الغريبة يا أخى أن تزوير الثورات هو هوايتهم المفضلة.. يتفرجون على الثورة من مسافة قريبة.. فإذا ما نجحت ينقضون عليها فى محاولة لسرقتها وتحويل دفتها ناحيتهم وكأنهم أصحاب الثورة الحقيقيون. فى أعقاب ثورة 1952 حاول حسن الهضيبى التقرب من الثورة الوليدة.. استبعد تمامًا الضباط الأحرار صانعى الثورة.. وتقرب من محمد نجيب على اعتبار أنه الزعيم والحاكم وصاحب الكلمة الأولى بين شباب الضباط.. واكتشف الإخوان بسرعة أن قائد الثورة الحقيقى هو جمال عبدالناصر.. حاولوا الركوب على الثورة بحجة أن جمال عبدالناصر واحد منهم.. ساعدهم على ذلك أن قرار حل أحزاب ما قبل الثورة لم يشمل جماعة الإخوان المسلمين.. ولكن بتدخلهم وفرض شروطهم إلى الحد الذى قاموا فيه بفصل الشيخ أحمد حسن الباقورى وهو واحد منهم.. فصلوه عن الجماعة لأن جمال عبدالناصر اختاره وزيرًا فى وزارة الثورة.
كان الإخوان يحاولون فرض شروطهم وإملاء وجهة نظرهم.. فكان قرار جمال عبدالناصر الواضح هو استبعاد جماعة الإخوان المسلمين.. ومعاملتها معاملة أحزاب ما قبل الثورة.
ردت الجماعة بالطريقة التى تعرفها وتجيدها.. بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية.. فانتهى بهم الأمر فى السجون بعد حل جماعتهم تمامًا!
تكرر الأمر مع ثورة 25 يناير.. حيث كان النجاح حليفهم فى هذه المرة.. وسحبان الله.. كانوا الطابور الخامس للثورة.. والطرف الثالث فى أحداث العنف التى شهدتها الثورة.. التى لم يشاركوا فيها أصلاً.. أعلنوا الرفض بوضوح.. كتبوا فى الجرائد وتكلموا فى وسائل الإعلام أنهم يدينون بالولاء للرئيس حسنى مبارك.. وجدوا أنها جليطة من الشباب أن يختار يوم عيد الشرطة يومًا للتمرد على الحكم فأعلنوا المقاطعة.. وهو موقف رسمى ورسالة واضحة للحاكم حسنى مبارك!!
خيبتهم القوية أن ثورة الشباب قد نجحت تمامًا.. وبدأ نظام حسنى مبارك فى الترنح.. وبدا أن الثورة فى طريقها للنجاح.. فاستدار الإخوان إلى الوجه الآخر.. وأمسكوا العصا من المنتصف.. وافقوا على السماح لشباب الإخوان بالمشاركة فى فاعليات الثورة بصفة شخصية.. فى الوقت نفسه الذى قامت الفرقة 95 الإخوانية المتخصصة فى الاغتيالات.. قامت باعتلاء أسطح مبانى التحرير.. وهى تتسلح بالصواريخ والشماريخ والمولوتوف والخرطوش والرصاص الحى.
ونقول أنها سياسة مسك العصا من المنتصف.. فلو نجحت ثورة الشباب فيقول الإخوان أنهم شاركوا فيها بدليل شباب الإخوان الذين شاركوا زملاءهم شباب الثورة فى الاعتصامات والاحتجاجات والفاعليات الكثيرة لثورة 25 يناير.. ولاحظ سعادتك أنهم لم يشاركوا منذ اليوم الأول للثورة.. لكنهم شاركوا اعتبارًا من 28 يناير.. بعد انهيار جهاز الشرطة تماما.
أما لو فشلت الثورة.. فسوف ترجع الجماعة إلى حسنى مبارك مؤكدة أنها رفضت الموافقة.. بل إنها حاربت الثوار بدليل أنها أطلقت الرصاص والشماريخ عليهم من أسطح التحرير.. ولن تكتفى الجماعة.. بل كانت ستقوم بتسليم شبابها إلى الأمن وجهات التحقيق.. على اعتبار أن الشباب لم يطع الأوامر وشارك فى أحداث الثورة رغم الأوامر الصارمة بالمقاطعة.
سيناريو جهنمى لا يرسمه ويقوم بتنفيذه سوى الشيطان شخصيًا.. أو كوادر الجماعة التى مارست هوايتها فقامت بالركوب على الثورة فى غياب الثوار الذين اكتفوا بالنجاح.. ولم يدركوا أن الثورة تسرق من تحت أقدامهم.
أحضرت الجماعة اللئيمة القرضاوى وصفوت حجازى والبلتاجى ليعتلوا منصة الثوار.. ليعلنوها ثورة إسلامية.
ومع أن الثورة رفعت شعارًا عبقريًا واضحًا.. عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. إلا أن الإخوان الأعداء حولوها لثورة إخوانية بحق وحقيقى.. وقبضوا على الثوار صناع الثورة.. ثم بدأت تصفية القوى الحقيقية التى قامت بها.. كالجيش والشباب والمرأة والإعلام والأزهر والقضاة.
من حسن الحظ أن الثورة لم تستسلم.. وبعد 25 يناير جاء 30 يونيو.. لنستعيد الثورة من جديد من يد الخاطفين والمزورين والذين هوايتهم المفضلة هى سرقة الثورات!!