الطفل المدلل الرايق الهادى هو أنا، لم أكن مزعجًا على الإطلاق، ودائمًا كنت أسمع الكلام. إلى أن جاءت المرحلة الثانوية وجاءت معها مرحلة المشاكسات والشقاوة؛ خصوصًا أننى كنت فى ثانوى تجارى، فالأمر هنا كان أكثر حدة. ولكن كان دمى خفيف وكثير المزاح وصناعة «المقالب» مع أصدقائى.. كان حلمى فى ذاك الوقت أن أكون مطربًا، وأصبح مغنيًا مشهورًا ولدىّ حفلات يحضرها جمهور كبير، وكنت أعيش هذا الحلم من داخل غرفتى رُغم أن مقوماتى كمطرب معدومة. وانتهى الحلم فورًا. ولم يكن لدىّ بعده أى ميول فنية. بالصدفة البحتة، وكان فى أول يوم لى بكلية تجارة وكان الجو حارّا جدّا فبحثت أنا وصديق لى عن مكان مكيف نستريح به، فكان المسرح، ووقتها طلب مخرج المسرحية أن تكون البروفة مغلقة. فقلت له «أنا عايز أشترك». السبب الرئيسى كان التكييف، لكن فى اليوم التالى أحببت فكرة التمثيل وأصبحت أشارك فى التمثيل والإخراج والكتابة أيضًا، وبدأ الحلم يتكون بأن أكون ممثلًا مشهورًا وله جمهور. كنت أنا و «أس أس وعلى ربيع» زملاء، وكان لدينا حلم نسعى وراءه سواء بمشاركتنا فى مسرح الجامعة أو الذهاب لمكاتب «الكاستينج»، لنجلس ساعات طويلة ثم يقال لنا الكلام المعتاد «هنبقى نتصل بيكم». ورُغم حالات الإحباط التى كنت أصاب بها؛ فإننى كنت أصدّق حلمى وأعلم أننى سأصل ليه. التحقت بمركز الإبداع وأسند لى د. «خالد جلال» دورًا فى مسرحية «إس إم إس» ومنها انتقلت إلى «تياترو» ثم «مسرح مصر». بدأت فى العمل على نفسى كممثل، فى البداية قررت أقلل وزنى فاتبعت نظاما غذائىّا، وأمارس الرياضة لأحافظ على لياقتى وصحتى وتنفسى لتكون مخارج ألفاظى أفضل، وبدأنا فى «تياترو مصر». الذى اعتمد على الوجوه الشابة، التى تخطو أولى خطواتها للشهرة والانتشار، وبفضل الله ثم النجم «أشرف عبدالباقى» الذى كان بمثابة الأب والأستاذ لنا أصبحنا نجومًا يأتى الجمهور خصيصًا لهم ليشاهدهم. الارتجال على المسرح لا يكون مقصودًا، وأنا وزملائى كنا عندما نشعر أن الجمهور بدأ يمل، نتراجع فورًا. فالممثل على المسرح لا بُد أن يكون ذهنه حاضرًا طوال الوقت.. وصناعة الإفيه من أصعب ما يكون؛ خصوصًا أننا نخاطب شعبًا كوميدىّا بالفطرة، فالشعب المصرى هو من أبدع النكتة وفكرة إضحاكه من أصعب ما يكون. وهذا يجعلنا نذاكر ونجتهد. الأمر فى الدراما والسينما مختلف عن المسرح، وهذه الخطوة كانت بالنسبة لى مقلقة جدّا ودائمًا ما كنت أفكر فيما سأفعل بعيدًا عن المسرح، كيف سأقدم أدوارًا، حتى لو كوميدية تكون بعيدة كل البعد عن الشخصيات التى قدمتها على المسرح، وأستطيع أن أقول إننى محظوظ فى الأعمال التى شاركت فيها والتى كانت متميزة ومع نجوم كبار. مثلًا دورى فى مسلسل «رمضان كريم»، فعندما رشحنى المخرج «سامح عبدالعزيز» للدور وقرأت الورق كنت مصدومًا لأن شخصية «جمال» لا تشبهنى إطلاقًا، إلى أن عقدتُ جلسات مع أستاذ «سامح» الذى أقنعنى، وبدأنا نرسم كل تفاصيل الشخصية من حيث أسلوب الكلام وطريقة المشى والنظرة. ورُغم أننى لا أشاهد أعمالى لأننى شديد اللوم لنفسى لشعورى أننى كان يمكن أن أقدم أفضل من ذلك؛ فإننى شاهدت مسلسل «رمضان كريم» كله؛ لأن الدور كان تحديّا وترك علامة مع الناس بشكل غير طبيعى، والناس فى الشارع كانت تنادينى باسم «جمال». أيضًا «محمد سامى» الذى أحدث لى نقلة مختلفة تمامًا ومنحنى ثقة بنفسى أكبر. ف «سامى» طوال مشواره الفنى أخرج الكثير من الممثلين من قالبهم المعتاد. وهذا ما حدث معى فى مسلسل «ولد الغلابة»، بشخصية الشاب الصعيدى الحاد الذى يقتل شقيقته وهو المشهد الذى كنت مرعوبًا منه لأنه يجب أن يصور من أول مرة بمصداقية.. وقد كان.. ليكون هذا العمل بمثابة شهاده ميلاد لى فى قالب آخر بعيدًا عن الكوميديا ويجعل المخرجين ينظرون لى بعين أخرى، وهذا بالتأكيد يسعدنى حتى أستطيع أن أقدم جميع الأدوار دون الحصار فى قالب بعينه.