الكاتب الصحفي محمود بسيوني: اتفاقية شراكة استراتيجية بين مصر واليونان    رئيس تحرير أخبار اليوم: اتفاق مصري يوناني لتنظيم العمالة الشرعية    بولندا تنتقد بشدة سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الألمانية الجديدة    ميدو: الزمالك سيسلك كل الطرق القانونية لضمان حقوقه في أزمة لقاء القمة    "خد أكبر من حجمه".. نجم الزمالك السابق يعلق عبر مصراوي عن أزمة زيزو    رئيس اتحاد الجودو: تعاون المدربين واللاعبين سرّ الإنجاز.. والميدالية رمز تعب    ارتفاع عدد مصابي حادث دهس مقطورة عدة سيارات بدائري السلام إلى 17 شخصا    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    سهير رمزي: "اشتغلت مضيفة طيران والزعيم لم يكن شخص عصبي"    بوسى شلبى لورثة محمود عبد العزيز: زواجى مثبت وعلاقتنا لا تخالف شرع الله    حسام موافي يوضح الفرق بين الشريان والوريد    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    محافظ المنيا: حزمة تيسيرات جديدة للراغبين في ترخيص محالهم التجارية .. ولا تهاون مع المخالفين    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    وزير التموين يكشف تفاصيل عن تطبيق رادار الأسعار    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    «الزيت يكفي 3.7 شهر».. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    «قمة الإثارة».. أفاعي الإنتر تلتهم نجوم برشلونة وتتأهل لنهائي الأبطال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تدوير «الفضلات» بالمخالفة للشروط الصحية: حفاضات «باسوس».. جملة وقطاعى
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 26 - 09 - 2015

مع التهديدات التى تحدق بالحياة على الكرة الأرضية، بفعل تلوث البيئة، أصبحت عمليات إعادة تدوير النفايات واحدة من أهم الوسائل لمواجهة التلوث وتقليل الانبعاثات الحرارية الناجمة عن حرق ملايين الأطنان من المخلفات يوميًا، لكن هذه العملية ليست عشوائية، إذ ترتبط بشروط صحية وإلا أصبحت كارثة بكل ما للكلمة من معانٍ.

إعادة التدوير أصبحت فى الغرب صناعة بالغة التقدم، بل سلوكًا شعبيًا أيضًا، لكن فى مصر وبما أن الكثير من الأشياء محكومة بقاعدة «قل يا باسط»، و«ربنا يسترها» و«كله على الله»، فإن إعادة التدوير «سداح مداح» إلى درجة أن ورشًا تحت «بير السلم» تمارس إعادة تدوير حفاضات الأطفال، وتطرحها فى الأسواق تحت أسماء تجارية مزورة، بغض النظر عما قد يكون للأمر من مخاطر أقلها تعرض حديثى الولادة لالتهابات جلدية تصل إلى درجة الحروق جراء استعمال هذه الحفاضات التى لا تخضع لأساليب التعقيم الصحية.
جريمة تحدث على نطاق واسع «عينى عينك» فى قرية «باسوس» بمحافظة القليوبية، فالقرية أصبحت مصنعًا لحفاضات أطفال الغلابة، يتوافد عليها التجار، يشترون بالأطنان، يطرحون فى متاجرهم، يشترى الآباء، ويصاب الأطفال بالأمراض.
معظم الوافدين على القرية من تجار محافظات بورسعيد والصعيد، يشترون «البالات» ليوزعوها على الآباء الغافلين عن حقيقة أن مرض فلذات أكبادهم يسكن «عبوة مغلفة».
السطور المقبلة تكشف عن الكارثة المستترة فى ورش «باسوس».. عن ذاك النشاط الاقتصادى البعيد كليًا عن الرقابة بمختلف درجاتها.
ما إن تطأ قدماك «باسوس» حتى تلاحقك العيون، حتى فى «الميكروباص» يباغتك السائق بالسؤال: «عايز حفاضات»؟.. الإجابة بالطبع نعم، كانت الخيط الأول لدخول هذا العالم السري. سائق الميكروباص ذاته يملك «ورشة».. أصل الرزق محتاج إنك «تخف عشان تعوم»، واسمه «ناصر» يقول: «تستطيع هنا الشراء بأى مبلغ حتى تبدأ أعمالك، حتى لو كانت البداية بألف جنيه، فالرزق سيأتى وهذه تجارة رائجة ومضمونة».
ويحصل أصحاب الورش على الحفاضات منتهية الصلاحية والفاسدة عبر الاستيراد من بلغاريا وألمانيا والبرازيل وتصل البضاعة إلى «باسوس» فى «بالات» مضغوطة، أما المصدر الثانى فيتمثل فيما يورده جامعو القمامة للورش من حفاضات مستعملة.
سؤال اعتراضى ممزوج بصرخة: «هل تقول مستعملة»؟ يجيب السائق: نعم.. ففى الورش تُغسل وتنظف وتجفف ثم تضاف إليها مواد عطرية لتنتهى عملية إعادة التدوير فى النهاية بإعادة التدوير والتغليف ولصق اسم تجاري.
بعد الوصول إلى القرية، كان «محمد محسن» صاحب أحد المحالات التجارية، هو الوجهة التى نصحنا الأهالى بالتوجه إليها. الرجل بشوش وذو قدرة استثنائية على إذابة الجليد مع الغرباء، يتوافد عشرات التجار عليه، يقدم أسعارًا هى الأفضل لأن أحدًا لا يناقشه فيها. يقول محسن: «إياكِ من الغشاشين، أنا بأقدم أحسن الأسعار، المكسب فى العلبة الواحدة 20 جنيهًا، وفى العموم يتراوح عدد الحفاضات بالحقيبة البلاستيكية ما بين 30 إلى 40 حفاضة، حسب الاسم التجاري، الملصق عليها».
الاسم مضروب بالطبع.. لكن لولاه لما اشترى الناس البضاعة. على أن عروض التاجر المغرية لم تدفعنا للشراء بالطبع، والمبرر حتى نتملص منه، أننا ندرس السوق ولم نتخذ القرار بعد.. فودعنا الرجل مبتسمًا، بعدما أعطانا بطاقته وعليها رقم هاتفه وأيضًا «بريده الإلكتروني»، للتواصل معه فى حال عقدنا العزم على خوض هذه التجارة.
غير بعيد عن متجر «محمد» تقف «سماح» تنادى على بضاعتها بدورها، هكذا بمنتهى البساطة أمام المارة، ولا أحد يسألها عن مصدر تلك البضاعة.
الفتاة ليست لبقة مثل محمد، عيناها ترمقان الغرباء بنظرات فاحصة «بادرتنا: انتوا صحفيين والا بتوع التموين»؟.. الأمر الذى استدعى جدلاً بيزنطيًا طويلا، انتهى بأنها وافقت على اصطحابنا إلى ورشة ما، لأننا نريد كمية كبيرة، وعمولتها «فى الحفظ والصون».
تقول سماح: «الطن فى الورش يباع بسعر 17 ألف جنيه، وفى الشارع بخمسة وعشرين ألفًا، أنا هأوفر لك 8 آلاف بس عايزة عمولة ألف جنيه».. وبعد مفاوضات انتهت إلى تخفيض العمولة إلى 850 جنيهًا، استدعت طفلا اسمه «إبراهيم» ليأخذنا إلى ورشة بعينها.
إبراهيم يحفظ طرق القرية كما يحفظ خطوط كف يده، وأخيرًا بلغنا ورشة تعيد تدوير الحفاضات تحت اسم تجارى غير معروف.. هنا تساءلنا: لماذا لا يضعون اسمًا معروفًا كغيرهم؟ أحد العمال قال: «الزبون يرتاب حينما يكون الاسم المعروف زهيد الثمن، نحن فى السوق منذ زمن بعيد، ولا توجد ورشة لها زبائن مثلنا، كما أننا نرفض بيع الحفاضات بأسعار مرتفعة، الناس غلبانة».
أما الورشة ذاتها، فهى عبارة عن بدروم مغلق بستائر داخلية، وملحق بها مرآب «جراج» به كميات هائلة من الحفاظات، ويعمل بها من 5 إلى 8 عمال.
تقول راوية إحدى العاملات: أعمل فى المهنة منذ 10 سنوات وهى ليست متعبة، كل ما أقوم به هو فرز البالة القادمة من الخارج وإعادة تدويرها بشكل نهائى حتى مرحلة التغليف، وخلال المراحل المختلفة أقوم بالقص والفك والفرد وصولا إلى طى الحفاظة بالشكل الصحيح، وجميع الماركات هنا تحمل اسم «بيبي»، وبعده اسم يختاره صاحب الورشة ويغيره من وقت لآخر. ولا تعرف «راوية» شيئًا عن معايير التعقيم الصحية وإعادة التدوير، لكنها تقول: «المهم تتغسل كويس»، وتوضح أنها تحصل على جنيهين عن كل علبة، وتعمل يوميا 12 ساعة.
وهناك تجار كبار يحضرون إلينا ويدفعون لنا مبالغ طائلة والمواصلات والطعام كى نقوم بعملية التعبئة للبالة لهم داخل محلاتهم فى بورسعيد وسوهاج وغيرهما، ونحن نذهب معهم من أجل لقمة العيش إلا أن سعر الشاب فى اليومية فى المهنة يتضاعف عن الفتاة لأنه أكثر نشاطا.
حسن شاب عشرينى أخذ يراقب كل تحركاتنا فى الجراج يؤكد أن الورش مراقبة بشكل كبير من الصحة فى الآونة الأخيرة، إلا أننا نعمل بهدوء فى شكل سرى لذلك نمنع التصوير حتى لا يتسرب سر المهنة ويعلم بالأمر أحد، ونستطيع تقديم أفضل الأسعار للزبون الموثوق منه، والزبون غير الموثوق فيه يتم طرده على الفور.
ويتابع: «أصحاب الورش والعاملون فيها يد واحدة، فلقمة عيشنا مرهونة ببعضنا البعض»، موضحًا أن القرية بها نحو 100 ورشة لتصنيع الحفاضات.
ويقول أحمد شلبي، صاحب ورشة: إن أسعار الحفاضات جيدة والجميع يقبل على شرائها ونقوم بإكرام الزبون، ونعمل على مدار اليوم والمهنة معروفة عن القرية ونمارسها منذ عشرات الأعوام ونتمسك بها فمكسبها جيد والورشة الواحدة تفتح ما يقرب من عشرة منازل من العمال بسطاء الحال ممن لا يجيدون سوى التعبئة.
ويعترف بوجود أخطاء صحية فى تصنيع وإعادة تدوير المنتج فهو يحضر لنا فى البداية غير صالح ونحن نحاول تجميله، مشيرًا إلى أن أجهزة الصحة والبيئة داهمت القرية فى السابق، لكن الوضع منذ عامين يميل للهدوء.
ويقول: ليست هناك معايير صحية للعملية التصنيعية، لكننا نحرص على أن يكون المنتج نظيفًا، لم يحدث أن سمعنا أن منتجاتنا تسبب أمراضًا للأطفال.. والمصانع الكبيرة «يمكن بتعمل زينا»!
ويؤكد مصدر مسئول بقطاع التجارة الداخلية فى وزارة التموين، أن ظاهرة الحفاضات غير الصحية موجودة بالفعل وتتخذ طرقًا متعددة للتقليد والغش التجاري، وهناك عدد من المحاضر لعدد من القائمين على ذلك، ونقوم بحملات تفتيش دائمة لضبط المخالفات.
- هل ضبطتم ورشًا فى الآونة الأخيرة؟
لا يجيب المصدر.
- ومتى كانت آخر حملاتكم؟
لا يجيب أيضًا.
شكرًا حضرة المصدر الذى طلب عدم ذكر اسمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.