموسم القادم.