الخاص والعام هى الخلطة التى تحكم اتجاهات أفكار المخرج وكاتب السيناريو أحمد ماهر، فما بين ارتباطه بالسينما وانخراطه فى كتابة وإخراج الأفلام.. وبين اندماجه فى النشاط السياسى من خلال مشاركته المستمرة فى معظم فعاليات الثورة وانضمامه لجبهة الإنقاذ الوطنى.. «أحمد ماهر» منتمٍ لتراب هذا الوطن، ولكنه غير منتم للأنظمة وعلى الرغم من أنه عاش سنوات طوال خارج الوطن، فإنه عاد ليغرس أقدامه فيه عندما شعر أن اللحظة الفارقة قد اقتربت لخلاص وثورة هذا البلد فأراد أن ينغمس فيه إلى أقصى الحدود وفعل. مؤخرا نال سيناريو «بأى أرض تموت» لأحمد ماهر جائزة الدعم المادى من وزارة الثقافة وهى ثانى جائزة ينالها «ماهر» بعد «المسافر» فى ,2010 عنوان الفيلم يمكن أن يوحى بأنه يتناول الثورة والشهداء لكنه كتبه قبل الثورة واستكمل كتابته بعد الثورة. تدور أحداثه فى إيطاليا كما أنه ناطق باللغة الإيطالية وحول هذا الفيلم بدأ «ماهر حديثه»: «بأى أرض تموت» مشروع خاص بدأت كتابته قبل الثورة بشهرين. ثم قامت الثورة فتوقفت لمدة 5 شهور ثم عدت لاستكماله بروح مختلفة.. وعلى الرغم من أنه يبدو عنيفا فى أحداثه إلا أنه يتحرك فى مسافة بين العاطفة الخالصة والعنف المطلق. والعاطفة هنا لها علاقة بالانتماء العائلى والأم تحديدا. لأن الأم هنا بطلة فى أحداثه لذلك قررت أن أهدى هذا الفيلم للأمهات اللائى فقدن أبناءهن.. لأن الأم الثكلى هى التى سوف تظل طوال حياتها تدفع ثمنا باهظا لفقد ابنها. ∎ عنوان الفيلم جاء من القرآن الكريم.. لماذا؟ - العنوان مستوحى من الثقافة المصرية والإسلامية. فالفيلم منقسم إلى خمسة فصول لها علاقة بالأرض. وهذه الفصول تحمل أيضا عناوين من آيات قرآنية.. ومضمون الفيلم يُعنى بالفكرة الفلسفية للأرض التى نأكل منها ونتحلل فيها لتكتمل الدائرة الكونية فهى فلسفة موجودة فى كل المعتقدات وتربط بين جميع الثقافات وخاصة الفرعونية والإسلامية التى أجد أنها نشأت واستفادت واستوعبت كل الحضارات التى سبقتها دون أن تهدمها. ∎ على الرغم من مشاركتك فى الثورة وأحداثها إلا أنك لم تفكر فى تقديم فيلم عنها حتى الآن؟ - طلبت منى بعض الجهات عمل أفلام وثائقية عن الثورة ولكنى رفضت لأنى كنت مشتبكا جدا فى الحدث ولم أكن أستطيع الحديث عنه إلا إذا ابتعدت عنه بعض الشىء وهذا لم يحدث، أيضا شعورى أن الثورة لم تكتمل بعد وأى أفلام تقدم عنها الآن لن تفيد فى شىء. وهذا ما حدث مع الأفلام التى قدمت عن الثورة والتى أراها مباشرة وفجة.. لذلك سوف أتناول الثورة ولكن على خلفية أحداث فيلم «كل الأسماء» الذى أقوم بكتابته حاليا عن رواية للأديب البرتغالى خوسيه ساراماجو.. سأعالج الرواية ولكنى سأضع البطل الذى تفرض عليه طبيعة عمله فى السجل المدنى أن يتعامل مع تسجيل أسماء المتوفين وهو ما سوف يلفت انتباهه لما يحدث حوله. وبالمناسبة لا أعنى بهذا أن أضع بطلى كصورة للمواطن المصرى الذى تعامل بسلبية مع الثورة لأننى أشعر أننى إذا فعلت ذلك فسوف أفسد الفيلم، ولكن البطل سوف يتطور مع الأحداث. ∎ لا تريد تقديم فيلم مباشر عن الثورة ولكنك متحمس لكتابة فيلم عن الإخوان؟ - متحمس لكتابة وتنفيذ فيلم عن الإخوان، أريد أن أعود إلى جذورهم وخاصة فى استخدام العنف ولن أسعى من خلال هذا الفيلم أن أصل لنتيجة محددة لأن هذا يفقد الفيلم حيويته.. على الرغم من رأيى الذى كونته عن الإخوان الذين أراهم الآن مصدومين من استقبال المجتمع لهم فقد توقعوا أن هذا المجتمع المروض على الديكتاتورية والقمع سوف يستسلم لهم 300 عام كما استسلم لمبارك 30 عاما. ولم يضعوا فى اعتبارهم تطور الزمن واختلافه.. أعتقد أن الإخوان بنظرتهم المحدودة يتخذون من مبارك نموذجا يريدون تطبيقه ويسعدون بتشبيههم به وللأسف المعارضة أيضا ضعيفة وتراثها هزيل. ∎ تنتقد جبهة الإنقاذ بالرغم من انتمائك لها، فى حين أن الإخوان لاينتقدون أنفسهم؟ - أنتقد جبهة الإنقاذ لسببين الأول أن عليها أن تكون راديكالية وواضحة أكثر من ذلك والسبب الثانى أن هذا النقد الذاتى هو نوع من الضغط لتحسن من أدائها وهو ما لا يفعله الإخوان لأنه لا تتوافر لديهم فكرة الديمقراطية.. أعتقد أن جبهة الإنقاذ عليها أن تتعامل مع الشارع المصرى أكثر من ذلك وتقنعه أن هناك بديلا. ∎ الدولة هى التى دعمت فيلمين من تأليفك وإخراجك ومع ذلك فانتماؤك للمعارضة، ضد نظام مبارك ثم ضد الإخوان معلن، ألا تعتقد أن هذه مفارقة؟ - الدعم الذى تحصل عليه أفلامى لا يأتى من جهات فى الدولة ولكن من لجان متخصصة من فنانين ونقاد، وإذا حدث أى تدخل من أى جهة فى الدولة فلن أتعامل معهم، فلدى موقف سياسى واضح أعلم أنه من الممكن أن أدفع ثمنه ولكنى لن أخضع أبدا للإخوان كما لم أخضع لمبارك من قبل. ∎ تعمل حاليا على تأسيس مؤسسة أو جمعية سينمائية لماذا؟ - لأنى أردت وشريكى فى هذه المؤسسة - وهو ليس من الوسط الفنى - إعادة الفن والثقافة مرة أخرى من خلال هذه المؤسسة والتى سوف تحمل اسم «سكيب هوم» وتعنى بمختلف الأنشطة المتعلقة بالسينما من دورات تعليمية وتدريبية فى التمثيل والكتابة، وإنتاج لأفلام منخفضة التكلفة أو مساعدة السينمائيين للحصول على دعم لأفلامهم، وحدة مونتاج ونادى سينما ومكتبة.