البابا تواضروس الثاني يدشن كاتدرائية "العذراء ومارمرقس" ب 6 أكتوبر ويلتقي مجمع الآباء الكهنة    اعرف لجنتك من تليفونك في دقيقتين قبل التوجه للانتخابات    الوزير: تطوير وسائل خدمات النقل وتقليل الاستيراد    بيطري القليوبية تطلق حملة لتحصين الماشية للوقاية من الأمراض    رئاسة السيدة انتصار السيسى الشرفية تُجَسِّد دعم الدولة للإنسان أولًا    سوريا.. وأمريكا كل المتغيرات واردة    أول تعليق من ييس توروب بعد التتويج بالسوبر المصري    خالد مرتجي: «توروب شغال 20 ساعة في اليوم.. وقلت لزيزو هتبقى رجل المباراة»    وزير الرياضة: مليار مشاهدة لنهائي السوبر تعكس مكانة الكرة المصرية    تحرير 310 محاضر خلال حملات مكثفة شملت الأسواق والمخابز بدمياط    «بالألوان»«صوت مصر».. رحلة فى ذاكرة أم كلثوم    ختام منتدى إعلام مصر بصورة تذكارية للمشاركين فى نسخته الثالثة    بينسحبوا في المواقف الصعبة.. رجال 3 أبراج شخصيتهم ضعيفة    البيت الأبيض يحذر من تقلص الناتج المحلي الأمريكي بسبب الإغلاق الحكومي    قرار صادم من يايسله تجاه نجم الأهلي السعودي    دايت من غير حرمان.. سر غير متوقع لخسارة الوزن بطريقة طبيعية    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    محمود مسلم ل كلمة أخيرة: منافسة قوية على المقاعد الفردية بانتخابات النواب 2025    أب يكتشف وفاة طفليه أثناء إيقاظهما من النوم في الصف    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    استشاري: العصائر بأنواعها ممنوعة وسكر الفاكهة تأثيره مثل الكحول على الكبد    أوقاف شمال سيناء تناقش "خطر أكل الحرام.. الرشوة نموذجًا"    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    «ما تجاملش حد على حساب مصر».. تصريحات ياسر جلال عن «إنزال صاعقة جزائريين في ميدان التحرير» تثير جدلًا    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    «فريق المليار يستحق اللقب».. تعليق مثير من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على الزمالك    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    محافظ قنا يترأس اجتماع لجنة استرداد أراضي الدولة لمتابعة جهود التقنين وتوحيد الإجراءات    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي شعراوي:المشكلة أن الحكومة المصرية تتخيل أنها تستطيع كسب أفريقيا في أسبوعين
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 06 - 2010

السادات ألغى مكتب الشئون الأفريقية الذي أدار الحوار مع دول الحوض رغم أنه كان يتكلف 30 ألف جنيه فقط في العام الجزائر لها نفوذ كبير في أفريقيا يمكننا استغلاله.. والقذافي قادر على القيام بدور الوساطة
حلمي شعراوي
في اجتماع شرم الشيخ في أبريل الماضي انقلبت دول منابع النيل السبع علي مصر وأعلنت أنها ستوقع علي الاتفاقية الإطارية بشكل منفرد في 14مايو الماضي وبالفعل وقعت خمس من هذه الدول علي الاتفاقية الإطارية ولم يتبق سوي الكونغو الديمقراطية وبوروندي اللتين أصبح توقيعهما علي الاتفاقية الإطارية مسألة وقت، لذلك كان هذا الحوار مع حلمي شعراوي مدير مركز الدراسات الأفريقية والعربية وأحد أبرز المتخصصين في الشأن الأفريقي للتعرف علي تاريخ العلاقات مع دول المنابع وكيفية رأب الصدع بين مصر وهذه الدول.
كيف كان اهتمام مصر بدول منابع النيل في فترة الخمسينيات والستينيات؟
- حلمي شعراوي: كانت الرئاسة خلال هذه الفترة ومن خلال مكتب الشئون الاقتصادية الذي كان ملحقًا برئاسة الجمهورية مهتمة بدول منابع النيل، نظرًا لان الإحساس الذي كان سائدًا هذه الفترة يقوم علي أن أهمية دول المنابع ترجع لعلاقتها بالسودان الذي كان يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لمصر.
ومع قيام الثورة شهدت العلاقات مع إثيوبيا توترًا والسبب في ذلك كان معالجة موضوع السودان، حيث كانت إثيوبيا عن طريق أمريكا التي كانت لديها في الخمسينيات أكبر قاعدة أمريكية والتي كانت تعرف باسم كنيو ستيشن، كان عبدالناصر في هذه الفترة يشعر بالوجود الأمريكي في هذه المنطقة المهمة بالنسبة لمصر، فضلاً عن علاقات إمبراطور إثيوبيا وقتها هيلاسلاسي ببريطانيا، مما دفع عبدالناصر بأن يوجه محمد فايق رئيس الشئون الأفريقية وقتها أن يسعي لعمل برنامج مصري في إثيوبيا وبالفعل نجح فايق في إنشاء برنامج موجه باللغة الأمهرية والتجراي، كذلك عمل فايق مع زعماء المعارضة في إثيوبيا والذي كان من أهمهم ولد أب ولد مريم وكذلك إبراهيم سلطان وآدم محمد آدم، وحضر هؤلاء الزعماء إلي القاهرة في الفترة من 1953إلي 1957 للتقدم للأمم المتحدة لحفظ حقوق إريتريا في الاستقلال وسعي محمد فايق لهذا الأمر، ومنذ محادثاتنا بشأن السودان وموضوع إثيوبيا طرف، ظللنا مع الموقف الإريتري وكان هناك اتفاق بين عبدالناصر والإمبراطور هيلاسلاسي بعدم تأييد إريتريا بالسلاح المصري فقمنا بمساندة إريتريا سياسيا.
أما في كينيا وفي الفترة ما بين عامي 1953و1954 في كانت مصر تدعم حركة الماو ماو الوطنية للتحرر من الاستعمار الإنجليزي وذلك بتوجيهات مباشرة من عبدالناصر الذي كان يسعي لتخليص وادي النيل من النفوذ الاجنبي، فضلاً عن أن مصر دعمت الزعيم الكيني جومو كينياتا الذي كان معتقلاً من قبل الإنجليز وساعدت في إطلاق سراحه من محبسه وكان يساعدنا في هذا الأمر كل من السوفيت والصينيين، وكذلك ساعدنا كل من أوجي نجا أودينجا والد رئيس وزراء كينيا الحالي رايلا أودينجا، وكذلك توماموبيا حتي تم الإفراج عن كينياتا، وبعد الإفراج عنه ظلت مصر تدعمه بالأموال والمكافآت، كذلك دعمنا أودينجا الأب وكان له مكتب في الزمالك بمصر حتي استقلت كينيا عام 1963،حتي بعد الاستقلال كانت مصر تمنح الطلاب من كينيا المنح للدراسة في مصر وكذلك كان يحضر عيد استقلال كينيا نائب الرئيس عبدالناصر.
هل اقتصر الدور المصري في دول المنابع في هذه الفترة علي كينيا فقط؟
- بالطبع لا، فالدور المصري كان حاضرًا في الدول الأفريقية بشكل عام ودول المنابع بشكل خاص،ففي أوغندا تم افتتاح مكتب مصري، أما في تنزانيلا وبعد استقلالها بشهر واحد حدثت ثورة في زنجبار ضد العرب المقيمين في هذه الجزيرة وتم وصفهم بالإقطاعيين، في هذه اللحظة الحاسمة أمر عبدالناصر بعد تدخل مصر في هذا الصراع ضد تنزانيا، وكان هذا العمل في صالح تنزانيا، كذلك ضربت تنزانيا أمطار غزيرة ثم تبعتها موجة جفاف، وترددت أنباء أن إسرائيل تريد التدخل في شرق تنزانيا وعندها بعث عبدالناصر برسالة إلي الرئيس التنزاني وقتها جوليوس نيريري أكد له فيه أن مصر ستتدخل وتبحث الموقف وبالفعل أرسل عبدالناصر إلي تنزانيا بمهندسين مصريين وفوت الفرصة علي إسرائيل التي كانت تسعي للتدخل في تنزانيا.
وكذلك كان لنا دور في الكونغو، حيث أيدنا باتريس لومومبا ضد تشومبي وحتي عندما جاء موبوتو إلي الحكم تعاملنًا معه.
هل كانت العلاقات مع إثيوبيا دائمًا تتسم بالتوتر؟
- لا، فمصر لم تكن تثير الشغب في إثيوبيا، فبعد استقلال أغلب الدول الأفريقية واتجاه هذه الدول إلي إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، كان لعبدالناصر دور في اختيار أديس أبابا كمقر لمنظمة الوحدة الأفريقية.
هل كان الوجود المصري في دول المنابع في هذه الفترة يتم بشكل مدروس؟
- بالطبع نعم، فالرئيس عبدالناصر كان يعمل لتحرير دول حوض النيل وكان أمامنا خطة استراتيجية وليس مجرد أحداث شغب هنا أو هناك، ولا يتم حسم الأمور بشكل ظاهري.
ولكن ماذا حدث للدور المصري بعد وفاة عبدالناصر؟
- بعد أن تولي السادات المسئولية ألغي المكاتب الرئاسية بما فيها مكتب الشئون الأفريقية وهو المكتب الذي لعب دورًا مهمًا مع الخارجية التي كان لها معني وحضور علي ساحات الممارسات، كان إغلاق مكتب الشئون الأفريقية بداية للمأزق المعرفي بدول منابع النيل، فضلا عن أن مصر السادات لم تستطع أن تقوم بما قامت به إدارة عبدالناصر وتوجهت وجهة مختلفة لدرجة أن تصريح السادات الشهير بأن مصر ستحارب من يقترب من مياه النيل كان لصالح الأمريكان ضد السوفييت في أنجولا وموزمبيق وإثيوبيا والكونغو،كما أن مصر في الخمسينيات والستينيات كانت موجودة من خلال شركة النصر التي تم خصخصتها مؤخرًا وكذلك إقامة علاقات وطيدة مع الأنظمة الحاكمة دون الاكتفاء بالزيارات الدبلوماسية، بل كان العمل يتم علي أرض الواقع.
وقعت خمس من دول المنابع علي الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل بشكل منفرد، فهل التعاون مع دول المنابع وارد بعد توقيع خمس منها علي الاتفاقية؟
- التعاون مع دول المنابع ممكن وهناك قابلية لهذا الأمر من خلال إنشاء مشروعات كبيرة في هذه الدول لتخزين المياه وتنظيم نزوله للنيل، لكن هذا الأمر يحتاج لدعم من رءوس الأموال.
وهل يمكن أن يقوم البنك الدولي بإنشاء هذه المشروعات في دول المنابع؟
- بالطبع من الممكن أن يقوم البنك الدولي بتمويل هذه المشروعات والبنك الدولي يعمل بمنطق تجاري بحت، من المحتمل أن يقوم بعمل مشروعات مائية في دول المنابع بشكل يضر بمصالحنا المائية.
وما الحل؟
- يمكن الاستعانة بالنفوذ العربي في البنك الدولي، كما أن السلطات المصرية لديها معلومات عن أدوار الدول الكبري في دول حوض النيل، ويجب أن يطلعوا الرأي العام المصري علي ما لديهم من معلومات عن أدوار الدول الكبري في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة لمصر، قد لا يكون هناك خطر إلا ما يتعلق بتخزين المياه، لأن أحدًا لا يستطيع تخزين المياه دون تصريفها، فمثلا إذا قمنا بتخزين المياه داخل بحيرة ناصر دون تصريفها ستفيض وتفرق ما حولها، كذلك يجب أن يكون للاتحاد الأفريقي دور في أزمة المياه الحالية بين دول الحوض،كما يجب الاتفاق علي نوع الزراعة في دول المنابع.
هل يمكن إقرار مبدأ أزلية اتفاقيات المياه التي تم توقيعها في العهود الاستعمارية مثلما تم إقرار مبدأ أزلية الحدود؟
- أثناء انعقاد المؤتمر الأفريقي الأول في القاهرة عام 1964أثارت كل من الصومال وتوجو مشاكل حدودية كبيرة مع كل من إثيوبيا وغانا علي الترتيب، مما وضع الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي والرئيس الغاني آنذاك كوامي نكروما في مأزق حقيقي، تدخل عبدالناصر وعدد من القادة الأفارقة وتم إقرار المبدأ التاريخي الذي ينص علي أن الحدود التي رسمت باتفاقيات مع الاستعمار هي نهائية وتم فرض هذا المبدأمنذعام 1964،من حقنا الآن ومن خلال الاتحاد الافريقي أن نعمل علي أن تكون اتفاقيات المياه التي وقعت في العهود الاستعمارية أزلية.
هناك من يطالب الآن بشن حرب ضد دول المنابع للحفاظ علي حصة مصر من مياه النيل؟
- المطالبة بشن حرب علي دول المنابع بسبب المياه من وجهة نظري خرف سياسي فج، أري أن هذا الأمر غير وارد، لأننا إذا اتخذنا قرارا بالحرب سنضرب السدود وعليه يجب أن نضع أنفسنا مكان إثيوبيا ونتذكر تهديد وزيرالخارجية الحالي أفيجيدور ليبرمان بضرب السد العالي وكيف كان شعورنا كمصريين، عندها، سنعرف أن فكرة الحرب غير واردة.
ولكن هناك من يطرح فكرة اللجوء للتحكيم الدولي لحل الخلافات مع دول المنابع بديلا للحرب.. فما رأيك؟
- من وجهة نظري أنه لا مجال للجوء للتحكيم الدولي، علي الرغم من أن هناك من يري أنه يجب أن يتم تدويل هذه القضية، لكن التحكيم الدولي ينص علي أن تذهب الدول المتنازعة إليه بإرادتها، ولن تذهب أي دولة من دول المنابع إلي التحكيم الدولي، حيث تري هذه الدول أن المياه حقها العادل في حين نري نحن والسودان أن مياه النيل حق أزلي لنا.
ماذا يعني تفعيل دول المنابع للاتفاقية الإطارية؟
- تفعيل دول المنابع للاتفاقية الإطارية يعني قيامها بمشروعات مائية تراها مصر خطرا علي حصتها من مياه النيل، هذا الأمر يجعلنا نوجه نظر دعاة الحرب علي دول المنابع الي أن الحرب يجب أن تكون علي مصادر تمويل إنشاء السدود وهذا الأمر يدفع إلي الحرب مع ايطاليا التي تأتي في المرتبة الأولي من حيث تخطيطها لبناء السدود في إثيوبيا يليها كل من الصين وفرنسا وهذه الدول تعمل في إطار البنك الدولي، بالإضافة إلي أمريكا التي قامت باختيار أنسب المواقع لإنشاء السدود في إثيوبيا فالسدود هي مشاريع المليارات.
ولكن كيف يمكن مواجهة التمويل الغربي والصيني لإنشاء السدود؟
- يمكن مواجهة هذا التمويل من خلال ذهاب رأس المال العربي إلي دول المنابع لإنشاء السدود تحت شعار تعاون مصر مع هذه الدول، كأن يتم إنشاء سدود في إثيوبيا ويقال إنه بالتعاون بين مصر وإثيوبيا،كذلك ضبط المال الدولي، بالإضافة إلي مراجعة مشروعات الدول الصديقة مثل الصين وفرنسا في دول المنابع.
هل يحتاج الأمر إلي استراتيجية مصرية لإقامة المشروعات في دول المنابع؟
- بالطبع يجب أن تكون لدينا استراتيجية لإقامة المشروعات في دول المنابع، بدلا مما يحدث الآن فمثلا وجدنا وزير الزراعة أمين أباظة يتحدث عن زراعة 2مليون فدان في أوغندا، هذا التصريح يدعونا إلي التساؤل:هل قام الوزير بعمل علاقات مع أوغندا بهذا الشكل الوثيق ليتحدث عن زراعة 2مليون فدان مرة واحدة، هل يتناسب هذا الأمر مع تحول أوغندا إلي محرك رئيسي ضد مصر بعد شهر واحد من تصريح أباظة، لذلك يجب أن تتم محاسبة وزير الزراعة، كما يجب وقف هذه التصريحات الخالية من المسئولية، نتحدث عن مشاريع مصرية في دول المنابع، كما يجب وجود تصور للمشروعات المصرية في هذه الدول.
هل الانفصال المتوقع لجنوب السودان عن شماله سيؤثر في الوضع المائي المصري؟
- بالفعل فهناك أزمة منتظرة في جنوب السودان، يجب التأكيد أن علاقاتنا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، انفصال جنوب السودان عن شماله ستؤثر بالسلب في حصة مصر من مياه النيل، لأننا سنصبح أمام دولة جديدة وستحتاج هذه الدولة الجديدة إلي مشروعات تنموية، أخطر عملية في جنوب السودان هي الزراعة لأنها تستهلك كميات كبيرة من المياه، عموما نحن أمام العضو رقم 11في دول حوض النيل، وهو العضو الذي سيخلق إشكالاً دبلوماسيًا وسياسيًا وعلي صعيد المشروعات كذلك وهي مشكلة حقيقية بالفعل، يجب أن يكون هناك وجود عربي في هذه المنطقة.
هناك من يؤكد أن مصر لديها «كروت» يجب أن تستخدمها للضغط علي إثيوبيا مثل إريتريا والصومال.. فما رأيك؟
- أنا بحكم تاريخي ومعرفتي بهذه المنطقة لا أحب الحديث عن كروت الضغط وتفجير الموقف، لكن في الوقت نفسه يجب لفت نظر إثيوبيا إلي أن مصر لديها الكثير مع الوضع في الاعتبار أن هذا العصر ليس عصر التدخلات، فيما يتعلق بأريتريا فنحن لم نقف مع أريتريا بشكل جيد خلال حربها الطاحنة مع إثيوبيا وكذلك مازالت منطقة الحدود الإثيوبية الأريترية متأزمة حتي الآن، علي الرغم من ذلك فإن هناك فرصة لاستغلال أريتريا للفت نظر إثيوبيا.
البعض يتحدث عن إمكانية قيام الرئيس الليبي معمر القذافي بدور للوساطة بين مصر والسودان من ناحية ودول المنابع من ناحية أخري لحل الخلافات بينهما؟
- بالطبع فالقذافي يستطيع القيام بدور الوساطة بين مصر والسودان من ناحية ودول المنابع من ناحية أخري، فالقذافي نافذ في دوائر الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلي أن القذافي يستطيع أن يأخذ الاتحاد الأفريقي بعيدا عن إثيوبيا مما يؤلم إثيوبيا بشكل كبير.
يتهم البعض نظام عبدالناصر أنه أضاع أموال مصر في أفريقيا ودول منابع النيل دون مردود حقيقي؟
- هذا الأمر غير صحيح بالمرة، لأن مصر كان لها في فترة عبدالناصر عدو رئيسي هو إسرائيل، كنا نعمل لعدم تعرف الدول الأفريقية علي إسرائيل، فضلا عن أننا كنا نعمل لتحرر هذه الدول من النفوذ الأجنبي، لم نتدخل لعمل انقلاب في أي دولة أفريقية بل كنا نعمل علي تحرير هذه الدول، أتذكر أنني سألت محمد فايق - رئيس مكتب العلاقات الأفريقية - الذي أسس للعلاقات مع الدول الأفريقية ودول المنابع وساهم في تحرير الدول الأفريقية ودول المنابع، عن الميزانية السنوية المخصصة للمكتب فأكد لي أن ميزانيته هي 130ألف جنيه.
ماذا عن دور شركة النصر في أفريقيا ودول منابع النيل؟
- شركة النصر صنعت مركزًا لمصر في أفريقيا بصفة عامة، كانت شركة النصر عبارة عن شركة قطاع عام كبيرة، كانت لها مكاتب تجارية في أفريقيا بأربع سفن تم بيعها مؤخرا، ونجحت شركة النصر في إقامة علاقات اقتصادية ومشروعات مهمة في أفريقيا، إسرائيل مثلا ليس لها، كان إلغاء شركة النصر جزءًا من إلغاء دور الدولة المصرية في مجال التنمية الاقتصادية.
هل يؤثر الوجود الإسرائيلي في دول المنابع في حصة مصر من مياه النيل؟
- أتشكك كثيرا في أن يؤثر الوجود الإسرائيلي في منابع النيل في حصة مصر، فإسرائيل ليس لديها مشروع واحد يمكن أن تعتمد عليه بينما تقوم إسرائيل حاليا بالتجارة في الماس، بالإضافة إلي الإقراض عبر البنك الدولي.
لكن ماذا عن الوجود المصري في دول المنابع؟
- مصر قدمت مساعدات أساسية في الإنشاءات في كل الدول الأفريقية بما فيها دول الحوض، قمنا ببناء الدولة في الكونغو، فضلا عن إنشاءات حكومية في ساحل العاج وغينيا، بالإضافة إلي تشجيع التجارة المتبادلة مع كل دول أفريقيا هذا بعض مما قامت به مصر في أفريقيا في الستينيات، أما الآن فيوجد رأسماليون مصريون يعملون في إثيوبيا وأوغندا، وكذلك وجودنا في الكونغو ضعيف.
ما شعور شعوب دول المنابع تجاه مصر في الخمسينيات والستينيات وشعورهم الآن؟
- في الخمسينيات والستينيات كانت أدوار مصر مرحب بها وحتي الشعوب التي كانت حقوقها مهضومة في دول المنابع كانت ترحب بالدور المصري، لم يحدث خلال هذه الفترة أن أثير موضوع مياه النيل كما هومثار في الوقت الحالي، أما شعور شعوب دول المنابع الآن فهو أن مصر تأخذ مياه النيل وتتركهم عطشي.
وما الذي جعل دول المنابع تثير موضوع المياه في الوقت الحالي؟
- البنك الدولي وخططه حول المياه هو الذي أثار دول المنابع، حيث بدأ البنك الدولي يتحدث عن مشروعات عالمية لضبط المياه وتنظيمها وتسعيرها، حتي مبادرة دول حوض النيل تشير إلي الاستفادة الاقتصادية من المياه، كما أن الجفاف الذي ضرب هذه الدول أدي إلي إثارة الموضوع بالإضافة إلي أنه منذ أزمة البترول في السبعينيات ظهر مصطلح أن الماء مقابل البترول.
هل وقعت أخطاء دبلوماسية مصرية ساهمت في تفاقم الأزمة مع دول المنابع؟
- بالطبع حدثت أخطاء دبلوماسية مصرية يمكن إدراجها في الآتي: أن مصر اتفقت مع بريطانيا عندما قامت بريطانيا بإنشاء سد أوين في أوغندا، لكن مصر عندما قامت بإنشاء السد العالي لم تجر أي مشاورات مع دول المنابع، كذلك عندما أعلنت مصر عن بدء مشروع توشكي في التسعينيات لم يتم التشاور مع دول المنابع، هذا الإهمال بالطبع يزعج دول المنابع حيث لم يحدث أي احترام سياسي أو دبلوماسي من جانب مصر تجاه دول المنابع.
هل صحيح أن الاهتمام المصري بدول المنابع دائما ما يكون وقتيا؟
متي كفت مصر عن الاهتمام بدول المنابع؟
- منذ عهد السادات لم نعد نسأل عن أفريقيا حيث تحول السادات من القطاع العام إلي الرأسمالية، الدليل علي ذلك أنه بعد انتهاء حرب بيافرا في نيجيريا في السبعينيات، عرض المسئولون النيجيريون علي المستثمرين المصريين فرص الاستثمار في نيجيريا وأخذ امتيازات كبيرة ولكن لم تتم الاستجابة للدعوة النيجيرية.
ما تقييمك للتعامل الحكومي مع الأزمة الحالية لمياه النيل؟
- مشكلة الحكومة المصرية أنها متخيلة أنها تستطيع أن تكسب أفريقيا في ظرف أسبوعين، لكن قضية مياه النيل قضية النفس الطويل، حيث يجب إنشاء علاقات بين المجتمع المصري ومجتمعات دول منابع النيل وفي كل المجالات، كما يجب أن تكون هناك مواقف لمصر حيث يجب الدخول في المشكلة الإثيوبية الإريترية، كما يجب أن تتواجد مصر في هذه الدول من خلال الشخصيات المصرية ويجب اتخاذ محمد فايق كرمز لهذه العلاقات، كذلك يجب أن تعمل مصر علي تدعيم العمل المشترك مع هذه الدول ويجب اتخاذ المشروع المصري الناجح لمقاومة ورد النيل من بحيرة فيكتوريا كنموذج للتعاون بين مصر ودول المنابع.
وعلي الحكومة أن تعلم أن زيارة 5 وزراء لإثيوبيا، لن تحل مشكلة المياه، كما أن زيارة رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف إلي إثيوبيا لم يشعر بها أحد لأنها كانت في فترة الانتخابات الإثيوبية، فضلا عن أن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا هي مقر الاتحاد الأفريقي وبالتالي زيارة رئيس وزراء لها أمر لا معني له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.