يتميز المشهد التجاري بدوران سريع للشركات التي تجد نفسها خارج مكانتها بسبب الاستراتيجيات العتيقة. فعلى سبيل المثال، كانت نوكيا وRIM (صانعة بلاك بيري) في صدارة شركات الهواتف المحمولة الرائدة. أما الآن، فقد احتلت آبل وسامسونج مكانهما بسبب تعثرهما نتيجةً لمجموعة من المشاكل الداخلية، بالإضافة إلى فشلهما في رصد الاتجاهات المتغيرة. فهم لم يتمكنوا من التنبؤ بالاتجاهات التي أشارت إلى أن الهواتف المحمولة ستُستخدم لأغراض مختلفة تمامًا عن إجراء واستقبال المكالمات، بل ستُستخدم بطرق تُحدث ثورة في مفهوم الهواتف المحمولة كحلول شاملة تُلبي مجموعة واسعة من احتياجات المستهلكين. بعبارة أخرى، وقعت هذه الشركات ضحية للتعقيد. وللتعامل مع التعقيد، تحتاج الشركات إلى تغيير العدسة التي تنظر بها إلى المشهد التجاري، وبالتالي التغيير وفقًا للموقف بدلًا من اتباع استراتيجيات طويلة الأجل تستند إلى مفاهيم أو توقعات ثابتة تصبح قديمة في غضون أشهر. في هذه الحالات، تصبح إدارة التغيير بالغة الأهمية، وليست مجرد ضرورة أو جوهر. وللتكيف مع التغيير، لا بد من تغيير في العقلية والسلوك، بدلًا من مجرد استراتيجيات عمل. يتطلب تغيير العقلية مشاركة الإدارة العليا بفعالية في كسب تأييد الموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين. ولا يمكن تحقيق النجاح إلا بقبول الموظفين لمبادرات التغيير التي تتخذها الإدارة. ويشكل مؤسس شركة أبل، الراحل ستيف جوبز، مثالًا ممتازًا على مدى قدرة الرؤساء التنفيذيين على "كسب قلوب وعقول" الموظفين. لم يكن جوبز ناجحًا في تحويل شركة أبل من حالة الإفلاس إلى شركة رائدة في الصناعة فحسب، بل كان أيضًا سببًا في إحداث تحول نموذجي في الطريقة التي تعمل بها صناعة الحوسبة والبرمجيات. ومثال آخر على ذلك هو حالة شركة جوجل التي جعلت من تنظيم المعلومات عملها الخاص وضمنت تحويل الطريقة التي نعمل بها كل يوم. وفي كلتا الحالتين، استطاع الرؤساء التنفيذيون إلهام وتحفيز موظفيهم على الإيمان برؤيتهم، وبفضل العمل الجاد والاهتمام الدؤوب بالتفاصيل، نجحوا في أن يكونوا "وكلاء للتغيير". ما تحتاجه شركات اليوم هو رؤية مُقنعة ونظرة مُبتكرة للقضايا. بمجرد صياغة هذه الرؤية، يجب أن يكون هناك جهد لإعادة صياغة القضايا والنظر إلى المشاكل برؤية جديدة بما يتناسب مع الظروف المتغيرة. *عميد معهد الإسكندرية العالي للإعلام