انفض المولد إذن.. وأصبح المواطن محمد مرسى.. الأستاذ بجامعة الزقازيق رئيسا للجمهورية.. ألفين مبروك راحت السكرة وجاءت الفكرة وعلى الدكتور محمد مرسى التعامل الجاد مع الملفات المعلقة.. منذ شهور طويلة... وإذا أراد رئيس الجمهورية الجديد أن يكتسب ثقة وتأييد عموم المصريين فعليه أن يبدأ من معسكره.. وبالتخلص من كدابين الزفة.. الذين لا يتمتعون أبدا بحب وتعاطف المصريين، كدابين الزفة ومستشارو السوء هم الذين يفسدون الحاكم - أى حاكم - بمعسول الكلام عن طلعته البهية وحكمته الأبدية.. ودوره الوطنى فى مقاومة الاستعمار... وخبرته الأكيدة فى البناء والتنمية.. إلى آخر هذا هرش المخ الذى تخصص فيه السادة... وعلى رأسهم الأخ حجازى.. الذى يدعى أنه دكتور... مع أنه خريج معهد لاسلكى... ولا نعرف كيف حصل على اللقب العلمى... وكيف يكون دكتور حضرته ولم نعرف أين يدرس علمه بالضبط... ومن هم التلاميذ... وما هى الدرجة العلمية الرفيعة التى يدعى أنه حصل فيها على دكتوراه؟
نجح الدكتور محمد مرسى فى الفوز بالمنصب الرئاسى كان الله فى عونه وأمامه العديد من الملفات معظمها يتعلق بالمواطن المصرى... ولا نقول المواطن القاهرى.. ومن حسن الحظ أن الدكتور مرسى ريفى المنشأ والمزاج بعيداً عن القاهرة التى تعمل كل الحكومات من أجلها وحدها... والتودد لأهلها فلها الكبارى والأنفاق ومحطات المياه والصرف الصحى.. ولها الأضواء والشهرة والمسارح والسينمات والفنادق... على اعتبار أن القاهرة هى العاصمة... ومواطن القاهرة هو المواطن الأولى بالرعاية.. وعلى رئيس الجمهورية الجديد أن يلتفت إلى المواطن نعم.. ولكن عليه أن يبدأ من موطنه الأصلى من الريف أولا وبعدها يستكمل المشوار بعيداً عن العاصمة التى إذا اشتكى فيها مواطن تداعى له أعضاء الحكومة بالسهر والحمى.
ولو أراد رئيس الجمهورية الجديد أن يبدأ عهده بضربة معلم... فعليه بمراجعة ملف الإنفاق الحكومى الذى يلتهم ثلث الموازنة العامة بالضبط، بمعنى أن الحكومة تصرف على نفسها 20 مليار جنيه سنويا... وفى صورة مكاتب جديدة ومراوح وتكييفات وأوراق وأحبار.. وموكيت وواجهات بالرخام وسيارات فخمة لزوم البيه المدير وسيارات شيروكى لزوم البهوات من حرس البيه... ولا أعرف والله لماذا لا تمسك الحكومة يدها قليلا... وعندما أعلنت التقشف قبل عام... اقتصر التقشف على بند الأوراق والأقلام.... وفى حين لا يعرف التقشف بند السيارات والتكييفات وتجديد المكاتب وكأنه مال سائب... وأتوقع أن يصدر الدكتور محمد مرسى قراراً بوقف البذخ والصرف من وسع ووقف الإنفاق العام لمدة عامين أو ثلاثة نلتزم فيها بالتقشف وربط الحزام الحكومى.
نقول ربط الحزام الحكومى... وليس ربط حزام المواطن... ربط الحزام الحكومى لمدة ثلاث سنوات سوف يوفر 60 مليار جنيه سوف تستفيد منها مصر كلها بدعم مياه الشرب وتحسين رغيف العيش... وإصلاح أحوال المجارى.
المواطن العادى لن يستطيع ربط الحزام أكثر من ذلك... والمشكلة أن المواطن سقط سهوا من حساب الدولة... كما أن هناك رسوبا وظيفيا يعانى منه المواطنون الذين تتجاهلم الإدارة... فلا يترقى الموظف أو تنصلح أحواله... فإن هناك رسوبا «حياتيا» يعانى منه عموم الشعب فلا يتقدمون خطوة للأمام ولا تنصلح أحوالهم أبدا بسبب إهمال الحكومة وطناشها والنتيجة أن المواطن مربوط فى ساقية لا تتوقف أبدا من أجل توفير لقمة العيش.. ولا أمل له فى النجاة أو تحسين الأوضاع.. وهذا المواطن المطحون هو الذى صوت للتغيير بأمل أن تتحسن أحواله... ومن غير المعقول أن تتحدث الحكومات المتعاقبة وعلى مدى الثلاثين عاما الماضية عن الإصلاح الاقتصادى دون أن يرى المواطن ثمرة الإصلاح على أرض الواقع... ومن غير الممكن أن يواصل المواطن شد الحزام إلى الأبد... وعلى الدولة فى بداية الجمهورية الثانية أن تعطى المواطن الغلبان الحوافز والمزايا التشجيعية وعليه أن يعرف وأن يتأكد أنه بعد رحلة المعاناة الطويلة... أنه سوف يجد شغلا لأولاده ويجد سكنا لبناته اللاتى فى سن الزواج وأنه سوف يستمتع بجنى ما زرعت يداه.. أما أن يظل المواطن متحملا السخرة والمعاناة دون أمل حقيقى ودون شعاع ضوء فى نهاية النفق.. فهذا غير محتمل وغير إنسانى.
من حسن الحظ أن رئيس الجمهورية الجديد... من جذور ريفية وهو يعلم طبعا ما يعانيه الفلاح المصرى من مشاكل خرافية... لا أستطيع شخصيا الحديث عنها والأقدر على فهمها والتعامل معها من عاش وسط الفلاحين وعانى مثلهم وفى تقديرى فإن الدكتور محمد مرسى قادر على ذلك.
وأعتذر بشدة كنت أحسب أننى سوف أحمل مشاكل مصر فى هذا المقال أقدمها فى صورة برشامة للرئيس الجديد... ومن الواضح أن الملف متخم ومتورم وربما نتحدث فى مقال آخر عن مشكلات ملحة كظاهرة البلطجة والشحاتين وموظف الحكومة الذى يعمل بعد الظهر وفى المساء والسهرة وفى أعمال السخرة.. موعدنا فى الأسبوع القادم.