نعم.. حدث وقام المصريون بالخارج بالتصويت للمرة الأولي في التاريخ علي انتخابات تجري في وطنهم، نعم.. حدث وسقطت جميع الحجج التي كانت ذريعة للهرب من هذا الحق الدستوري الذي أشرف عليه سفراء مصر بالخارج، ولكن يبقي في الذهن العديد من الأسئلة التي تحتاج لإيضاحات حول هذا الإشراف حتي لا يفسر الفرح الديمقراطي في مصر.. هذه الأسئلة وجهتها «روزاليوسف» للسفير أحمد راغب مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين بالخارج، وأوضح في حواره معنا جميع التفاصيل والإيجابيات والسلبيات التي حملتها التجربة الأولي لتصويت المصريين في الخارج.. وإلي تفاصيل الحوار: بداية ما هو تقييمك للتجربة الأولي في إشراف السفراء علي تصويت المصريين للخارج مع انتهاء المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية؟ - ما يهمني بالأساس هو إقرار الحق.. والحق تقرر وأصبح واقعا وتم تنفيذه للمصريين بالخارج ولا رجعة فيه وهذه هي الجائزة الكبري، وتم تنفيذه بكفاءة عالية جدا من جانب بعثاتنا الدبلوماسية بالخارج رغم ما كنا نحمل من مخاوف في بداية الأمر بسبب أنها التجربة الأولي وأعداد الدبلوماسيين قليلة، وكنا نفكر في أن نرسل لهم دعمًا من الدبلوماسيين المتواجدين بالديوان، ولكن أتموا المهمة بطاقتهم دون أن يحملوا خزانة الدولة أي أعباء مالية حتي الصناديق تم تدبيرها بمجهودات شخصية، وهنا يجب أن أقدم التحية للجاليات المصرية علي مساعدتها وعلي إصرارهم علي عملية الانتخاب في حد ذاتها. وما هي الإيجابيات والسلبيات أيضا من جهة أخري التي من الممكن تفاديها في المرحلة الثانية والثالثة للتصويت؟ - كما ذكرت أهم الإيجابيات أن الحق قد تم إقراره وانتهي الجدل هل سيتمكن المصريون في الخارج أم لا من التصويت، بل كان أول مصري قام بالتصويت علي أول انتخابات بعد 25 يناير هو المصري المتواجد في الخارج قبل أن يباشر المصريون المتواجدون داخل الوطن هذا الحق، الأمر الثاني وهو ما يهمني جدا وأسعدني للغاية أنني تلقيت العديد من الاتصالات من ممثلي جاليتنا بالخارج في مختلف دول العالم نقلوا لي رسالة مفادها هي أنكم أعطيتونا حقنا في مهجرنا ونحن الآن سنعطي حق مصر علينا.. وأعلنوا أنهم سيأتون في الأسبوع الأخير من ديسمبر لبحث المشروعات والاستثمارات التي من الممكن أن يدعموا بها الاقتصاد المصري في هذه المرحلة.. البعض تحدث عن بناء مستشفيات والآخر عن مشاريع زراعية ومن بينها الجالية المصرية في رومانيا الذين أعربوا عن نيتهم في إنشاء مشروع زراعة نخيل في الفيوم والبعض الآخر تحدث عن تعمير سيناء، هناك روح مبهرة من جانب جاليتنا في الخارج للوقوف بجوار الوطن في هذه المرحلة.. ويتحدثون بمشاريع عملية وليس مجرد كلام، وهذا أمر طبيعي لأن المصري في الخارج شعر بأهميته وأنه مشارك في صنع المستقبل السياسي لوطنه، فكانت مبادرتهم للقدوم من أجل تنمية الوطن الذي أعاد لهم حقهم.. الإيجابية الأخري أن عملية التصويت خلقت حالة متميزة بين السفارات والجاليات في الخارج لأنهم أصبحوا مشاركين في هدف واحد يريدون إنجاحه، وهذا الهدف يسير ويمر تحت العلم المصري وبعد ثورة.. فأصبح هناك حالة تعايش مشترك في عمليات التصويت والفرز بمعني أن السفير كان يجلس في عملية الفرز وبجواره المتابع وهذا المتابع من أبناء الجالية.. وكل سفارة كان يتواجد بها متابعون علي حسب حجم السفارة وحجم الجالية، مثلا سفارتنا في السعودية كان بها 40 متابعًا من بينهم 4 قضاة وجميعهم من الجالية المصرية المقيمة في السعودية وجميعهم متطوعون ومن جميع أنحاء المملكة، فأصبح هناك نوع من التواصل أكبر، أضف إلي ذلك الخبرة التي اكتسبها الدبلوماسيون في هذه التجربة وهي أول مرة يشرفون فيها علي عملية انتخابية. وماذا عن سلبيات هذه المرحلة؟ - كنت أتمني أن الأعداد تكون أكبر من ذلك.. والحق يقال أن مسألة الأعداد وقلتها ليست عيب السفارات أو الجاليات ولكن مرجعها ضيق الوقت، لأن القانون صدر 21 من الشهر الماضي ونشر في اليوم التالي بالجريدة الرسمية، أبلغنا من الهيئة العليا للانتخابات بآلية التصويت مساء يوم 22 نوفمبر بدأنا في التنفيذ يوم 23 نوفمبر وكان مطلوبًا من الجميع الإنجاز والتجهيز بحلول يوم 27 نوفمبر.. يعني العملية كلها تمت في أربعة أيام لذا نعتبر ما حدث وعلي هذا المستوي إنجازا بحق، السلبية الأخري تسبب الضغط علي الموقع الإلكتروني للهيئة العليا للانتخابات من جانب المصريين في الخارج في تعطيله لبعض الوقت، فلم يتمكن البعض من تسجيل نفسه أو سحب استمارات التصويت ولكن مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء كان يعالج هذه المشاكل الفنية أولاً بأول علي قدر المستطاع، وكانت أي سفارة تبلغنا في غرفة العمليات التي خصصت لهذا الغرض بمكتب وزير الخارجية، وكانت تضم أعضاء من مركز المعلومات والهيئة العليا للانتخابات كنا نتعامل مع هذه المشكلة علي الفور، لذا أعتقد أن مثل هذه السلبيات قد تستمر في المرحلة الثانية والثالثة سواء من حيث ضيق الوقت أو بالنسبة للأعداد، لأن العدد الإجمالي الذي قام بتسجيل نفسه في جميع المراحل 360 ألفا وانتهي التسجيل في 19 نوفمبر الماضي، ولكن أعتقد أن الاستفتاء علي الدستور والتصويت علي انتخابات رئاسة الجمهورية ستزيد الأعداد إذا تغيرت الآلية.، معني كلامك سعادة السفير أن استفتاء الدستور وانتخابات الرئاسة سيكون لها تسجيل آخر من قبل المصريين المقيمين بالخارج؟ - بالتأكيد لأن التسجيل كان فقط للانتخابات التشريعية، ولكن الآلية لا تحددها وزارة الخارجية ولكن اللجنة العليا للانتخابات.. فأعتقد أن الاستحقاقات القادمة سيكون هناك آليات جديدة، وسيكون دورنا أيضا التنفيذ ولكن مضافاً إليه عنصر الخبرة الذي تكون لدي دبلوماسيينا من هذه التجربة.. «لأن الطفل عندما يولد لا يستطيع الجري ولكن بيحبي، وأنا أعتقد أننا في هذه التجربة الوليدة تمكنا من المشي لخطوات»، وكذلك الحاجز النفسي اتكسر سواء من جانب الجاليات، أو من جانب السفارات في قدرتها علي إنجاز هذا العمل. الاعتماد علي المظاريف المغلقة وإرسالها بالبريد يسر المهمة إلي حد بعيد، ولكنه أيضا أثار مخاوف حول مصداقية الأصوات لاسيما في الدول التي تضم عمالة مصرية قد يكون مستواها التعليمي منخفضًا واعتمدوا علي آخرين في التصويت؟ - إذا هو اعتمد علي شخص وأعطاه رقمه القومي ثم جعله يضع له التصويت أعتقد أن المسألة لا تتعلق بثقافة أو بمستوي تعليم هنا يكون هو الذي فرط في حقه وفي صوته وهذا ممكن يحدث في مصر كأن يقول لك شخص علي باب اللجنة علم علي رقم كذا ورقم كذا.. هنا هو الذي فرط في حقه الذي كان بين يديه.. السفارة يأتي لها المظروف مغلقا وتتعامل مع الموضوع، أما ما يحدث قبل وصول المظروف إليها فهذا ليس من مسئولية السفارة ولكن مسئولية الناخب.. يأتي المظروف يتم فتحه أول شيء ينظر إليه الإقرار من قبل الناخب ثم قاعدة الناخبين ثم يؤخذ الظرف الذي يحمل التصويت ويوضع في الصندوق ويتواجد في هذه العملية بجميع تفاصيلها متابعين من الجالية ويأتون من مختلف أنحاء الدولة المعتمد لديها البعثة. في هذا الخصوص كيف يتمكن السفراء من معرفة الأصوات الصحيحة من الأصوات الباطلة وهي التجربة الأولي لهم في فرز الأصوات؟ - تم الإعداد لهذا الأمر بشكل مكثف وأرسل لهم من وزارة الخارجية محاضر الفرز وجميع التعليمات التي امدتنا بها اللجنة العليا للانتخابات فكان يقوم بالتنفيذ الحرفي.. وإذا كان لأي منهم أي استفسار كان يقوم بالاتصال بغرفة العمليات وعلي الفور يتحدث مع ممثل الهيئة العليا للانتخابات ويجاوبه علي أية استفسارات، وهنا أود أن أنوه للدور الذي لعبه في هذا الشأن المستشار علاء قطب عضو المكتب الفني للهيئة العليا للانتخابات وعمرو العجماوي من مركز المعلومات بمجلس الوزراء كانوا متواجدين معنا في غرفة العمليات تتلقي استفسارات السفارات لحظة بلحظة. أعود لما ذكرته من حماس لدي المصريين بالخارج في دعم اقتصاد مصر والمساهمة في التنمية التي يحتاجها الوطن الآن.. كيف سيترجم هذا الحماس لواقع منظم من قبل الدولة وخاصة أن ملف المصريين بالخارج كان محل صراع حكومي بين وزارة الخارجية ووزارة القوي العاملة وهو ما تسبب في عدم خروج مشروع هيئة رعاية المصريين بالخارج إلي النور؟ - لا أري أن هناك هذا الصراع.. والآن هناك لجنة تسمي باللجنة الوطنية الدائمة لرعاية المصريين بالخارج، وأنشأت منذ أشهر قليلة تضم جميع الوزارات وأجهزة الدولة المعنية وتجتمع شهريا لبحث مشاكل المصريين بالخارج ونتحدث بصراحة وبوضوح في جميع الأمور وهدفنا هو رعاية المصريين بالخارج، ولا أذيع سرا أنها كانت بموجب مقترح تقدمت به عند تسلمي لمهام منصبي والغرض هنا وجود ممثلين لجميع الوزارات والأجهزة والوصول لرؤية مشتركة تصب في مصلحة المواطن في الخارج دون الانفراد بالقرار، لأن الغرض هو حل مشاكل المصريين بالخارج، الأمر الثاني أن هذه الجاليات معظمها قادم ومعه مشاريع سيقوم بتوجيهها إلي جهة الاختصاص إذا واجهته مشاكل عليه أن يتحدث مباشرة وسنقوم ببحث الحلول وتزييل العوائق، المهم هنا أيضا أن نقوم بتحضير مشاريع لعرضها علي المصريين في الخارج من أجل الاستثمار في مصر. ولكن طالما هرب المستثمرون من مصر، سواء كان مصريًا مغتربًا أو حتي أجنبي، بسبب الروتين وصعوبة الإجراءات وأبواب الفساد بداية من الإكرامية للموظف البسيط وصولاً إلي الرشوة وقضايا الفساد الكبري كيف سنتغلب علي ذلك؟ - أولا أنت تحدثني عن عهد سابق.. ولا تحدثني عن عهد حالي، لأن إذا كان ما يحدث حاليا من روتين أو فساد هو ما كان يحدث سابقا نكون إذا لم نقم بثورة لأن الثورة مطلوب أن تكون بداخلنا أولاً لبناء هذا البلد وتخليصه من جميع سلبياته.. قبل 25 يناير لم يكن هذا هو طابور الانتخابات علينا أن نقف أمام هذا المشهد علينا أن ننميه علينا ألا نكون من أصحاب الأيادي المرتعشة.