أثار هدم مقبرة أمير الشعراء أحمد بك شوقي، الواقعة في السيدة نفيسة، موجة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مستخدمون أن الخطوة تمثل مساسًا بأثر تاريخي يمتد لنحو قرن، خاصة أن الشاعر الراحل توفي عام 1932، فضلًا عن القيمة الأدبية والرمزية التي تمثلها المقبرة. وأكدت محافظة القاهرة، في بيان لها، نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي إلى مجمع مقابر الخالدين بمنطقة الفسطاط، المجاور لمتحف الحضارة المصرية، الذي يضم قبور عدد من رموز البلاد التاريخية في مختلف المجالات. وأوضحت المحافظة أنه جرى نقل جميع متعلقات شوقي إلى مقرها الجديد قبل البدء في هدم المقبرة القديمة، مشددة على أن الموقع الذي يجري هدمه حاليًا خالٍ تمامًا من أي رفات أو مقتنيات. وتعرّض المدفن، الكائن عند مدخل الشارع المؤدي إلى مشهد السيدة نفيسة، لهجوم من مجهولين، قاموا بتحطيم تركيبات مقابر الأسرة، بما في ذلك تركيبة قبر حسين بك شاهين والد زوجة أمير الشعراء وذلك في أغسطس 2023. وقال الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بالقصر العيني، والباحث في التاريخ والتراث، إن مسلسل الإزالات وصل مؤخرًا إلى أهم شاعر في مصر خلال الألف سنة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الدولة كان ينبغي عليها، ممثلة في وزارة الثقافة، المسارعة إلى تسجيل المقبرة كأثر تاريخي نظرًا لقيمتها في التراث المصري وذاكرة البلاد الثقافية، بدلًا من تدمير شواهدها ثم نقل رفات أحمد شوقي وإزالة المقبرة بالكامل. وأوضح الصادق، في تصريحات ل«الشروق»، أن الشارع الذي تطل عليه مقبرة أمير الشعراء جرى رصفه والانتهاء من جميع الأعمال به، متسائلًا: «لماذا تمت الإزالة رغم الانتهاء من رصف الطريق؟». وتابع أن أعمال الإزالة بدأت منذ يومين، وأسفرت عن إزالة المقبرة بالكامل، ما أثار حالة من الذعر والغضب بين عدد كبير من المثقفين. وسبق للدكتور مصطفى الصادق توثيق قبر أحمد شوقي وموقعه وتاريخه في كتابه «عجائب الأمور في شواهد القبور.. كنوز مقابر مصر»، الصادر في مطلع عام 2024 عن مكتبة ديوان. ويقول الصادق في كتابه أن التركيبة الرخامية من مستوى واحد، وكُتِب عليها من الأمام في الجزء الأوسط: بالخط الثلث: "توفّى إلى رَحمَةِ الله تعَالى"، وبالخط الكوفي: "أمير الشعراء.. أحمد شوقي بك.. يوسف أحمد 1351"، ثم بالخط الثلث: "يَوم الجمعة 14 جُمادى الثّانية سنة 1351". كُتِب على بقية التركيبة الرخامية بخط الثلث بتوقيع سيد إبراهيم أبيات من قصيدته «نهج البردة» في مدح الرسول: إن جلَّ ذنْبي عَنِ الغُفْران لى أمَلٌ في اللهِ يجعَلُنى فى خَيْر مُعتَصَمِ ألقى رَجَائى إذا عَزَّ المجير عَل يا أحمَد الخَيْر لي جَاهٌ بِتسمِيَتى وَكَيفَ لا يتَسَامَى بالرَّسُول سَمىّ ويضيف ناقلا عن الصورة، في منتصف التركيبة الرخامية من الأمام، كتب الخطاط الشهير يوسف أحمد اسم أمير الشعراء أحمد شوقي بك، ثم وقع ووضع التاريخ 1351. بينما الخطاط سيد إبراهيم كتب بقية الكلام على التركيبة الرخامية بخط الثلث، وهي تاريخ الوفاة وجزء من قصيدة «نهج البردة» في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام.