إنها المأساة تتجسد أمام أعيننا.. الدم لم يعد جديدا علينا. منذ عام والموتى من أجمل وأطهر شبابنا يتساقطون. الحزن أصبح يسكن كل بيت .. كل قلب .. كل عين .. لم يعد غريبا علينا الموت والدم والدموع .. الخونة أصبحوا أكثر مما نتوقع .. المصلحة الخاصة أصبحت فوق الوطن وفوق الشعب .. الشعب الفقير المريض الجائع الصابر حتى الموت، بالله العظيم لو كان اليهود يحكمون مصر ما فعلوا بشعبها ما يفعله الخونة الآن فى هذا الشعب! ولنا فى الاحتلال الانجليزى عبرة تاريخية لمن يعتبر. كانوا أرحم على الشعب من خونة عصرنا. الكل يتربص بهذا البلد العظيم، بهذا الشعب العظيم. الشماتة فى أعين كل انتهازى، فى أعين كل كلب من كلاب النظام الفاسد، فى أعين سماسرة الموت والدم، فى أعين لاحسى الجزم. والموت أحياء هو مستقبلهم الوحيد، مهما قاوموا ومهما فعلوا من تخريب فى البلاد من أجل إسقاط قيم ومعانى الثورة المجيدة. الثورة التى طهرت البلاد من عصابة سيتذكرها التاريخ على أنها من نوادر مصر المأساوية. تماما كتاريخ المماليك فى نهاية عهدهم المظلم. وما عرفناه إلى الآن فى تورط بقايا النظام الفاسد الفاجر فى أحداث العنف وكان آخرها حادثة بورسعيد ما هى إلا أكبر الأخطاء التى قامت بها الثورة المجيدة. كان الدم هو حلهم الوحيد، كان علينا أن نتعلم من موقعة الجمل ونحاكمهم بناء على ما كانوا يفكرون فيه. كانوا يفكرون فى الدم وكنا نفكر فى السلمية سلمية. كانوا على استعداد لوقوع ضحايا ودم وقتلى من أجل فشل الثورة، وكان خطؤنا أننا تعاملنا معهم بحضارتنا الموروثة فى قلب كل مصرى طاهر وطنى يحب بلاده لتسمو. وأدخلناهم السجون مكرمين. وأوقفناهم أمام محاكم عادلة وأعطيناهم كل حقوق الدفاع. وكل حقوق المحاكمة. رغم أنهم لو انقلبت الأمور وفشلت الثورة لقتلونا فى الشوارع دون محاكمة بتهمة قلب نظام الحكم. ويبدو أننا أخطأنا خطأ ندفع ثمنه غاليا الآن. ما زال دم الشعب على الأرض لم يكف بعد. ما الذى يحدث لو وضعنا الجميع ممن هم فى طرة بكبيرهم الذى علمهم السحر ومعهم امرأتهم الشمطاء فى قفص واحد؟! وطبقنا عليهم قانونا واحدا قانون قلب نظام الثورة. تماما مثلما كانوا سيفعلون. ونطبق عليهم المادة الثانية من الدستور شرع الله الذى كان يتشدق به البعض فى قسمهم فى مجلس الشعب. نطبق عليهم شرع الله للمفسدين فى الأرض، أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض. أليس هذا شرع الله ؟ وأليس هذا هو الدستور فى مادته الثانية التى يتمسك بها الجميع ؟ الناس تريد أن يشفى غليلها فى أن ترى كل هؤلاء فى قفص واحد مثلما كانوا على مائدة واحدة أيام مؤتمر المرحوم الحزب الوطنى. صور تلتقط لهم وهم فى القفص وتوضع فى الصحف بجانب صورهم وهم مجتمعون على مائدة الحزب. الناس تريد أن يشفى غليلها، لابد من قربان يقدم لهم ليشعروا ولو للحظة واحدة بالعدل. أعطوا لمصر الأمل والعدل. وانتظروا لأيام لتروا مصر كما هى فى كتب التاريخ أمة فوق كل الأمم .. أعدموا الخائن.