وزير الاتصالات: تأهيل الشباب للعمل كمهنيين مستقلين يساعد فى توسيع نطاق سوق العمل وخلق فرص عمل لا ترتبط بالحدود الجغرافية    وزير الإسكان يبحث مع وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة القطريةتعزيز أوجه التعاون وتوفير السكن الملائم    مسئولو "الإسكان" يُشاركون بجلسات نقاشية بالمنتدى الوزارى العربي السادس للإسكان والتنمية الحضرية بقطر    «ترامب»: فنزويلا محاصرة بأكبر أسطول بحري في تاريخ أمريكا الجنوبية    سيد محمود ل«الشروق»: رواية «عسل السنيورة» تدافع عن الحداثة وتضيء مناطق معتمة في تاريخنا    حالة من الغضب داخل مانشستر يونايتد بشأن رفض المغرب مشاركة مزراوي مع الفريق    تصعيد أمريكى خطير ضد فنزويلا.. ترامب يعلن حصار كراكاس    إعلان أسماء الفائزين بجائزة مسابقة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي لعام 2025    أحمد مراد: لم نتعدى على شخصية "أم كلثوم" .. وجمعنا معلومات عنها في عام    ضياء رشوان عن اغتيال رائد سعد: ماذا لو اغتالت حماس مسئول التسليح الإسرائيلي؟    رئيس محكمة النقض يترأس لجنة المناقشة والحكم على رسالة دكتوراه بحقوق المنصورة    الأزمات تتوالى على القلعة البيضاء، الأوقاف تهدد بسحب جزء من أرض نادي الزمالك بميت عقبة    مصدر أمني ينفي مزاعم الإخوان بشأن هتافات مزعومة ويؤكد فبركة الفيديو المتداول    مصرع شاب داخل مصحة علاج الإدمان بالعجوزة    38 مرشحًا على 19 مقعدًا في جولة الإعادة بالشرقية    حملة تشويه الإخوان وربطها بغزة .. ناشطون يكشفون تسريبا للباز :"قولوا إنهم أخدوا مساعدات غزة"    ياسمينا العبد: ميدتيرم عمل شبابي طالع من شباب.. وكل مشاهده واقعية جدًا    أحمد مراد: لا يقلقني جدل «الست».. ويمكن تقديم 1000 فيلم عن أم كلثوم    ياسمينا العبد: أنا ميكس من كل حاجة.. و«ميد تيرم» حقق حلمي    نصائح تساعدك في التخلص من التوتر وتحسن المزاج    بعد العودة من الإصابة، رسالة مؤثرة من إمام عاشور تشعل مواقع التواصل عقب فوز مصر على نيجيريا    تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    الإعلان عن إطلاق منصة رقمية للتمويل الإسلامي خلال منتدى البركة الإقليمي    انفجارات في كييف وإعلان حالة إنذار جوي    «كان مجرد حادث» لجعفر بناهي في القائمة المختصرة لأوسكار أفضل فيلم دولي    خطأ بالجريدة الرسمية يطيح بمسؤولين، قرارات عراقية عاجلة بعد أزمة تجميد أموال حزب الله والحوثيين    مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران    جزار يقتل عامل طعنا بسلاح أبيض لخلافات بينهما فى بولاق الدكرور    تفاصيل مداهمة مجزر «بير سلم» ليلاً وضبط 3 أطنان دواجن فاسدة بالغربية    رجال السكة الحديد يواصلون العمل لإعادة الحركة بعد حادث قطار البضائع.. صور    بعد أيام من زواجها.. أب يطلق النار على ابنته في أسيوط    إصابة 10 أشخاص فى حادث تصادم سيارة ميكروباص ونصف نقل على طريق الكريمات    أرمينيا تتهم الاتحاد الأوروبي بالتدخل في شؤونها الداخلية    فيفا يكشف تفاصيل تصويت العرب فى «ذا بيست» 2025    اللاعب يتدرب منفردًا.. أزمة بين أحمد حمدي ومدرب الزمالك    كامل أبو علي ينصح حسام حسن: تجاهل السوشيال ميديا    قبل كأس الأمم الإفريقية بالمغرب.. وزير الرياضة يؤازر المنتخب الوطني لكرة القدم ويحفز اللاعبين    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الحكومة هدفها خفض الدين العام والخارجى    ضياء رشوان: ترامب غاضب من نتنياهو ويصفه ب المنبوذ    هيئة الدواء: نظام التتبع الدوائي يوفر رؤية شاملة ويمنع النواقص    ترامب يعلن أنه سيوجه خطابا هاما للشعب الأمريكي مساء غد الأربعاء    "الصحة": بروتوكول جديد يضمن استدامة تمويل مبادرة القضاء على قوائم الانتظار لمدة 3 سنوات    نائب وزير الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة خطر على الأم والطفل    بنك المغرب يحافظ على سعر الفائدة الرئيسي عند 2.25% وسط حذر اقتصادي    خبير تشريعات اقتصادية: زيادة حد إعفاء السكن من الضريبة خطوة مهمة لتخفيف الأعباء    تفاصيل خاصة بأسعار الفائدة وشهادات الادخار فى مصر    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    مجلس النواب 2025.. محافظ كفر الشيخ يتابع جاهزية اللجان الانتخابية    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    المصريون بالأردن يواصلون الإدلاء بأصواتهم خلال اليوم الثاني لجولة الإعادة لانتخابات النواب    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير الدراسة بمدرسة الشهيد عمرو فريد    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسؤول إيرانى سابق من داخل السجن: بإمكان الشعب إنهاء الدولة الدينية في إيران
نشر في البوابة يوم 17 - 12 - 2025

أجرت مجلة "لوبوان" الفرنسية حوارًا مع مصطفى تاج زاده، الشخصية السابقة في حركة الإصلاح بالجمهورية الإسلامية، والذى يقضي عقوبة بالسجن بتهمة "التآمر ضد أمن الدولة".
مصطفى تاج زاده، نائب وزير الداخلية السابق من عام 1997 إلى 2005، يكتسب صوته أهمية بالغة لكونه جزءًا من النظام الإيراني. يُعدّ من أشهر السجناء السياسيين في إيران. يبلغ من العمر 69 عامًا، وقد أمضى معظم السنوات الست عشرة الماضية في السجن، دافعًا ثمنًا باهظًا لانتمائه إلى الجناح الإصلاحي في الجمهورية الإسلامية (الذي نادى بمزيد من الانفتاح داخل النظام السياسي، على عكس المحافظين)، قبل أن ينفصل عن النظام.
كان من مؤيدي الحركة الخضراء لعام 2009، التي عارضت إعادة انتخاب الرئيس المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد، وقد سُجن لمدة سبع سنوات، من 2009 إلى 2016، بتهمة "التجمع والتآمر ضد الأمن القومي" و"الدعاية ضد النظام". أُلقي القبض عليه مرة أخرى في يوليو 2022، قبل شهرين من اندلاع حركة "المرأة، الحياة، الحرية" الاحتجاجية، وحُكم عليه لاحقًا بالسجن خمس سنوات بتهمة "التآمر ضد أمن الدولة".
محمود أحمدي نجاد
في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، والتي أضعفت الجمهورية الإسلامية بشكل كبير، أثار مصطفى تاج زاده ضجة في البلاد بدعوته من زنزانته إلى إنهاء الحكم الديني لصالح سيادة الشعب الكاملة عبر تعديل دستوري. يشرح السجين السياسي موقفه في مقابلة حصرية مع مجلة "لو بوان"، حيث طُرحت الأسئلة كتابيًا من داخل سجن إيفين في طهران، وقد حصل فريقنا على الإجابات.
* لو بوان: بعد كل هذه السنوات من الاحتجاز، كيف تشعر في السجن اليوم؟
مصطفى تاج زاده: أتمنى ألا يُسجن أحدٌ قطّ لمجرد اعتناقه أفكارًا تُخالف أفكار قادته. مع ذلك، لا أشعر بأي فشل. ربما لأن هذه السنوات العشر منحتني فرصة استثنائية للدراسة والتأمل والعمل على نفسي، وقد عمّقت علاقتي بزوجتي وابنتيّ أكثر. كما أتاحت لي تجربة السجن مراقبة المجتمع والسلطة والطبيعة البشرية من منظور مختلف. ويُصغى إلى صوتي باهتمام أكبر. لا أحمل أي ضغينة تجاه محققي الحرس الثوري، أو القضاة الذين أصدروا أحكامًا جائرة، أو غيرهم من أدوات النظام القمعي، لأني لا أريد أن أبني سجنًا داخليًا أبقى فيه أسيرًا إلى الأبد. بل على العكس، أريد أن أعيش اليوم بقلبٍ مطمئن وسلام، كما سأعيش بعد إطلاق سراحي.
* ما رأيك في إعادة اعتقال نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام؟
يكشف اعتقال نرجس محمدي لإلقائها كلمة في مراسم تأبين المحامي الحقوقي الراحل خسرو عليكردي (الذي عُثر عليه ميتًا في ظروف غامضة) عن خوف النظام من أي تجمع، حتى السلمي منه. يخشى النظام بشدة أن يُتخذ أي اجتماع عام، مهما كان صغيرًا، ذريعةً لإشعال احتجاجات على مستوى البلاد.. إلى جانب نرجس محمدي، فإن معظم المعتقلين ناشطون وقفوا مع حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، وكثيرًا ما ذاقوا مرارة السجن بسبب نشاطهم. إنهم لا يخشون السجن. تُبرز هذه الاعتقالات غير القانونية الدور المحوري للمرأة في تشكيل مصير إيران اليوم. من جانبي، آمل أن تُبدي السلطات حكمةً كافيةً لإدراك أن هذه المداهمات والاعتقالات ليست رادعًا، وأن الإفراج الفوري عن أحبائنا سيُلحق ضررًا أقل بكثير بالنظام السياسي من إبقائهم في السجن.
نرجس محمدي
* هل أصبح السجن في إيران معقلًا للمقاومة ضد النظام؟
يُعدّ سجن المعارضين والمنتقدين إحدى الوظائف الأساسية للأنظمة القمعية. وفي الوقت نفسه، لطالما شكّل السجن معقلًا للمقاومة ضد الاستبداد وشوكة في خاصرة الطغاة. في ظل الجمهورية الإسلامية، أصبح السجن أقل فعالية من أي وقت مضى، وفقد تأثيره الرادع السابق. تتضاءل قدرة سلطات السجون على تعذيب نزلائها جسديًا ونفسيًا يومًا بعد يوم. إن تراكم المشاكل، من جهة، وتلاشي الخوف تدريجيًا لدى العديد من المواطنين، من جهة أخرى، يُغيّران موازين القوى. اليوم، تخشى السلطات الشعب أكثر مما يخشى الشعب السلطات.
* تزعم الجمهورية الإسلامية انتصارها في حرب الأيام الاثني عشر رغم الخسائر الفادحة. هل توافق على هذا الرأي؟
في رأيي، لم يحقق أي من الطرفين أهدافه خلال هذه الحرب. فرغم الضربات القوية والمفاجئة في اليوم الأول، والتي استهدفت الدفاعات الجوية والقادة العسكريين، فشلت تل أبيب في شلّ المنظومة العسكرية الإيرانية تمامًا أو منع الهجمات الصاروخية على إسرائيل. أما الشعب الإيراني، فلم يرحب بالقصف باعتباره تحريرًا، ولم يخرج إلى الشوارع. حتى السجناء السياسيون لم يروا في قصف سجن إيفين فرصةً، ولم يفروا. آمل أن تكون حرب الأيام الاثني عشر قد بددت أوهام كلا الطرفين.
* كيف تفسرون القمع المتواصل الذي تم إطلاقه على المجتمع المدني الإيراني منذ ذلك الحين؟
يعتقد النظام الآن أنه لا توجد حرب جديدة تلوح في الأفق؛ ولذلك يرى نفسه قادرًا على العودة إلى سياسة "النصر بالإرهاب" عبر تلفيق القضايا القانونية وبث الرعب في قلوب المنتقدين والمعارضين. نعم، يستمر القمع، لكن في رأيي، ستُمنى هذه الحملة بفشل ذريع. فالمجتمع، المثقل بمشاكل جمة - من الجفاف ونقص المياه وتلوث الهواء إلى التضخم الجامح وعدم المساواة الاجتماعية وفساد الدولة - يغلي غضبًا. وقد أدى تراكم هذه المشاكل إلى إضعاف النظام إلى درجة أنه لم يعد قادرًا على قمع المعارضين والمنتقدين بلا هوادة، ولا على جعل المجتمع خاضعًا تمامًا. يبذل المرشد الأعلى وحاشيته جهودًا جبارة، لكنهم لا يحققون إلا القليل، لأن سلطتهم لم تعد كافية للهيمنة على الرأي العام والمقاومة المستمرة - وإن كانت خفية - للشعب الإيراني.
انتشار ظهور النساء بدون حجاب فى شوارع طهران
* أليس ازدياد عدد النساء غير المحجبات في المدن الكبرى، فضلًا عن ارتفاع عدد التجمعات الشبابية، أمرًا متناقضًا بالنظر إلى تعزيز القمع السياسي؟
لا! لا أرى أي تناقض. اليوم، لم تعد النساء في إيران يتقبلن الحجاب الإلزامي. لقد تحررن من قيود الحجاب، وستبقى هذه الحرية قائمة. والسبب واضح: ليس فقط أغلبية الشعب، بل حتى أغلبية المؤمنين يعارضون فرض الحجاب، وقد لاحظوا أن فرضه يُشكك في مبدأ الحجاب نفسه، بل وفي الدين ذاته. إن عزوف المواطنين عن الدين، وخاصة الشباب، ينبع في معظمه من هذه المسألة.
* هل هذه علامة على تراجع الجمهورية الإسلامية، أم أنها مجرد فخ؟
لا شك أن مركز السلطة يتراجع. يشعر الزعيم وحاشيته بالغضب إزاء الوضع الراهن وتحرر المرأة من الحجاب، لا سيما بعد حركة "المرأة، الحياة، الحرية" التاريخية. لكنهم في مأزق: لا يستطيعون إعادة النظام الذي انهار عام 2022 بالقوة.
* كنتَ من أشدّ المؤيدين لإصلاح النظام من الداخل، قبل أن تنفصل عن النظام السياسي.. لماذا؟
منذ عام 1997، سعينا جاهدين لتحسين الأوضاع وتطبيق المبادئ الديمقراطية ضمن النظام الديني القائم. لكننا في نهاية المطاف واجهنا المرشد الأعلى الذي قرر، بعد انتخابات 2017، تركيز السلطة بشكل كامل وتوحيد جميع فروع الحكومة. وبالتالي، أدى ذلك إلى القضاء على الحركة الإصلاحية. فقد أدى تركيز السلطة في يد شخص واحد إلى شلّ فاعلية الحكومة، وتراكمت المشاكل التي وجهت كل الانتقادات إلى المرشد الأعلى نفسه، وإلى مبدأ ولاية الفقيه المطلقة (النظام السياسي للجمهورية الإسلامية الذي يحكم فيه رجل دين البلاد). ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن استحالة الإصلاح لا تبرر الإطاحة العنيفة. برأيي، نعم، يستطيع الشعب الإيراني أيضًا إنهاء سلطة رجال الدين وإجبارهم على التخلي عن امتيازاتهم من خلال المقاومة والعصيان المدني، تمامًا كما استطاعوا نيل الحرية في مسألة الحجاب، التي كانت خطًا أحمر بالنسبة للمرشد.
مظاهرات حركة "المرأة.. الحياة.. الحرية"
* في رسالة حديثة كتبتها من السجن، دعوت إلى عقد جمعية تأسيسية في إيران وتنظيم استفتاء وطني.. هل توضح لنا ذلك؟.
أعتقد أن جذور المشاكل تكمن في ثلاثة عناصر رئيسية: البنية البالية والقديمة للسلطة الدينية، وسياسات المرشد الأعلى الهدامة وتدخله المفرط في كل مجال تقريبًا، وأخيرًا، إقصاء الأفراد الأكفاء والمستقلين واستبدالهم بأتباع مطيعين وانتهازيين. في رأيي، الإصلاح الأكثر إلحاحًا هو تغيير نهج المرشد الأعلى. من الضروري أن يكف عن تدخلاته في الشؤون العامة وأن يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. كما يتطلب ترسيخ هذه التغييرات واستدامتها مراجعة الدستور من قبل جمعية تأسيسية، مع إلغاء مبدأ ولاية الفقيه. قد يبدو هذا المطلب غير واقعي، ولكنه سيشكل، عند اندلاع أي أزمة، أحد أكثر الحلول أمانًا وواقعية وتهدئةً - إن لم يكن الحل الوحيد - لتجاوز العاصفة القادمة بسلام.
* كيف تخطط لإيصال صوتك وأنت في السجن ويبدو جهاز القمع التابع للنظام محكمًا؟
الحقيقة المتناقضة هي أنه في الأنظمة الاستبدادية، لا يُسكت السجن السجناء السياسيين، بل يُضخّم أصواتهم. ففي إيران، حتى قبل ثورة الاتصالات وعصر الإنترنت، كانت أصوات السجناء السياسيين أعلى وأوضح مما كانت عليه عندما كانوا أحرارًا. وقد ضخّمت وسائل التواصل الاجتماعي صدى هذه الأصوات. صحيح أن جهاز القمع في النظام لا يزال يبدو سليمًا، ولم نشهد استقالات جماعية لأعضائه. لكن الإخفاقات الداخلية والخارجية العديدة للنظام قد شوّهت خطابه وأضعفت معنويات عناصره القمعية. وتتزايد تكلفة الانتهاكات الصارخة لحقوق السجناء يوميًا، ولم يعد السجن يُثير الرعب الذي كان يُثيره سابقًا. لهذه الأسباب، يجد المرشد الأعلى وحاشيته أنفسهم في موقف حرج. فهم يعلمون أن الاحتجاجات المستقبلية ستكون لها أبعاد اقتصادية. ومع ذلك، لا يمكن إسكات المواطنين الجائعين بالقوة.
* هل تعتقد أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران فعالة؟
تُوجّه العقوبات، بل وحتى الحرب، ضرباتٍ قويةً للسلطات القائمة. لكن تأثيرها أشدّ وطأةً على المجتمع المدني ومؤسساته الهشة. علاوةً على ذلك، تُفاقم هذه العقوبات معاناة الفئات المهمشة وتُضعف الطبقة الوسطى تدريجيًا. كلما زاد تشديد الغرب لضغوطه على الجمهورية الإسلامية، كلما وجد النظام المزيد من الفرص والذرائع لتأمين مساحته الداخلية وعسكرتها، وللهجوم على حريات مواطنيه باسم محاربة الإمبريالية الغربية. في رأيي، العقوبات الوحيدة المُبرّرة هي تلك التي تستهدف المسؤولين عن انتهاكات حقوق المواطنين في إيران ومرتكبيها.
* برأيك، هل سيكون التدخل العسكري الأجنبي الذي يهدف إلى الإطاحة بالنظام الإيراني أمرًا مرغوبًا فيه؟
أعلم أن نسبة كبيرة من الإيرانيين يؤيدون التدخل العسكري الغربي ضد إيران، لأنهم فقدوا الأمل في تحرير بلادهم بقواتهم الخاصة. لكن إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان بالفعل إلى "إسقاط النظام"، فستكون العواقب وخيمة. فإذا فشلا، سيلحقان خسائر بشرية ومادية فادحة بإيران وشعبها، مما يزيد النظام وحشيةً وتركيزًا على الأمن؛ وإذا نجحا، فلن يكون النتيجة إقامة نظام ديمقراطي مستقر، بل خلق فراغ في السلطة سيستغله قائد أو أكثر من قادة الحرس الثوري، ليقيموا نظامًا عسكريًا أكثر وحشية.
* هل ينبغي لإيران التخلي عن برنامجها النووي من أجل مصلحة شعبها؟
في الوقت الراهن، أعارض تطوير القنبلة الذرية، وأعتقد أنها تتعارض مع مصالح الشعب الإيراني. في رأيي، سيؤدي قرار كهذا من جانب الجمهورية الإسلامية إلى حرب مدمرة. مع ذلك، أقرّ بأن استطلاعات الرأي الموثوقة تشير إلى أن غالبية الإيرانيين - وحتى بعض معارضي النظام - يؤيدون ذلك، رافضين "المعايير المزدوجة" التي تسمح لباكستان أو إسرائيل بامتلاك القنبلة الذرية بينما تُحرم إيران حتى من برنامج نووي سلمي. ومع ذلك، أعتقد أن جعل هذا الأمر نقطة مواجهة مع الغرب أمرٌ عبثي ومكلف للغاية، وربما مستحيل. إيران بحاجة إلى اتفاق نووي جديد وتفاهم شامل مع الغرب.
* هل ينبغي للجمهورية الإسلامية تغيير سياستها الإقليمية تجاه إسرائيل والولايات المتحدة بعد السابع من أكتوبر؟
كان ينبغي للسياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية أن تتغير قبل السابع من أكتوبر. أولًا، لأنها أعطت الأولوية لتقوية "محور المقاومة"، متجاهلةً تنمية إيران ورفاهية الإيرانيين؛ ثانيًا، لأن البلاد كانت آنذاك في وضع أفضل بكثير، ما كان سيمكنها من الحصول على مزيد من التنازلات في المفاوضات مع الولايات المتحدة. على أي حال، فإن الحفاظ على استقلالنا الوطني ووحدة أراضينا لا يتطلب مواجهة مع الولايات المتحدة. بل على العكس، تعتمد تنمية إيران على إقامة علاقات شاملة ومتوازنة مع أمريكا وأوروبا. المبدأ الأساسي هو عدم تدخل أي دولة أجنبية في الشؤون الداخلية لإيران. لكن تدمير إسرائيل أو طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط ليس من مهامنا ولا من ضمن قدراتنا.
علي خامنئي
* في ظل غياب بديل موثوق به داخل البلاد للجمهورية الإسلامية، هل يُحكم على الإيرانيين بانتظار وفاة المرشد الأعلى لحدوث أي تغيير في إيران؟
لماذا ننتظر وفاة المرشد الأعلى، في حين أن ارتداء الحجاب، على سبيل المثال، قد تم تحريره خلال حياته، وكسر المحظور المفروض على التفاوض مع الولايات المتحدة؟ والأهم من ذلك، أن تطورات عديدة شهدها العالم أثبتت أنه في عصر العولمة والاتصالات، من الممكن مواجهة الدكتاتوريين وإجبارهم على إجراء تغييرات جوهرية، أو حتى التنحي، دون وجود بديل موثوق، أو تنظيم سياسي مركزي، أو أيديولوجية موحدة. وخلافًا لكثير من المعارضين، أفضل أن تحدث تحولات عميقة وشاملة في ظل حياة آية الله خامنئي، لأن هذا المسار سيولد توترًا أقل داخل الحكومة، وربما في المجتمع ككل، من انتظار وفاته أو استقالته أو عزله من منصبه.
في ظل الظروف الراهنة، أرى أن هذه هي أفضل طريقة لحل أزمة الخلافة (لآية الله خامنئي). يشبه وضعنا الحالي إلى حد كبير وضع الاتحاد السوفيتي في عهد بريجنيف. لقد تقدم جيل الثورة في السن، واختيار خليفة من بين هؤلاء المخضرمين لن يؤدي، في أحسن الأحوال، إلا إلى تأخير الأزمة قليلًا. من جهة أخرى، ورغم كل شعارات المرشد الأعلى الحماسية حول التجديد، فإنه يدرك تمامًا أنه من غير المنطقي منح سلطة مطلقة وغير محدودة لعقدين أو ثلاثة عقود، خاصة في مثل هذا الوضع الحساس، لشاب عديم الخبرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.