طالب وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بوقف فوري لأنشطة مؤسسة غزة الإنسانية، وذلك على خلفية "شبهات تتعلق بأنشطتها التمويلية وطرق توزيع المساعدات داخل قطاع غزة"، وفق ما صرّح به خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القبرصي في العاصمة نيقوسيا، اليوم الخميس. وقال بارو، إن باريس تنظر بقلق بالغ إلى تقارير استخباراتية ودبلوماسية تشير إلى وجود تجاوزات في طريقة توزيع المساعدات الإنسانية من قبل المؤسسة، بالإضافة إلى "احتمال توجيه جزء من التمويل إلى كيانات غير مدنية"، في إشارة غير مباشرة إلى جماعات فلسطينية مسلحة تنشط في القطاع. وأوضح وزير الخارجية الفرنسي أن بلاده تدعم بالكامل إيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وخاصة في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة، لكنها في الوقت ذاته "ترفض أن يتم استخدام العمل الإنساني كغطاء لأي نشاط سياسي أو عسكري". وأكد بارو أن فرنسا تجري تحقيقًا مشتركًا مع شركائها الأوروبيين لتقييم طبيعة أنشطة المؤسسة التي تنشط في عدة دول أوروبية وتقدم مساعدات إغاثية داخل قطاع غزة عبر وكلاء محليين. وكانت المؤسسة التي تتخذ من إحدى العواصم الأوروبية مقرًا لها، قد أعلنت مؤخرًا عن توسيع عملياتها في القطاع، متعهدة بإيصال مساعدات إلى نحو 300 ألف فلسطيني تضرروا من العدوان الإسرائيلي الأخير. غير أن عدة تقارير أمنية فرنسية، بحسب مصادر إعلامية، شككت في آليات التمويل وطرق صرف الأموال، وطالبت بفرض رقابة صارمة على المنظمات غير الحكومية العاملة في مناطق النزاع. وفي السياق ذاته، دافع مسؤولون في المؤسسة عن شرعية أنشطتهم، مؤكدين في بيانات سابقة أن جميع عملياتها تتم "بشفافية وتحت رقابة قانونية في الدول المضيفة، ووفقًا للمعايير الإنسانية الدولية"، مؤكدين أن "أي مزاعم بعكس ذلك تهدف لتقويض الجهود الإغاثية". وتأتي تصريحات الوزير الفرنسي في ظل تصاعد الجدل الأوروبي بشأن تمويل المنظمات غير الحكومية العاملة في الأراضي الفلسطينية، خاصة بعد تصاعد التوتر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، وما تبعه من ضغط سياسي على الحكومات الأوروبية لمراجعة أوجه صرف المساعدات، والتأكد من عدم تسربها إلى جهات "محظورة". وكانت المفوضية الأوروبية قد جمدت في الأشهر الماضية جزءًا من المساعدات الموجهة إلى بعض المؤسسات الإغاثية العاملة في غزة، في خطوة قوبلت بانتقادات حقوقية واسعة، باعتبارها تضر مباشرة بالفئات الأكثر هشاشة في القطاع، خاصة الأطفال والنساء والمرضى. وفي ختام تصريحاته، شدد وزير الخارجية الفرنسي على ضرورة التوصل إلى "آلية دولية أكثر صرامة" لتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مؤكدًا التزام فرنسا الكامل بدعم الشعب الفلسطيني "دون المساس بالمعايير الأمنية والدولية".