أعادت قضية اختفاء البنسلين فتح ملف مافيا الدواء فى مصر خاصة أن حجم هذه السوق وصل إلى 70 مليار جنيه، بخلاف وجود سوق أخرى موازية، كما أن بعض قيادات الشركات الحكومية تسعى للربح السريع وبيع الضمائر على جثث المرضى وهذا ما كشفته الرقابة الإدارية فى أزمة البنسلين وأن سلاسل الصيدليات وصراع وزارة الصحة مع نقابة الصيادلة أشعل الأزمة بدلا من حلها. المؤسف أن يتحول البحث عن الربح فى قضية الدواء إلى كارثة بعد غزو القطاع الخاص لسوق الدواء المصرى فى أدوية علاج الشلل الرعاش وقبله لبن الأطفال.. لدرجة أن الرقابة الإدارية والقوات المسلحة تدخلت فى الأزمات المتتالية لحلها والسيطرة عليها كما فعلت القوات المسلحة فى توفير لبن الأطفال وحل الأزمة من قبل ثم تدخلت الرقابة الإدارية لمتابعة التلاعب فى الدواء المصرى ومواجهة أزمة النواقص وحل ألغاز القطاع الخاص فى فرض السيطرة والتحكم فى الأسعار وإخفاء الأدوية لإنعاش السوق السوداء على حساب المرضى،وفى أزمة اختفاء البنسلين كشفت الرقابة الإدارية أن وراء اختفاء البنسلين د.مدحت.ش - رئيس مجلس إدارة شركة «أكديما» السابق - وهى شركة حكومية وأنه أثناء فترة عمله باع حق استيراد وتصدير البنسلين إلى شركة خاصة يمتلكها هو وأفراد أسرته وبعض رجال الأعمال.. كما قرر التنازل عن النشاط التجارى للشركة الخاصة من الشركة الحكومية لاستيراد وتصدير البنسلين لتصبح شركته هى المحتكرة للدواء فى مصر، ومنذ أبريل الماضى توقفت الشركة عن الاستيراد من الصين مع توقف الشركات عن إنتاج الأدوية الناقصة بالسوق كما تعاهدت مع وزارة الصحة،وهذه التصرفات الاحتكارية من القطاع الخاص أدت إلى أزمة وبدلا من حلها وتوفير الدواء دخل الجميع فى بلاغات وقضايا بين وزارة الصحة والشركة الخاصة وتم القبض على المتهم، وفى محاولة لوزارة الصحة لحل الأزمة طالبت شركة المهن الطبية بإنتاج البنسلين خاصة أن مصر تستهلك 6 ملايين فيال من مستحضر البنسلين طويل المفعول سنويا، وما حدث يعكس صورة من الفوضى داخل سوق الدواء المصرى بعد اقتحام القطاع الخاص بل مخالفة العاملين فى شركات الدواء الحكومية لآداب المهنة وبيع حق استيراد الأدوية لشركات خاصة والكارثة كانت اكتشاف الرقابة الإدارية التشكيل العائلى لشركة خاصة لتحقيق أرباح سريعة على حساب الشركة الحكومية التى خان رئيس مجلس إدارتها الأمانة وباع لشركة أسرته حق شراء الدواء والسؤال المطروح الآن هو من أين جاء هذا المسئول السابق بأموال الشركة الخاصة هو وأسرته. وكانت الرقابة الإدارية قد ضبطت فى فبراير مافيا لتهريب الأدوية وأحبطت تهريب شحنة أدوية مدعمة خارج البلاد من ميناء السويس وكانت الشحنة مخبأة داخل حاوية قبل تصديرها وحمولتها 22 طنًا ضمن شحنة أجهزة منزلية بطول 40 قدما. وكشفت الرقابة الإدارية تواطؤ موظفى الإدارة المركزية بالجمارك لصالح المهربين بعدم الكشف الصحيح عن محتويات الشحنة بجملة مضبوطات 22 طنا من الأدوية المهربة من ميناء السخنة بالسويس إلى العراق دون الحصول على موافقة الجهات المختصة فى محاولة للسيطرة على الأدوية المدعمة التى يتم الاستيلاء عليها وتهريبها للخارج. لدينا 154 مصنع دواء منها 38 مصنعا تملكه الحكومة فى مصر ب 70 مليار جنيه،وهناك سوق موازية غير معلن حجمها تصل إلى 30 مليار جنيه ورغم أن الأردن بها خمسة مصانع لكنها أصبحت الأولى عربيا فى صناعة الدواء. أزمة الدواء فى مصر وانتشار مافيا تجارة الأدوية تكمن فى عدم وجود جهة محددة ومسئولة عن الدواء فى مصر. شركات القطاع العام كانت تنتج 60 % من الدواء فى مصر عام 2002 والآن تنتج 5 % فقط وهو ما يترك السوق للقطاع الخاص الذى يحقق ثروات طائلة على حساب المريض المصرى. الكارثة الكبرى فى زيادة أسعار الدواء هى مراسلات وزارة الصحة مع شركات الأدوية بأن ترشح كل شركة الأدوية التى تريد رفع أسعارها وهى الكارثة الكبرى لأن هذه الشركات ترفع الأدوية التى عليها طلب بشكل كبير وتحقق أصلا أرباحا فيها وكل شركة رفعت أسعار لأدوية خاصة بها وهى أصلا تحقق توزيعا كبيرا.. فمن المسئول عن هذه الفوضى؟! ومن يتحمل هذا التضارب؟! وعلى وزارة الصحة أن توضح هذه الأمور للمواطنين وخاصة المرضى الذين يعانون فى الحصول على هذه الأدوية بعد رفع أسعارها وعليها أيضا تحديد الأولويات ومع من تقف الوزارة مع المريض أم رجال الأعمال والمستثمرين، هل توافق على بيع شركات قطاع الأعمال العاملة فى صناعة الدواء، علما بأن هذا يؤدى إلى هدم صناعة الدواء فى مصر وتمكين المافيا من السوق، كما أن استمرار أزمة نواقص الأدوية وتفاقمها يرجع إلى تعهد بعض الشركات بتغطية النواقص وإنتاجها وهو لم يحدث مما يشعل سوق الدواء ويفجر الأزمات رغم تعهد وزارة الصحة بالمكاشفة والمصارحة فى تحديد أعداد وكميات الأدوية الناقصة لسرعة المواجهة وأن رئاسة الجمهورية طلبت بشكل مباشر من وزير الصحة إرسال تقرير نصف شهرى بالأدوية الناقصة لسرعة توفيرها باعتبار أن قضية الدواء المصرى أمن قومى ولا أحد يعرف سبب استمرار الأزمة. والأخطر أن نقابة الصيادلة ووزارة الصحة.. كل منهما يتهم الآخر بالمسئولية، بل إن الصيادلة يشعرون أنهم ضحية السياسة المتخبطة فى وزارة الصحة وإدارة الصيادلة ويقولون إن سياسة الوزارة تدمر 70 ألف صيدلية وتدمر المهنة وأن النقابة دخلت فى معركة مع وزارة الصحة وطالبت الوزارة بمنع التعامل مع الصيادلة أصحاب سلاسل الصيدليات مثل العزبى ومصر وعلى ورشدى وشطبهم من النقابة لأن ما قاموا به مخالف للمهنة وآدابها لأن قانون النقابة يقرر عدم ملكية الصيدلى إلا لصيدليتين فقط وأن النقابة قررت شطبهم من المهنة والأزمة انتقلت إلى مخاطبة نقابة صيادلة القاهرة لوزارة الصحة بإلغاء التعامل مع كل من د.أحمد العزبى الذى يملك 60 صيدلية ود.ممدوح الأمين صاحب صيدليات مصر الذى يملك 40 صيدلية ود.حاتم رشدى الذى يملك 100 صيدلية ولم تتحرك الوزارة،وأن الصيادلة فى حرب مع أصحاب السلاسل الصيدلية بل الأمر اتجه إلى تقديم البلاغات ضدهم واتهامهم بأنهم وراء انتشار مافيا الدواء وارتفاع الأسعار ووجود سوق كبيرة للمستورد من الأدوية واختفاء الدواء المصرى وانتشار المستورد وغيرها من الاتهامات. والملاحظ أن سلاسل الصيدليات توفر الدواء الناقص وهو الأمر الغريب لأن المندوبين الخاصين بهم هم الذين يعرفون الدواء الذى عليه الطلب ويخزنونه لتعطيش السوق ثم يخرج من صيدليات السلاسل والأغرب هو أن هذه الصيدليات هى سبب انتشار الدواء المستورد لأنهم بمجرد السؤال عن الدواء المصرى يؤكدون للمريض أن الدواء المستورد أقوى فى المادة الفعالة وموجود لديه ومتوافر وأن مافيا الدواء فى مصر هم الذين يمتلكون هذه السلاسل ويوفرون فرص العمل والعرض المغرى للسلع ومواد التجميل والديكورات والتكييفات وغيرها من وسائل الجذب ولا أحد يحاسب هؤلاء ولا أحد يعرف من وراء انتشار هذه السلاسل المخالفة للقانون. والمفاجأة أن بعض هذه السلاسل تحصل على قروض من البنوك للعمل وأغلب المقرات مؤجرة ويمكن فى ليلة وضحاها أن يهرب أحد أصحاب هذه السلاسل بأموال البنوك دون قيد أو شرط.