«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللعب فى «الدستور»
نشر في الوفد يوم 12 - 07 - 2012

كل الطرق تؤدى إلى دستور مشوه.. مجلس شعب محكوم بحله.. جمعية تأسيسية مطعون فى تشكيلها.. أغلبية إسلامية تحاول صياغة المواد بما يتوافق وأفكارها فى غياب لافت لأساتذة القانون وفقهاء الدستور.. ومجتمع مهلهل ويرغب كل فصيل داخله فى دستور مستقل.
الاحتقان السياسى القائم حول الدستور والذى تضاعف بقرار الرئيس محمد «مرسى» بعودة مجلس الشعب لممارسة مهامه، ثم حكم الدستورية العليا بإلغاء قرار الرئيس جعل دستور مصر فى مهب الريح، حتى إن المتخصصين فى السياسة وصنع الدساتير وقفوا عاجزين أمام الحالة المصرية الفريدة.
وما العمل؟ لا بديل عن مصالحة وطنية حقيقية، وتنحية مؤقتة لأحلام المكاسب والغنائم والتفكير فقط فى مصلحة الوطن الذى بات مهدداً بإجهاض ثورته أكثر من أى وقت مضى، وبيد الثوار لا الفلول.
أخطاء لجنة البشرى سبب الفوضى.. ومؤسسة الرئاسة «تنقصها الشفافية»

«عاشت مصر حالة من الفوضى الدستورية والتشريعية طوال المرحلة الانتقالية نتيجة غياب (الكتالوج) الذى يحدد الطريق لكل شىء، وهو الدستور»، هكذا قال الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، فى حواره مع «الوفد»، منتقداً صدور قرار عودة البرلمان من مؤسسة الرئاسة دون توضيح أو تفسير، ومضيفا أن حالة الانفلات الدستورى، يُسأل عنها لجنة طارق البشرى التى وضعت الإعلان الدستورى.. وإلى نص الحوار..
لماذا أبديت غضبك من قرار الرئيس بعودة البرلمان ثم تراجعت؟
- قرار «مرسى» بعودة البرلمان لممارسة اختصاصاته التشريعية كان مفاجئاً، ولعل هذه الطريقة فى إصدار هذه القرارات غير مقبولة على الإطلاق والرئيس المنتخب يجب عليه أن يدير مؤسسة الرئاسة بشكل أكثر شفافية، وتكون لديه إدارة لتسويق القرارات سياسياً وشعبياً، فلا يتصور أن تخرج قرارات بهذا الشكل الصادم.
وفى الوهلة الأولى تداول البعض الخبر على أنه أعاد البرلمان بصفة مطلقة وهذا لا يوافق عليه أحد، لأن هذا يتصادم مع مبدأ سيادة القانون والحكم القضائى، ومع القراءة المتأنية نجد أن القرار فيه وجهة نظر لا تتعارض مع حكم المحكمة الدستورية بهذا القدر الذى استشفه الكثيرون، أو أخذ عنه الانطباع الأول، والقرار به جزئيتان فهو يعترف ببطلان البرلمان وإلا كان أعاد البرلمان لاستكمال مدته، ولكن مع اعترافه ببطلانه يستدعيه لممارسة سلطاته فى مدة مابين 4 أو 5 شهور فقط.
هل تعتقد أن القرار كان يحتاج تفسيراً أكثر من جانب مؤسسة الرئاسة؟
- الإشكالية أنه كان يجب أن تضاف عبارة «رغم التسليم بحكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان البرلمان إلا أن وضع السلطة التشريعية فى يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة غير مقبول، ولذلك فإننا نعود إلى البرلمان حتى يتم وضع دستور للبلاد»، وهذه الجملة كانت ستغير كثيراً من وقع الخبر، لذلك هاجمت القرار فى البداية ولكن عند النظر إليه وجدته صحيحاً.
وهل إعادة البرلمان لممارسة أعماله التشريعية يمكن تبريره؟
- نعم لأنه لا يمكن الموافقة على أن تكون السلطة التشريعية فى يد المجلس العسكرى وهذا الفهم بأن هذا البرلمان الباطل يعود لممارسة السلطة لضرورة يجب أن تقتصر على الأمور المهمة لأن أى تشريع خارج عن الضرورة سيطعن عليه بعدم الدستورية، وهذا تصور قائم على الترجيح بين المصالح، وإن الذين نادوا بانقلاب العسكرى ارتكبوا جريمة لا يمكن تصورها، ويجب على العسكر أن يخرجوا من الصورة، وهو الآن وفقاً للإعلان المكمل له سلطات وزير الدفاع فقط ودوره انتهى.
ما أسباب عشوائية القوانين التى نعيشها الآن؟
- إذا وضع الأمر فى النصاب الصحيح فالسلطة فى المرحلة الانتقالية تمارس بعشوائية من جميع الأطراف فليس هناك كتالوج «دستور»، وهو ما يؤدى إلى هذه الفوضى، وهذا القرار معرض للطعن عليه أو الإلغاء أيضاً، كما أن السلطات التى تدير المرحلة الانتقالية لا تمارس سلطاتها بطريقه صحيحة وتحدث حالة ارتباك فى العملية السياسية فيتم اللجوء للقضاء ومن هنا تأتى.
هل الوقت المحدد لوضع الدستور مناسباً؟
- لا أرغب فى الحديث كثيراً عن الجمعية التأسيسية لأننى انسحبت منها اعتراضا على تشكيلها ومخالفة الحكم القضائى، وأصبحت المخالفة أوضح برجوع مجلس الشعب، فهناك إشكاليات فى تشكيل التأسيسية والأمر فى الحقيقة يؤشر إلى أن الأزمة لم تكن فى الوقت ولكن فى كيفية التشكيل، والأسوأ أن الجمعية أُلزمت بوقت قصير لتسابق الدعوى المرفوعة ضدها، وهذا يؤدى إلى انفجار الوضع فى الدستور، ولا يمكن الحكم عليها إلا فى مناقشات دستورية وخارطة التكتلات الحزبية فيها.
وما عيوب تشكيل اللجنة التأسيسية؟
- التشكيل أغفل تواجد 10 من الفقهاء الدستوريين من أجيال متفرقة وهو كان متفقاً عليه، إلا أنهم لم يلتزموا بالاتفاق واختاروا 4 فقط من جيل متقارب، وأغلبهم مصنفون ولهم انتماءات حزبية معينة وهذا مكون لم يكتمل، ومازال حسم التصويت يعود إلى الخيار الحزبى وربما يحدث توافق ولكنه سياسى وليس فى حق الدستور.
هل تحاول «الإخوان» إقصاء بعض الشخصيات الهامة من التأسيسية؟
- على المستوى السياسى هذا حزب فاز بالانتخابات ومن حقه أن يعمل ما يشاء، لكن الدستور شىء آخر، وغير مقبول إدارته بهذه الطريقة التى لن تؤدى إلى نتيجة جيدة وكان أملى أن ينفتح الإخوان على المجتمع والأداء فى الحكم خلاف المعارضة فسهل أن تعارض ومن الصعب أن تحكم.
وهل يفتقر مجلس الشعب الخبرات القانونية فنتج عن ذلك لغط دستورى حول القوانين التى خرجت عنه؟
- كان عليهم الاستعانة ببيوت الحكمة لكنهم لا يفعلون ذلك، وهو ما ظهر كثيرا من خلال عدة قوانين وقرارات اتخذها البرلمان، وليس هناك تصور فى إدارة السلطة.
هل ترى أن الاختلاف حول المادة الثانية من الدستور مبررة؟
- يجب ألا نصنع خلافات غير موجودة، فهذه المادة محل إجماع من المصريين وتطبيق الشريعة أمر منوط بالبرلمان وليس الدستور، وهذه الأزمات متوهمة، فأى حزب يريد تطبيق برنامجه ليفعل ذلك من خلال البرلمان، ومنذ 23 يناير 2012 تاريخ بدء عمل البرلمان، وحتى 15 يونيو 2012 تاريخ حله، لم يتم تشريع مواد لتطبيق الشريعة، فهذا يحتاج إلى قوانين ولا صلة للدستور بها.
ما رأيك فى المواد التى يريد الإسلاميون إضافتها إلى الدستور لتقييد الحريات بدعوى أن مصر لا يجب أن يحكمها الدستور الفرنسى؟
- أولا كل هذه الأمور لا يجوز وضعها فى الدستور وهذا تقييد للحريات ولا يصح فى مصر مثلما كان يتم منع المنتقبات من دخول بعض المصالح وهذا مخالف للشريعة، فلا يأتى الدين جبراً فالمتدين متدين لله وليس للبشر وعندما تخرج العلاقة من بين المرء وربه إلى المرء والبشر يفقد دينه، فمسألة التدين تتعلق بالالتزام بمبدأ الدين المعاملة، فالتدين أمر شخصى وحتى أهل السنة يقولون أن الإيمان يزيد وينقص، فلا يصح أن نحاسب بعضنا البعض، والأمور مضخمة أكثر من اللازم فالبعض يتمسك بشكليات وليس الجوهر فالمهم هو الأخلاق.
ما نظام الحكم الأفضل لمصر؟
- لم تعد هناك أنظمة محددة، فأى نظام دستورى يقوم على مجموعة من المبادئ أولها يتعلق باحترام القضاء وفصل السلطات والتوازن فى توزيع الاختصاصات حتى لا يلتهموا بعضهم البعض، وفكرة التمييز بين السلطة والمسئولية مع إقرار المسئولية حتى لا يحدث استبداد ووجود ضمانات جدية لحماية الحقوق والحريات، لذلك نريد نظاماً تستقل فيه السلطة القضائية، أما المسميات فهى أمور شكلية، وأكثر الدول استبدادا هى أكثر الدول تمحكا فى الديمقراطية.
من المسئول عن الفوضى الدستورية التى نعيشها؟
- البداية الخاطئة للمرحلة الانتقالية التى بدأت بخطيئة لجنة طارق البشرى وإخوانه واستفتاء مارس والإعلان المفضوح فى يونيو الماضى وهى ترتيبات سيئة أدت إلى فوضى وانفلات دستورى، وهؤلاء أضاعوا على مصر فرصة إقامة دستور جيد وانتخابات صحيحة، فالبداية الخطأ أدت إلى نتيجة خطأ.
وهل اهتزت هيبة القضاء نتيجة هذه الأمور؟
- المرحلة الانتقالية هزت كل سلطات الدولة ومنها المؤسسة القضائية أصابها عنت فيها وإدخالها فى قضايا غير منضبطة وقضايا رأى عام وبعضها سياسى وهذا أدى إلى القضاء على المؤسسات الدستورية فى مصر وأصابتها بعطب وعنت.
ما موقف الدستور فى حالة حل التأسيسية؟
- إذا وافق عليه الشعب فالدعوى لم يكن لها محل والمحكمة أتاحت الوقت للجنة لكى تضعه وتؤمن نفسها.
ما مدى قانونية عمل لجنة لتقصى الحقائق فى قتل المتظاهرين من خلال قرار الرئيس؟
- لا أتصور أن تصل إلى شىء، وهى شكلت على مبدأ إذا أردت أن تميت مشروعا فشكل له لجنة، وهناك إشكالات قانونية تعرقل تواجدها، فلا يمكن تصور عمل محاكمات بالشكل الذى تمت به، ويجب أن نحترم القضاء وفات أوان ذلك، وإذا أردت أن تشكل محاكمات سياسية فهذا كان متاحا أمامك لكنك ارتضيت القضاء الطبيعى، ولا داعى لإعادة المحاكمة، ولكن هناك قرارات عاطفية تصدر من الرئيس المنتخب ومجلس الشعب من باب «ترضية الخاطر».بطلان «التأسيسية الثانية» يهدد ببقاء الإعلان الدستورى
دستور مصر يدخل النفق المظلم

مرة أخرى تلاحق الجمعية التأسيسية الحالية لوضع الدستور شبهة البطلان، لاستمرار الأسباب التى أبطلت الجمعية الأولى فيها أيضا، وكانت محكمة القضاء الإدارى حكمت ببطلان الإجراءات التى تم على أساسها تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى، والأسباب ذاتها التى أبطلت هذه الجمعية تحقق بعضها فى الجمعية الثانية، مثل انتخاب أعضاء مجلسى الشعب والشورى أنفسهم فى الجمعية التأسيسية، وهو ما يهدد بإصدار محكمة القضاء الإدارى حكما ببطلان تشكيل الجمعية الحالية، ويعنى ذلك بقاء مصر لفترة أخرى تحت وطأة الإعلان الدستورى.
ومنذ أيام قليلة صدرت تصريحات عن عدد من قيادات حزب الحرية والعدالة، أكدت طرح الدستور للاستفتاء الشعبى عليه قبل نهاية شهر أغسطس المقبل، أى قبيل جلسة محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة المقرر عقدها يوم 4 سبتمبر لنظر صحة تشكيل الجمعية التأسيسية الحالية لوضع الدستور بعدة أيام، وفى هذه الحالة إذا قضت المحكمة ببطلان تشكيل الجمعية، وكان الدستور قد تم الاستفتاء الشعبى عليه، وأصبح دستوراً معترفاً به شعبياً ماذا سيحل بالدستور، هل سيصبح دستورا للبلاد، أم كأن لم يكن ويشكل المجلس العسكرى، وفق الاعلان الدستورى المكمل، لجنة لوضع الدستور من جديد.
واختلفت آراء فقهاء الدستور حول طبيعة وضع الدستور عقب الحكم ببطلان الجمعية التأسيسية لوضعه، وانقسموا لفريقين، الأول تبنى وجهة نظر تؤكد أن الدستور بمجرد الاستفتاء عليه يكتسب الشرعية الشعبية والتى تعد حصانة فى وجه أى قرار أو حكم قضائى، والآخر أكد أن الجمعية التأسيسية ليس لها وجود قانونى وغير معترف بها وبالتالى ما يصدر عنها غير معترف به أيضا، عملا بنظرية ما بنى على باطل فهو باطل.
الفقيه الدستورى الدكتور ثروت بدوى أكد أنه فى حالة صدور الدستور بشكل نهائى قبل إصدار محكمة القضاء الإدارى الحكم فى الدعوى المقامة ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، تصبح الدعوى لا محل لها.
وأضاف: أعضاء المحكمة بمجلس الدولة عندما أجلوا نظر الدعوى حتى شهر سبتمبر كان على أمل الانتهاء من الدستور والاستفتاء الشعبى عليه قبل تاريخ نظر الدعوى، وتكون المشكلة قد حلت من تلقاء نفسها، مؤكدا أن 4 سبتمبر المقبل قد لا يكون موعدا نهائيا لصدور الحكم بشأن الجمعية التأسيسية، بحيث تؤجل المحكمة النطق بالحكم لوقت لاحق.
وأنهى بدوى حديثه قائلاً: «المحكمة لا يمكن أن تحكم بعدم صحة تشكيل لجنة الدستور إذا وجدتها تعمل بجد وعلى وشك الانتهاء من إعداد الدستور».
أما الدكتور عاطف البنا، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، فاتفق مع سابقه، مؤكدا أن جلسة 4 سبتمبر ليست جلسة نطق بالحكم ولكن جلسة للتداخل وستؤجل نظر الدعوى لوقت لاحق لذلك.
وتابع: الدستور سيكون قد صدر وسيتم الاستفتاء عليه قبل تاريخ الحكم، وأيا كان الحكم لا تأثير له على صحة أعمال الجمعية التأسيسية، ولن يترتب عليه بطلان الدستور الذى صدر عن الجمعية.
الدكتور الشافعى بشير، أستاذ القانون وحقوق الإنسان بجامعة المنصورة، أوضح أن الجمعية التأسيسية الحالية تسابق الزمن للانتهاء من وضع مشروع الدستور قبل موعد جلسة القضاء الإدارى المحددة فى أوائل شهر سبتمبر لنظر بطلان تشكيل الجمعية، مؤكدا أن الجمعية شكلت لوضع مشروع دستور وليس دستوراً، ولن يكتسب صفة دستور إلا بعد الاستفتاء الشعبى عليه.
وتابع: بعد عرض مشروع الدستور على الشعب للاستفتاء يكتسب الشرعية الدستورية ولا يستطيع أحد الاقتراب منه، لأنه أصبح دستوراً للدولة بالإرادة الشعبية للمواطنين، ولا خوف إطلاقاً من حكم محكمة القضاء الإدارى بشأن تشكيل الجمعية، لأنها بمجرد وضعها الدستور والاستفتاء عليه يكتسب الحصانة الشعبية.
أما الدكتور يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء الأسبق، فوصف الجمعية التأسيسية الحالية لوضع الدستور باللقيطة ومعدومة الوجود من الناحية القانونية لعدم تصديق المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تشكيلها، فضلا عن عدم نشر قرار تشكيلها فى الجريدة الرسمية.
وتابع أن اللجنة غير معترف بوجودها قانونياً وبالتالى فإن الدستور الذى سيصدر عنها غير معترف به دستوراً لمصر، واصفا حالة التضارب القانونى التى تعيشها مصر حاليا بمرحلة «العك الدستورى والتشريعى من كل ناحية».
واعتبر المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، الدستور الذى تعده الجمعية التأسيسية الحالية باطل فى حالة حكم محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية.
وتابع: وقتها يصبح ما تعده الجمعية مواد دستور وليس دستورا، لأنه يتطلب الاستفتاء الشعبى عليه حتى يكتسب شرعية الدستور، ومن يملك سلطة دعوة المواطنين للاستفتاء على الدستور المجلس العسكرى، وهو لن يوافق على طرح الدستور للاستفتاء لأن اللجنة التى أعدته باطلة، لذا غالباً سيشكل لجنة جديدة لإعداد الدستور.
وشدد على أن اقتراحات الجمعية التأسيسية لمواد الدستور ليست ذات قيمة دستورية ملزمة إلا بعد الاستفتاء عليها، وأعضاء الجمعية يعلمون ذلك لذا يسابقون الزمن على أمل الانتهاء سريعاً من فرضه على الشعب وإجراء الاستفتاء عليه قبل حلول شهر سبتمبر.
رقية عنتر
يسابقون الزمن لإقراره قبل صدور حكم ببطلان الجمعية
يلعب الدستور دورا محوريا فى الفصل بين السلطات, كما أنه يحدد شكل الدولة والعلاقة بين أركانها ويرسم هويتها واتجاهاتها، و«سلق الدستور» هو المصطلح الأنسب لوصف ما يحدث داخل أروقة الجمعية التأسيسية الآن, خاصة بعد تكرار أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الحديث عن طرح مواد مشروع الدستور للاستفتاء الشعبي قبل نهاية أغسطس المقبل, وهو ما يعنى أن إعداد الدستور سيستغرق شهرا ونصف الشهر فقط, بعدها يطرح للاستفتاء الشعبي ليكتسب الشرعية قبل يوم 4 سبتمبر المقبل, وهو اليوم المحدد لفصل محكمة القضاء الإداري في مصير الجمعية التأسيسية ومدى شرعية تشكيلها.
ورغم تصريحات أعضاء تيار الإسلام السياسى التي تؤكد خروج دستور معبرا عن كل طوائف المجتمع, إلا أن تصرفاتهم تؤكد عكس ذلك, خاصة مع استعجالهم مناقشة أغلب أبواب الدستور, وتهميش حق قطاعات المجتمع المختلفة فى الاستماع لآرائهم حوله, وإدارة مناقشة مجتمعية وإعلامية جادة حوله, فضلا عن أن هذا الاستعجال دفع الكثيرين لاتهام الأغلبية الإسلامية داخل الجمعية باستخراج دستور الجماعة من الأدراج المغلقة ومحاولة فرضه على باقي التيارات داخل الجمعية, ليخرج المنتج النهائي دستورا معبرا عن مصالح ورؤية فئة بعينها وليس دستورا ممثلا لجميع المصريين.
بهاء أبو شقة، نائب رئيس حزب الوفد، وعضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، نفى معرفة أي من أعضاء الجمعية الموعد النهائي للانتهاء من إعداد الدستور الجديد, قائلا: الدستور سيأخذ الوقت الطبيعي والمناسب لإعداده, ولا يستطيع أي شخص داخل الجمعية بما فيهم رئيسها تحديد موعد نهائي لوضع الدستور, وتصريحات الأعضاء عن طرح الدستور للاستفتاء قبل نهاية أغسطس تخيلات, لان الواقع يؤكد أنه لا أحد يستطيع التكهن بالميقات الحقيقي.
وتابع: الجمعية بكافة أعضائها هي من تقرر وحدها موعد الانتهاء من الدستور بعد مناقشة كافة مواده باستفاضة, خاصة وأن هناك بعد المواد ستأخذ وقتا طويلا للمناقشة قبل الاتفاق عليها, مشيرا إلى أن إعداد الدستور يستغرق شهرين لإعداده إذا كان هناك اتفاق على اغلب مواده, أما لو كان هناك اختلاف على مواد عديدة يحتاج حسمها لوقت أطول سيأخذ الدستور وقتا أكثر من شهرين.
وأوضح «أبو شقة» أن الدستور سيأخذ وقته الطبيعي للخروج للنور, فهناك 4 لجان تعمل على مدار 4 أيام فى الأسبوع, ثم ستجتمع اللجنة العامة لتناقش كل مادة على حدة, ثم يحدث اقتراع على كل مادة, وكل هذا سيكون مذاعا على الهواء, ثم يطرح للاستفتاء, وكل هذه ضمانات كافية لنكون أمام دستور يعبر عن كافة أطياف الشعب.
ووصف الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون بجامعة عين شمس، والعضو المؤسس بحزب «الدستور»، إعداد الدستور فى غضون أسابيع قليلة بالعبث الكامل, مشددا على ضرورة دراسة مواد الدستور بشكل عميق حتى لا يحدث ما حدث سابقا.
وتابع: ما يحدث حاليا فى الجمعية التأسيسية سلق للدستور, خاصة مع استعانة أعضاء الجمعية المنتمين لتيار الإسلام السياسى بدستورهم المعد سابقا من فترة طويلة, واصفا الدستور الذى سيخرج للنور قريبا بدستور الجماعة.
وطالب «عيسى» بضرورة تشكيل لجنة حقيقية لإعداد الدستور غير الحالية التى يعد اغلب أعضائها لا علاقة لهم بالقانون والدستور ولا يمثلون كافة طوائف الشعب, مشددا على ضرورة منح كل مواد الدستور الوقت الكافي لمناقشتهم, قائلا: ليس هذا الدستور الذى يتم سلقه هو ما تستحقه هذه الأمة العظيمة بعد كل هذه الفترة.
أما المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، فعلق قائلا: «إعداد دستور لدولة كبيرة كمصر فى ظل ظروف بالغة الحساسية تحتوى الكثير من المشاكل لا يجب سلقه فى بضعة أسابيع, ورغم التصريحات التى خرجت من عدد من أعضاء الإخوان، غير ذي صفة بجمعية وضع الدستور، بطرح الدستور للاستفتاء قبيل نهاية أغسطس المقبل, إلا أن ملامح الدستور لم تضح حتى هذه اللحظة ولم تحل المعضلات الأساسية الخاصة بعدة نقاط كطبيعة نظام الحكم.
وتابع: الدستور يجب إعداده باعتباره وثيقة مجتمعية ويصاغ من خلال الاستماع لآراء كافة المجتمع ومشاكل المواطنين, حتى يصدر دستور معبر بشكل حقيقي عن المجتمع بأكمله.
وأضاف: يمكن لجماعة الإخوان أن تصدر دستورا فى بضعة أيام, لأنها تملك دستورا معدا سلفا على هواها وموجودا بأدراج الجماعة, لكن هذا لن يكون دستورا معبرا عن كل المصريين, وإذا صدر هذا الدستور سيولد ميتا مثل جمعيته.
واتهم «شعبان» جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة اغتصاب الدستور وفرض دستور الجماعات الدينية على المجتمع, فضلا عن اتهامهم بممارسة نفس استبداد الحزب الوطني ونظام مبارك, مؤكدا أن أعضاء الجمعية المنتمين لتيار الإسلام السياسى بمسابقة الوقت للانتهاء من إعداد الدستور قبل فصل محكمة القضاء الإداري فى دعوى بطلان تشكيل الجمعية, لتأكدهم من بطلانها لأنها تشكلت بنفس أسلوب الجمعية الأولى التى صدر قرار ببطلانها.
هاني سري الدين عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار أكد أنه ليس من حق أحد تحديد موعد انتهاء الجمعية التأسيسية من وضع الدستور سوى رئيس الجمعية وأعضائها, وليس من حق أحد آخر التحدث بشأن الانتهاء من وضع الدستور.
وأضاف: إعداد الدستور يحتاج إلى حوار مجتمعي جاد, وليس سلقه بهذا الشكل خاصة وان هناك قضايا شائكة وعليها خلاف مثل نظام الحكم وإلغاء مجلس الشورى وال50% عمال وفلاحين بمجلس الشعب, ولا يمكن حل كل هذا دون حوار مجتمعي مع كل الفئات, مشيرا إلى أن إعداد الدستور بشكل جيد سيستغرق وقتا لا يقل عن 6 أشهر.
وأكد أحمد فوزي عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي أن الدساتير المحترمة لا تعد بجمعية تأسيسية تحتوى على أغلبية وأقلية واتفاقات مسبقة بين فئات داخل الجمعية, مؤكدا أن طريقة اختيار الجمعية لا تتناسب مع شرعيتها, وستصدر دستورا يعبر عن التيار الإسلامى ومجموعة الأحزاب المتحالفة معهم فقط.
وشدد على أن هذا الدستور سيسقط مع مرور الزمن لان الأغلبية التى ستقره حاليا ستصبح أقلية فى الأيام القادمة مع اختلاف الظروف.
دين الدولة.. الحريات.. نظام الحكم.. ووضع المرأة
أثارت مواد في الدستور الجديد الكثير من الجدل والنقاش بين القوى السياسية والحركات الثورية والتيارات المشاركة فى الجمعية التأسيسية، والعامل المشترك فى إثارة هذا اللغط هو التيار السلفي الذى يخوض معركة لفرض معتقداته وأفكاره على دستور مصر، حتى وصل الأمر إلى عقد اتفاقات مع جماعة الإخوان المسلمين, خاصة بتغيير المادة الثانية من الدستور لتطبيق الشريعة الإسلامية، مقابل دعم مرشح الجماعة فى جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية.
والقضايا الأكثر جدلا داخل الجمعية التأسيسية هي المادة الثانية، والمواد الخاصة بالحريات العامة, والجزء المتعلق بنظم الدولة والحكم، وتنص المادة الثاني على أن «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع»، لكن حزب النور السلفي يصر على تغيير هذه المادة لرغبته فى حذف كلمة مبادئ أو تغييرها بكلمة «أحكام»، مع الموافقة على إضافة جزء إلى المادة الثانية ينص على أنه «يحق لغير المسلمين الاحتكام لشرائعهم فى الأحوال الشخصية», وهو الأمر الذي يراه الأزهر الشريف إذ يرى أن تظل المادة كما هي وهو أيضا رأى الكنيسة والإخوان المسلمين، لكن الجماعة موقفها مذبذب بين الرأيين لكي لا تغضب حزب النور.
ويرجع تمسك النور بحذف كلمة مبادئ من المادة الثانية إلى تفسير المحكمة الدستورية العليا الذى أقر بأنها تعنى الأحكام قطعية الدلالة، وقطعية الثبوت فقط، الأمر الذى يعنى استبعاد معظم أحكام الشريعة، بحسب رؤية التيار السلفي.
وتعليقا على الأمر يرى المفكر القبطي كمال زاخر، أن الاقتراب من المادة الثانية من الدستور محفوف بالمخاطر لأنه يعمل على تغيير شكل الدولة والتأثير على الحريات الدينية، كما يشكل كارثة على غير المسلمين المقيمين في مصر أو الزائرين، لأنه يفتح أبواب الفقه والتفسير والتأويل على مصراعيه, مشيرا إلى أنه يفضل أن تظل كما هي دون تعديل أو حذف أو إضافة، وأنه ليس قلقا على الحريات العامة والعبادات فى مصر خلال الفترة المقبلة بسبب نضج القوى السياسية والمجتمع المصرى ككل، وخاصة أننا لا نميل إلى التطرف.
وأوضح زاخر: «رغم أن التيار السلفي رأيه مؤثر فى الجمعية التأسيسية للدستور، لكن هذا لن يكون نهاية المطاف, وتطمينات الأزهر للأقباط دافع قوى بالحماية, ونحن نعيش حالة من الارتباك حتى أن توزيع مقاعد التأسيسية وتشكيلها غير معبر عن الشارع، وربما تلحق هي الأخرى بسابقتها ونجد أنفسنا أمام لجنة ثالثة تختلف فى أفكارها كثيرا وتغير المسار تماما».
أما الجزء الآخر محل الخلاف والذي يتبناه أيضا التيار السلفي فى الجمعية التأسيسية، هو اللجوء إلى تقييد الحريات العامة التي صدرت بشأنها تصريحات على لسان عادل عفيفي، رئيس حزب الأصالة السلفي، أكد فيها، خلال الاجتماع الأول للجان الجمعية التأسيسية، على ضرورة تقييد الحريات العامة وعدم إطلاقها، «لأننا لسنا مثل فرنسا»، التي نستقي منها دستور 1971.
وطبقا لما تردد بشان هذه الجزئية، نجد أن لجنة الحقوق والحريات بالجمعية اتفقت على أن تنص المادة الخاصة بحرية العقيدة على أن «حرية العقيدة مطلقة وتكفل الدولة حرية إقامة الشعائر الدينية لأصحاب الديانات السماوية», لكن بعض أعضاء اللجنة رفض تخصيص حرية الممارسة على الأديان السماوية.
وبحسب رؤية الجماعات السلفية، فإنها ترى أن مطالبات تقييد الحريات العامة جاء رفضاً للتشبه بفرنسا التى تمنع ارتداء السيدات النقاب، وأن هذه الأمور لابد وأن تسير فى إطار الشريعة الإسلامية والنظام العام، وبما أن المجتمع ذو طبيعة إسلامية، إذن يجب ممارستها فى حدود تعاليم وأحكام الشريعة.
وردا على ذلك يرى الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، أن حزب النور يدعو إلى قيم «متخلفة», والمادتان 9 و12 من دستور 71 تحدثتا عن الحريات العامة، وتعالجان الأمور بشكل دقيق دون تعارض بين الحريات العامة وأخلاقيات المجتمع وتقاليده، متسائلا: لماذا نمس الحريات العامة طالما هي موجودة فى الأساس ونسير على مبادئها منذ عشرات السنين دون مشاكل، وقال: «لو سرنا خلف هذه الأفكار لأصبحنا مجتمعا منغلقا على ذاته وفى دولة مهلهلة.
كما حذرت منظمات حقوق الإنسان وعلى رأسها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان من تراجع أوضاع حقوق الإنسان فى دستور مصر الجديد، وقالت إن المؤشرات الأولية تؤكد أن هناك تراجعاً كبيراً فيما يخص حقوق الإنسان، وبالأخص فيما يخص حرية الدين والمعتقد.
وطالب حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة، بأن يتوافق الدستور الجديد مع التزامات مصر الدولية واتفاقاتها، والسير على نهج الدول الديمقراطية ومرحلة مصر الثورة، باعتبار الحقوق والحريات أساس هذه المرحلة ولا يجوز تقييدها.
وأضاف أن مبادئ حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، وتتسم بالعالمية والشمولية لجميع البشر، مضيفا أن مصر يتواجد على أرضها غير أصحاب الديانات السماوية، نظراً لكونها بلداً سياحياً، فضلاً عن تواجد العمالة المهاجرة من دول مثل الصين وكوريا الجنوبية والهند، ويعملون فى شركات مختلفة وأصحاب ديانات مختلفة، وعليه فإنه وفقاً للمقترح سيتم حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية.
وأشار إلى أن حرية العقيدة أحد الحقوق المنصوص عليها فى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي اعتمدته الجمعية العامة عام 1948، وفى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد عام 1966، إذ تنص المادة 18 من الإعلان على أن لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر، ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
وأثير جدل آخر حول تقييد حرية المرأة من خلال فرض ملابس محددة على المرأة طبقا للشريعة الإسلامية, وهو مانفته السفيرة ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومي للمرأة، وقالت إن هذا الأمر لم يتم طرحه من الأساس وهو ما تأكدت منه لكونه انتهاكا لحقوق المرأة ولا يصح طرحه.
ومن ناحية أخرى هناك قلق واضطرابات بين أعضاء اللجنة التأسيسية وخاصة أعضاء لجنة الحكم حول نظام الحكم، فالانقسام بين اتجاه للجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي وهو ما يسمى بالمختلط، فيما يرفض البعض هذا الأمر مطالبين بتطبيق النظام البرلماني، وسط محاولات للتوفيق بين وجهتي النظر من أجل الإسراع فى صياغة الدستور وتم تشكيل لجان منبثقة لمناقشة الوضع والأفضل.
والاتجاه يسير نحو تقليص صلاحيات الرئيس من خلال إلغاء حقه فى تعيين العشرة بمجلس الشعب أو الثلث بمجلس الشورى، كما تم الاتفاق على أنه لا يتم اللجوء للاستفتاء إلا فى حالة الضرورة القصوى، مثل إعلان الحرب أو حالة كارثية، ورفض صلاحية رئيس الجمهورية فى حل مجلسي الشعب والشورى، مقابل الموافقة على صلاحياته بتعيين الحكومة وعزلها وتحويل الوزراء للمحكمة الجنائية المختصة.
وبالاختلاف مع هاتين الجهتين يرى سعيد أن النظام الرئاسى هو الأفضل وخاصة أنه يقوم على تحكم الرئيس من ناحية الفصل بين السلطات, وقال: « للأسف فى مصر لا يعرفون هذا وتحركهم العاطفة ويلجأون إلى النظام المختلط وهو نظام غير واضح المهام, والاتجاه إليه بدعوى الخوف من تكرار ما حدث فى عهد مبارك، ولكن يجب على الجميع إدراك أن مبارك لم يكن يطبق أيا من الأنظمة الرئاسية فهو خلق نظاما ديكتاتوريا متفردا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.