رئيس مياه القناة: تكثيف أعمال الملس والتطهير لشبكات الصرف الصحي    الفريق أسامة ربيع يبحث مع "هيونداي" سبل التطوير في مجال الخدمات اللوجيستية    بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا    كيف يستفيد الزمالك من فوز الأهلي على مازيمبي؟    عاصفة ترابية شديدة تضرب مدن الأقصر    تامر حسني يبدأ تصوير فيلم «ري ستارت» في مايو    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    سون: آرسنال من أفضل أندية العالم    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    وزير الخارجية الصيني يحذر من خطر تفاقم الأزمة الأوكرانية    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيديو.شقرة: الثورة المضادة تدفع مصر لحرب أهلية
نشر في الوفد يوم 19 - 04 - 2012

لو جاز أن أهدي هذا الحوار لأحد، كما يفعل مؤلفو الكتب، لاهديته لجميع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.. من أصغر عضو حتي أكبر رأس في الجماعة.. أهديه لهم جميعاً حتي لا يلدغوا من جحر مرتين، ولا يسيروا في طريق قادهم إلي الهلاك في الخمسينيات.
ثم أهديه لجميع أعضاء المجلس العسكري لعلهم يعلمون ما فعله الإخوان بمصر وبثورة يوليو وبالضباط الأحرار.. وكيف تعامل «جمال عبدالناصر» قائد الضباط الأحرار مع الإخوان.
وأخيراً أهديه لكل مصري يريد أن يعرف «مصر رايحة علي فين»..
صحيح أن الحوار مع أستاذ تاريخ معاصر ورئيس لقسم التاريخ بجامعة عين شمس ولكن الكلام كله كان عن المستقبل.. والسبب أن الدكتور جمال شقرة ليس فقط مؤرخاً مدققاً وإنما أيضاً عالم كبير وخبير في الدراسات المستقبلية والاستراتيجية.
ومن رحم التاريخ رسم الدكتور «شقرة» صورة دقيقة لمستقبل مصر صورة تقول إن كل شىء في مصر الآن يمكن حدوثه اغتيالات.. حرب أهلية.. انقلاب عسكري.. وأيضاً الوصول إلي بر الأمان..
إنها صورة المستقبل التي يحدد ملامحها الرئيسية أحفاد حسن البنا وخلفاء محمد نجيب وجمال عبدالناصر ويصنعها الفارق بين ثوار يوليو 1952 ويناير 2011..
شاهد الفيديو:
وكانت بداية الحوار عن الثورة والإخوان.. وسألت الدكتور جمال شقرة:
* علي مدي تاريخهم اقترب الإخوان المسلمون من سدة الحكم مرتين.. الأولي عقب ثورة 1952، والثانية بعد ثورة 2011.. فلماذا اقترن اقتراب الإخوان من السلطة بالثورات؟
** د. جمال شقرة: منذ أن تأسست الجماعة والإخوان يحاولون لعب دور سياسي، ولكن أفكارهم وتوجهاتهم أدت إلي تصادم مع الدولة، فاصطدموا بالملك فاروق، وكانت النهاية الدراماتيكية عام 1948 باغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا ثم انتقام الإخوان واغتيالهم لمحمود فهمي النقراشي - رئيس الحكومة آنذاك -..
وعندما قامت ثورة يوليو 1952 ظهر الإخوان علي السطح مرة ثانية.
* وما الذي دفعهم إلي السطح - آنذاك -؟
** علاقتهم بالضباط الأحرار وهي علاقة سبقت ظهور تنظيم الضباط الأحرار نفسه.
* كيف؟
** الثابت تاريخياً أن كل القوي السياسية في مصر راهنت علي الجيش المصري بعد الحرب العالمية الثانية.. الكل كان يري أن الجيش هو المنقذ لمصر من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها، وأيضاً هو الأمل في التحرر من الاحتلال الإنجليزي، ومن هنا بدأ تسلل الأفكار الأيديولوجية المختلفة إلي الجيش، وفي مقدمتها أفكار الإخوان وأفكار منظمات اليسار، والأفكار الاشتراكية لأحمد حسين مؤسس حزب مصر الفتاة، وكانت أفكار الإخوان تلقي قبولا أكثر من الأفكار الأخري، خاصة أن الكثيرين كانوا يعتبرون الأفكار اليسارية والشيوعية علي وجه التحديد تعني الإلحاد.
وساعد علي انتشار أفكار الإخوان في الجيش المصري حرص «حسن البنا» مؤسس جماعة الإخوان علي أن يتردد علي بعض وحدات الجيش ويلقي عليهم خطباً عذبة استقطبت عدداً من الضباط، ونجح «حسن البنا» في تأسيس الجناح العسكري للإخوان المسلمين في الجيش في الأربعينيات، والحقيقة أن عدداً كبيراً من ضباط الجيش كانوا ضمن جماعة الإخوان المسلمين.
* ومن هم أشهر ضباط الإخوان وقتها؟
** «خالد محيي الدين».. «كمال الدين حسين»، «حسين الشافعي»، «عبداللطيف البغدادي»، «عبدالحكيم عامر»، و«طعيمة» و«طحاوي».. وجميعهم أقسموا علي المصحف والمسدس بالولاء لجماعة الإخوان وجميعهم أيضاً كانوا أعضاء بمجلس قيادة الثورة.
* وعبدالناصر ألم يكن عضواً بالإخوان؟
** تضاربت الروايات.. بعضها أكد أنه انضم للجماعة مؤمنا بأفكارها.. وبعضها أشار إلي أنه انضم للجماعة ليتعرف علي أفكارها فقط، وروايات ثالثة تقول انها نفصل عن الإخوان عام 1945.
* وكأستاذ للتاريخ أي هذه الروايات أصدق؟
** الثانية.. فعبدالناصر سعي للاختلاط بكل القوي السياسية لكي يتعرف علي أفكارها.. فإذا كان قد انضم للإخوان فقد انضم أيضاً للمنظمة الشيوعية «حدتو» تحت اسم مستعار وهو «موريس».. ثم كانت النقطة الفاصلة حينما ترك جميع التنظيمات القائمة وكون تنظيماً جديداً وهو تنظيم الضباط الأحرار عام 1945، واشترط «عبدالناصر» فيمن ينضم للضباط الأحرار أن يترك أي تنظيم أو قوة سياسية كان ينتمي إليها فوافق جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة فيما عدا عبدالمنعم عبدالرؤوف الذي فضل أن يظل إخوانياً.
* الثابت تاريخياً أن الإخوان المسلمين في الأربعينيات كان لديهم تنظيم عسكري مسلح فلماذا تقربوا من الجيش واستقطبوا بعض ضباطه؟
** لأنهم أدركوا أنهم غير قادرين علي قلب نظام الحكم وحدهم ولذلك راهنوا علي شباط الجيش لمساعدتهم في قلب نظام الحكم، والمدهش أن الإخوان كانوا يتصورون أن «عبدالناصر» أخ مبايع حتي قيام ثورة يوليو السبب أنه ابتعد عن الإخوان في هدوء شديد ودون أن تشعر كوادر الإخوان أنه ابتعد عنهم.
وعلي أي حال فإن الإخوان ظهروا علي سطح الأحداث بعد ثورة يوليو مباشرة، وبدأوا يرفعون المصحف والسيف «شعارهم» أينما ذهبوا ويقولون أنهم ليسوا فقط مشاركين في الثورة بل أنهم صناع الثورة، وهذا الأمر استفز جمال عبدالناصر بشدة ولذلك اتصل ب«أحمد أبو الفتح» وكان صديقه في ذلك الوقت، وقال له بالحرف الواحد «يا أحمد الإخوان ماشيين في البلدة «توت نفير» ويقولون أن الثورة ثورتهم، وأنت يا «أحمد» تعرف تفاصيل عن تنظيم الضباط الأحرار، فاكتب وقل أن الثورة ليست ثورة الإخوان المسلمين، ولم يكونوا مشاركين فيها، وإنما هي ثورة ضباط وطنيين، وبالفعل كتب «أحمد أبو الفتح» كلاماً يحمل هذا المعني وكتب مصطفي أمين أيضاً مقالاً مشهوراً في ذلك الوقت بعنوان «سر الضباط التسعة» وأشار إلي الضباط التسعة الذين شكلوا الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.
* معني ذلك أن «عبدالناصر» شعر بخطر الإخوان مبكراً؟
** كل ضباط مجلس قيادة الثورة - خاصة جمال عبدالناصر - استشعروا ضغوط الإخوان بأيديولوجيتهم، كما استشعروا تلويح الجماعة بقوتها وبدورها في مؤازرتهم ليلة 23 يوليو، وترجم عبدالناصر هذه الضغوط علي أنها تمهيد من الإخوان للسطو علي السلطة، مما دفعه بداية من منتصف أغسطس 1952 إلي الابتعاد عن الجماعة ووضع الحواجز أمام حركتها السياسية ومستقبلها السياسي ومن هنا بدت سحب كثيفة تتجمع في سماء العلاقات بين الضباط والإخوان وبدأ الإخوان كما لو كانوا يتصرفون من مركز قوة.
* كيف؟
** مثلا عارضوا الحد الأقصي لملكية الأرض عندما طرح الضباط قانون الإصلاح الزراعي أو علي الأقل وافقوا «علي ماهر» رئيس الوزراء بعد الثورة في أن يكون الحد الأقصي للملكية 500 فدان وليس 200 فدان كما أراد الضباط، وطالبوا بأن تعرض الأمور التي يناقشها مجلس الوزراء وما يشرع في اتخاذه من قرارات علي الجماعة قبل إقرارها أي أنهم كانوا يريدون أن يكونوا حكومة تحكم مصر من وراء الستار.
* في مقابل ماذا؟
** مقابل استمرار تأييد الجماعة ومرشدها لمجلس قيادة الثورة، وطوال عام 1953 تجنب الضباط والإخوان وقوع الأزمات التي تنتهي بالقطيعة والتصادم بين الضباط والإخوان وفي تلك الفترة تفرغ الضباط الأحرار للتخلص من الأحزاب ومن التنظيمات الشيوعية ولما تمكنوا من ذلك تفرغوا لبتر جماعة الإخوان المسلمين.
* وكيف بدأوا عملية البتر تلك؟
** الروايات الإخوانية الكثيرة والمذكرات والذكريات والشهادات المنشورة لأعضاء مجلس قيادة الثورة وأيضاً بعض التوجيهات الصادرة عن رئاسة الجمهورية.. كلها كشفت أن عبدالناصر شخصياً كان هو المحرك الحقيقي للعلاقات بين الجماعة والنظام وأنه نجح في التسلل داخل صفوف الجماعة واختراق مكتب الإرشاد وتمكن من إحتواء بعض أعضاء الجماعة بل وبعض أعضاء التنظيم الخاص أو الجهاز السري وقد تمكن «عبدالناصر» من الاستفادة من الصراعات والأزمات والانقسامات التي تعرضت لها الجماعة في هذه الفترة الحرجة من تاريخها، خاصة بعد أزمة إشراك الإخوان في الوزارة وهو ما أدي إلي تكريس الانقسامات داخل الإخوان بين فريق كان يؤيد الضباط الأحرار وفريق كان يعارضهم.
ورغم كل ذلك فإن الطرفين.. الضباط والإخوان.. حرصا طوال عام 1953 علي الحفاظ علي مظهر العلاقة الودية الفاترة.
* ثم كانت المواجهة العنيفة عام 1954؟
** بالضبط.. وتجسدت هذه المواجهة في حملة الاعتقالات الكبيرة لأعضاء الجماعة والتي أعقبها قرار بحل الجماعة في 14 يناير 1954 ورغم قرار الحل، فإن نشاط جماعة الإخوان لم يتوقف وتتابعت المنشورات العنيفة للجماعة التي هاجمت «عبدالناصر» بعنف ووصفت نظامه بأنه نظام علماني كافر.
وفي أزمة فبراير 1954 وقفت الجماعة إلي جانب «الرجل الكبير» رئيس الجمهورية اللواء محمد نجيب خرج الإخوان في مظاهرات تهتف «إلي السجن ياجمال» تقصد جمال عبدالناصر إلي السجن يا«صلاح» «تقصد صلاح سالم» ونادوا بسقوط عبدالناصر والخونة المتآمرين أعضاء مجلس قيادة الثورة.
* ولماذا ساندوا «نجيب»؟
** أملاً في الصعود خطوة صوب مركز السلطة ولكن الحوادث أثبتت ضعف اللواء نجيب ولهذا غيروا وجهتهم بعد قرارات 25 مارس 1954، فبعد أن كانوا يرددون أن «محمد نجيب» هو الكل في الكل وأن الضباط الأحرار «شوية عيال»، بل أنهم حرضوا محمد نجيب علي أن يستقيل من الضباط الأحرار، ولكن بدأ «عبدالناصر» مناورته الكبري في 25 مارس 1954 بإعلانه انتهاء الثورة والاستعداد لاستئناف الحياة البرلمانية، ووقتها كانت كوادر الجماعة خارج السجون، وبعد 3 أيام من قرار «عبدالناصر» أي في 28 مارس 1954 خرجت مظاهرات شارك فيها الإخوان وهتفوا إلي السجن يانجيب ياسارق الثورة»!
وبعد أن تخلص «عبدالناصر» من «محمد نجيب» بدأ في اعتقال عدد كبير من الإخوان بعدما أطلق «السادات» اتهاماً بتآمر جماعة الإخوان ضد النظام وبذل جهودا مضنية في محاولة إثبات اتصال الجماعة من وراء ظهر مجلس قيادة الثورة بالمستر «تريفور ايفانز» المستشار الشرقي بالسفارة البريطانية.
وفشلت جميع الجهود التي بذلت في محاولة يائسة للتوفيق بين الطرفين ومن هنا ظهرت خطط الثأر والانتقام من جمال عبدالناصر الأمر الذي انتهي بإطلاق 8 رصاصات عليه في ميدان المنشية بالإسكندرية يوم 26 أكتوبر عام 1954.
اذن أنت تقطع بأن حادث المنشية لم يكن تمثيلية؟
أبداً لم يكن تمثيلية وانما محاولة اغتيال نفذها الإخوان ضد عبدالناصر وهذه المحاولة الفاشلة كانت نهاية تراجيدية لعلاقة الإخوان بضباط يوليو.. فالرصاصات الثماني لم تصب قلب عبدالناصر وانما اصابت الجماعة في مقتل، إذ كانت فرصة ذهبية اقتنصها عبدالناصر ليوجه أولي ضرباته القاصمة لجماعة الإخوان.
هؤلاء كانوا إخوان ثورة يوليو 1952 فهل هناك شبه بينهم وبين إخوان ثورة يناير 2011؟
شبه كبير جداً واختلاف واحد فقط.. فإخوان 2011 هم أنفسهم إخوان 1952.. نفس المبادئ.. نفس الأفكار.. نفس التطلع الشديد للسلطة، أما الاختلاف الوحيد فهو أن إخوان 2011 أكثر خبرة من إخوان 1952.
ومن أين اكتسبوا هذه الخبرة؟
من الضربات المتتالية التي تلقوها أعوام 1954 و1957 و1965 في عهد عبدالناصر ثم الضربات التي تلقوها بعد ذلك في عهد «السادات» و«مبارك»، وتلك الضربات جعلتهم أشد عوداً وأصلب وجعلت قدرتهم علي المناورة أفضل بكثير.
وهل فرصهم في الاستئثار بالحكم - حاليا - تعادل فرصهم في اعقاب ثورة 1952؟
لم يكن لهم أية فرصة للوصول للسلطة عقب 1952، فعبد الناصر كان متيقظا تماما لهم وكان يعرف أنه سيخوض حرباً ضروساً معهم واستعد تماما لهذه الحرب، ونجح في أن يتخلص منهم.. أما الآن فكل الاحتمالات مفتوحة.
يعني أمام الإخوان فرصة الآن لحكم مصر؟
هدف الإخوان الرئيسي هو الوصول للسلطة وكل شىء في مصر وارد بما فيه تحقيق هدف الإخوان.
إذا كان «عبدالناصر» قد قطع عليهم طريق الوصول للسلطة عام 1952 فمن الذي يمكنه الآن قطع طريق السلطة عن الإخوان؟
هم أنفسهم .. بمعني أنهم لو حاولوا الانفراد بالسلطة واقصاء باقي القوي السياسية فسيلفظهم الشارع المصري ويحول بينهم وبين الوصول للسلطة، اما إذا تجاوزوا أفكارهم التقليدية القديمة ولم يطبقوا علي الآخرين ما طبق عليهم في العقود الماضية من عزل سياسي ومطاردات كان من الممكن ان يحققوا هدفهم الأساسي وهو الوصول للحكم.
قلت إن كل الاحتمالات في مصر واردة.. فهل معني ذلك ان احتمالات نشوب حرب أهلية في مصر وارد ايضا؟
وقاحة الثورة المضادة في مصر قد تدفع البلاد لأمور سيئة كثيرة ولكني اعتقد انه إذا ما حاول أي طرف من القوي السياسية أن يدفع البلاد إلي حرب أهلية، فإن الشعب المصري سينتبه لنفسه بسرعة وسيحافظ علي سلامة وطنه ووحدته.
وهل ثمة احتمالات لحدوث انقلاب عسكري؟
وارد بنسبة ضئيلة للغاية وهذه النسبة مشروطة بفشل المجلس العسكري في ادارة البلاد حتي تسليمها لسلطة مدنية منتخبة وأظنه لن يفشل في ذلك.
وهل دخول مصر في دوامة اغتيالات سياسية أمر يمكن حدوثه؟
يمكن جدا.. فالاغتيالات هي أحد الأسلحة القذرة للوصول للسلطة وأي جماعة سياسية لديها تراث تاريخي في استخدام هذا السلاح يمكنها استخدامه الآن، والإخوان لديهم تراث من هذا النوع ولهذا من الوارد لجوؤهم لاغتيال من يرونه حجر عثرة في طريق وصولهم للحكم، وإن كنت اعتقد أنهم لن يلجأوا إلي هذه الوسائل إلا إذا ما تم تضييق الخناق عليهم ولهذا أنصح بمنح الفرصة لجميع القوي والتيارات السياسية ونترك الحكم عليها للشارع المصري.
وبحكم دراساتك الدقيقة والعميقة في تاريخ الإخوان من سيكون علي رأس قائمة الاغتيالات إذا ما لجأ الإخوان إلي سلاح الاغتيالات؟
لو افترضنا جدلاً أن الإخوان لجأوا إلي هذا السلاح القذر فقد يغتالون عبدالمنعم أبوالفتوح ليفسحوا الطريق أمام مرشح الإخوان في انتخابات الرئاسة.
وهل يمكن أن يصطدموا بالمجلس العسكري كما اصطدموا في بداية الخمسينيات مع الضباط الأحرار؟
استبعد أن يدخلوا في صدام مباشر مع المجلس العسكري.. صحيح أن الإخوان لهم ثأر مع الدولة، وهو ثأر لا يمحوه إلا الدم ولكني أشك أن يبدأوا ثأرهم مع المجلس العسكري.
لماذا؟
لأنهم يدركون أن اصطدامهم بالمجلس العسكري سيؤدي إلي استقطاب كل القوي الليبرالية بجانب العسكري وساعتها سيجدوا أنفسهم وحدهم في الميدان خاصة بعد حالة الاستياء الشعبي من الإخوان بسبب استئثارهم بمجلسى الشعب والشوري ومحاولتهم الاستئثار بوضع الدستور وبتشكيل الحكومة والفوز برئاسة البلاد.
عبدالناصر وجه ضربات متتالية لجماعة الإخوان ولكنه في النهاية فشل في القضاء عليهم.. لماذا؟
بعد حادث المنشية 1954 تم سجن عدد كبير من الإخوان وتم إعدام بعضهم، ولكن بعض الإخوان هربوا خارج مصر وبعضهم هرب داخل مصر، والهاربون في الداخل مارسوا نشاطاً سرياً ضعيفاً تمثل في تمويل أسر الذين تم القبض عليهم من رجال الإخوان، وهذا النشاط تم كشفه وإلقاء القبض علي من يقومون به، عام 1957 فيما عرف بتنظيم الأسر.
أما الإخوان الذين كانوا داخل السجون فانقسموا إلي فريقين.. فريق أيد عبدالناصر فيما أصدره من قرارات مصيرية مثل تأميم قناة السويس والمشاركة في مؤتمر باندونج وبناء السد العالي، أما الفريق الثاني فعارض كل هذه القرارات وقالوا إن عبدالناصر تسرع بتأميمه قناة السويس، وان «دهاقين» السياسة من الشيوعيين ضحكوا عليه فشارك في مؤتمر باندونج وقالوا أيضا إن السد العالي هو سد مشئوم سيجلب المصائب علي مصر وداخل السجن نشأ تنظيم سيد قطب.
هذا عن إخوان الداخل.. فماذا عن إخوان المهجر؟
هؤلاء كانوا أشد هجوماً علي عبدالناصر، وعام 1955 بلغ عدد إخوان المهجر 74 إخوانياً منهم 17 في سوريا ولبنان وعلي رأسهم سعيد رمضان ورمضان البنا، و17 في الكويت وعلي رأسهم عبدالمنعم مشهور، بالإضافة إلي 10 في السودان و5 في قطر والبحرين و7 في السعودية و3 في الأردن وواحد فقط في فلسطين واثنان في العراق وواحد في أفغانستان و7 في انجلترا وواحد في فرنسا وواحد في الولايات المتحدة الأمريكية وواحد في ألمانيا، وكانت المخابرات المصرية تراقب تحركات هؤلاء جميعاً حتي وهم خارج مصر، وهؤلاء الذين مهدوا لظهور التنظيم العالمي للإخوان ونفس هؤلاء الإخوان لم يتوقفوا عن العمل علي إثارة القلاقل داخل مصر وتهريب المال والسلاح إلي إخوان الداخل.
تهريب المال لمصر أمر قد يكون مفهوما ولكن تهريب السلاح أيضا لماذا؟
لمواجهة «عبدالناصر» بالسلاح..
ومن أين جاءوا بالسلاح؟
عام 1955 حاولوا شراء صفقة سلاح من الاتحاد السوفيتي - انذاك - وكان هذا العام يمثل ذروة نشاطهم ضد عبدالناصر.
يشترون سلاحاً من الاتحاد السوفيتي الكافر - كما كانوا يقولون -؟
هم علي استعداد للتعاون مع الشيطان نفسه لتحقيق أهدافهم.
وما تفاصيل صفقة السلاح السوفيتي للإخوان؟
حسب الوثائق التي وصلت إليها فإن الإخوان الذين فروا إلي سوريا وجدوا أن الاتحاد السوفيتي يصف ثورة يوليو بأنها انقلاب فاشستي ولذلك لجأوا إلي الملحق العسكري السوفيتي في سوريا وطالبوا تزويدهم بالسلاح ليواجههوا به عبدالناصر، ودارت مناقشات طويلة في هذا الصدد وطلب منهم الملحق السوفيتي أن يمهلوه فترة من الزمن لكي يأتيهم برد نهائي.
وما نوع الأسلحة التي طلبوها؟
طلبوا أسلحة تصلح لحرب العصابات يعني بنادق وطبنجات وأشياء من هذا القبيل.
وماذا كان رد الاتحاد السوفيتي علي طلب فرع الإخوان في سوريا؟
عبدالناصر كان أسرع.. فكما قلت كانت المخابرات المصرية تراقب تحركات إخوان المهجر ورصدت لقاءهم بالملحق العسكري السوفيتي في سوريا وتم إبلاغ عبدالناصر، فأرسل علي الفور عزيز المصري وهو الأب الروحي للضباط الأحرار إلي الاتحاد السوفيتي، ثم أرسل لطفي واكد لكي يعرضا علي الاتحاد السوفيتي شراء أسلحة للجيش المصري وتزامن مع ذلك تغير نظرة الاتحاد السوفيتي لثورة يوليو خاصة بعد صدور قرارات تحديد الملكية والاصلاح الزراعي، ففي ذلك الوقت اقتنعت موسكو ان عبدالناصر يحمل أفكارا تقدمية وأنه ليس عميلا للغرب، كما كانت تتصور في بداية الثورة، ولهذا وافقت موسكو علي بيع صفقة سلاح للجيش المصري وبالطبع اغلقت باب الحوار مع الإخوان المتواجدين في سوريا.
وبعد فشل هذه الصقة اضطر الإخوان لشراء سلاح من مافيا تجار السلاح وهربوه إلي مصر عبد البحر الأحمر، وكانوا يجدون في أيام الحج فرصة ذهبية لتهريب السلاح لمصر فكانوا يتجمعون بعد الطواف في الحرم الشريف ليناقشوا كيفية تهريب السلاح لمصر.
وهل تعتقد أنهم مازالوا يحتفظون بهذه الأسلحة حتي الآن أم تخلصوا منها؟
هناك احتمال بأنهم مازالوا يحتفظون باسلحتهم حتي الآن.
وهل صحيح أنهم اشتروا كميات من الاسلحة من ليبيا مؤخرا.
ليس عندي معلومات موثقة في هذا الشأن ولكني لا أستبعد حدوث ذلك وأكثر من ذلك، اعتقد انه من الوارد جدا أن يكون هناك تشكيل سري مسلح للإخوان يعمل تحت الأرض الآن، فبحكم دراستي لتاريخ الإخوان لا أستبعد أن يكون هناك تنظيم مواز للإخوان يعمل حتي الآن ويتسلح بمختلف الأسلحة ويقوم بمهام محددة من أجل تحقيق هدف الإخوان الاسمي وهو الوصول للسلطة.
ومتي يمكن أن يخرج سلاح الإخوان من تحت الأرض.
كما قلت من قبل إذا ما تم تضييق الخناق علي حركتهم السياسية.
إذا كان إخوان المهجر في الخمسينيات قد شرعوا في اثارة القلاقل في مصر انذاك.. فهل يمكن ان يقوم إخوان الخارج بنفس الدور الآن؟
من الوارد أن يتعاون الإخوان مع تركيا لإثارة قلاقل في مصر إذا تم تضييق الخناق عليهم، ولكن علي الإخوان وغيرهم ان يدركوا أن ثورة 25 يناير ثورة شعبية وأي ثورة شعبية تستهين بأي قوة خارجية مهما بلغت قوتها، وبالتالي فلو حاول الإخوان الاستقواء بأمريكا أو تركيا لمواجهة الزخم الشعبي في مصر فسيكون الفشل حليفهم لأن من يتدثر بأمريكا أو تركيا أو ايران أو أي دولة في المنطقة هو في الحقيقة عريان.
وبرأيك كم عدد الإخوان المسلمين في مصر حاليا؟
حوالي 2 مليون.
وثرواتهم؟
هناك مصادر متعددة لتمويل الإخوان منها دعم سعودي ودعم قطري ودعم من بعض دول الخليج، اضافة إلي مبالغ مالية تحصل كنسبة من رواتب اعضاء الإخوان العاملين بالخارج، فضلاً عن اشتراكات تحصل من اخوان الداخل، وريع المشروعات الاقتصادية الرأسمالية التي تملكها الجماعة، وبالتالي فإن ثروات الإخوان تقدر بعشرات المليارات من الجنيهات، وهذه الثروة الضخمة اتضحت تماما في تأسيس مقارات لجماعة الإخوان في كل محافظات مصر.
إذا كان الإخوان يملكون الثروة والسلاح وهدفهم حكم مصر.. فلماذا يصرون علي وصف أنفسهم بأنهم جماعة دعوية؟
سأجيب علي السؤال بوثيقة بخط يد مؤسس الإخوان «حسن البنا».. في هذه الوثيقة تساءل البنا: هل حان وقت استخدام السلاح؟.. وأجاب بنفسه علي السؤال فقال.. الإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء، ولابد أن يعملوا في قوة، ولكن الإخوان المسلمين أعمق فكراً وأبعد نظراً من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر، فلا يغوصون في أعماقها ولا يزنون نتائجها، وما يقد منها، وما يراد بها، فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة هي قوة العقيدة ويلي ذلك قوة الوحدة والارتباط ثم بعدها قوة الساعد والسلاح.
وأضاف «أن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة حيث لا يجدي غيرها، وحين يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة»، أما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها ولا يعتمدون عليها.
وهكذا قال زعيمهم ومعلمهم وإمامهم وهم علي آثاره يسيرون.
مؤسس الاخوان المسلمين حسن البنا يعترف فى وثيقة بخط يدة بأن الاخوان سيستخدمون القوة
وثيقة سرية بأسماء بعض أخوان المهجر الذين أسسوا التنظيم العالمى للإخوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.