(فى أكتوبر 2009 كتبت هذا المقال، وهب فى بالى أمس عندما سيطرت عليّا هواجس ما بخصوص «كدابين زفة» ما بعد اختيار الرئيس الجديد، أشاركك هذا المقال اليوم فما زالت الهواجس قائمة وما زال الحرص منها مستحبا .. بل واجبا). أكره الكتاب الذين يبدؤون مقالاتهم بجملة «مما لا شك فيه»، كان لا بد أن أبدأ مقال اليوم بهذه الجملة، لأنه مما لا شك فيه أن انتصار أكتوبر هو الإنجاز المصرى الحقيقى الوحيد خلال الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية، ومما لا شك فيه أن مبارك كان صاحب دور مهم بقيادته سلاح الطيران صاحب مفتاح النصر فى هذه المعركة، وسوف يذكره التاريخ بكل خير فى هذه الجزئية.. نقطة ومن أول السطر. لا نستطيع أن ننكر على الرئيس مجدا حربيا، المشكلة فى كدابين الزفة الذين أرادوا أن يجاملوا الرئيس فاختزلوا نصر أكتوبر فى «أول طلعة جوية.. فتحت باب الحرية»، «كدابين الزفة» الأذكياء الذين يعرفون أن الشعب لن يعترض على هذا الربط بين النصر والرئيس، ولكنهم سيختلفون عند الربط بينه وبين مصطلحات التنمية والرخاء والإصلاح الاقتصادى، لذا يبدو الربط منطقيا ومقبولا، بل كرما منا، نتجاوز أحيانا عن المبالغة إذ يغفل كدابين الزفة أول طلعة مدفعية وأول طلعة مشاة وأول طلعة سلاح مهندسين.. إلى آخره. لكن الخوف كل الخوف من أن يتم الربط بشكل تعسفى بين هذا الإنجاز المصرى الوحيد وأى شخص آخر قد يصل إلى سدة الحكم (استمعت إلى مصطلح سدة الحكم فى أحد البرامج منذ يومين وأعجبنى بشدة، لدرجة أننى بقالى يومين، كل ما حد يقول لى حاجة أقول له المهم سدة الحكم)، المهم.. خوفى من «كدابين الزفة» وتحايلهم على الأمور يلازمنى ويكبر فى ذهنى دون أن أستطيع أن أقاوم الأفكار التى ستبنى عليه، فإذا وصل جمال مبارك إلى سدة الحكم أخشى أن يتم الربط بين الانتصار وكون السيد جمال تحمل قسوة ومرارة الحرمان من حنان ورعاية الأب الذى كان فى خدمة الوطن، بعيدا عن بيته لفترة طويلة. سيقولون إن السيد جمال آثر مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية، الأمر الذى مهد الطريق إلى النصر، سيذكرون أن السيد جمال تخلى عن احتياجاته كطفل بحاجة إلى وجود أبيه حتى يساعده على الأقل فى حل الواجب، مقابل أن يتفرغ الأب لحل واجب الوطن. أما إذا وصل المهندس أحمد عز إلى سدة الحكم سيقوم «كدابين الزفة» بالربط بين عائلة المهندس التى كانت من أهم تجار الحديد الخردة فى السبتية فى هذا الوقت بأن العائلة، وفى مقدمتها المهندس أحمد أسهمت بكل ما تملك من خردة من أجل المجهود الحربى، وربما كشفوا لنا عن صور للكبارى الحديدية التى عبرنا عليها، وقد نقش على جوانبها بالخط البارز (حديد عز.. السبتية.. ت 864758). وإذا وصل محمد أبو العينين سيقولون إنه قام بتبليط حائط الصواريخ بالسيراميك على نفقته، وإذا وصل عمرو موسى سيقولون إن الدبلوماسية لعبت دورا خفيا فى حشد العالم لمساندة مصر لعبور القناة، وإذا وصل الإخوان سيقولون إن هتاف «الله أكبر» هو الموضوع كله. صدقنى عزيزى القارئ لن يغلب «كدابين الزفة» فى الصعود إلى خشبة المسرح والتنقيط بورق خمسينات، وهم يجعلون للرئيس الجديد دورا فى الإنجاز، الوحيد الذى لن نختلف عليه ولن نشكك فيه، حتى إذا وصل إلى سدة الحكم هو الكابتن حسن شحاتة، سيقولون إن الفترة التى قضاها أبو كريم محترفا فى نادى كاظمة الكويتى أثناء الحرب كانت غطاء لعملية وطنية استخباراتية كان الهدف منها الحصول على دعم ومساعدة الأشقاء فى الخليج من أجل تحرير سيناء، وساعتها سنصدق وسنصفق كثيرا لمجهود حسن شحاتة، وقد نغنى له «أول ضربة ركنية.. فتحت باب الحرية».