اتهم المرشح الرئاسي السابق حازم صلاح أبو إسماعيل مؤسس حزب الراية ، نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بالتسبب في ضياع حقوق المصريين من النيل. وقال أبو إسماعيل في مداخلة لقناة صدى البلد : "صدعونا بقوة سلطانهم في إفريقيا ، ومر هذا العصر دون أي معاهدة تضمن لمصر حصتها من مياه النيل وما هو موجود من اتفاقيات يعود لعصر إستعمار مصر ودول حوض النيل". وتناول أبو إسماعيل بالانتقاد واحدًا من أكثر الملفات التي أعلن ناصر نجاحه فيها وهو الملف الإفريقي بصفة عامة وملف "حوض النيل" بصفة خاصة . عبد الناصر وحوض النيل تسلم عبد الناصر حُكم مصر وبين يديه اتفاقية مبرمة في 1929 بين القاهرة والمستعمر البريطاني مُنحت مصر بموجبها حق الاعتراض على مشاريع تبنى على النيل خارج أراضيها مع تخصيص أكثر من 40 مليار متر مكعب من المياه سنويًا . ومع زيادة الكثافة السكانية ومشروعات التنمية الزراعية، رأى عبد الناصر في عام 1957 أن مصر بحاجة إلى زيادة الكم المخصص لها من مياه النيل ، فقام في عام 1959 بتوقيع اتفاقية ( جديدة ) مع السودان تُمنح مصر بمقتضاها 55.5 مليار متر مكعب من المياه كل سنة - أي 87 % من منسوب النيل- والسودان 18.5 مليار متر مكعب. كما قام عبد الناصر بجهود من أجل بناء السد العالي ، من أجل تأمين مياه النيل. وعلى مستوى تأمين العمق المائي ، عمل عبد الناصر على توسيع السيادة في دول حوض النيل، حيث قدم العديد من المساعدات "الاقتصادية - الثقافية - العسكرية - السياسية" التي جاءت في إطار مساعداته لحركات التحرر في كل إفريقيا ، وهو وثق علاقاته بالعديد من زعماء القارة السوداء وعلى رأسهم الإمبراطور هيلا سلاسي حاكم إثيوبيا . القاهرة .. منارة إفريقيا زاد الدور الإقليمي المصري في إفريقيا مع ثورة يوليو 1952، واتخذ هذا الدور أبعادًا جديدة متميزة، وبلغ آفاقا لم يبلغها من قبل، رغم التسليم بقِدم الدور المصري في القارة ، والذي يتزامن مع قدم الدولة المصرية ذاتها ، باعتبارها أقدم دولة في التاريخ المكتوب كما هو معروف . ودعمت مصر مساعداتها العسكرية لجميع حركات التحرير مهما كانت انتماءاتها أو أشكالها طالما كانت توجه نشاطها ضد الوجود الاستعمارى في إفريقيا، ومن ثم احتفظت مصر بعلاقات طيبة بكل القوى الوطنية فى القارة، ودون أى تدخل لفرض أشخاص أو نظام معين. كما أقامت القاهرة مكاتب سياسية دائمة لحركات التحرير وممثليها ، وقد كان تأسيس الرابطة الإفريقية عام 1956 المقر الدائم لهذه الحركات والتى بدأت بمكتب اتحاد الشعب الكاميروني بقيادة فيلكس مومي والمؤتمر الوطنى الأوغندى وحزب كانو من كينيا بقيادة أوجنجا أودنجا، كذلك حزب المؤتمر الوطنى الإفريقى من جنوب إفريقيا ومكتب حزب استقلال روديسيا الشمالية (زامبيا) مكتب سوابو(ناميبيا الآن) والحزب الوطني بزنجبار بقيادة على محسن، هذا فضلا عن بعض الأحزاب الصومالية والروابط الإريترية ، ووصل عدد المكاتب لنحو 10 مكاتب عام 1958 ، و نحو 22 مكتبا وهيئة فى أوائل الستينات . مساعدات مصر العسكرية ومؤازرتها السياسية حرمت الدول الأوروبية والأجنبية وبصفة خاصة "إسرائيل" من الانتشار في إفريقيا ودول حوض النيل بعد أن وجدت أنه من المستحيل أن تطلب هذه الدول المساعدات العسكرية في ظل دعم القاهرة. معركة الإعلام لم تقتصر القاهرة على تقديم المساعدات العسكرية بل قدمت مساعدات إعلامية، حيث أنشأ عبدالناصر صوت إفريقيا في الإذاعة المصرية على غرار صوت العرب، وكان يبث باللغة السواحيلية متوجها لكينيا وشرق إفريقيا خاصة بعد أحداث ثورة الماوماو واعتقال الزعيم الكينى جومو كينياتا كما صممت برامج إذاعية أخرى باللغات الإفريقية المحلية لكل أجزاء إفريقيا المختلفة، ومنحت الفرصة لحركات التحرير ومكاتبها فى القاهرة لمخاطبة شعوبها مباشرة، وأصبحت مصر هى الدولة الأولى فى العالم التى تتحدث باسم الثورة الإفريقية ضد الاستعمار مما أثار احتجاجات واسعة من قبل السفارة البريطانية فى مصر . ضد العنصرية منذ أن اعتبر عبدالناصر نفسه مسئولا وشريكا فى الصراع الجارى فى هذه المنطقة بين البيض والسود وضعت مصر نفسها فى مقدمة البلاد التى أعلنت قطع علاقتها مع حكومة جنوب إفريقيا العنصرية آنذاك 30 مايو 1961، كما شاركت مع 28 دولة أخرى لعرض قضية الأبارتهيد فى مجلس الأمن للمرة الأولى عام 1962 مما أدى فى النهاية إلى اعتبار سياسة التفرقة العنصرية سياسة تهدد السلم والأمن الدوليين وكان ذلك مقدمة للمقاطعة والحظر التطوعى على مبيعات السلاح لحكومة بريتوريا العنصرية وفى نفس الوقت كان هناك اتصال مصرى بحركات التحرر فى جنوب إفريقيا من خلال كوادرها بالقاهرة كما كان الاتصال المصري بالشعب الجنوب الإفريقى عبر البرامج الإذاعية الموجهة سواء باللغة الإنجليزية أو بلغة الزولو، خاصة منذ بداية المقاطعة فى الستينات، ولم تعترف مصر بالكيانات الاصطناعية التى أقامتها جنوب إفريقيا، والمعروفة باسم البانتو ستانات كإقليم ترانسكاى وغيره . كما ساندت مصر الأغلبية ضد نظام حكم الأقلية البيضاء سواء فى روديسيا الجنوبية (زيمبابوى حاليا) عن طريق دعم حركات التحرير فيها ضد حكومة سميث وبالنسبة لجنوب إفريقيا فقد وقفت مصر ضد سياسات التمييز العنصرية والأبارتهيد التى كانت تتبعها الحكومة البيضاء . وقد استمرت مصر على هذا النحو حتى بدأت الأمور تتغير بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي .