حالة من الهلع تنتاب العالم من جراء انتشار «فيروس كورونا»، أثرت سلبا على كثير من القطاعات، وتسببت فى انهيار العديد من البورصات العالمية، مع توقعات بإغلاق العديد من الشركات العالمية أبوابها خوفا من تفشى المرض الذى ضرب العالم قبل ما يزيد على الشهرين ولم يتم التوصل حتى يومنا هذا إلى علاج فعال له، وهو ما دفع شركات الأدوية فى السعى لإجراء أبحاث مكثفة لاكتشاف عقار أو مصل مضاد للفيروس. رغم تأثير فيروس كورونا على الأسواق العالمية والذى انعكس على قطاعات البورصة والسياحة والترفيه واستفادت أخرى من الهلع لدى الرأى العام وارتفعت مبيعات الأدوية وأجهزة قياس الحرارة والأقنعة الواقية والسوائل لتطهير الأيدى ومنتجات التنظيف.
الرابح الأول
فى ظل تعطش شعوب العالم لسماع أخبار عن إيجاد حل جذرى للفيروس، تتخذ شركات الأدوية الكبرى من الأزمة «بيزنس» خاصا فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن قرب التوصل لمصل أو علاج من شركة معينة أو مركز بحثى،وأعلن عدد كبير من شركات الأدوية الأمريكية العمل على اكتشاف علاج لفيروس كورونا، من بينها شركة «جيلياد ساينسز» الطبية التى كشفت أوائل فبراير الماضى عن تواصلها مع السلطات الصينية وإرسال نسخة معدلة من دواء «ريمسيفير» والذى يعتبر أحد الأدوية الذى تم استخدامه لعلاج «السارس»، بعد أن أدخلت عليه تعديلات وكان فعالا فى القضاء على فيروس «إيبولا». وفى المقابل تسعى عدة شركات أمريكية لإيجاد دواء، حيث أعلنت شركة «أبيفى» العمل على اختبارات لعقار جديد لكورونا، مزيجا من الأدوية المخصصة لمكافحة الإيدز ودواء «التاميفلو» الخاص بإنفلونزا الخنازير، كما تتهافت شركتا «جونسون آند جونسون» و«جلاسكو سميث كلاين» لإجراء الأبحاث واستقطاب الأطباء والعلماء المختصين لكشف دواء مميز للفيروس. ومن جانب آخر أعلنت شركة الأدوية الفرنسية «سانوفى» منتصف فبراير الماضى البدء فى شراكة مع الهيئة الأمريكية لبحوث الطب الحيوى للتوصل إلى مصل للقضاء على فيروس كورونا من خلال تطوير أمصال سبق وتم استخدامها للقضاء على فيروس «السارس». الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن هناك أكثر من 12 شركة ومنظمة بالولايات المتحدة فقط، آخرها المعهد الوطنى للصحة أعلن الأسبوع الماضى عن البدء فى تطبيق أبحاث الدواء الجديد على الحالات المصابة بالكورونا. بعض البلدان الأوروبية والآسيوية دخلت معركة المنافسة على اللقاح أو الدواء المناسب للقضاء على الفيروس بعدما تم تسجيل حالات بين أفراد شعبها. ومنها فرنسا وإنجلترا وإيطاليا، اللواتى أعلن عن تكريس بعض المعامل البيولوجية لإيجاد حل جذرى لعلاج الحالات المصابة. وأعلنت اليابان عن استحداث وتطور الدواء المضاد لمرض الإيدز ليقاوم مرض الكورونا، وفى إسرائيل تم الإعلان عن تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا، وفى الصين، تعمل مراكز الأبحاث على قدم وساق لتطوير العقارات التى يتم استخدامها خاصة أن نسب التعافى بدأت فى الارتفاع مؤخرا مقارنة بنسب الاصابات، حيث قام العلماء باستخدام البلازما المستخلصة من دماء الأشخاص المتعافين من الفيروس لعلاج باقى المرضى ونجحت الفكرة.
المنظفات والكمامات
كما هو الحال فى كل أزمة هناك رابحون وخاسرون، فإن شركات المنظفات والأجهزة الطبية تعد من أكبر المستفيدين من جراء انتشار فيروس كورونا، فبحسب تصريحات مسئولى منظمة الصحة العالمية فإن الطلب على الأقنعة الواقية فى العالم زاد 100 مرة أكثر من المعتاد بسبب حالة الذعر التى تدفع الكثيرين لشرائها وتخزينها. وارتفعت مبيعات الأقنعة الواقية والسوائل لتطهير الأيدى ومنتجات التنظيف، وسجلت مبيعات أجهزة قياس الحرارة رواجاً كبيراً، حيث أعلنت مجموعة «ريكيت بينكيسر» مصنع ليسول وديتول فى بريطانيا أن الطلب على منتجاتها ارتفع فى الصين ودول أخرى، كما ذكرت شركة «ساتير يوروب» الأيرلندية، أنها كانت تتلقى عدة طلبات يومية محدودة من الزبائن لهذه الأجهزة لكنها باتت تتلقى طلبات بالمئات. ففى فرنسا وزعت الحكومة 15 مليون كمامة على الصيدليات والمستشفيات، وفى لندن تبين أن مخزون سائل تطهير اليدين نفد، وذكرت صيدلية «ميدينو» على الإنترنت أن الطلب على وسائل تطهير اليدين زاد بأكثر من 1000 % فى فبراير مقارنة مع الأشهر الأخرى. وشهدت أسهم شركات المنظفات ارتفاعا كبيرا خلال الأيام الماضية، وسجل سهم شركة «كلوروكس» المصنعة لمواد التطهير فى نيويورك ارتفاعاً قياسياً بلغ 168 دولاراً،
بورصات العالم تترنح
وفى المقابل تكبدت أسواق الأسهم على نطاق عالمى خسائر وتحولت غالبية مؤشراتها إلى اللون الأحمر، وتكبدت ما يزيد على 6 تريليونات دولار، تمثل قيمة الهبوط الذى منيت به الأسهم فى مختلف بورصات العالم الرئيسة بسبب فيروس كورونا. وكشفت وكالة بلومبرج الأمريكية، أن مجموعة من أغنى أثرياء العالم فقدوا خلال أسبوع واحد 444 مليار دولار تأثرا بحالة الذعر التى أصابت أسواق الأسهم بسبب انتشار فيروس كورونا، مشيرة إلى أن الثروة الإجمالية لأغنى 500 شخص فى العالم، تقلصت بواقع 444 مليار دولار بسبب الانخفاض الكبير فى مؤشرات البورصات العالمية، على خلفية انتشار فيروس كورونا.
توقف التصدير
كشف مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (لأونكتاد) فى تقرير له تأثير فيروس كورونا فى التجارة بين الدول، مشيرا إلى أن البيانات الاقتصادية الأولية التى حللها مؤتمر (الأونكتاد) تؤكد أن تدابير احتواء الفيروس فى الصين قد تسببت بالفعل فى «انخفاض كبير فى الإنتاج»، وخسائر تقدر ب 50 مليار دولار فى قطاع التصدير على المستوى العالمى. وأوضح التقرير أن الصين أصبحت خلال العقدين الماضيين «أكبر مصدِّر فى العالم وجزءًا لا يتجزأ من شبكات الإنتاج العالمية، مستشهدا بأنه خلال الشهر الماضى «انخفض مؤشر المشتريات التصنيعية فى الصين – بحوالى 20 درجة، وهو ما يمثل أدنى حد انخفاض تم تسجيله منذ عام 2004. بالإضافة إلى أن انتشار فيروس كورونا فى الصين تسبب فى انخفاض الإنتاج بنسبة 2 %، فالانكماش فى إنتاج الصين له آثار متتالية على الاقتصاد العالمى حيث تسبب حتى الآن فى انخفاض يقدر بحوالى 50 مليار دولار عبر البلدان، والقطاعات الأكثر تضررا قطاع الأدوات الدقيقة والآلات ومعدات السيارات والاتصالات.
السياحة فى مهب الريح
قدرت منظمة السياحة العالمية خسائر قطاع السياحة العالمى منذ بدء ظهور الفيروس حتى الآن بنحو 12 مليار دولار، وتشير التوقعات إلى أنها ستصل لنحو 80 مليار دولار، موضحة أن أكثر الوجهات السياحية المتضررة فى منطقة آسيا والباسيفيك والتى تقدر خسائرها بحوالى 7 مليارات دولار أمريكى. كما أعلن الاتحاد الدولى للنقل الجوى، أن استمرار انتشار فيروس «كورونا» سيكبد قطاع الطيران خسائر قد تصل إلى 113 مليار دولار، مشيرا إلى أن الخسائر الكبرى ستكون فى آسيا وأوروبا، فالخطوط الجوية الأوروبية من المحتمل أن ترى انخفاضا فى أعداد المسافرين عليها بنسبة 24 %.
فى السينما.. فركش كما تسبب فيروس كورونا فى إرباك صناعة السينما حول العالم، إضافة إلى إلغاء أكبر المهرجانات العالمية، ولم يؤثر فقط على الأعمال التى تم تصويرها وتنتظر العرض بدور العرض ، وإنما تسبب فى تعطيل عدد من الأعمال السينمائية من أبرزها فيلم توم كروز Mission: Impossible 7 الذى كان من المقرر تصويره فى إيطاليا. وقضى الفيروس على مبيعات التذاكر خلال احتفالات عطلة رأس السنة القمرية فى الصين، وانخفضت أسهم شركة Wanda Film Holding المشغلة للسينما فى الصين التى يسيطر عليها الملياردير وانج جيانلين بنسبة 25 ٪ منذ بداية يناير الماضى، وتراجعت أسهم Imax China Holding Incالتى تدير الشاشات بنسبة 21 ٪، فى حين أن Beijing Enlight Media واحدة من أكبر استوديوهات الصين، تراجعت أسهمها بنسة 17 ٪، وانخفضت إيرادات شباك التذاكر فى إيطاليا بنسبة تتجاوز 44 % بعد أن أغلقت 850 صالة سينما أبوابها. وكشفت التقارير أن استمرار غلق دور العرض والمسارح فى الصين قد يتسبب فى خسائر تصل إلى 4 مليارات دولار بحلول نهاية شهر مارس، كما أوقفت شركات الإنتاج أعمالها ومنها «هنجديان وورلد استديوز»، أكبر استوديو سينمائى فى العالم، تصوير الأفلام والمسلسلات حتى إشعار آخر. وقررت شركات الإنتاج فى «هوليوود» إلغاء عروض أفلامها فى الصين. ولم يكن العالم العربى بمنأى عن إلغاء الأحداث الثقافية وتأجيلها؛ ففى الكويت، تأجلت إقامة مهرجان «ربيع الشعر العربى» فى موسمه ال13، كما قررت إدارة مهرجان البحرين السينمائى تأجيل موعد إقامة المهرجان حتى إشعار آخر، كما تم تأجيل مهرجان «البحر الأحمر السينمائى الدولى» بالسعودية.
إغلاق المدارس لم يتوقف الأمر عند سائر الشركات والبورصات العالمية فقط، حيث أعلنت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، أن نحو 300 مليون طالب على مستوى العالم قد يبقون فى منازلهم لأسابيع بسبب إغلاق المدارس فى أكثر من 12 دولة فى محاولة لاحتواء انتشار فيروس «كورونا».