أسعار الذهب العالمية تتراجع من «القمة التاريخية» إلى 2406 دولارات للأونصة    وزير التنمية المحلية: إنشاء 332 مجمعًا خدميًا في قرى «حياة كريمة»    وزير الإسكان: توفير شقق جديدة للشباب في بني سويف قريبا    التجارة: 12 مليار و912 مليون دولار حجم صادرات مصر السلعية خلال ال4 أشهر الماضية    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    فصائل فلسطينية: فجرنا عبوة مضادة للأفراد في قوة إسرائيلية وسط معسكر جباليا    الأهلي يترك حرية الاختيار لمعلول بعد نجاح جراحة وتر أكيليس    من أجل مبابى.. الرئيس الفرنسي يجتمع ببيريز    «تعليم الجيزة»: الأسئلة المتداولة لامتحان الإعدادية خاصة بالتيرم الأول    إصابة طالب في المعادى بجرح قطعي والأمن يضبط الجناة    دفاع متهمة برشوة الرى يطالب بإخلاء سبيلها كونها السيدة الوحيدة بالقضية    إجراء 74 ألف عملية جراحية لمواطني المنيا ضمن مبادرة «القضاء على قوائم الانتظار»    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    وزير الري: أكثر من 400 مليون أفريقي يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب    في اليوم العالمي للشاي.. طريقة تحضير «بسكويت الماتشا» في المنزل    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    محافظ جنوب سيناء ومنسق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء يتفقدان مبنى الرصد الأمني بشرم الشيخ    تعرف على موعد ميلاد هلال ذو الحجة ويوم استطلاع الرؤية    وزيرة التضامن تعلن موعد مغادرة أول أفواج حجاج الجمعيات الأهلية    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    فيلم السرب يحقق 560 ألف جنيه أمس    رئيس الإذاعة: المولى عز وجل قدّر للرئيس السيسي أن يكون حارسا للقرآن وأهله    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين    بسبب لهو الأطفال.. أمن الجيزة يسيطر على مشاجرة خلفت 5 مصابين في الطالبية    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    الزمالك: «كاف» هو المسؤول عن التنظيم السيئ لمراسم التتويج بالكونفدرالية    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي شعرواي الخبير في الشئون الإفريقية:
هكذا بدأ إهمالنا لإفريقيا
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 07 - 2010


هل أهملت مصر القارة السمراء؟
السؤال ثقافي بالطبع. لأن أي مناقشة لقضية النيل يلزمنا بالعودة إلي الثقافة المصرية في دول حوض النيل. ربما كان الباحث السياسي حلمي شعراوي أقدر من يتحدث في ذلك الموضوع ، اهتماماته بالقارة الإفريقية بدأت منذ الستينيات، عندما عمل مع وزير الإعلام السابق محمد فايق في مكتب الشئون الإفريقية التابع مباشرة للرئيس جمال عبد الناصر. شعراوي يري أن أحد أسباب الأزمة الحالية " غياب الضخ الثقافي العلمي الجاد في القارة طوال الفترة الناصرية" . يري أن انشغال المعنيين بالحدث السياسي قلل كثيرا من اهتمامهم الثقافي" وهنا تكمن الأزمة الحقيقية. وقدم شعراوي مثالا علي أهتمامنا بالشاعر سنجور لمجرد أنه كان عضوا في الكاديمية الفرنسية، بينما هناك الشيخ انتاديوب الذي كتب كثرا عن الحضارة الفرعونية وأصولها الأفريقية، ولم يترجم كتابه إلا ملخصا.
في البداية سألت حلمي شعراوي عن أسباب اختياره للثقافة الإفريقية كمجال للاهتمام؟
أجاب:
درست علم الاجتماع في منتصف الخمسينيات بجامعة القاهرة، وهي فترة كانت غنية إلي حد كبير بالأحداث، كان هناك مؤتمر " باندونج" وتأميم القناة، فضلا عن مؤتمرات الصعود الإفريقي الآسيوي. في ذلك الوقت كان التراث المصري يتحدث عن " إمبراطورية مصر في إفريقيا" ، وتبعية السودان لمصر" ، وكنا نعتبر أن هذه وجهات نظر رجعية. وفي يناير 1958 جاء إلي جامعة القاهرة زعماء القارة الإفريقية ، للمشاركة في مؤتمر التضامن الآسيوي الإفريقي وهذا ما جعلني أركز في دراسة " انثروبولوجيا" الشعوب ليس باعتبارها شعوبا "متخلفة" كما كان يتم تصوير الأمر .وأيضا في تلك الفترة انجذبت إلي "الرابطة الإفريقية" في الزمالك ووجدت عددا كبيرا من الشباب المصريين والأفارقة من أوغندا والسنغال وأريتريا . وأيضا هناك شاب مصري لا يذكره أحد كثيرا هو محمد عبد العزيز إسحاق كان رئيسا لتحرير مجلة " نهضة إفريقيا" التي اغنت الخمسينيات والستينيات بالثقافة الإفريقية وهي مجلة جديرة بإعادة النظر ، ونشر فيها العديد من الكتاب مقالاتهم. وقد نشرت فيها وكنت لا أزل أدرس في الجامعة موضوعات عن فن النحت الإفريقي، و"الصحافة في إفريقيا" وغيرها ..في تلك الفترة كنت مهتما بالفلكلور وأعمل مع رشدي صالح وتجولت في كل أنحاء مصر، هذا الاهتمام بالثقافة الشعبية جذبني أيضا إلي الثقافة الإفريقية. ومن هنا تشكلت بؤرة مبكرة جدا للاهتمام بأفريقيا ذات صلة مباشرة بمكتب رئيس الجمهورية عن طريق محمد فايق .. وقد بدأت العمل معه.
يعني الاهتمام بإفريقيا بدأ منذ الخمسينيات؟
ما بين مؤتمر يناير 1958 وأحداث تحرير الكونغو من الاستعمار عامان، شكلا حضورا مصريا هائلا علي المستوي الأفريقي لأننا ساهمنا بفاعلية في تحرير الكونغو. في وسط هذا كنا في عملية استقلال السودان وشعرنا بتدخلات الإنجليز والأمريكان لدفع الجنوب إلي الدمار. عبد الناصر كان مشغولا وقتها بمعركة تأميم القناة، وأيقن أنه لا يمكن أن يحارب في أكثر من جبهة ، لم يكن معقولا أن يحارب في جوبا. هذا الأمر أعطي أولوية بضرورة مواجهة الاستعمار في حوض النيل. وقد أبلغني محمد فايق في حوار أخير معه أن عبد الناصر طلب إليه العمل في منطقة دول حوض النيل منذ عام 1953 ولذلك أيدنا المعارضة الإثيوبية وماو ماو في كينيا ، والمعارضة في أوغندا وتشاد ..هذا الاهتمام بإفريقيا سابق علي مسألة الوحدة بين مصر وسوريا.
ولكن يقال إن الدوائر الثلاث لمصر كما صنفها عبد الناصر عربيا _ إسلاميا- إفريقيا- حسب الأولويات؟
فكرة الدوائر الثلاث شكلية جدا، وغير واقعية ، وأنا لست معها ، لأننا لو أخذنا التحرر الوطني معيارا، سوف تكون الدائرة الإفريقية هي الأولي والأساس.
قبل يوليو ... في العشرينيات والثلاثينيات ..هل كان هناك اهتمام مصري بإفريقيا.. طه حسين مثلا كان يؤيد ويدعو بقوة إلي الفكرة " المتوسطية"..ومثله كثير من المفكرين؟
الإقطاع المصري نظر للسودان وإفريقيا كمصدر للمياه، لزراعة القطن. أما النخبة الجديدة فنظرت إلي الشمال. ولكن عندما جاءت يوليو ركزت في بدايتها علي " النظرة الوطنية المصرية" في شكل قريب من الفرعونية ، لم تركز لا علي الفكرة العربية ولا الإفريقية، وقتها كتب حسين فوزي كتابه " مصر ورسالتها" ..ولكن بعد فترة أيقن عبد الناصر أن تأمين الثورة نفسها يتطلب تأمين إفريقيا.
هل الاهتمام كان برجماتيا إلي حد ما أم لإدراكه أهمية النيل؟
لم تكن " منابع النيل " أساسية في فكر عبد الناصر ، كان اهتمامه ينبع من أن إفريقيا قد تكون مصدرا للهجوم الاستعماري علي مصر، لا ننسي أن أثيوبيا كانت بها أكبر قاعدة أمريكية كانت تعرف
باسم كنيو ستيشن، كان عبدالناصر في هذه الفترة يشعر بالوجود الأمريكي في هذه المنطقة المهمة بالنسبة لمصر، فضلاً عن علاقات إمبراطور إثيوبيا وقتها هيلاسلاسي ببريطانيا. وفي ولكن حتي في أوغندا كان الاهتمام تقليديا، احتفلنا بإنشاء سد " أوين" . قبل يوليو لم يكن هناك قلق علي مياة النيل بسبب وجود بريطانيا ، ولكن القلق بدأ عندما بدأ صدامنا مع بريطانيا وعندما بدأنا في بناء السد العالي لذا كان لابد من تأمين مياة النيل والسودان.
وماذا عن موقف الدول الإفريقية عندما بدأ بناء السد العالي هل كانت هناك اعتراضات؟
رفضت التعليق والتوقيع، كانت في عتاب دائم لأن مصر لم تقم باستشارتها ، وهذا أحد أخطاء الدبلوماسية المصرية، وقتها كان ذلك مبررا إلي حد كبير فنحن والسودان نقتسم مياها قادمة بالضرورة، وقبل عام 59 لم تكن قد استقلت بعد دول كينيا وأوغندا وتنزانيا والكونغو ..فقط أثيوبيا التي كانت مواقفها متشنجة دائما تجاه مصر.
رغم وجود الكنيسة المصرية؟
رغم وجود الكنيسة المصرية، يجب ألا ننسي أن اثيوبيا منافس قوي لنا في دول حوض النيل، فهي أثيوبيا أنها دولة كبيرة مثل مصر، عدد سكانها 80 مليونا، وينبغي أن نتعامل علي هذا الأساس، ولعلك تلاحظ في كل أزمة في مصر كانت أثيوبيا تقوم بخطوة من جانبها لتأكيد قوتها، مثلا عندما حدثت الوحدة المصرية السورية قامت اثيوبيا بإنزال علم ارتريا وعندما حدث الانفصال قامت أثيوبيا بإلغاء الفيدرالية وذلك حتي تظل أرتريا جزءا منها. هل نكسة 67 أثرت علي اهتمام عبد الناصر بإفريقيا؟
كادت النكسة تحبط مصر تجاه افريقيا وخاصة أن موقف الدول الإفريقية لم يكن قويا بقدر كاف، بالإضافة إلي أن عامي 65، و66 شهدا مجموعة انقلابات عسكرية ضد زعماء التحرر الوطني، وبعد النكسة بدا وكأن كل زعماء التحرر الوطني في مأزق. ما أفاد في تلك الفترة أن عام 67 شهد صعود الكفاح المسلح في أفريقيا وكانت لدي مصر خبرة كبيرة في الجزائر وفلسطين ومن هنا ساعدت كثيرا هذه الحركات ، وهذا ما ضمن ل"مصر عبد الناصر" استمرار لمكانتها .
أنت إذن ضد الفكرة التي تري أن عبد الناصر أهمل إفريقيا لصالح الوحدة العربية؟
أظن أن الدكتور مصطفي الفقي لم يكن يقصد هذا الأمر عندما ذكره في مؤتمر "الثقافة الإفريقية" الذي أقامه المجلس الأعلي للثقافة منذ فترة، أظن أنه قصد أن الاهتمام العام بإفريقيا ضيع الاهتمام الخاص بدول حوض النيل. واهتمام مصر الناصرية بإفريقيا سابق تماما علي اهتمام بالعروبة.
متي تحديدا أهملت مصر إفريقيا؟
ليست الفكرة إهمال إفريقيا، لم يحدث ذلك، ما حدث في عصر السادات انحراف بالسياسة المصرية تجاه إفريقيا. السادات أراد أن يحل محل إسرائيل ، أراد أن يلعب لصالح أمريكا مباشرة وينحّي إسرائيل، في الشرق الأوسط، ولذلك قبل أن يكون هو وشاه إيران شرطي أمريكا في المنطقة. ولذا كان قراره أن يقف ضد النفوذ الشيوعي في القارة، وخاصة مع تصاعد دور كوبا، وصور لأمريكا أنه يمكن أن يتصدي للنفوذ السوفيتي ، اهتم بمقاومة مانجيستو في أثيوبيا، والوقوف ضد زعماء حركة التحرر الوطني في أنجولا وغيرها.. أي أن موقف مصر من أفريقيا تغير تماما. يسرد شعراوي حكايتين للتدليل علي ما يقول: في عام 1965 قرر النظام العنصري في روديسيا الانفراد بالإقليم وإعلان الاستقلال من جانب واحد ، بدا كأن النظام العنصري في جنوب إفريقيا يريد قاعدة جديدة في روديسيا، وخلال أسبوعين اتصل عبد الناصر بزعماء القارة ( نكروما وسيكيتوري..وغيرهما) واجتمعوا وقرورا قطع العلاقات مع بريطانيا، لم يكن القرار سهلا ، ولكن رغم أن عبد الناصر يحارب في اليمن، رأي أنه لا مفر من مواجهة بريطانيا لمسئوليتها لما يحدث في روديسيا. ولكن في عام 1977 حارب السادات مع موبوتو ضد الوطنية الأنجولية، كما دعم كل الخونة الذين انقلبوا علي حركة التحرر الوطني. أي أن ما حدث ليس إهمالا لأفريقيا وإنما انحراف بالسياسة. ولكن في آواخر عهد السادات لعب بطرس غالي دورا في تنعيم السياسة ، وحدثت زيارات وعلاقات .. وعمل. بل إن مصر وقعت مع أربع دول من دول الحوض اتفاقية ، ولم تكن تضم كل دول الحوض.
يواصل شعراوي: " إمكانيات مصر ضعفت بعد حرب أكتوبر، وكان البديل في التعامل مع الدول الأفريقية أن يكون هناك تعامل عربي _ إفريقي، ولذا نشطت العلاقات في تلك الفترة لأن الجانب الإفريقي بدا يسعي للمال العربي لتعويض خسارته في البترول، ولكن أيضا ينقصنا دائما التفكير المشترك، رغم هذا التعاون نسينا العمل علي المشروع التنموي الإفريقي المشترك في دول حوض النيل، ولذا عندما حدثت نكسة البترول عام 1980 انهار كل التعاون العربي الإفريقي، وكانت مصر قد بدأت تدخل في تطبيقات كامب ديفيد التي نصت علي أننا لا نستطيع المواجهة ، لا مواجهة أمريكا ولا إسرائيل.
ما مصير مكتب الشئون الإفريقية في عهد السادات .. هل استمر في العمل؟
يوم اعتقال محمد فايق فيما سمي بثورة التصحيح، أغلقت كل المكاتب السياسية، ولا نعرف أين ذهبت وثائق المكتب، التي تم تجميعها في " زكائب".. هل تم إتلافها أم لا تزال موجودة، قيل إنها انتقلت إلي وزارة الخارجية. كان إغلاق المكتب بداية للمأزق المعرفي بدول منابع النيل، فضلا عن أن مصر السادات لم تستطع أن تقوم بما قامت به إدارة عبدالناصر وتوجهت وجهة مختلفة لدرجة أن تصريح السادات الشهير بأن مصر ستحارب من يقترب من مياه النيل كان لصالح الأمريكان ضد السوفييت في أنجولا وموزمبيق وإثيوبيا والكونغو،كما أن مصر في الخمسينيات والستينيات كانت موجودة من خلال شركة النصر التي تمت خصخصتها مؤخرًا وكذلك إقامة علاقات وطيدة مع الأنظمة الحاكمة دون الاكتفاء بالزيارات الدبلوماسية، بل كان العمل يتم علي أرض الواقع.
هل لإسرائيل دور في أزمة مياه النيل الأخيرة؟
لا يجب أن نركز فقط علي إسرائيل، لأن أثيوبيا لم تكن بلاد جاذبة لإسرائيل ، لذلك لم يكن لإسرائيل أي مشروع استثماري أو تنموي كبير في إفريقيا، إسرائيل تتاجر في الماس ، او تقدم خدمات فنية مثل دراسات جدوي لإقامة سد، ولكن الاستثمار الحقيقي في أثيوبيا مثلا تشارك فيه دول عديدة مثل تركيا وإيران دول غربية عديدة، الجديد الصين واليابان ، الصين هي أكبر مستثمر في أفريقيا الآن. الدبلوماسية المصرية مطالبة بإختراق تنموي مع دول حوض النيل ، وخاصة أن دول حوض النيل من الدول الوحيدة في إفريقيا التي ليس لها تجمع ذو طابع سياسي، هناك التجمع المغاربي، وشرق إفريقيا ..ولكن انت هنا ليس لديك تنظيم سياسي، حتي عندما حدثت أزمة النيل لم يجتمع وزراء الخارجية لمناقشة الأزمة. ينبغي ان ندعم الحضور الثقافي والسياسي . هل تعلم أنه لا يوجد في جامعة أديس أبابا أي أستاذ مصري ، بل لا يوجد في مبني الاتحاد الأفريقي ثلاثة مصريين ، رغم أنه بإمكانك أن يكون لديك 30 شخصا في المبني لأنه لا يريد أحد أن يسافر للعمل هناك.
ولكن هناك معهد للدراسات الأفريقية في مصر ما مهمته؟
في تصورك ماذا سيكون دوره ، سواء هذا المعهد أو المركز أو غيرهما من مؤسسات، هم ليسوا أدوات فاعلة للجهاز الدبلوماسي المصري. لاحظ مثلا أننا في الفترة الأخيرة أقمنا أكثر من 15 ندوة فهل اهتم بها أحد؟ ونحن في مركز الدراسات الأفريقية أصدرنا ما يقرب من 50 عنوانا ولكن أي أي حد كان لها تأثير.
هل يمكن أن يلعب الأزهر دورا ليصبح ذراع لمصر في إفريقيا؟
شهادتي ليست دائما في صالح الأزهر ، لسبب فني، فالدول عندما تستقل تريد كوادر فنية لا ينقصها معلمي لغة عربية أو فقهاء ، مثلا في دول غرب أفريقيا يوجد مئات من فقهاء وحافظي القرآن ، وقد اشتكي زعماء أفارقة كثيرون في الستينيات من احتياجهم لكوادر فنية ومهندسين وقد استجاب عبد الناصر لهم، وأمر بإنشاء اقسام في كليات الهندسة والطب والعلوم السياسية والزراعة باللغات الأجنبية للتدريس باللغات الأجنبية، كما طلب عبد الناصر من محمد فايق بتأسيس معهد شبرا للأفارقة، وقد كنت شاهدا علي تأسيس المعهد.
أخيرا هل هناك افق لحل الأزمة الأخيرة؟
بالتأكيد ، دول حوض النيل أعلنت أنهم لا يقصدون الاضرار وإنما يريدون مراجعة المصالح المشتركة بينا، نحتاج بالفعل إلي مسعي مصري لبناء مشروعات مشتركة بينا وبين اثيوبيا وأوغندا ، كما يمكن الاستفادة من رأس المال العربي يمكن الذهاب المال العربي إلي دول المنابع لإنشاء السدود تحت شعار تعاون مصر مع هذه الدول، كأن يتم إنشاء سدود في إثيوبيا ويقال إنه بالتعاون بين مصر وإثيوبيا،كذلك ضبط المال الدولي، بالإضافة إلي مراجعة مشروعات الدول الصديقة مثل الصين وفرنسا في دول المنابع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.