في هذا الحوار مع الأهرام يتحدث د. حسن نافعة عضو المجلس الاستشاري عن مصر بعد عقد مجلس الشعب الجديد في23 يناير الحالي وعن الحالة الراهنة. وهل نحن في مأزق.. ولماذا..وماهو المخرج حتي تستكمل مصر بناءها الديمقراطي.. تواجه الأخطار والتحديات المحلية والاقليمية والدولية لقد جري هذا الحوار علي مدي جلستين.. وكان الحديث منطلقا وصريحا هل تري أن المجلس الاستشاري بأعضائه يمثل التيارات السياسية والفكرية المختلفة في مصر؟ لا أستطيع القول في اللحظة الراهنة إنه يمثل كل القوي السياسية والتيارات, فإن تشكيل المجلس بدأ بداية غريبة وهي أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد تشاور مع مجموعة صغيرة من الذين كانوا علي صلة به, وعندما بدأت فكرة تشكيل المجلس رشح له هؤلاء عددا آخر من الشخصيات وهكذا حتي وصل الي التشكيل الحالي وعلي أساس أن يلعب المجلس دورا استشاريا, ومن سوء الحظ أنه في بداية عمل المجلس حدثت أزمات التحرير وقصر العيني ومجلس الوزراء بتداعياتها ومانتج عنها من قتل وحرائق وتدمير وصدام بين المتظاهرين من جانب وبين الجيش والشرطة من جانب آخر.. وفي ضوء ذلك كان صعبا علي المجلس الاستشاري أن يواصل عمله وأدي الأمر إلي أن بعض الأعضاء وأنا منهم قدم استقالته.. ثم اجتمع المجلس وقرر تجميد أنشطته احتجاجا علي ماحدث.. وكان هذا كافيا بالنسبة لي ولغيري لتأكيد أن الاعضاء ليسوا مجموعة من الموظفين يعملون لحساب المجلس الأعلي! ثم جرت تسوية الأمور علي نحو ماهو معروف ومن ثم ففي تصوري فإنه في استطاعة المجلس أن يلعب دورا مفيدا في المساعدة علي ادارة ماتبقي من المرحلة الانتقالية, ولكي ينجح في هذا.. لابد أن يضم عددا آخر من الشخصيات منهم الدكاتره البرادعي وعبدالجليل مصطفي ومحمد أبو الغار وحسام عيسي وغيرهم.. وبعض هؤلاء للعلم رفض الانضمام في البداية لسبب أو لآخر وكذلك فإن الدكتور محمد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة كان مشاركا معنا باسم الحزب وجماعة الإخوان المسلمين في مشاورات التشكيل.. ثم إذا به فجأة يعلن انسحاب وعدم انضمام الجماعة والحزب للمجلس الاستشاري.. وكان لهذا تأثير سلبي! وأعتقد أن هذا كان مقصودا من تيار الاخوان الذين لم يريدوا مجلسا يشارك في إدارة المرحلة سوي مجلس الشعب الذي خططوا أن يكونوا فيه. القوة الرئيسية لكن هذا علي أي حال لا يقلل من أهمية المجلس وامكانيات تفعيله, إذ يضم عددا من الشخصيات المهمة والفاعلة, اضافة كما ذكرت إلي مقترح ضم أعضاء آخرين وبعض ممثلي شباب الثورة. كيف يتم التفعيل وماهي مهمتكم تحديدا؟ إن المهمة واضحة في قرار إنشاء المجلس وهي دراسة مايحال إليه من المجلس الأعلي للقوات المسلحة ولكن له الحق في مناقشة مايراه ضروريا.. ويقدم توصيات للمجلس الأعلي وهي, وإن لم تكن ملزمة من الناحية القانونية فإنها من الناحية السياسية ملزمة وتضع المجلس الأعلي في اختبار حقيقي.. وقد ناقشنا هذا في المشاورات التمهيدية فإما أن يضع توصياتنا في الاعتبار.. وإما أن نكون في حل من الاستمرار. وأعتقد أن المجلس يقدر جهودنا فإن أعضاء المجلس الاستشاري يحاول تقديم خدمة للوطن لعبور فترة شديدة الحساسية وتتطلب مهارة وحنكة سياسية وقدرة علي التواصل مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة الواقع تحت ضغوط شديدة محلية وإقليمية ودولية.. ومن الشارع السياسي بصفة عامة خاصة من ميدان التحرير الذي تحركه قوي شديدة التنوع وليست محددة الأهداف, كما أن عجز الشباب عن توحيد صفوفهم وانتخاب ممثلين حقيقيين لهم.. فتح الباب أمام العناصر الانتهازية.. فظهر انتهازيون كثيرون علي الساحة.! وسط كل مايقال عن الدستور وصياغته.. هل للمجلس الاستشاري دور في هذا؟ إذا نجح المجلس في الحصول علي ثقة الرأي العام فإنه يمكن أن يصبح هو الاطار الصحيح لتحقيق التوافق حول القضايا الخلافية.. وفي رأيي.. فإن المجلس يمكن أن يقوم بهذا علي خير وجه.. مثل.. ماذا؟ مثل وضع الضوابط والمعايير التي يجب مراعاتها عند تشكيل لجنة صياغة الدستور دون تفجير للصراع السياسي.. وهذه مسألة بالغة الحساسية. وهنا لابد من تأكيد أن وضع ضوابط ومعايير لجنة الدستور.. لا يعني إطلاقا أن المجلس الاستشاري يحاول أن يحل محل البرلمان الذي ينص الاعلان الدستوري علي أن أعضاءه المنتخبين هم الذين سيختارون أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لكن في الوقت نفسه يجب التركيز علي أن هذه الجمعية يجب أن تكون ممثلة لكل القوي السياسية والتيارات ومنظمات المجتمع المدني للتعبير الصحيح عن المجتمع المصري كله.. دون انفراد تيار أو فصيل بعينه. اتصالا بالبرلمان والقوي السياسية.. ماهي قراءاتك لنتائج انتخابات مجلس الشعب؟ لقد جاءت بمفاجأة, فقد كنا نتوقع أن يحصل التيار الاسلامي علي نحو أربعين في المائة من المقاعد.. فإذا بجماعة الإخوان المسلمين ممثلة في حزب الحرية والعدالة تحصل وحدها علي هذه النسبة ثم المفاجأة الكبري بحصول التيار السلفي علي نحو خمسة وعشرين في المائة.. والسؤال هل سيتفق هؤلاء وأولئك ليشكلوا قوة كبيرة.. وهنا يحدث وضع خطير يبعث علي القلق!! أم.. أن الخريطة السياسية ستتغير بتحالفات غير منظورة الآن.. وهذا ماأتوقعه مما يجد نوعا من التوازن والاعتدال. عموما.. إنني أتوقع أن تحدث في البداية مزايدات بين الاخوان والسلفيين.. وهذا سيدفع التيار الاسلامي بفصائله إلي المعترك السياسي وبالتالي سيدرك المواطن العادي أن القضية لا تتعلق بالدين.. بقدر ماتتعلق أساسا.. بالسياسة والمصالح الدنيوية! وسيؤدي هذا تدريجيا إلي الفصل بين الحيز الديني والحيز السياسي في العمل العام. لكن.. ماهي دلالة النتائج وتوابعها؟ يجب احترام نتائج الانتخابات وأنها تعبر عن الارادة الشعبية.. لأن عدم احترامها يؤدي إلي نتائج وخيمة وينسف الديمقراطية. كيف تري شكل الحكومة القادمة بعد انتخاب أعضاء مجلس الشعب وبدء جلساته في الثالث والعشرين من يناير.. وكيف ستكون العلاقات بين الحكومة والمجلس.. والمجلس الأعلي للقوات المسلحة؟ طبقا للإعلان الدستوري فإن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيشكل الحكومة ولكن لاعتبارات المواءمة السياسية فلابد أن تكون موضع ثقة البرلمان لأنه سيتعامل معها ولابد أن تحظي بثقته وفي رأيي.. فإنه علي حكومة الدكتور كمال الجنزوري أن تقدم استقالتها فور بدء عمل البرلمان لتتيح الفرصة لتشكيل حكومة تحظي بالثقة.. لكن الأمر الغريب أنه عقب ذلك سنجد أمامنا المجلس الأعلي للقوات المسلحة لحين انتخابات رئيس الجمهورية والبرلمان بمجلسيه: الشعب والشوري وأيضا المجلس الاستشاري والحكومة.. وهنا لا أعلم كيف ستتعاون هذه المؤسسات مع بعضها.. لابد من تفكير سياسي لإدارة هذه الفترة!! أين موضع الدستور.. ومتي يوضع.. قبل أم بعد انتخاب رئيس الجمهورية؟ ان التيار الإسلامي يحاول تأخير وضع الدستور إلي مابعد الانتخابات الرئاسية, لتكون له اليد الطولي في وضعه.. لكن ومعظم التيارات السياسية تري بضرورة وضع الدستور قبل هذه الانتخابات ليتحدد شكل الدولة وسلطات الرئيس. ومن الأفضل أن يقدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة ويعمل علي حل جميع المشكلات قبل تسليم السلطة المدنية المنتخبة.. وهذا يفرض إصدار الدستور أولا لتحديد نظام الدولة وهل مثلا يكون رئاسيا أو برلمانيا.. لأنني أعلم أن نصف عدد المرشحين للرئاسة سينسحبون إذا كان النظام برلمانيا أي يكون منصب الرئيس شرفيا. وفي رأيي شخصيا فإن مصر ليست مهيأة للنظام البرلماني الكامل.. وأري أنه من الأفضل في المرحلة القادمة أن يكون النظام مختلطا أشبه بالنظام الفرنسي, بمعني أن تكون للرئيس صلاحيات في السياسة الخارجية والأمن القومي.. وأن تكون لديه سلطة التدخل ليكون الحكم الأعلي بين السلطات.. لضبط ايقاع المؤسسات الدستورية. ولهذا أري أن يدعو المجلس الأعلي للقوات المسلحة القوي السياسية للتشاور حول الدستور وأسسه.. لكن المادة60 من الاعلان الدستوري تنص علي أن الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشوري.. هم الذين يختارون أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. دون تحديد كيف؟ نعم.. وقد أحدثت هذه المادة ورطة كبيرة ولكن قد يكون ممكنا إصدار تعديل دستوري.. أو اجراء مناقشات خاصة مع التيار الديني المتشدد والذي يري أن تشكيل جمعية الدستور هي سلطة مطلقة لأعضاء البرلمان المنتخبين.. بلا ضوابط وبلا قيود.. ولكن مع الإقرار بهذا.. فإن الضرورة القصوي لمصالح الشعب والوطن.. تقتضي أن يكون الدستور معبرا عن الشعب وليس عن تيار معين قد يكون هو الأغلبية في البرلمان اليوم.. ويصبح أقلية غدا! هل تتفق مع الرأي بأن هناك أخطاء أدت إلي المأزق الذي نحن فيه الآن؟ أعتقد أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد ارتكب خطأ تاريخيا في البداية عندما طرح الاستفتاء علي تعديل بعض المواد الدستورية وكان عليه وهذا هو الأوفق أن يشرع فورا في إجراءات انتخابات جمعية تأسيسية تتولي وضع دستور جديد.. وإذا كان قد فعل هذا لكان الدستور قد تم وضعه ومناقشته والاستفتاء عليه منذ ثلاثة أو أربعة أشهر. أما وقد حدث ماحدث.. فإن الخروج من المأزق الآن لا يكون إلا بتعديل دستوري وهذه مسألة حساسة ودقيقة أو بحلول توافقية بين القوي الظاهرة علي الساحة الآن وهي: المجلس الأعلي للقوات المسلحة التيار الديني القوي السياسية الأخري من الليبراليين والقوميين.. الي جانب المثقفين والطبقة الوسطي.. والعمال.. وإنه.. يتعين علي هذه القوي أن تتوصل الي صيغة توافقية للمشاركة معا في بناء النظام الديمقراطي الجديد علي أسس سليمة وقوية تعبر عن الشعب وتعمل لتحقيق المصالح العليا للوطن.. ولكي تواجه المشكلات الموجودة بالداخل ومنها محاولات اغتيال الثورة كما تواجه التحديات الدولية.. ولكي تصنع التقدم علي طريق المستقبل. لجنة التوافق الوطني تستكمل المرحلة الانتقالية لبناء المؤسسات الديمقراطية وفي حواره مع الأهرام قال الدكتور حسن نافعة إن هناك توافقا بين القوي المختلفة علي الخطوط العريضة, ومن ذلك تسليم البلاد إلي السلطة المدنية المنتخبة في أول يوليو المقبل, وضرورة وضع الدستور قبل انتخابات رئاسة الجمهورية, وأن تتولي وضعه وصياغته لجنة وفق معايير تضمن ألا تعبر عن فكر معين أو حزب واحد, وإنما عن المجتمع المصري بكل أطيافه, وأضاف أن هذه المعايير تحتاج إلي ترجمتها في قواعد وأسس واضحة لا تترك فرصة للالتفاف عليها خاصة أن الفترة المتبقية محدودة, ومن ثم فإن الخطوات لابد أن تكون سريعة, ولكن دقيقة وواضحة, ولهذا فإن المجلس الاستشاري يرحب بأي مبادرات تصله لخدمة الهدف, وأضاف أنه من المقرر أن تنتهي انتخابات مجلس الشوري في الثاني والعشرين من فبراير, وبهذا يجتمع مجلس الشعب والشوري في جلسة مشتركة يوم28 فبراير لتشكيل لجنة وضع الدستور. وكان المجلس الاستشاري قد قرر في اجتماعه مساء أمس الأول تشكيل لجنة التوافق الوطني برئاسة الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية وعضو المجلس الاستشاري وتتولي اللجنة مسئولية الملف الخاص بالتوافق الوطني للمساهمة الايجابية في إدارة ما تبقي من المرحلة الانتقالية وحتي تستكمل الدولة بناء جميع المؤسسات الديمقراطية. وصرح د.حسن نافعة في حواره بأنه من الضروري وضع اطار تنظيمي محدد ومتفق عليه من خلال إطارين للتنسيق أحدهما لجنة تتفق علي المعايير العامة والتفصيلية لاختيار لجنة المائة والتوافق علي أسمائها ولجنة أخري لوضع الخطوط العريضة للنص الدستوري الذي سيبدأ به النقاش, مما يسهل ويقصر زمن كتابة تفاصيل الدستور, ويضيف د.نافعة أنه من الضروري توضيح الاشكاليات التي يتم التغلب عليها وأيضا توضيح عناصر التوافق وفرزها عن القضايا الخلافية ليسهل في النهاية الوصول للتوافق وخاصة أن كل القوي السياسية التي جري الاتصال بها والمناقشات معها تفضل أن يكون هناك دستور مكتمل قبل انتخابات الرئاسة علي أن يتم تسليم السلطة في نهاية يونيو وهنا لابد من وضع جدول زمني والاتفاق علي التوقيتات الزمنية لاختيار اللجنة التأسيسية ثم كتابة الدستور وبعدها إجراء انتخابات الرئاسة. لجنة للتوافق الوطني بالمجلس الاستشاري أجري الدكتور حسن نافعة رئيس لجنة التوافق الوطني خلال الأيام الماضية عددا من اللقاءات المهمة مع القوي السياسية والحزبية وتم التوافق علي أن تكون اللجنة الدستورية ممثلة لتيارات مختلفة لتعبر عن الشعب وليس عن حزب أو تيار معين, وتتولي اللجنة الملف الخاص بالتوافق الوطني للمساهمة الايجابية في إدارة ما تبقي من المرحلة الانتقالية حتي تستكمل الدولة بناء جميع المؤسسات الديمقراطية, وتوضيح عناصر التوافق وفرزها عن القضايا الخلافية ليسهل في النهاية الوصول للتوافق وخاصة أن كل القوي السياسية التي جري الاتصال بها والمناقشات معها تفضل أن يكون هناك دستور مكتمل قبل انتخابات الرئاسة علي أن يتم تسليم السلطة في نهاية يونيو.