* الزيات: النظام القادم سيكون الأسوأ فى تاريخها "الجماعة".. بلال: عهد عبد الناصر لن يتكرر * حسين: فترة الستينيات هى المحطة الأصعب فى تاريخ الجماعة.. علام: المواجهة مع الجيش نهاية حتمية لتاريخ الجماعة * سعيد: التاريخ يؤكد أن الجماعة حريصة على مواجهة الأنظمة لاستعطاف الشارع أكد الخبراء الاستراتيجيون والعسكريون أن الجماعة على مدار تاريخها تميزت بعلاقة حادة مع أنظمة الحكم فى مصر، وأنها حاولت الانقلاب على كل رؤساء الجمهورية السابقين، رغم أنهم قدموا أسوأ نموذج فى الحكم، وكانت هذه نهايتهم، فهى ليست نهاية رئيس فحسب، وإنما نهاية 84 عامًا من عمر الجماعة. وأكد الخبراء أن الجماعة ضيعت فرصة تاريخية لن تتكرر بعد فشلهم فى إدارة الدولة وتورطهم حاليًا، فيما يشبه بحرب استنزاف ضد الجيش الوطنى للبلاد، مما أضعف شعبيتهم فى البلاد. فى البداية، أكد اللواء حسن الزيات الخبير العسكرى، أن جماعة الإخوان المسلمين لم تتصدر المشهد السياسى فى عهد الأنظمة السابقة مرورًا بالرئيس جمال عبد الناصر والسادات والمخلوع مبارك، ولكنهم تصدروا المشهد بشكل واضح عندما تم انتخابهم فى مجلس الشعب فى عهد الرئيس المخلوع مبارك، وكان ذلك بالاتفاق مع نظام مبارك. ففى فترة حكم مبارك، كان لدى جماعة الإخوان تأييد كبير لحكمه، ولم يكن هناك اعتراض كبير من جانبهم، وعندما قامت ثورة 25 يناير، لم يكن أحد منهم داخل الميدان لتأييدها إلا بعد تأكدهم من نجاحها يوم 28 يناير, وبعد ذلك بدءوا يزعمون أنهم أصحاب الثورة، ولكن أصحابها هم الشباب الذين قاموا بها، وبعد وصول الإخوان للحكم فى مصر عقب ثورة يناير عملوا على إقصاء كل القوى الثورية التى شاركت معهم فى الحكم من المشهد السياسى، وكان هذا السبب الرئيس فى توجيه سهام النقد السياسى للجماعة التى قبضت على الحكم بقبضة حديدية. وأضاف الخبير العسكرى أن جماعة الإخوان المسلمين فقدت الكثير من القوة الشعبية لها فى الشارع، لأنهم لم يوفوا بوعودهم وفشلوا فى إدارة الدولة نتيجة سياساتهم الخاطئة، حيث بدأت حركة تمرد فى التحرك واتخاذ الموقف من هذه الجماعة، ولم يكن من المتوقع لدى الإخوان أن تتفاعل حركة تمرد هذا التفاعل مع الشارع المصرى الذى أطاح بها وبحكمها من السلطة فى ثورة 30 يونيه عبر خارطة الطريق التى أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسى من سدة الحكم، وقضت على التجربة الإخوانية فى مصر. وعن علاقة الإخوان المسلمين بالسلطة الحاكمة فى مصر خلال الفترة القادمة، قال الزيات إنه فى الفترة القادمة سوف تكون المواجهة بين النظام الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين حاسمة، لأن الجماعة مقتنعة بأن الجيش انقلب على الشرعية وعزله الرئيس مرسى، ولن تتوانى عن محاولة انتزاع السلطة مرة أخرى مهما كلفهم ذلك من تضحيات فى صفوفهم ويكثفون جهودهم لإيجاد دعم خارجى لهم ولموقفهم السياسى فى مصر، فالإخوان غير مقتنعين بأنهم خرجوا من المشهد السياسى المصرى خلال عام واحد من حكمهم فقط. من جانبه، يقول اللواء محمد على بلال، الخبير الاستراتيجى، إن العلاقة بين الإخوان المسلمين وأنظمة الحكم فى مصر تميزت بعلاقة حادة عبر التاريخ المصري، فمنذ عام 1928 إلى سنة 1948 كان لا يوجد أى احتكاك بين النظام والجماعة، وكان لجماعة الإخوان المسلمين دور كبير وقوى فى حرب فلسطين 1948 ودور مهم فى ثورة يوليو 1952، حيث كان قيادات الجيش فى هذا الوقت يميلون إلى تيار جماعة الإخوان المسلمين من أمثال الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر والرئيس الراحل محمد أنور السادات. وفى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، تباينت العلاقة بين الطرفين وقامت جماعة الإخوان المسلمين بأعمال عنف ضد الدولة، ودخل النظام الحاكم آنذاك فى مواجهة مع الجماعة، فساءت العلاقة بين الجانبين، ومن المعروف أن عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أسوأ علاقة للإخوان بنظام الحكم على مدار تاريخها، بعد ذلك حاول النظام الحاكم المسلحة إعطاء فرصة للإخوان لتوطيد العلاقة، لكن أبى الإخوان ورفضوا هذه الهدية، إلى أن جاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتحدث مع جماعة الإخوان المسلمين بالعلم والإيمان وخرج الإخوان من دائرة العنف، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة متحابة، إلى أن حدث اغتيال السادات فى الواقعة المشهورة. أما فى عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، فعندما امتلك مقاليد الحكم جعل فى ذهنه مقتل السادات، وأنهم خطر يهدد عرش الدولة، فشن عليهم حربًا منظمة من خلال عدم إلحاقهم بالسلطة التنفيذية فى مصر، سواء كانت الشرطة أو القوات المسلحة بمنع أى أفراد لهم علاقة بين بجماعة الإخوان المسلمين بالالتحاق بهذه الكليات. وأضاف بلال أنه بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين في30 يونيه الماضى، فإن الجيش مهمته الأساسية الحالية هو حماية الوطن، وهو نفس الموقف الذى فعلته القوات المسلحة أثناء تدخلها يوم 28 يناير 2011 وانحيازه لصالح الوطن لا لصالح الرئيس. وعن مستقبل جماعة الإخوان المسلمين مع الرئيس القادم، قال بلال إنه من الصعب استنتاج العلاقة، ولكنها ستكون مثل سابقتها مع الأنظمة السابقة، فاعتقد أنها ستكون هناك شد وجذب بين الإخوان وأى رئيس قادم. من جانبه، يقول اللواء زكريا حسين الخبير المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا والخبير العسكرى، إن الإخوان بعد عزلهم من السلطة فى مصر تقوم بما يشبه عملية استنزاف للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والدليل على ذلك هو تكرار الضربات الإخوانية فى أكثر من محافظة مصرية فى توقيت واحد لإجهاد وتشتيت القوات المسلحة، فهم يريدون إغراق الجيش فى أشياء ليس لها أهمية، حيث إن اقتحام المؤسسات العسكرية الآن يشوه شكل الجيش المصرى أمام العالم، فالجماعة تحاول الآن استفزاز الجيش ودخوله فى معركة مسلحة لتصوير الجيش المصرى، مثل جيش سوريا بأنه يقتل المتظاهرين السلميين. وأشار الخبير العسكرى إلى أنه فى ثورة يوم 23 يوليو عام 1952، استطاع تنظيم "الضباط الأحرار" بالانقلاب على حكم الملك فاروق وإعلان تأسيس الجمهورية وإلغاء الملكية، وذلك بقيادة الزعيم الراحل "جمال عبدالناصر"، وذلك بعد أن تخلص من "محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية وخرج الشعب المصرى مع الجيش تأييدًا له، وبالفعل نجحت تلك الثورة، ولكن سرعان ما انقلب عبدالناصر على الإخوان، وشهدت فترة الستينيات حملة واسعة للتعذيب وقتل عدد كبير من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وهى فترة لا تنساها الجماعة أبدًا وتمكن "الجيش" من السيطرة على زمام الأمور فى البلاد، وتغير الحكم من "عبدالناصر" إلى "السادات" وصولاً إلى "مبارك"، وهو تغيير فى الأسماء والشخصيات فقط، ولكنهم جميعًا ينتمون إلى "الجيش"، وشهدت فترة "مبارك" الفترة الأسوأ فى تاريخ الجماعة وحكم مصر، حيث انتشر بها الفساد فى كل مؤسسات الدولة وبتزوير الانتخابات البرلمانية والتجهيز لمسلسل التوريث بجانب القتل والفقر والظلم والاعتقال والقمع. وفى ثورة 25 يناير، خرج الشباب المصرى مندفعًا إلى ميدان "التحرير"، مطالبين بإسقاط نظام مبارك ورفع مطالب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وهو ما جعل "مبارك" يرتبك ويتأخر فى تنفيذ المطالب وتنهار آلة قمعه البوليسية وزارة الداخلية فى ثلاثة أيام، ويعلن فرض حظر التجوال ونزول القوات المسلحة المصرية للقيام بواجبها فى حماية الممتلكات والحفاظ على مؤسسات الدولة، وفى تلك الثورة حدثت المفارقة، حيث انقلب الجيش على "مبارك" وتفهم مواقف الشباب والثوار، وأعلن انحيازه الكامل لمطالب شباب ثورة 25 يناير، وتعهد قادة المجلس العسكرى بالحفاظ على أرواح المصريين وعدم إطلاق الرصاص ضد أى متظاهر سلمى يريد أن يعبر عن رأيه، مما جعل الثوار فى ميدان التحرير وكل الميادين الأخرى يهتفون "الجيش والشعب إيد واحدة"، وهو شعار تكرر كثيرًا، وسيذكر التاريخ أسماء قيادات المجلس العسكرى على هذا الموقف الذى لم يحدث أبدًا فى أى دولة تقوم بها ثورة . وسرعان ما جرت الانتخابات الرئاسية وسلم المجلس العسكرى الحكم إلى الرئيس المنتخب الجديد "محمد مرسى" كأول رئيس مدنى منتخب لجمهورية مصر العربية بعد الثورة، وذلك بعد أن تولى "المجلس العسكرى" مقاليد الحكم لمدة عام ونصف، وتبين أثناء هذه الفترة سيطرة تيار الإسلام السياسى على المشهد المجتمعى فى مصر، فالجميع فضل مرشح جماعة "الإخوان المسلمين" عن الفريق "شفيق" الذى حسب على النظام السابق ولخلفيته العسكرية أيضًا. ونتيجة السياسة الخاطئة للرئيس المعزول مرسى خلال فترة حكمه التى استمرت لسنة واحدة فقط، انقلب الشعب على حكم الإخوان فى 30 يونيه، وتم عزل الرئيس مرسى بعد أن أعلن الفريق أول عبد الفتاح السيسى عن خارطة الطريق، وبدأ سيناريو المواجهات بين الجماعة والجيش مرة أخرى. من منطلق آخر، يقول اللواء فؤاد علام الخبير الأمنى: للأسف الشديد أن الإخوان بعد نجاح تظاهرات 30 يونيه وعزل الرئيس مرسى فقدوا رشدهم وتفكيرهم، ودخلوا فى مواجهات مسلحة مع الجيش، فهم الآن لا يقفون أمام الجيش فقط، إنما يقفون أيضًا أمام الشعب المصرى كله، فالإخوان يعتقدون أنهم ما زالوا فى الثمانينيات والتسعينيات، وأنهم حاولوا الانقلاب على كل رؤساء الجمهورية السابقين، رغم ذلك، فقد قدموا أسوأ نموذج فى الحكم، وكانت هذه نهايتهم، فهى ليست نهاية رئيس فحسب، وإنما نهاية 84 عامًا من عمر الجماعة، فقد كان لديهم فرصة للنجاح، وإنما أضاعوها باستحواذهم على السلطة، فقد تخلص منهم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لأنهم قاموا بعمل مؤامرات ضده، والرئيس الراحل أنور السادات أراد أن يستخدمهم سياسيًا فى التخلص من اليسار والاشتراكيين والناصريين وكانت النهاية للجماعة بعزل مرسى، حيث قضت على جماعة حسن البنا نهائيًا. وشدد علام على أنه على الأحزاب الإسلامية الأخرى كالوسط، وهو الوجه الآخر للإخوان، وحزب النور، والذى أتيح له أن يظهر اليوم فى الصورة، أن يعيدوا هيكلة أحزابهم كأحزاب مدنية وليست إسلامية، وعلى النظام فى مصر الآن عدم تكرار سيناريو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالحكم عليهم بالإعدام، فلابد أن يكون من خلال جرائم ارتكبوها، أما إذا حدث اعتقال سياسى فهذا غير قانونى لأن قانون الطوارئ غير مفعل وإجراء محاكمات ثورية لهم، فهذا سيؤدى إلى عدم استقرار الدولة ولن يؤدى إلى أى مصالحة وطنية. فمن الواضح أن وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى غير راغب فى السلطة، ويريد أن يكون الحكم مدنيًا، وأرى أن الجيش لم يغتصب الشرعية، وإنما أعطى الحكم لسلطة مدنية هى رئيس المحكمة الدستورية العليا، وكان يمكن للجيش والفريق السيسى أن يتولى السلطة، لأن الشعب كان يطالبه بذلك، وهو قد أبطل الدستور فلا يمكن الحديث عن القانون فى وقت الثورات وثورة 30 يونيه قد أخذت شرعية ثورية الآن، وقضت على حكم الجماعة ووجودها فى السلطة. من زاوية أخرى، أكد اللواء محمد قدرى سعيد الخبير العسكرى، أن الإخوان طوال تاريخهم السياسى دخلوا فى مواجهات حاسمة مع كل الأنظمة السابقة منذ عهد عبد الناصر حتى مبارك، ووقوفهم الآن أمام الجيش المصرى لن يكون له غير نتيجة واحدة، وهو خروجهم خاسرين من هذه المواجهة، لأن جيش مصر خير أجناد الأرض، ولا تستطيع جماعة مهما كانت قوتها أن تهزم الجيش الذى هزم العدو الإسرائيلى ولم تستطع إلى الآن أى دولة اقتحام مصر، لأنها تدرك تمامًا أن لديها جيشًا قويًا. وأضاف الخبير العسكرى أنه لا يمكن زج الجيش المصرى فى عمليات داخلية والمواجهات بين الجماعة والجيش خطيرة، والجماعة لا تعرف مدى عواقبه وخطورته، وكان من الممكن أن تتعامل معهم القوات المسلحة بالقوة، وهذا ما يريدونه حتى يتم تصويره أمام العالم كله بأن الجيش المصرى يقتل أبناء شعبه، بالرغم أنه لا توجد أى دولة فى العالم تسمح بالاقتراب من مؤسساتها العسكرية، ويجب أن تعى الجماعة ذلك.