الاحتياط واجب.. وبدلا من الخروج من باب بيتى ومعى البطاقة الشخصية.. قررت حمل شنطة أوراق تضم قسيمة زواجى..وشهادات ميلاد بناتى.. وشهادات ميلاد بنات أخواتى.. حتى إذا ما استوقفتنى جماعة الأمر بالمعروف فى الطريق العام.. وسألتنى عن علاقتى بمن أخرج معهن أبرزت لهم هذه الشهادات على الفور.. بدلا من تعرضي لسين وجيم وقد ينتهى بى النقاش فى مشرحة زينهم. ولن أخرج إلى الطريق العام أبدا بصحبة خالتى الحاجة.. لأنها ضيعت بطاقتها الشخصية ولم تجددها.. ومن غير المستبعد أبدا أن يستوقفنى الإخوة.. ويقومون معى بالواجب.. والاحتياط ضرورى فى مثل هذه المسائل الحساسة.. فلا داعى للغضب أو التحبيك.. فجماعة الأمر بالمعروف لا تهزر.. ولم تستغرق مناقشتها مع شاب السويس سوى دقيقتين فقط لا غير.. نفذت بعدهما حكمها الرادع.. ليكون عبرة لأمثالى معتادى الخروج مع بناته وزوجته.. دون وجود محرم على سبيل الاحتياط!
لن أخرج إلى الطريق العام إلا و«معى» واسطة مناسبة.. وأنت لا تعرف ما قد تتعرض له عند خروجك من البيت فى طريقك للشغل.. والاحتياط واجب واطلب واسطة مناسبة لتكون فى حمايتك عند التعرض لمكروه.. أما لو استوقفك الضابط فى الكمين وسألك عن أوراقك الشخصية اشتمه والعن سنسفيل الجدود.. واسأله وأنت تضع أصبعك فى عينه إنت ما تعرفش أنا مين.. وسوف يتصور الضابط أنك قريب لأحد الحكام الجدد.. خصوصا أن هناك سوابق معروفة.. ومدير الأمن سوف يتدخل ويرسل عميد شرطة لإجراء المصالحة.. وسوف يقبلها الضابط فورا.. حرصا على مستقبله المهنى.. خصوصا لو كان من هواة المشى بجوار الحيط!
فى واقعة بلبيس.. لم يتدخل مدير الأمن بوصفه مديرا للأمن فقط.. ولكنه لأنه المحافظ بالنيابة.. بما يعيد طرح ملف المحافظ الذى استقال.. وأكاد أشم رائحة زفارة فى استقالة محافظ الشرقية.. وربما كان قد تعرض لضغوط لم يقبلها.. خصوصا أن الاستقالة جاءت فى أعقاب الانتخابات مباشرة.. ومحافظة الشرقية هى محافظة كل من شفيق ياراجل ومحمد مرسى.. وربما كانت استقالة المحافظ لأسباب تتعلق بالانتخابات التى جرت هناك.. ولو أننى مسئول مهم فى الحكومة لأمرت بالتحقيق فورا فى تلك الاستقالة التى جاءت خروجا عن العادات والتقاليد.. وربما أدى التحقيق إلى كشف حقائق وفتح ملفات وإسكات شائعات تتعلق بممارسات غير عادية خلال الحملة الانتخابية لمرسى وشفيق ياراجل.
من حسن الحظ.. أن الرئيس محمد مرسى هو رئيس لكل المصريين.. طبقا لتصريحاته قبل الانتخابات وبعدها.. بما يعنى أنه سيهتم بالتحقيق فى تلك الجرائم الجديدة التى تحدث بالشارع المصرى.. بالتحقيق فى مقتل شاب السويس دون مبرر.. إلا ضرب المربوط ليخاف السائب فى البيوت.
ومن المؤكد أن الرئيس الجديد سوف يحقق فيما حدث من تجاوزات فى حق قوة الأمن بطريق بلبيس.. ومن فضلكم لا تكرروا ما حدث من قبل مع أبناء محمد مرسى فى واقعة التعدى على ضابط الشرطة ثم إجباره على التصالح.. وفى جميع دول العالم تمارس الشرطة دورها دون أن تنظر فى شخصية وحيثية المتهم.. وفى بريطانيا يتعرض ولى العهد وأفراد العائلة المالكة للتوقيف بسبب زيادة السرعة.. وذات يوم حرمت شقيقة الملك الصغرى الأميرة مارجريت من القيادة لمدة ثلاثة أعوام لأنها قادت سيارتها مخمورة.. وفى باريس استوقفت الشرطة الرئيس ساركوزى وهو فى عز الحكم والسلطة.. وفرضت عليه غرامة باهظة لتجاوزه إشارة المرور.. وعندما سأل ساركوزى الجندى الذى فرض عليه الغرامة.. هل تعرفنى فقال الجندى نعم يا سيدى أعرفك.. وفرضت عليك غرامة مضاعفة.. لأنك قدوة للآخرين!!
زمان.. وفى العصر الرومانى.. ظهرت قوانين حمورابى.. كانت قوانين عجيبة بالفعل.. تطبق بصرامة على السارق والقاتل والمعتدى.. بشرط أن يكون من عامة الشعب.. أما لو كان واحدا من المسنودين.. فيحررون له محضر صلح.. ويهرول مدير الأمن شخصيا لإقناع ضابط الكمين بتمزيق المحضر!
أنا شخصيا استفدت كثيرا من تجارب العشرة أيام الماضية.. ولا أنوى الوقوع فى الخطأ وسوف أخرج من بيتى ومعى شنطة فيها البطاقات الشخصية وقسيمة الزواج وشهادات الميلاد.. وربما أصطحب «محرم» إضافى.. والاحتياط واجب!