أشارت دراسات حديثة إلي أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر من أعلي معدلات المواليد في العالم، فهي تأتي في المركز الخامس عالميا من حيث تعداد الأطفال مقارنة بإجمالي عدد السكان. وبالتالي تعتبر صناعة حفاضات الأطفال ذات أهمية بالغة، بعد زيادة قيمتها السوقية، وتطور النمط الاستهلاكي لدي الأسر العربية وأصبحت تعد ضرورة صحية. لكن تحتكر هذه الصناعة شركات عالمية وتفرض منتجاتها بأسعار مرتفعة، وقد ظهر سوق مواز يعرض الحفاضات الأقل سعرا والتي تتناسب مع غالبية الدخول المحدودة في مصر. وتلك الحفاضات مستوردة تباع الواحدة في المناطق الشعبية والقروية بأسعار مخفضة، بدون تغليف وبعضها بدون أي بيانات تدل علي بلد المنشأ أو جهة تصنيعها، والخطير ما يقال عن تلك الحفاضات من أنها تصنع من نفايات المصانع في الخارج وتضر بالصحة العامة. والسؤال: إذا كانت هذه الصناعة رائجة ولها سوق كبير فلماذا لا تقوم شركات مصرية بإنشاء مصانع محلية لإنتاج الحفاضات من القطن المصري الخالص وبأسعار مناسبة وبمواصفات آمنة علي الصحة؟ ناصر فرغلي صاحب شركة استيراد يؤكد أنه خلال الفترة السابقة كان هناك "هوجة لاستيراد حفاضات غير مطابقة للمواصفات ومضرة بالصحة" وعلي حد قوله ماحدش كان واخد باله إلي أن ظهرت المشاكل، ولكن في الوقت الحالي الأمور اختلفت، وأصبح هناك تشديد من أجهزة الرقابة علي المنافذ، والمستوردون خائفون من رفض الشحنات المستوردة والتسبب في خسائر، فقبل عملية التعاقد والشراء يقومون بأخذ عينات من المنتج ليتم فحصه في وزارة الصحة أولا، وبعد قياس قدرته علي الشرب والامتصاص والمواصفات الخاصة بالجودة وأخذ الموافقات، يتم التعاقد علي الاستيراد. سعر أقل وجودة منعدمة تشير المعلومات التجارية أن سعر الجملة للخفاضات المستوردة في بالات من تركيا والصين أقل بنسبة تتراوح ما بين 12و 18% من النوعيات التي تنتجها الشركات العالمية، وتقدر الجمارك بنسة 30%، بالإضافة إلي 10% ضريبة، و5% رسوما. وفي جولة ل"الأسبوعي" علي مناطق بيع عشوائية للحفاضات لاحظنا أن اللزق المستخدم في الحفاضة أحيانا كثيرة لا يعمل، ولكن هناك إقبال عليها، فسره بعض الزبائن بأن فصل الشتاء يتم فيه الاحتياج أكثر للحفاضات، وتباع الواحدة بسعر 90 قرشا. أما محمد إسماعيل عبده رئيس الشعبة التجارية للمستلزمات الطبية في غرفة تجارة القاهرة فينفي وجود أي سند علمي لوصف تلك المنتجات المستوردة بأنها غير مطابقة للمواصفات، وهي منتجات فرز ثالث علي حد تعبيره وتوجد بها عيوب أو "ديفوهات" بسيطة لا يقوم المصنع بتغليفها مثل منتجات الفرز الأول والثاني وتباع بأسعار زهيدة، ومدون عليها بيانات المصنع، كما يؤكد أن جميع الحفاضات حتي إنتاج الدرجة الأولي من المصانع العالمية يتم تصنيعها من الألياف الصناعية ولم يثبت ضررها علي الصحة. فحص غير مكتمل ويعيب عبده علي لجان فحص المستلزمات الطبية بوزارة الصحة عدم وجود أجهزة علمية بها أو أدوات لازمة لفحص المستلزمات الطبية، والتي يقوم بها خريجو صيدلة وليسوا أطباء بشريين متخصصين أو خريجي هندسة طبية، وهم يقومون بمجرد قياس نسبة البكتريا ودرجة التعقيم إذا كانت مقبولة أو غير مقبولة فقط، ولا يوجد بديل أمام أصحاب الدخول المحدودة إلا استخدام نوعية الفرز الثالث، أما الأنواع غير المدون عليها أي علامات تجارية بوصفها منتجات مجهولة المصدر فلا ينصح المستهلك باستخدامها. ومن جانبه، يوضح المهندس عبدالغني عامر عضو غرفة الصناعات النسيجية وصاحب مصنع الشرق الاوسط للغزل أن صناعة الاقمشة غير المنسوجة التي تدخل في تصنيع حفاضات الاطفال في مصر نادرة وغير مربحة للمنتج، علي الرغم من ارتفاع جودتها بالمقارنة بالمستوردة التي تدخل فيها الالياف الصناعية، فالقطن المصري 100% سعره مرتفع، ويتراوح سعر كيلو الغزل في المتوسط بين 20 و 50 جنيها، وسعر الالياف الصناعية أقل كثيرا، والمصانع المنتجة للحفاضات تستورد الخامات من الخارج، فالهند والصين تدعمان صناعة الغزل بنسبة 20% والغزول المصرية لم تصرف الدعم المقرر الذي يصل إلي 10% حتي الآن، ولذا فتصنيع الخامات داخل مصر مكلف، ويرفع سعر المنتج النهائي بالمقارنة بأسعار الشركات العالمية التي تملك خطوط انتاج عالمية، وتستورد الخامات بأسعار رخيصة، وبالتالي لن نستطيع المنافسة امامها اذا قررنا اقامة مصانع مصرية بخامات محلية الصنع لانتاجها. وفي رأي عامر فإن سعر المنتجات الصحية غير مرتفع بالنظر لتكلفة انتاجها وفرق سعر العملة الأجنبية، فسعر العبوة يتراوح ما بين 5و10 يورو أي ما يعادل 40 80 جنيه مصري فالمشكلة في انخفاض القدرة الشرائية للمستهلك المصري.