تعد الجمعية الإفريقية أحد الأماكن التاريخية المهمة فيما يتعلق بتنمية العلاقات المصرية الإفريقية، وقد تأسست عام 1956، وكان أول مؤسس لها محمد عبدالعزيز إسحق، وكان اسمها «الرابطة الإفريقية»، وكانت تحت رعاية الرئيس عبدالناصر، وقد قامت هذه الرابطة بدعم حركات التحرير الإفريقية فى خمسينيات القرن الماضى، وقد تحولت إلى جمعية أهلية فى عهد الرئيس السادات،. ومازالت تقوم بأدوار مهمة فى تنمية العلاقات المصرية الإفريقية. وهى المكان الداعم للقارة السمراء، حيث يسميها الأفارقة بكل الحب «بيت إفريقية». وفى السطور القادمة حوار مع محمد نصر الدين رئيس الجمعية الإفريقية والذى عمل فى السلك الدبلوماسى سفيرا لمصر فى بعض الدول الإفريقية مثل السودان، وتشاد، وكان الحديث عن «بيت إفريقية». مهد حركات التحرر الإفريقية سألته عن تاريخ الجمعية الإفريقية فى دعم وتنمية العلاقات المصرية الإفريقية فقال: لقد كانت الجمعية الإفريقية مقرا لمكاتب حركات التحرير الإفريقية التى بلغ عددها فى أواخر الخمسينيات 38 حركة تحرير من جميع أرجاء القارة الإفريقية، وكانت تحت رعاية الرئيس عبدالناصر شخصيا، فكانت مهدا لحركات التحرر الإفريقية، وزعمائها الذين تولى بعضهم رئاسة دولهم مثل: سام نيوما رئيس ناميبيا الراحل وكينيث كاوندا رئيس زامبيا الأسبق، وروبرت موجابى رئيس زيمبابوى، وأحمد سيكيتورى رئيس غينيا، وموديبو كيتا رئيس مالى.. وغيرهم. مناهضة التفرقة العنصرية وعن نشاط الرابطة الإفريقية التى تحولت إلى جمعية أهلية منذ عهد الرئيس السادات يقول محمد نصر الدين: فى عهد السادات انتقلت تبعية المكان من رئاسة الجمهورية إلى وزارة الشئون الاجتماعية فقد أصبحت الرابطة جمعية أهلية مثل باقى الجمعيات ليست لها أى نشاط سياسى، لكنها قا مت بأدوار أخرى مهمة فى مناهضة سياسات التفرقة العنصرية والتى كانت سائدة فى أربع مناطق هى: روديسيا الشمالية التى أصبحت فيما بعد دولة زامبيا، وروديسيا الجنوبية التى أصبحت دولة زيمبابوى، وناميبيا وجنوب إفريقية، وكان قد تولى رئاسة الجمعية د. بطرس بطرس غالى عام 1972. سألته عن جهود الجمعية فى مناهضة التفرقة العنصرية فى إفريقية فقال: عندما تحمل بطرس بطرس غالى مسئولية الجمعية كأول رئيس لها آنذاك، فقد اهتم بملف «مناهضة سياسات التفرقة العنصرية» فى جنوب القارة. وفى عام 1975 تحررت روديسيا الشماليةوالجنوبية وعام 1990 حصلت ناميبيا على استقلالها، وقضى على نظام الفصل العنصرى فيها عام 1994، وفى هذه الفترة أيضا تحرر نلسون مانديلا من المعتقل، وأصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، ولقد زار مانديلا مقر الجمعية الإفريقية فى مصر مرتين. ويستطرد محمد نصر الدين متحدثا عن نشاط الجمعية الحالى فيقول: هى المكان الرئيسى الذى يوجه كل أنشطته لخدمة الأفارقة فى مصر مثل الجاليات الإفريقية المقيمة فى مصر، من الصوماليين والسودانيين، ومن جنوب السودان، وهى جاليات قديمة تقيم فى مصر منذ أكثر من نصف قرن، وكثير منهم تزوجوا فى مصر، ومعهم الجنسية المصرية، وهناك أيضا الطلاب الأفارقة، وقد تشكل فى الجمعية الإفريقية كيان لرعايتهم هو الاتحاد العام للطلاب الأفارقة بالجامعات والمعاهد العليا المصرية، ومقره فى مبنى الجمعية. والطلاب الأفارقة منهم من يدرسون على نفقتهم الخاصة وهم أكثر من تسعين طالباً، وهناك القادمون بمنح من حكوماتهم (700 طالب) وهناك ما يزيد على ألفى (2000) طالب حصلوا على منح دراسية مصرية، خاصة من جامعة الأزهر، ومعظمهم يقيم فى مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة. والجمعية الإفريقية تهتم بشكل رئيسى بعمل الندوات، وورش العمل، والرحلات الأثرية والثقافية والترفيهية للطلبة الأفارقة، ويرتبطون بالجمعية ويسمونها «بيت إفريقية». وعن الذين تولوا رئاسة الجمعية الإفريقية يقول: كان أول رئيس لها بطرس بطرس غالى، ثم د.محمود محفوظ وكان وزيرا للصحة فى عهد السادات، وهو رائد من رواد الباحثين فى مجال الأورام السرطانية، وقد أسس معملين لدراستها، واحد فى مصر، وآخر فى السودان. ثم تولى رئاسة الجمعية السفير السابق فؤاد البديوى، ثم توليت رئاستها من بعده. ومن أهم جهود بطرس بطرس غالى أيضا إنشاء الصندوق الفنى لدعم إفريقية، وقد أنشأه فى عهد السادات، وشهد نشاطًا واسعًا فى عهد مبارك. وكانت الفكرة وراء إنشاء هذا الصندوق هى إمداد الدول الإفريقية بالخبراء المصريين فى كل المجالات خصوصا من الأطباء، والمهندسين، والمعلمين، ويسمى هذا الصندوق الفنى لدعم إفريقية ب «وكالة الشراكة» وقد أرسل إلى إفريقية أكثر من تسعة آلاف خبير مصرى فى جميع المجالات. جهود على طريق تنمية إفريقية وسألته عن أهم السبل من وجهة نظره لتنمية العلاقات المصرية الإفريقية، وقد عمل بالسلك الدبلوماسى فى بعض الدول الإفريقية لأكثر من 12 عاما فقال: أرى أن اتفاقية التجارة الحرة التى تمت منذ رئاسة مصر منظمة الاتحاد الإفريقى من فبراير 2019 وحتى الآن. تم عقد اتفاق التجارة الحرة بين الدول الإفريقية، وهى التى وحدت جهود منظمات اقتصادية إفريقية كثيرة أهمها منظمة الكوميسا. ومن خلال تلك الاتفاقية زاد حجم التجارة البينية بين الدول الإفريقية، وبعضها البعض وكانت من قبل لا تزيد على 15٪ من حجم التجارة بين إفريقية، والدول الأخرى مثل دول أوروبا والصين. وتضاعف حجم النشاط التجارى بين الدول الإفريقية عدة مرات من خلال اتفاقية التجارة الحرة، ومازالت جهود مصر تتوالى فى هذا المجال. وقد كانت هذه الإطلالة على العلاقات المصرية الإفريقية من خلال نشاط الجمعية الإفريقية إطلالة من بيت إفريقية. 3117