رغم أنه «أول عام دراسى بعد الثورة» إلا أن الأسر المصرية ما زالت تمر بنفس المعاناة اليومية التى تذوقها مع كل عام دراسى لتبدأ فاتورة المصاريف للملابس والكتب المدرسية والخارجية بخلاف المصروف اليومى والمواصلات وأيضاً الدروس الخصوصية والتى تعتبر أكبر فاتورة تدفعها الأسر المصرية وخاصة الطبقات المتوسطة التى تتكبد الأمرين من أجل توفير لقمة العيش وتوفير ما تتطلبه فاتورة الدروس الخصوصية لأبنائهم، فى الوقت الذى يعانى فيه الطلبة من عدم وجود كلمة تعليم «داخل المدارس» حيث أكد أولياء الأمور «إننا لا نرغب فى إعطاء أبنائنا دروساً خصوصية كنوعً من «التباهى» ولكننا مرغمون على ذلك من أجل تعليم أبنائنا «لأنه لا فائدة من المدرسة ولهذا فإن المعاناة لا تبدأ فقط مع أول يوم دراسى ولكن قبلها بفترة كبيرة حتى نستطيع أن نحجز مكاناً لأبنائنا». فقبل أن تبدأ الدراسة بأكثر من شهرين، يبدأ محترفو الدروس الخصوصية يعلنون عن أنشطتهم بطرق مختلفة ومن ثم تبدأ الدعاية من جانب المدرسين ومراكز الدروس فنجد دعاية تحت عنوان «ادفع نصف شهر واحضر شهراً كاملاً.. جنرال اللغة الانجليزية.. بروفيسير اللغة الفرنسية.. أبو الفلسفة.. إمبراطور اللغة العربية.. خبير الفيزياء.. عالم الإجتماع الأول.. الرائد فى الجغرافيا.. إلخ . هذه بعض أساليب الإغراء التى يستخدمها محترفو الدروس الخصوصية فى بداية كل عام دراسى، وكأنهم مقدمون على موسم أحرق دم الأسر المصرية، مراهنين على أن تصبح كل أسرة، على الحديدة، بمجرد انتهاء الدراسة. ورغم ورطة الأسر فى مواجهة الازدياد المتتالى للأسعار لكن وللأسف الشديد فإنها تضطر إلى الاستسلام إلى ألاعيب هذا النوع من «الدعاية الخصوصية» خوفاً على أبنائهم من الفشل الدراسى، الذى تبناه نظام التعليم الفاشل الذى رسخة النظام القديم. وإذا نظرنا إلى لغة الأرقام سنجد واقعاً مخيفاً حيث أكدت دراسة حكومية أن نسبة الإنفاق على التعليم بلغت4,6% من الإنفاق الكلى للأسرة، وجاء فى المرتبة الخامسة بعد الإنفاق على كل من الطعام والشراب، والمسكن ومستلزماته، الملابس والأقمشة والأحذية، والخدمات والرعاية الصحية. وأشارت الدراسة التى أجراها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن الإنفاق على التعليم بالاعتماد على بيانات مسح الدخل والإنفاق لعام 2008 - 2008 إلى أن نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية بلغت 33% من إجمالى الإنفاق الكلى على التعليم، وكذلك حققت المصروفات والرسوم الدراسية نفس النسبة، تلاها نسبة الإنفاق على مصاريف تعليمية أخرى 20%، ومصاريف الانتقالات بنحو 41%. وأضافت الدراسة أنه كلما ارتفع المستوى التعليمى لرب الأسرة قل الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية وزاد الإنفاق على المصروفات والرسوم الدراسية، ففى حالة أن يكون رب الأسرة من الحاصلين على مؤهل جامعى فأعلى. كما أشار التقرير إلى نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية بلغت 42% مقابل 63% فى حالات كون رب الأسرة من الأميين، بينما بلغت نسبة الإنفاق على المصروفات والرسوم الدراسية 94% فى حالة أن يكون رب الأسرة من الحاصلين على مؤهل جامعى مقابل 12% حينما يكون رب الأسرة من الأميين. «مجلة صباح الخير» استطلعت رأى بعض الطلبة وأولياء الأمور حول كيفية استعدادهم لهذا العام. وما مصير هذه الفاتورة.. ويقول شريف عارف (الصف الثانى الثانوى) إن الدروس الخصوصية، ونعتمد عليها أكثر فى فهم المواد الدراسية، وتتنوع ما بين «خاصة فى المنزل» أو بالمراكز التعليمية الخاصة والتى نفرق ونفاضل بينها بناءً على شهرة مدرسيها. وهناك نشرات توزع علينا فى بداية السنة الدراسية تتضمن أسماء هذه المراكز وأماكنها وأسماء مدرسى كل مادة. وتقول رشا عبدالعزيز (الصف الثانى ثانوى) حجزت لدى مدرس خصوصى فى أكثر من مادة مبكراً حتى أضمن لى مكاناً، ونحن كطلبة لا نستطيع الاستغناء عن الدرس الخصوصى لأنه وسيلتنا للنجاح بمجموعٍ كبير، فنحن لا نفهم معظم المواد فى المدرسة بسبب كثرة عدد الطلاب وعدم شرح المدرسين بضمير. أولياء الأمور ولكن ماذا يقول أولياء الأمور الذين يقتطعون من قوت الأسرة لتوفير ثمن الدروس الخصوصية للأبناء؟ تقول فاطمة أحمد ربة منزل إنه لا يوجد مفر لدى أى أسرة الآن من اللجوء للدروس الخصوصية لأنها تمكن الأبناء من فهم المواد الدراسية بعكس المدرسة، وعن نفسى أقتطع ما يقرب من 350 جنيه شهرياً لدفع ثمن الدروس الخصوصية التى يحصل عليها ابنى وابنتى اللذان يدرسان بالصف الثالث الإعدادى والصف الخامس الابتدائى. وتضيف فاطمة أن الأسرة تعانى مما وصفته «بحنفية فلوس» تتكبدها الأسرة مع بداية كل عام دراسى. كى تعرفى أننى بدأت أبحث وأحجز عن المدرسين منذ فترة طويلة قبل بداية الأسعار نتيجة أن البعض منهم يتحجج بأنهم ليس لديهم مكان فضلاً عن ارتفاع أسعارهم. وتضيف فاطمة أننا نعيش كابوساً طويلاً يستمر طوال أيام الدراسة.