حينما يخطر على بالى موقف «قعدة الصالونات» أتذكر على الفور «شريفة» الفنانة لبنى عبدالعزيز فى فيلم «هذا هو الحب» حينما جلست بجوارها والدة العريس «يحيى شاهين» وجسدت دورها الفنانة الراحلة «مارى منيب»، القعدة كان يتخللها بعض الفحوصات لسميحة، الشعر، الطول، الوزن، قوة الأسنان وسلامتها، جودة البصر، وطبعا الرشاقة والمرونة! كانت الفتاة وقتها بضاعة رائجة كالزيت والسكر والفساتين والسيارات لابد أن تُعاين قبل إتمام الزواج والتى تنجح فى اجتياز الفحوصات بنجاح تؤهل للنهائى وتصبح حرم «فلان الفلانى» الذى يكفيه لمقوماته أن يكون فقط «جيبه مليان» بحسب الفكرة الرائجة «الراجل ما يعيبوش إلا جيبه»، «نجاحك فى حياتك من نجاحك فى بيتك»، «سعادتك من سعادة زوجك»، «البنت مالهاش غير بيت جوزها».. وغيرها من المقولات التى حصرت حياتى كبنت فى عش الزوجية، إذا كان من طموح فهو حول الحصول على زوج مناسب، والمستقبل يعنى بالطبع أن أكون بجوار زوجى.
حاولت أنا وبنات جيلى والجيل السابق والأسبق كما أن نتمرد على هذه الفكرة، فالله لم يخلقنا لكى نقوم بدور السنيد فى فيلم الزوجة رقم 13، لكن والحق أقول إن الموروث الاجتماعى والعادات والتقاليد كانت أقوى من أى تمرد.
يقولون أن الزواج نص الدين ولكنهم نسوا إن يخبرونا على الآية أو الحديث الدال على ذلك وهل يا مولاى سأدخل النار لأننى كفرت بالرجالة وسيرتهم!
تطاردنى دائما العبارة الأشهر على الإطلاق «يا خايبة ضل راجل ولا ضل حيطة» لأ بقى ضل شجرة أحسن من ضل الحيطة والراجل كمان.
تلك المقولة خلقت لنا جيلا من الذكور جعلتهم أنصاف إله على الأرض وأصبح الزوج مهما كان غير متعلم أو غير متفاهم مع زوجته أفضل من الوحدة وإذا كان الحديث عن الحاجة للمعيشة والأمان، وزرعوا فى رأسنا فكرة «نار جوزى ولا جنة أبويا»، فلم يخلق الله المرأة كالتكوين الجسمانى للرجل إلا لإثبات أنهم متساوون فى كل الأشياء والحقوق والواجبات نحو المجتمع ونحو أنفسهم ونحو الخالق، بل أثبتت الدراسات أن جسد المرأة أقوى تحملا من جسد الرجل بمرات عديدة يكفى آلام الحمل والولادة وكذلك آلام الحيض.
وبالطبع النصيحة الذهبية من الأم المصرية «يغلبك بالمال اغلبيه بالعيال» نصيحة خرجت من نظرية «البس يا شعب» عن طريق إنجاب العديد من الأطفال ليصبح الأمر واقعا وتنشغل الزوجة بتربية الأطفال وينشغل الزوج فى توفير لقمة العيش ولكن هيهات هيهات، ورب امرأة صالحة أنجبت فردا يخدم المجتمع ويغير البشرية أفضل، وربما هى هذه المرأة هى من تستطيع تغيير الملايين بنفسها دون الحاجة لرجل أو طفل.
قصة قديمة عن الممرضة «آن سوليفان» والتى كانت تعمل بالمستشفى التى عولجت بها هيلن كيلر الكاتبة المعروفة والشهيرة والتى كانت القدوة لملايين من البشر فاقدى البصر «كيلر» لاقت العناية الجيدة والأمل من آن ولولاها لما أعطت «كيلر» الأمل ذاته للملايين من فاقدى البصر.
أما الحديث عن الحرمان العاطفى والاحتياج إلى إشباع الرغبات المكبوتة لدى كل إنسان خصوصا نحن معشر النساء، والحاجة للتناسل بحسب طبيعة الكون.. سالب وموجب.. ين ويانج.. عاشق ومعشوق.. رجل وامرأة سنة كونية جعلت من كل شىء خلقه الله نوعين، من أجل التكاثر والتناسل وإعمار الكون، لكن إعمار الكون لا يتوقف عندك وربما تفيدين بحياتك العزباء الكون أكثر من زواجك.
أما عن الحرمان والاحتياج الجنسى والضغط على هذا الوتر من آن لآخر لدى الطرفين كفيل ببرمجة العقل الباطن سلبيا على التفكير فقط فى هذا الأمر كمحرك أساسى للكون وسبب وحيد يدفع للزواج، لكن الحاجة هو شعور سلبى بالنقص ربما يعوضه ممارسة الرياضة وتعلم هوايات جديدة كالرسم والموسيقى والرقص والانشغال بمواكبة تطورات العصر.
وعن الشعور بالحاجة إلى الحب فتستطيعين تعويضه بحب الأهل والأصدقاء وخدمة المجتمع وتكريس هذه الطاقة فى خدمة من يحتاجها بحق أو ممكن تاكلى شيكولاتة كتير ساعتها هتنسى الراجل واللى جابوه كمان.
البعض يقود ضد الأنثى حرباً نفسية يقولون لى «هتبقى عانس» المجتمع ينظر للمرأة العزباء على أنها فريسة سهلة، هذا الأمر كفيل بتدمير أحلام المرأة الخاصة وطموحها للنجاح فى عملها والتطوير الذاتى لها.. «خطبوها اتعززت والآخر عنست». أينما ذهبت المرأة التى لم تتزوج حتى سن الثلاثين ويطلقون عليها لقب «عانس» تلاحقها الشائعات، ربما معيوبة و لا تنجب بل يصل الأمر لاتهامها فى شرفها أحيانا، لكن مهما حاولت الفتاة إرضاء الناس سيظل الحديث والشائعات تلاحقها أينما ذهبت حتى لو تزوجت ومهما أنجبت.
أخيرا تنعم الفتاة العزباء بقسط من الراحة تحسدها عليه المتزوجات فلا يشغلها زوج أو أطفال أو إزعاج بطلبات خاصة أو مشاكل الأسرة المعتادة، أو دوامة لا مخرج منها من روتين شبه يومى يستنزف طاقتها وصحتها النفسية والجسدية. العزباء تحافظ على حيويتها من الهموم والمتاعب النفسية التى تعانى منها قرينتها المتزوجة وما يجعل أمامها فرصة جيدة للعمل فى بيئة هادئة ومستقرة والبحث عن تحقيق الذات من تحقيق أحلامها وطموحها الخاصة، وربما تكون مبتكرة مثل أوبرا وينفرى وغيرهن الملايين من العازبات اللاتى غيرن مجرى التاريخ.
من الآخر كده مفيش راجل بجد رومانسى أوى ومتدين ومتفاهم وذكى ولماح يكون طيب القلب جميل الشكل أنيق فى تصرفاته، معاه فلوس يفسحنى ويسفرنى عايزاه شبه مهند لكن جواه رشدى أباظة وفى أناقة توم كروز وجسم ديفيد بيكهام.