رئيس جامعة بنها يهنئ الطالب محمد ربيع لتقليل حوادث الطرق    مطار القاهرة يستقبل أولى رحلات الطيران العارض لشركة أذربيجان    توقيع عقد تشغيل فندق الكونتيننتال.. أبرز أنشطة مجلس الوزراء فى أسبوع.. إنفوجراف    خارجية نيجيريا: الوضع الأمني المتردي في البلاد يعود إلى الإطاحة بالقذافي والحظر الأمريكي للأسلحة    الدوسرى يقود هجوم الهلال ضد الخليج فى الدوري السعودي    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    ياسر ثابت: تحييد أوكرانيا والعلاقة مع الناتو أبرز عقد التسوية المحتملة للحرب    "الحماس والعنفوان" لحظة تسجيل محمد صلاح الهدف الأول لمنتخب مصر واحتفال الجماهير "فيديو"    القبض على المتهمين بمحاولة إضرام النيران في مقهى بالقليوبية    الجنايات تستكمل غدا محاكمة فتى الدارك ويب والاستماع لشاهدى الإثبات    الفنان محمد خميس يحتفل بحفل زفافه بالجلباب الصعيدي (صور)    محافظة سوهاج: جاهزية 550 مقر انتخابي و586 لجنة فرعية لإجراء انتخابات الإعادة لمجلس النواب ديسمبر 2025    الجيش الإسرائيلى يهاجم أهدافا لحزب الله فى لبنان    قطع الكهرباء والمياه 5 ساعات في مطاي بسبب الصيانة    60 ألف مشارك في النسخة العاشرة من سباق زايد الخيري بمصر    مؤتمر أرتيتا - هافيرتز قد يعود خلال أيام.. ونأمل في عودة جابرييل بأسرع وقت    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    التعليم تكشف حقيقة التعدي على طالبة بمدرسة للتربية السمعية    ضبط مناديَي سيارات لارتكابهما أعمال بلطجة بساحة انتظار بالجيزة    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    أكتب لكم عن عبد اللطيف المحيسن: الأسمر صاحب القلب الأبيض فارس من الأحساء يمنح الحياة مذاقًا حلوًا رغم الصعاب    الصحة تطلق قافلة طبية بدمياط الجديدة وتقدم خدمات مجانية لأكثر من 1400 مواطن    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يفتتحان مستشفى جامعة بورسعيد بتكلفة مليار جنيه    10 آلاف جنيه مخالفة السرعة.. احذر قانون المرور الجديد    وزارة الداخلية: ضبط عنصر جنائي بالجيزة تخصص في تزوير الشهادات الجامعية وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    محافظ الجيزة: انطلاق 36 قافلة طبية علاجية بالمراكز والمدن بدءًا من 2 يناير    عميدة طب بنات الأزهر في حفل تخرج الوافدين: كونوا نبراسًا للرحمة ببلادكم    ننشر حصاد وزارة الإسكان خلال أسبوع| فيديو جراف    مراسل القاهرة الإخبارية: تفجير مسجد الإمام سبب ذعر المصلين أثناء صلاة الجمعة    النقل تناشد المواطنين المشاركة لمنع ظاهرة رشق الأطفال للقطارات بالحجارة    حبس موظف 4 أيام بتهمة تصنيع الأسلحة والذخائر داخل منزله بقنا    ضبط 5 طن دقيق مجهول المصدر وتحرير 214 محضر تمويني بالمنوفية    «تكنولوجيا وقيادة وإدارة».. «الري» تؤسس جيلا جديدا لإدارة منظومة المياه    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    بعد 25 عاما.. إنعام محمد علي تكشف أسرار اختصار مسلسل أم كلثوم في 4 سهرات    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    «القومي للمرأة»: غرفة عمليات لمتابعة المشاركة في جولة الإعادة بانتخابات النواب    السياحة تنظم قافلة ترويجية كبرى في السوق الصيني ببكين وشنغهاي    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    هيئة الدواء: هذه الأخطاء الشائعة في استخدام الأدوية تهدد صحتك    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    باكستر: جنوب إفريقيا فرصتها أكبر في الفوز على مصر.. ونجحت في إيقاف صلاح بهذه الطريقة    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    قوات الاحتلال تعتقل فلسطينيين وتغلق بوابات لعرقلة المرور    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    الكومي: صلاح أنقذ مصر أمام زيمبابوي.. وهدفنا صدارة المجموعة    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي شعراوي:المشكلة أن الحكومة المصرية تتخيل أنها تستطيع كسب أفريقيا في أسبوعين
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 06 - 2010

السادات ألغى مكتب الشئون الأفريقية الذي أدار الحوار مع دول الحوض رغم أنه كان يتكلف 30 ألف جنيه فقط في العام الجزائر لها نفوذ كبير في أفريقيا يمكننا استغلاله.. والقذافي قادر على القيام بدور الوساطة
حلمي شعراوي
في اجتماع شرم الشيخ في أبريل الماضي انقلبت دول منابع النيل السبع علي مصر وأعلنت أنها ستوقع علي الاتفاقية الإطارية بشكل منفرد في 14مايو الماضي وبالفعل وقعت خمس من هذه الدول علي الاتفاقية الإطارية ولم يتبق سوي الكونغو الديمقراطية وبوروندي اللتين أصبح توقيعهما علي الاتفاقية الإطارية مسألة وقت، لذلك كان هذا الحوار مع حلمي شعراوي مدير مركز الدراسات الأفريقية والعربية وأحد أبرز المتخصصين في الشأن الأفريقي للتعرف علي تاريخ العلاقات مع دول المنابع وكيفية رأب الصدع بين مصر وهذه الدول.
كيف كان اهتمام مصر بدول منابع النيل في فترة الخمسينيات والستينيات؟
- حلمي شعراوي: كانت الرئاسة خلال هذه الفترة ومن خلال مكتب الشئون الاقتصادية الذي كان ملحقًا برئاسة الجمهورية مهتمة بدول منابع النيل، نظرًا لان الإحساس الذي كان سائدًا هذه الفترة يقوم علي أن أهمية دول المنابع ترجع لعلاقتها بالسودان الذي كان يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لمصر.
ومع قيام الثورة شهدت العلاقات مع إثيوبيا توترًا والسبب في ذلك كان معالجة موضوع السودان، حيث كانت إثيوبيا عن طريق أمريكا التي كانت لديها في الخمسينيات أكبر قاعدة أمريكية والتي كانت تعرف باسم كنيو ستيشن، كان عبدالناصر في هذه الفترة يشعر بالوجود الأمريكي في هذه المنطقة المهمة بالنسبة لمصر، فضلاً عن علاقات إمبراطور إثيوبيا وقتها هيلاسلاسي ببريطانيا، مما دفع عبدالناصر بأن يوجه محمد فايق رئيس الشئون الأفريقية وقتها أن يسعي لعمل برنامج مصري في إثيوبيا وبالفعل نجح فايق في إنشاء برنامج موجه باللغة الأمهرية والتجراي، كذلك عمل فايق مع زعماء المعارضة في إثيوبيا والذي كان من أهمهم ولد أب ولد مريم وكذلك إبراهيم سلطان وآدم محمد آدم، وحضر هؤلاء الزعماء إلي القاهرة في الفترة من 1953إلي 1957 للتقدم للأمم المتحدة لحفظ حقوق إريتريا في الاستقلال وسعي محمد فايق لهذا الأمر، ومنذ محادثاتنا بشأن السودان وموضوع إثيوبيا طرف، ظللنا مع الموقف الإريتري وكان هناك اتفاق بين عبدالناصر والإمبراطور هيلاسلاسي بعدم تأييد إريتريا بالسلاح المصري فقمنا بمساندة إريتريا سياسيا.
أما في كينيا وفي الفترة ما بين عامي 1953و1954 في كانت مصر تدعم حركة الماو ماو الوطنية للتحرر من الاستعمار الإنجليزي وذلك بتوجيهات مباشرة من عبدالناصر الذي كان يسعي لتخليص وادي النيل من النفوذ الاجنبي، فضلاً عن أن مصر دعمت الزعيم الكيني جومو كينياتا الذي كان معتقلاً من قبل الإنجليز وساعدت في إطلاق سراحه من محبسه وكان يساعدنا في هذا الأمر كل من السوفيت والصينيين، وكذلك ساعدنا كل من أوجي نجا أودينجا والد رئيس وزراء كينيا الحالي رايلا أودينجا، وكذلك توماموبيا حتي تم الإفراج عن كينياتا، وبعد الإفراج عنه ظلت مصر تدعمه بالأموال والمكافآت، كذلك دعمنا أودينجا الأب وكان له مكتب في الزمالك بمصر حتي استقلت كينيا عام 1963،حتي بعد الاستقلال كانت مصر تمنح الطلاب من كينيا المنح للدراسة في مصر وكذلك كان يحضر عيد استقلال كينيا نائب الرئيس عبدالناصر.
هل اقتصر الدور المصري في دول المنابع في هذه الفترة علي كينيا فقط؟
- بالطبع لا، فالدور المصري كان حاضرًا في الدول الأفريقية بشكل عام ودول المنابع بشكل خاص،ففي أوغندا تم افتتاح مكتب مصري، أما في تنزانيلا وبعد استقلالها بشهر واحد حدثت ثورة في زنجبار ضد العرب المقيمين في هذه الجزيرة وتم وصفهم بالإقطاعيين، في هذه اللحظة الحاسمة أمر عبدالناصر بعد تدخل مصر في هذا الصراع ضد تنزانيا، وكان هذا العمل في صالح تنزانيا، كذلك ضربت تنزانيا أمطار غزيرة ثم تبعتها موجة جفاف، وترددت أنباء أن إسرائيل تريد التدخل في شرق تنزانيا وعندها بعث عبدالناصر برسالة إلي الرئيس التنزاني وقتها جوليوس نيريري أكد له فيه أن مصر ستتدخل وتبحث الموقف وبالفعل أرسل عبدالناصر إلي تنزانيا بمهندسين مصريين وفوت الفرصة علي إسرائيل التي كانت تسعي للتدخل في تنزانيا.
وكذلك كان لنا دور في الكونغو، حيث أيدنا باتريس لومومبا ضد تشومبي وحتي عندما جاء موبوتو إلي الحكم تعاملنًا معه.
هل كانت العلاقات مع إثيوبيا دائمًا تتسم بالتوتر؟
- لا، فمصر لم تكن تثير الشغب في إثيوبيا، فبعد استقلال أغلب الدول الأفريقية واتجاه هذه الدول إلي إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، كان لعبدالناصر دور في اختيار أديس أبابا كمقر لمنظمة الوحدة الأفريقية.
هل كان الوجود المصري في دول المنابع في هذه الفترة يتم بشكل مدروس؟
- بالطبع نعم، فالرئيس عبدالناصر كان يعمل لتحرير دول حوض النيل وكان أمامنا خطة استراتيجية وليس مجرد أحداث شغب هنا أو هناك، ولا يتم حسم الأمور بشكل ظاهري.
ولكن ماذا حدث للدور المصري بعد وفاة عبدالناصر؟
- بعد أن تولي السادات المسئولية ألغي المكاتب الرئاسية بما فيها مكتب الشئون الأفريقية وهو المكتب الذي لعب دورًا مهمًا مع الخارجية التي كان لها معني وحضور علي ساحات الممارسات، كان إغلاق مكتب الشئون الأفريقية بداية للمأزق المعرفي بدول منابع النيل، فضلا عن أن مصر السادات لم تستطع أن تقوم بما قامت به إدارة عبدالناصر وتوجهت وجهة مختلفة لدرجة أن تصريح السادات الشهير بأن مصر ستحارب من يقترب من مياه النيل كان لصالح الأمريكان ضد السوفييت في أنجولا وموزمبيق وإثيوبيا والكونغو،كما أن مصر في الخمسينيات والستينيات كانت موجودة من خلال شركة النصر التي تم خصخصتها مؤخرًا وكذلك إقامة علاقات وطيدة مع الأنظمة الحاكمة دون الاكتفاء بالزيارات الدبلوماسية، بل كان العمل يتم علي أرض الواقع.
وقعت خمس من دول المنابع علي الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل بشكل منفرد، فهل التعاون مع دول المنابع وارد بعد توقيع خمس منها علي الاتفاقية؟
- التعاون مع دول المنابع ممكن وهناك قابلية لهذا الأمر من خلال إنشاء مشروعات كبيرة في هذه الدول لتخزين المياه وتنظيم نزوله للنيل، لكن هذا الأمر يحتاج لدعم من رءوس الأموال.
وهل يمكن أن يقوم البنك الدولي بإنشاء هذه المشروعات في دول المنابع؟
- بالطبع من الممكن أن يقوم البنك الدولي بتمويل هذه المشروعات والبنك الدولي يعمل بمنطق تجاري بحت، من المحتمل أن يقوم بعمل مشروعات مائية في دول المنابع بشكل يضر بمصالحنا المائية.
وما الحل؟
- يمكن الاستعانة بالنفوذ العربي في البنك الدولي، كما أن السلطات المصرية لديها معلومات عن أدوار الدول الكبري في دول حوض النيل، ويجب أن يطلعوا الرأي العام المصري علي ما لديهم من معلومات عن أدوار الدول الكبري في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة لمصر، قد لا يكون هناك خطر إلا ما يتعلق بتخزين المياه، لأن أحدًا لا يستطيع تخزين المياه دون تصريفها، فمثلا إذا قمنا بتخزين المياه داخل بحيرة ناصر دون تصريفها ستفيض وتفرق ما حولها، كذلك يجب أن يكون للاتحاد الأفريقي دور في أزمة المياه الحالية بين دول الحوض،كما يجب الاتفاق علي نوع الزراعة في دول المنابع.
هل يمكن إقرار مبدأ أزلية اتفاقيات المياه التي تم توقيعها في العهود الاستعمارية مثلما تم إقرار مبدأ أزلية الحدود؟
- أثناء انعقاد المؤتمر الأفريقي الأول في القاهرة عام 1964أثارت كل من الصومال وتوجو مشاكل حدودية كبيرة مع كل من إثيوبيا وغانا علي الترتيب، مما وضع الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي والرئيس الغاني آنذاك كوامي نكروما في مأزق حقيقي، تدخل عبدالناصر وعدد من القادة الأفارقة وتم إقرار المبدأ التاريخي الذي ينص علي أن الحدود التي رسمت باتفاقيات مع الاستعمار هي نهائية وتم فرض هذا المبدأمنذعام 1964،من حقنا الآن ومن خلال الاتحاد الافريقي أن نعمل علي أن تكون اتفاقيات المياه التي وقعت في العهود الاستعمارية أزلية.
هناك من يطالب الآن بشن حرب ضد دول المنابع للحفاظ علي حصة مصر من مياه النيل؟
- المطالبة بشن حرب علي دول المنابع بسبب المياه من وجهة نظري خرف سياسي فج، أري أن هذا الأمر غير وارد، لأننا إذا اتخذنا قرارا بالحرب سنضرب السدود وعليه يجب أن نضع أنفسنا مكان إثيوبيا ونتذكر تهديد وزيرالخارجية الحالي أفيجيدور ليبرمان بضرب السد العالي وكيف كان شعورنا كمصريين، عندها، سنعرف أن فكرة الحرب غير واردة.
ولكن هناك من يطرح فكرة اللجوء للتحكيم الدولي لحل الخلافات مع دول المنابع بديلا للحرب.. فما رأيك؟
- من وجهة نظري أنه لا مجال للجوء للتحكيم الدولي، علي الرغم من أن هناك من يري أنه يجب أن يتم تدويل هذه القضية، لكن التحكيم الدولي ينص علي أن تذهب الدول المتنازعة إليه بإرادتها، ولن تذهب أي دولة من دول المنابع إلي التحكيم الدولي، حيث تري هذه الدول أن المياه حقها العادل في حين نري نحن والسودان أن مياه النيل حق أزلي لنا.
ماذا يعني تفعيل دول المنابع للاتفاقية الإطارية؟
- تفعيل دول المنابع للاتفاقية الإطارية يعني قيامها بمشروعات مائية تراها مصر خطرا علي حصتها من مياه النيل، هذا الأمر يجعلنا نوجه نظر دعاة الحرب علي دول المنابع الي أن الحرب يجب أن تكون علي مصادر تمويل إنشاء السدود وهذا الأمر يدفع إلي الحرب مع ايطاليا التي تأتي في المرتبة الأولي من حيث تخطيطها لبناء السدود في إثيوبيا يليها كل من الصين وفرنسا وهذه الدول تعمل في إطار البنك الدولي، بالإضافة إلي أمريكا التي قامت باختيار أنسب المواقع لإنشاء السدود في إثيوبيا فالسدود هي مشاريع المليارات.
ولكن كيف يمكن مواجهة التمويل الغربي والصيني لإنشاء السدود؟
- يمكن مواجهة هذا التمويل من خلال ذهاب رأس المال العربي إلي دول المنابع لإنشاء السدود تحت شعار تعاون مصر مع هذه الدول، كأن يتم إنشاء سدود في إثيوبيا ويقال إنه بالتعاون بين مصر وإثيوبيا،كذلك ضبط المال الدولي، بالإضافة إلي مراجعة مشروعات الدول الصديقة مثل الصين وفرنسا في دول المنابع.
هل يحتاج الأمر إلي استراتيجية مصرية لإقامة المشروعات في دول المنابع؟
- بالطبع يجب أن تكون لدينا استراتيجية لإقامة المشروعات في دول المنابع، بدلا مما يحدث الآن فمثلا وجدنا وزير الزراعة أمين أباظة يتحدث عن زراعة 2مليون فدان في أوغندا، هذا التصريح يدعونا إلي التساؤل:هل قام الوزير بعمل علاقات مع أوغندا بهذا الشكل الوثيق ليتحدث عن زراعة 2مليون فدان مرة واحدة، هل يتناسب هذا الأمر مع تحول أوغندا إلي محرك رئيسي ضد مصر بعد شهر واحد من تصريح أباظة، لذلك يجب أن تتم محاسبة وزير الزراعة، كما يجب وقف هذه التصريحات الخالية من المسئولية، نتحدث عن مشاريع مصرية في دول المنابع، كما يجب وجود تصور للمشروعات المصرية في هذه الدول.
هل الانفصال المتوقع لجنوب السودان عن شماله سيؤثر في الوضع المائي المصري؟
- بالفعل فهناك أزمة منتظرة في جنوب السودان، يجب التأكيد أن علاقاتنا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، انفصال جنوب السودان عن شماله ستؤثر بالسلب في حصة مصر من مياه النيل، لأننا سنصبح أمام دولة جديدة وستحتاج هذه الدولة الجديدة إلي مشروعات تنموية، أخطر عملية في جنوب السودان هي الزراعة لأنها تستهلك كميات كبيرة من المياه، عموما نحن أمام العضو رقم 11في دول حوض النيل، وهو العضو الذي سيخلق إشكالاً دبلوماسيًا وسياسيًا وعلي صعيد المشروعات كذلك وهي مشكلة حقيقية بالفعل، يجب أن يكون هناك وجود عربي في هذه المنطقة.
هناك من يؤكد أن مصر لديها «كروت» يجب أن تستخدمها للضغط علي إثيوبيا مثل إريتريا والصومال.. فما رأيك؟
- أنا بحكم تاريخي ومعرفتي بهذه المنطقة لا أحب الحديث عن كروت الضغط وتفجير الموقف، لكن في الوقت نفسه يجب لفت نظر إثيوبيا إلي أن مصر لديها الكثير مع الوضع في الاعتبار أن هذا العصر ليس عصر التدخلات، فيما يتعلق بأريتريا فنحن لم نقف مع أريتريا بشكل جيد خلال حربها الطاحنة مع إثيوبيا وكذلك مازالت منطقة الحدود الإثيوبية الأريترية متأزمة حتي الآن، علي الرغم من ذلك فإن هناك فرصة لاستغلال أريتريا للفت نظر إثيوبيا.
البعض يتحدث عن إمكانية قيام الرئيس الليبي معمر القذافي بدور للوساطة بين مصر والسودان من ناحية ودول المنابع من ناحية أخري لحل الخلافات بينهما؟
- بالطبع فالقذافي يستطيع القيام بدور الوساطة بين مصر والسودان من ناحية ودول المنابع من ناحية أخري، فالقذافي نافذ في دوائر الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلي أن القذافي يستطيع أن يأخذ الاتحاد الأفريقي بعيدا عن إثيوبيا مما يؤلم إثيوبيا بشكل كبير.
يتهم البعض نظام عبدالناصر أنه أضاع أموال مصر في أفريقيا ودول منابع النيل دون مردود حقيقي؟
- هذا الأمر غير صحيح بالمرة، لأن مصر كان لها في فترة عبدالناصر عدو رئيسي هو إسرائيل، كنا نعمل لعدم تعرف الدول الأفريقية علي إسرائيل، فضلا عن أننا كنا نعمل لتحرر هذه الدول من النفوذ الأجنبي، لم نتدخل لعمل انقلاب في أي دولة أفريقية بل كنا نعمل علي تحرير هذه الدول، أتذكر أنني سألت محمد فايق - رئيس مكتب العلاقات الأفريقية - الذي أسس للعلاقات مع الدول الأفريقية ودول المنابع وساهم في تحرير الدول الأفريقية ودول المنابع، عن الميزانية السنوية المخصصة للمكتب فأكد لي أن ميزانيته هي 130ألف جنيه.
ماذا عن دور شركة النصر في أفريقيا ودول منابع النيل؟
- شركة النصر صنعت مركزًا لمصر في أفريقيا بصفة عامة، كانت شركة النصر عبارة عن شركة قطاع عام كبيرة، كانت لها مكاتب تجارية في أفريقيا بأربع سفن تم بيعها مؤخرا، ونجحت شركة النصر في إقامة علاقات اقتصادية ومشروعات مهمة في أفريقيا، إسرائيل مثلا ليس لها، كان إلغاء شركة النصر جزءًا من إلغاء دور الدولة المصرية في مجال التنمية الاقتصادية.
هل يؤثر الوجود الإسرائيلي في دول المنابع في حصة مصر من مياه النيل؟
- أتشكك كثيرا في أن يؤثر الوجود الإسرائيلي في منابع النيل في حصة مصر، فإسرائيل ليس لديها مشروع واحد يمكن أن تعتمد عليه بينما تقوم إسرائيل حاليا بالتجارة في الماس، بالإضافة إلي الإقراض عبر البنك الدولي.
لكن ماذا عن الوجود المصري في دول المنابع؟
- مصر قدمت مساعدات أساسية في الإنشاءات في كل الدول الأفريقية بما فيها دول الحوض، قمنا ببناء الدولة في الكونغو، فضلا عن إنشاءات حكومية في ساحل العاج وغينيا، بالإضافة إلي تشجيع التجارة المتبادلة مع كل دول أفريقيا هذا بعض مما قامت به مصر في أفريقيا في الستينيات، أما الآن فيوجد رأسماليون مصريون يعملون في إثيوبيا وأوغندا، وكذلك وجودنا في الكونغو ضعيف.
ما شعور شعوب دول المنابع تجاه مصر في الخمسينيات والستينيات وشعورهم الآن؟
- في الخمسينيات والستينيات كانت أدوار مصر مرحب بها وحتي الشعوب التي كانت حقوقها مهضومة في دول المنابع كانت ترحب بالدور المصري، لم يحدث خلال هذه الفترة أن أثير موضوع مياه النيل كما هومثار في الوقت الحالي، أما شعور شعوب دول المنابع الآن فهو أن مصر تأخذ مياه النيل وتتركهم عطشي.
وما الذي جعل دول المنابع تثير موضوع المياه في الوقت الحالي؟
- البنك الدولي وخططه حول المياه هو الذي أثار دول المنابع، حيث بدأ البنك الدولي يتحدث عن مشروعات عالمية لضبط المياه وتنظيمها وتسعيرها، حتي مبادرة دول حوض النيل تشير إلي الاستفادة الاقتصادية من المياه، كما أن الجفاف الذي ضرب هذه الدول أدي إلي إثارة الموضوع بالإضافة إلي أنه منذ أزمة البترول في السبعينيات ظهر مصطلح أن الماء مقابل البترول.
هل وقعت أخطاء دبلوماسية مصرية ساهمت في تفاقم الأزمة مع دول المنابع؟
- بالطبع حدثت أخطاء دبلوماسية مصرية يمكن إدراجها في الآتي: أن مصر اتفقت مع بريطانيا عندما قامت بريطانيا بإنشاء سد أوين في أوغندا، لكن مصر عندما قامت بإنشاء السد العالي لم تجر أي مشاورات مع دول المنابع، كذلك عندما أعلنت مصر عن بدء مشروع توشكي في التسعينيات لم يتم التشاور مع دول المنابع، هذا الإهمال بالطبع يزعج دول المنابع حيث لم يحدث أي احترام سياسي أو دبلوماسي من جانب مصر تجاه دول المنابع.
هل صحيح أن الاهتمام المصري بدول المنابع دائما ما يكون وقتيا؟
متي كفت مصر عن الاهتمام بدول المنابع؟
- منذ عهد السادات لم نعد نسأل عن أفريقيا حيث تحول السادات من القطاع العام إلي الرأسمالية، الدليل علي ذلك أنه بعد انتهاء حرب بيافرا في نيجيريا في السبعينيات، عرض المسئولون النيجيريون علي المستثمرين المصريين فرص الاستثمار في نيجيريا وأخذ امتيازات كبيرة ولكن لم تتم الاستجابة للدعوة النيجيرية.
ما تقييمك للتعامل الحكومي مع الأزمة الحالية لمياه النيل؟
- مشكلة الحكومة المصرية أنها متخيلة أنها تستطيع أن تكسب أفريقيا في ظرف أسبوعين، لكن قضية مياه النيل قضية النفس الطويل، حيث يجب إنشاء علاقات بين المجتمع المصري ومجتمعات دول منابع النيل وفي كل المجالات، كما يجب أن تكون هناك مواقف لمصر حيث يجب الدخول في المشكلة الإثيوبية الإريترية، كما يجب أن تتواجد مصر في هذه الدول من خلال الشخصيات المصرية ويجب اتخاذ محمد فايق كرمز لهذه العلاقات، كذلك يجب أن تعمل مصر علي تدعيم العمل المشترك مع هذه الدول ويجب اتخاذ المشروع المصري الناجح لمقاومة ورد النيل من بحيرة فيكتوريا كنموذج للتعاون بين مصر ودول المنابع.
وعلي الحكومة أن تعلم أن زيارة 5 وزراء لإثيوبيا، لن تحل مشكلة المياه، كما أن زيارة رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف إلي إثيوبيا لم يشعر بها أحد لأنها كانت في فترة الانتخابات الإثيوبية، فضلا عن أن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا هي مقر الاتحاد الأفريقي وبالتالي زيارة رئيس وزراء لها أمر لا معني له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.