إلى متى سوف نظل فى تلك الحالة من الضبابية والتخبط والارتباك حيث يأتى لنا كل صباح بأخبار تزيد من تخبطنا وارتباكنا لتصل بنا الحالة إلى فقد التوازن عند الكلام عن الدستور المأمول الذى يعد لنا جميعاً المخلص لما نحن فيه - اللجنة التأسيسية الجديدة جاءت تحمل نفس العوار والإشكالية نفسها فى تشكليها الأول والتى صدر قرار بحلها، وعليه فهذا التشكيل باطل ومجاف لفكرة التمثيل الوطنى لجميع طوائف الشعب، فهذا التشكيل قائم على التمثيل الفردى القائم على فكرة خصخصة 50٪ للإسلاميين و50٪ للمدنيين ولم يستطع أحد أن يحدد من هم الإسلاميون ومن المدنيون.. فمصر لم تكن تعرف هذا التقسيم الطائفى، الأمر الآخر أن صناعة الدستور تقوم على أن المحكوم هو الذى يصنعه وليس الحاكم، والإشكالية الكبيرة هى أن التيار الإسلامى يرى أنه يجب أن يسيطر على التشكيل فى اللجنة التأسيسية المنوط بها صياغة الدستور، ثم أن هذا التشكيل الجديد كان صادقاً للحكم القضائى الذى نص على أنه لا يجب أن يكون هناك أحد بالجمعية من داخل البرلمان، وهذا عكس ما حدث على أرض الواقع لأن الجمعية التأسيسية شارك فيها 19 عضواً بالبرلمان، وهو ما يهدد ببطلانها هى الأخرى فى الطعن عليها المنتظر الحكم فيها سبتمبر القادم مما يهدد بعدم صياغة دستور مصر.. ومما زاد الأمر ارتباكاً هو تراجع د. محمد مرسى عن وعوده للقوى الوطنية التى آذرته قبل الإعلان الرسمى عن فوزه برئاسة الجمهورية، بأنه سوف يعيد النظر فى تشكيل الجمعية التأسيسية ليحقق لها التوازن المطلوب. لا شك من أن الحقبة الجديدة فى تاريخ مصر والعالم العربى التى تميزت بانتخابات حرة صعدت بالإسلام السياسى إلى قمة السلطة تعد اختباراً حقيقاً له ولقدرته على بلورة نموذج للحكم يحفظ لمصر وحدتها الوطنية ونسيجها الوطنى الذى تشكل عبر العصور ويعيد هيبة الدولة المصرية ويدعم طابعها المدنى والأهم هو قدرة الحاكم الجديد والمعسكر الذى ينتمى إليه على بلورة نموذج للحكم يجمع بين الاستمرارية والتغيير ويتأسس على اجتهادات سياسية ودينية تكفل الانفتاح على العصر وتؤمن اللحاق بركب الحضارة الحديثة والعلم والتكنولوجيا وتفتح الطريق للمصالحة الفورية بين الفكر الدينى والفكر العلمانى.. هذه العناصر مجتمعة يجب تحويلها إلى واقع ملموس يتعامل مع معطيات حقيقية وليست افتراضية، وعليه بات الأمر بيد من لهم الأمر للخروج بنا من تلك المتاهة، وعلى القائمين على أمر البلاد أن يتوافقوا ليصلوا بنا إلى دستور حقيقى يستحق هذا الوطن «ولله الأمر من قبل ومن بعد».