تفاصيل لقاء وزير العمل بمُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    بدء مراسم حفل تنصيب الرئيس الروسي في الكرملين    «زعيم الأغلبية» يدين الهجمات الوحشية للقوات الإسرائيلية على رفح الفلسطينية    ترحيل مجدي شطة لمصلحة الطب الشرعي لإجراء تحليل مخدرات    على طريقة الشيف عظيمة.. حضري بسكويت اليانسون في المنزل    بدء تطبيق نظام رقمنة أعمال شهادات الإيداع الدولية «GDR»    قبل بدء فصل الصيف.. موعد انخفاض أسعار الاجهزة الكهربائية وتوقعات السوق (الشعبة توضح)    رئيس النيابة الإدارية ومحافظ الإسكندرية يضعان حجر الأساس لنادي الهيئة البحري بالمحافظة (صور)    «تعليم المنيا» تعلن جاهزيتها لامتحانات الفصل الدراسي الثاني بصفوف النقل    وزير الدفاع البريطاني يطلع البرلمان على الهجوم السيبراني على قاعدة بيانات أفراد القوات المسلحة    الرئيس الصيني يتعهد ب"عدم نيسان" قصف الناتو للسفارة الصينية في بلجراد    هالر: لم نأت إلى باريس كسائحين    سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 7-5-2024 بالبنوك    9 أيام إجازة متواصلة.. موعد عيد الأضحى 2024    بعد تصدرها الترند.. مواعيد إعادة عرض حلقة ياسمين عبد العزيز في «صاحبة السعادة»    نجمة البوب العالمية دوا ليبا تصدر ألبومها المنتظر "التفاؤل الجذري"    كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه على نعمِه الكثيرة؟..د.عصام الروبي يوضح    رئيس "دينية الشيوخ": تعليم وتعلم اللغات يمهد لمقاصد شرعية كريمة    البورصة المصرية تربح 11.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    أسباب انتكاسات الأطفال بعد الشفاء من المرض    للأمهات.. أخطاء تجنبي فعلها إذا تعرض طفلك لحروق الجلد    وزير الصحة: المستشفيات المصرية تمتلك إمكانيات ضخمة تمكنها من تقديم أفضل الخدمات الطبية    انطلاق الأعمال التحضيرية للدورة ال32 من اللجنة العليا المشتركة المصرية الأردنية    ضبط متهم بالاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع الإلكتروني الخاصة بأهالي المنيا    وزير الري يتابع موقف المشروعات المائية وتدبير الأراضي لتنفيذ مشروعات خدمية بمراكز المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    وزير العمل يلتقي مُمثلي شركات إلحاق عِمالة موسم حج 2024    الأوقاف: أسماء المرشحين للكشف الطبي للتعاقد على وظيفة إمام وخطيب ب إعلان 2023    تأجيل محاكمة المتهمة بقت ل زوجها في أوسيم إلى 2 يونيو    نصائح مهمة لطلاب ثانوي قبل دخول الامتحان.. «التابلت مش هيفصل أبدا»    برلماني: الاستجابة للمقترح المصري طوق النجاة لوقف نزيف الدم    75 رغبة لطلاب الثانوية العامة.. هل يتغير عدد الرغبات بتنسيق الجامعات 2024؟    هل يشبه حورية البحر أم الطاووس؟.. جدل بسبب فستان هذه النجمة في حفل met gala 2024    9 عروض مسرحية مجانية لقصور الثقافة بالغربية والبحيرة    بأمريكا.. وائل كفوري ونوال الزغبي يحييان حفلاً غنائيًا    بعد الإنجاز الأخير.. سام مرسي يتحدث عن مستقبله مع منتخب مصر    المشاكل بيونايتد كبيرة.. تن هاج يعلق على مستوى فريقه بعد الهزيمة القاسية بالدوري    بحضور مجلس النقابة.. محمود بدر يعلن تخوفه من أي تعديلات بقانون الصحفيين    مسؤول إسرائيلي: اجتياح رفح يهدف للضغط على حماس    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس على المحافظات    بكتيريا وتسمم ونزلة معوية حادة.. «الصحة» تحذر من أضرار الفسيخ والرنجة وتوجه رسالة مهمة للمواطنين (تفاصيل)    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    مصرع سيدة دهسًا تحت عجلات قطار بسمالوط في المنيا    «تعليم القاهرة»: انتهاء طباعة امتحانات نهاية العام الدراسي لصفوف النقل.. وتبدأ غدًا    جمهور السينما ينفق رقم ضخم لمشاهدة فيلم السرب في 6 أيام فقط.. (تفاصيل)    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    سعر الأرز اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في الأسواق    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    تفاصيل نارية.. تدخل الكبار لحل أزمة أفشة ومارسيل كولر    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    لاعب نهضة بركان السابق: نريد تعويض خسارة لقب الكونفدرالية أمام الزمالك    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهاني الجبالي.. نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: الشعب المصري يمرض.. لكنه لا يموت الحالة الضبابية لن تستمر.. خلال شهرين سوف نستطيع فتح ملفات الثورة
نشر في المساء يوم 31 - 12 - 2011

أكدت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا أن مصر تعيش لحظات حرجة فالأوضاع مأساوية ولم ننجز مهام المرحلة الانتقالية. واسقاط النظام لم يكتمل بسبب العناصر المضادة التي تعرقل الثورة.
قالت في حوارها ل"المساء الأسبوعية" إن الكل شركاء في المسئولية وعلي رأسهم المجلس العسكري لمواجهة الخلايا والتنظيمات المدفوعة من الخارج لإفساد المشهد السياسي.. وصفت وجود آلية للتعامل مع ملف الشهداء والمصابين أمر جيد ومؤكدة أن المحاكم الثورية السبيل للقضاء علي الاحتقان الموجود في الشارع.
أضافت أن انعدام الثقة خلال ال 30 عاما الماضية وراء تخوف البعض من استمرار الجيش في الحكم وأن اختيار أعضاء الجمعية التأسيسة من البرلمان غير منطقي وأن تشكيلها يجب أن يتم من خلال النقابات والأحزاب والمنظمات.
أشارت الي أن انتخاب رئيس الجمهورية قبل وضع الدستور معناه رئيس بلا صلاحيات وأن النظام المختلط في الحكم الأقرب لتحقيق المصلحة الوطنية.
رفضت تماماً قيام مجلس الشعب بتشكيل لجنة برلمانية لإدارة المرحلة الانتقالية مؤكدة أن مصر أكبر من الجميع وأنه لا خوف من صعود التيارات الإسلامية.
* كيف ترين الصورة والمشهد المصري ونحن نقترب للاحتفال بمرور عام من ثورة 25 يناير؟
** أري مصر في لحظة حرجة لأنها لم تنجز مهام المرحلة الانتقالية بشكل أكثر يسرا وسلاسة مما حدث.. كثير من الاستقطاب السياسي مر في المشهد العام.. هناك الكثير من الأوضاع المآساوية وتركت اثارها وظلالها علي السلطة الفعلية التي تدير البلاد وعلي الإرادة الشعبية وأصبحت هناك فجوة تحتاج لحكمة شديدة وعلاج سريع من كل الأطراف.
هناك أيضاً مخاطر علي الاقتصاد المصري تعرقل مسيرة تحقيق العدالة الاجتماعية كذلك لم يتعاف الأمن بشكل كامل يحقق الاستقرار ويقضي تماماً علي حالة الفوضي والانفلات والبلطجة أيضاً لا يخفي علي أحد أن الثورة محاطة بمجموعة من المؤامرات والمناورات والمليارات التي تصرف بهدف ألا تقوم لمصر قائمة. وأثق في وجود أجندات اقليمية ودولية لا تتقاطع مع الثورة المصرية تقاطعاً صحياً وبالتالي فهي تحاول محاصرة الحدث لافراغه من قدرته علي بناء دولة ديمقراطية حديثة خاضعة للدستور والقانون وقادرة علي النهوض بمصر واستعادتها لدورها ومكانتها وقدرها وطاقاتها الصلبة والناعمة في المنطقة.
كل هذا يشكل هاجساً خطيراً لدي القوي المختلفة لأنه سيغير من معادلات وموازين القوي في العالم.
لذلك لابد أن نعي حجم وخطورة نجاح الثورة المصرية علي الآخرين من حولنا وبالتالي هم لن يتركونا في حالنا ومثال علي ذلك حجم الضغط الاقتصادي الذي نتعرض له الآن وعدم الوفاء بالوعود التي تحدثت عنها بعض الدول الشقيقة في ضخ المساعدات والاستثمارات لمساندة الاقتصاد المصري.
* هل ستنجح الثورة المصرية في مواجهة هذه القوي وتجاوز هذه المخاطر بكل تداعياتها؟
** هذه مسئولية مشتركة لدي كافة الأطراف المعنية بمستقبل هذا الوطن وأتمني أن تقرأ المشهد جيداً وبدقة وتتخذ من مواقفها السياسية شكلاً أكثر عقلانية لمواجهة الأزمات بما يحقق أهداف الثورة علي طريق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
* حتي الآن شباب الثورة ليس لديه برنامج واضح يلقي اتفاقا فيما بينهم.. كما أنه في حالة صدام مستمر مع المجلس العسكري؟ كيف المخرج من هذا المنعطف؟
** لابد أولاً أن نعترف أن الشباب هو أنبل ظاهرة في هذه الثورة.. وهو الذي تحمل المعاناة وخرج بكل طموحاته وأحلامه لهدم النظام من أجل وطن ومستقبل أفضل.
وأري أنه الطليعة التي يجب أن تتسلح بالعلم والوعي وقراءة التاريخ جيداً.. لأنه ربما هذا الجانب تحديداً لدي الجيل الجديد بحاجة الي تعميق وهي مسئولية خاصة وأننا نسعي أن هناك عملية تجريف للذات المصرية من كل مقوماتها كانت تتم عبر السنوات الماضية إضافة الي النظام التعليمي الضعيف.. ولكن هذا الشباب استطاع أن يخرج من المنظومة واستعان بأدوات العصر وخلق لنفسه عالماً افتراضياً ومن خلاله احتشد وخرج في مقدمة المشهد الثوري وهو جيل يتمتع بثقة ايجابية قد يراها البعض سلبية كونه جيلاً عنيداً ولا يقبل بأنصاف الحلول وبالتالي لن يقبل التفريط في حقوقه وحريته السياسية علي الجميع أن يعي ذلك جيداً.. لذلك أري أن لديهم مساحة من الشعور بالأسي والاحباط لأنه تم اقصاؤهم من كل القوي.. فلم يتعامل معهم أحد بشرف الأمانة التاريخية مما تترتب عليه الآثار القائمة في حالة الغضب والعنف والصدام.. وبالتالي نحن نريد أن نصل بالثورة لنقطة الأمان الوطني بدون مزيد من الخسائر والتضحيات فكل نقطة دم تراق هو جرح غائر في قلب الوطن.
* هل تقع المسئولية المباشرة هنا علي المجلس العسكري باعتباره المجلس الحاكم في المرحلة الانتقالية؟
** المسئولية هنا لها أطراف متعددة بالطبع المجلس الأعلي للقوات المسلحة يأتي في المقدمة أيضاً علي الحكومة والقوي السياسية صاحبة الأغلبية والاقلية حتي علي الجماعات الثقافية والمفكرين.. الكل هنا شركاء في المسئولية.. فقد غابوا تماماً في هذا المشهد ولم يعد لهم دور علي الرغم من أهميته في تلك اللحظات الفارقة.
للأسف لم أر أحداً يجتهد من أجل منح هذا الشباب وثيقة الثورة التي تحمل مشروع مصر النهضوي القادم حتي الآن مازلنا نعيش حالة فوضي في التعامل مع المنهج العلمي لبناء مجتمع الثورة.. فالثورة هي علم تغيير المجتمع وحتي الآن لم نستدع هذا المناخ العلمي.. هذا الجيل يجيد الهدم.. لكنه لم يجيد البناء. وبالتالي هو قلق لأن اسقاط النظام لم يكتمل لأنه يشعر أن بعض قوي الثورة المضادة موجودة وتستطيع أن تعرقل مسيرة الثورة.. أعتقد أنه يجب أن نعمل جميعاً علي اعادة تنظيم صفوف الشباب بشكل أفضل وأن يمتلك قدرة التأثير في المشهد السياسي بشكل أفضل حتي يخرج من أمراض الحركة السياسية مثل التشرذم والانقسام والجدل والخلافات.
لابد أن نتعامل معه بمزيد من الثقة والاحترام وألا نمارس معه سياسة الاقصاء مثل ما تم معنا من قبل.
* هل تعتقدين أن المجلس العسكري أخطأ في تعامله مع القوي الثورية خلال الأحداث الأخيرة؟
** حقيقة الأمر أنه بجانب الأخطاء الكثيرة الواردة في أي مسار إنساني أي في المرحلة الانتقالية.. هناك أمر قد يبدو خافياً علي البعض وهي أن مصر مفتوحة لكل أجهزة مخابرات العالم التي تعبث بها ونحن لدينا أعداء.
أعتقد أن هناك خلايا وتنظيمات مدفوعة بقوة لافساد المشهد السياسي.. الثوار حين يخرجون للتظاهر السلمي نجد أن هناك من يعمل علي تدمير وتخريب هذا السلوك.. فكل الأحداث تؤكد أن هناك طرفاً وأصابع خفية.. ولكن يجب هنا ألا نظل نتحدث عنه بدون أن نعلن الحقائق بشفافية كاملة وأعتقد أن المعلومات التي بدأنا نسمعها أتت متأخرة لأنها تتصل بأحداث بها أطراف إما اقليمية أو داخلية أو خارجية تعبث بمصر خاصة وأن حدودنا مفتوحة والجيش يبذل جهداً كبيراً غير عادي في تأمين الأمن القوي الداخلي والخارجي.
* هل تعتقدين أننا كنا بحاجة الي تشكيل محاكم ثورية للقضاء علي حدة الاحتقان الموجود في الشارع المصري؟
** بالتأكيد نعم لأن كل ثورة تمتلك محكمتها الثورية والحقيقة أصابنا الارتباك في هذا الشأن وحملنا القضاء ما لا طاقة لديه.. خاصة وأن عددهم محدود ولا يفي بالعدالة الناجزة في الأوضاع العادية فكيف في حالة الفساد السياسي والمالي.. وبالتالي كان لابد من اقامة محكمة ثورية بضمانات المحاكمات العادلة تتفرغ تماماً للقضايات الشائكة المتعلقة بالجرائم المالية والسياسية وكل أوجه المحاسبة التي تجريها الشعوب في المراحل الانتقالية مع الأنظمة السابقة علي الثورات وهو أمر مستقر في ضمير البشرية من خلال برنامج العدالة الانتقالية في الأمم المتحدة التي تنظم هذا وتؤكد أن المحاسبة الاستثنائية تتولاها محاكم تخصص في هذا وبالتالي كان هذا من الأخطاء الكبيرة التي ترتب عليها وجود احساس وشعور بأن هناك من يعوق هذه المحاكمات وسمح للبعض أيضاً.
* المطالبة برحيل الجيش قبل الموعد المحدد.. هل مصر في حاجة الي تحقيق ذلك علي وجه السرعة؟
** بداية ليس لدي هاجس في أن المجلس العسكري يريد تسليم السلطة سريعاً ولا يوجد لديه أطماع في الاستمرار في الحكم كما يدعي البعض لذلك أشعر بالتعجب لكل ما يطرح في هذا السياق.. وهذا يبدو أنه نتيجة طبيعية لحالة انعدام الثقة التي عشناها لمدة 30 عاماً.. ولقد رفضنا كل المحاولات السابقة التي حاولت أن تعدل من هذا المسار فتكون أكثر أمانا وقدرة علي تحقيق الاحتشاد الوطني بدون خلاف.. فعندما أعلن البعض ضرورة وضع الدستور ثم نجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية تم رفض الحل وفيما بعد عندما أعلنا أنه بناء التوافق الوطني هو الذي يقرب المسافات بين الأطياف المختلفة أفسدت المحاولات المتعلقة بهذا الشأن.. والمشكلة التي نعيشها الآن أنه لأول مرة في تاريخ الدساتير في العالم القي الدستور في قبضة البرلمان وبالتالي بدأت تتولد المشاكل.. فالخوف قائم من تصور الأغلبية البرلمانية أن الدستور ملك لها وتطبعه بطابعها.
الدساتير وثيقة توافقية لا يمكن أن تضعها أغلبيات أو أقليات.
* هل من الممكن أن يتم ذلك الآن؟
** أتمني أن تتم هذه الخطوات قبل الموعد المحدد لانعقاد البرلمان في نهاية يناير القادم.. فاذا لم نتوافق الآن سيصبح مشكلة الغد وتأجيله لا يحمل ذكاءً سياسياً من أي طرف.. فاذا كانت هناك حالة اقتناع بضرورة استقرار المؤسسات علينا أن نبني ونمهد للبيئة التي تسمح بتحقيق الاستقرار.. ولكن اذا سادت حالة الخلاف في البرلمان حول الجمعية التأسيسية ومعاييرها سندخل في اشكاليات متعددة.. بصفة عامة الجمعية التأسيسية يجب أن تنشأ عبر تمثيل واسع لأطياف المجتمع وبعيداً عن أعضاء البرلمان.
* علي من تقع المسئولية المباشرة في هذا الأمر؟
** مسئولية التيار الديني وفي مقدمته الإخوان المسلمون مباشرة.. لأن صاحب الأغلبية صاحب مسئولية في نفس الوقت حين تحققت الأغلبية بالانتخابات ونحن نحترم الإرادة الشعبية ولابد أن نحترم صندوق الانتخابات وإلا فالبديل هو الفوضي.
ومسئولية الأغلبية هي حماية حقوق الأقليات وعندما نري كيف تمضي الدول الديمقراطية في مسيرتها نجد أن البرلمان يصبح رئيس اللجنة التشريعية هو رئيس الاقلية وليس الأغلبية وذلك لتحقيق التوازن هذه هي العملية الديمقراطية الناضجة أما الاحساس بالغلبة السياسية فهو اسلوب مرضي وليس ديمقراطي.
* هل يتم اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية من البرلمان المصري؟
** ليس من المعقول أن يختار الأعضاء المنتخبون من بينهم أعضاء اللجنة التأسيسية فهذا يعد من الأمور غير المقبولة منطقياً وبالتالي لابد أن تكون هناك مسارات معينة هي التي تقوم بالترشيح والاختيار من أعضائها مثل الأحزاب والنقابات المهنية والاتحادات والجمعيات العلمية والقضاء والهيئات الرقابية في المجتمع والجامعات وأيضاً ممثلي العمال والفلاحين وممثلي الشباب هذه الجهات قنوات شرعية من حقها أن تتولي هذه المهمة لأن الدساتير عملية فنية مهمة فهو أبو القوانين وهو أيضاً الذي يحدد نظام الحكم في الدولة واختصاصات سلطاتها الثلاث.
* هل يستغرق إعداد الدستور فترة زمنية طويلة؟
** بداية لابد أن يتم التوافق الفعلي علي معايير الجمعية التأسيسية فيما يختص باسلوب ومعايير واجراءات الانتخاب وهذه الخطوات اذا تمت الآن وبدون تأخير وخلافات من المؤكد أننا سوف نختصر علي أنفسنا المسافة والوقت ونمضي نحو الخطوات الصحيحة علي طريق نقل السلطة الي الحكم المدني.
النص الدستوري القائم الآن ينص علي أنه في خلال 6 أشهر يتم اختيار الجمعية التأسيسية و6 أشهر أخري لوضع وإعداد الدستور.
** هذا الكلام يعني أننا بحاجة الي فترة زمنية تصل الي حوالي عام حتي تنتهي هذه المرحلة الانتقالية.. علماً بأن الموعد المحدد طبقاً لما أعلنه المجلس الأعلي للقوات المسلحة هو نهاية شهر يونيو القادم.. فكيف يمكن أن يتحقق ذلك؟
** هذا كلام صحيح ومع بداية الأعمال التحضيرية للمجلس الاستشاري توجهت بهذا السؤال للمشير طنطاوي لأننا حتي هذه اللحظة الراهنة لم نتوافق ولم نتفق علي خطوات واضحة تحدد خارطة الطريق السياسي فكان الرد أننا نسعي الي بناء توافق بين كافة القوي السياسية حول اجراءات الجمعية التأسيسية وأري أن هذا لو تم سريعاً سيكون عنوان الرشد لكل الأطراف.
وحقيقة الأمر هناك أيضاً بعض المبادرات الايجابية بدأت تظهر في الأفق مثل مبادرة التحالف الديمقراطي التي أعلن عنها د.وحيد عبدالمجيد وهي تتعلق بالمواد الواردة في دستور 71 من نص المادة الأولي والمادة 72 73 التي تشكل مقومات الدولة والحقوق والحريات العامة يجب أن نحافظ عليها باعتبارها لا تحتاج الي تعديل أما الباب الخامس الذي يتعلق بنظام الدولة وصلاحيات الرئيس المنتخب هنا نعدل في المواد التي يمكن أن تمنحنا ديمقراطية الحكم.
أعتقد أن هذه مبادرة جيدة للغاية من الممكن أن تحل جزءاً كبيراً من الاشكالية القائمة لو توافقنا عليها وبالتالي ستساعد في تقصير المدة الانتقالية أؤكد أنه بدون أي ضمانات للتوافق الوطني ستمر الأشهر بدون تقدم ملموس في اطار الدستور.
* هل من الممكن أن تتم انتخابات الرئاسة قبل وضع الدستور للخروج من المأزق؟
** أخشي أن يتم هذا لأننا لن نكون قد حددنا نظام الحكم وبالتالي كيف يمكننا اجراء انتخاب الرئيس وماهي الصلاحيات المحددة له.
وهذا معناه أن يأتي رئيس معطل بلا صلاحيات مع حالة اشتباك حول نظام الحكم القادم وتلك اشكالية كبري تجعلنا في حالة تخبط واختلاف وصدام ليس في مصلحة الوطن ولا الثورة.
ومن المعروف أن صلاحيات الرئيس تختلف من نظام برلماني الي رئاسي أو مختلط وبالتالي أؤكد أنه لابد من وضع الدستور أولاً ولا داعي للانسياق وراء الدعوات الي اجراء الانتخابات الرئاسية علينا أن نحترم أن مصر دولة لها تاريخ دستوري يمتد الي عام 1866 ولا يليق بها أن تدخل حالة المأزق الدستوري الذي يعوقها ويحبط شعبها لابد أن يغلب الجميع المصلحة الوطنية العليا وهي لا تنفصل عن الحفاظ علي الأمن القومي.
أدعو الجميع أن يرتفعوا الي مستوي المسئولية في هذه اللحظات الحرجة.
* معظم الآراء تتفق علي أن النظام الرئاسي البرلماني هو الأفضل لمصر.. فما رأيكم؟
** أعتقد أن النظام الأقرب لتحقيق المصلحة الوطنية في هذه المرحلة إما يكون النظام المختلط يتم فيه تقسيم المسئولية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بحيث يختص رئيس الوزراء بالملفات الداخلية ورئيس الجمهورية لديه الصلاحيات المتعلقة بقضايا الأمن القومي والعلاقات الخارجية في الأساس.
والنظام السابق كان يمنح للرئيس صلاحيات مطلقة بلا محاسبة وحالياً بعد أن منح المجلس العسكري الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء هذا مؤشر نحو بداية الأخذ بالنظام المختلط لوجود الصلاحيات السيادية التي لا تقبل التفويض في يد رئيس الجمهورية أو القائم بأعمال رئيس الجمهورية والصلاحيات التنفيذية التي تمثل عصب ودينامو الحركة الداخلية تكون في يد رئيس الوزراء كي يمكن محاسبة الوزارة أمام البرلمان.
* كيف يمكننا البناء لمصر المستقبل في ظل حالة الاختلاف بين التيارات الموجودة علي الساحة الآن؟
** الجينات الحضارية لهذا الشعب تظهر في لحظات الاحتشاد بمعني أثناء الثورة وتجلي لحظة الضمير الجمعي ووضوح الهدف زادت ثقتي في أن هذا الشعب يمرض ولا يموت.. لابد من عودة تلك الروح التي التف حولها الجميع لكي نستطيع بناء مصر المستقبل لابد أن تتضافر جهود كافة المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية لرسم ملامح المشروع النهضوي الذي نحتاجه للعبور نحو بناء الدولة الحديثة.
آن الأوان للمبدعين والعقلاء والمثقفين أن ينهضوا من حالة الارتباك سريعاً ليمارسوا دورهم الحقيقي لتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في العقود الماضية.
* هل تتوقعين استمرار هذه الحالة الضبابية لفترة طويلة؟
** لا أتوقع ذلك.. نحن نحتاج لأن نبذل جهداً أكبر في الحوار الوطني الجماعي خلال الفترة القادمة أعتقد أنه في خلال شهرين علي الأكثر نكون استطعنا فتح الملفات الحقيقية لهذه الثورة.
* تعددت الوثائق والمشروعات التي ترسم ملامح الدولة الحديثة لكن حتي الآن لا يوجد توافق وإجماع كامل حول واحدة من هذه الوثائق فما رأيكم؟
** بالفعل لقد صدرت حوالي 11 وثيقة حتي الآن في إطار بناء مصر الجديدة أو الحديثة وكان لي شرف المشاركة في قراءة لهذه الوثائق لوضع الوثيقة التوافقية التي تم الإعلان عنها واكتشفت ان المشترك في هذه الوثائق لا يقل عن 85% وهذا شيء ايجابي لكن المشكلة أننا لم نصل بعد إلي مرحلة تغليب التوافق الوطني فمازالت بعض القوي تتصارع علي الغلبة السياسية متناسية ان الوطن لا يبني إلا من خلال الجميع.
أيضاً حالة الارتباك التي تسود باقي التيارات وعدم وضوح الرؤية في أولويات الأهداف يضاف إلي كل هذا مساحات الصدام التي حدثت بين المجلس العسكري والثوار والاحتقان القائم الآن كل هذا يشكل عبئاً في الاتفاق حول صيغة إحدي الوثائق اضف إلي كل هذا نقطة مهمة وهي ان الشباب حتي الآن يجيد الهدم ولا يجيد البناء وبالتالي لابد من تصحيح المسار فكلما تأخرنا في طريق الايجابيات كلما دفعنا الثمن غالياً.
* هل ترين ان الأزهر استطاع ان يستعيد دوره الثقافي والتنويري وعدم انطوائه تحت عباءة السلطة التي استمرت لسنوات طويلة؟
** بمنتهي الصراحة أجد تغييراً واضحاً في موقف ودور الأزهر فقد استطاع الشيخ الجليل أحمد الطيب بمنتهي الوعي والنضج والشعور بالمسئولية الوطنية ان يسترد للأزهر عافيته بشكل منهجي ومدروس نري شواهده في أمور كثيرة ليست فقط الوثيقة والمبادرات ولكن في العلاقات بين الأزهر وسائر الجماعات الثقافية والسياسية.
وأرجو أن تكون وثيقة الأزهر إحدي المرجعيات الأساسية في المرحلة القادمة واسترداد دور الأزهر هو قضية مفصلية في بناء مصر القادمة.
* هناك مقترح حول قيام مجلس الشعب بتشكيل لجنة برلمانية للعمل علي إدارة المرحلة الانتقالية لحين إجراء انتخابات الرئاسة؟
** أرفض هذا تماماً.. فمجلس الشعب لابد ان يستمر في أداء دوره المحدد له دستورياً ولا يجب ان يتحول لمجلس حكم ففي هذا اختطاف للشرعية وأرجو ألا يمارس المجلس الحكم ولا يقوم أيضاً بانتخاب الرئيس أو يكون رئيسه هو رئيس الدولة فكل هذه المقترحات التي يطالب بها البعض تعني انحرافاً شديداً في مسار المرحلة الانتقالية يؤدي إلي مزيد من الكوارث.
المجلس القادم يجب ان ينشأ كمؤسسة دستورية مهمتها هي التشريع ومراقبة الحكومة لديه مهمة استثنائية في هذه المرحلة هي إنشاء الجمعية التأسيسية للدستور علي ان تنفصل عنه بمجرد إنشائها وبالتالي فنحن في حاجة إلي قانون منظم لعمل الجمعية التأسيسية.
* هل تعتقدين ان مجلس الشعب القادم قادر علي تحقيق مطلب العدالة الاجتماعية باعتباره من أهم مطالب الثورة؟
** هذا تحد وعلينا ان ننتظر كيف ستعمل القوي الجديدة علي تحقيق هذا المطلب الملح وعليهم ان يخرجوا من دائرة الشعارات لدائرة البرامج السياسية المحددة التي نستطيع نحاسب عليها ونناقشها.
* هناك آراء تنادي بتسليم السلطة للبرلمان وأخري تشير إلي أن هذا مخالف للإعلان الدستوري؟
** هذا مخالف لكل الأعراف الدستورية في العالم ولا يوجد مجلس شعب يتحول لمجلس حكم يقبض علي كل الصلاحيات والسلطات فهذا أمر مخل بتوازن السلطات في المجتمع وإذا كان الأمر يتعلق أيضاً بمجلس لم يأت متوازناً في إطار تمثيل كل التيارات والقوي في المجتمع فنحن نمهد لثورة جديدة.
ومن يردد هذا غير قادر علي إدراك ان اختطاف الشرعية يمهد لحالة من الغضب التي يمكن ان تسفر عن موجة جديدة للثورة.
* الخوف من صعود التيارات الإسلامية والتصريحات غير الواضحة وما تسببه من ارتباك وغموض في منهاج بعضهم كيف ترونه؟
** بداية مصر أكبر من الجميع ولا أستشعر خوفاً من صعودهم إلي العمل السياسي وهذا هو المحك العملي الحقيقي لأن يدخلوا في حضرة مصر فتؤدبهم وهناك ثوابت حضارية وثقافية ودينية لها التميز وبعض التصريحات التي نسمعها أراها آراء فردية تعبر عن صاحبها في إطار حرية الرأي ولكن في نهاية الأمر حين نحكم فهناك دستور وقوانين ودولة وضوابط.
* المادة الثانية من الدستور التي تتعلق بالشريعة الاسلامية والمرجعية الدينية لماذا يبدي البعض تخوفاً منها؟
** بداية لابد من ايضاح أمر هام وهو ان هذا النص نطبقه منذ 28 عاماً والمحكمة الدستورية العليا وضعت له اطاراً وضوابط للتطبيق وهو من النصوص المستقرة في مقومات الدولة وقد قمت بطبع كتيب صغير حول الاطار الدستوري لتطبيق نص المادة الثانية لتوزيعه مجاناً علي المصريين لمعرفة هذه المادة.
أما مصدر التخوف فهو ان هذا النص مفترض ومفتري عليه.. مفترض لأن البعض يتخذه تكئة لفرض تشدده الفقهي علي المجتمع المصري ويبقي الفقه في النهاية هو الاجتهاد البشري قد يخطئ وقد يصيب ولكن الاسلام في النهاية هو الحجة علي كل الفقه وليس الفقه كله حجة علي الاسلام أما المفتري عليه بمعني ان الفئة التي لا تفهمه تتخذه فزاعة وتتحدث عنه باعتباره نصاً لابد من التخلص منه لأنه يهددنا وهذا غير صحيح لأننا طوال هذه السنوات الماضية ونحن نطبقه ولم يتأثر به أي مواطن لا في إطار الدولة المدنية الحديثة ولا في إطار إقامة الشعائر الدينية وحرية العقيدة وحقه في حرية الفكر.
نحن فقط بحاجة إلي مزيد من الوعي حتي نصحح الأفكار حول نصوص يحاول البعض ان يستغلها وفق اتجاهاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.