رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم.. صور    آخر تحديث: سعر الدولار صباح تعاملات اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في مصر    تطبيق التوقيت الصيفي في مصر 2024: خطوات تغيير الساعة وموعد البدء    تأثير حملة "خلّوها تعفن" على أسعار الأسماك واللحوم في مصر    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لكورنيش المحلة الجديد    تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال مارس الماضي    حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح في حالة واحدة فقط    الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال دفن 20 شخصا على الأقل بمجمع ناصر وهم أحياء    الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مسلسل البيت بيتي 2.. تفاصيل العرض ومواعيد الحلقات على منصة شاهد VIP    الرئيس السيسي: سيناء تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة    شوشة عن إنجازات سيناء الجديدة: مَنْ سمع ليس كمَنْ رأى    البحرية البريطانية: بلاغ عن حادث بحري جنوبي غرب عدن اليمنية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    مواعيد مباريات الخميس 25 إبريل - الأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا لليد.. ومواجهة صعبة لمانشستر سيتي    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    "أبو زعبل للصناعات الهندسية" تكرم المحالين للمعاش    التريلا دخلت في الميكروباص.. 10 مصابين في حادث على صحراوي البحيرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    وزير التعليم العالي: تعزيز التعاون بين منظومة المستشفيات الجامعية والتابعة للصحة لتحسين جودة الخدمات    التحقيق في سقوط سيارة من أعلى كوبرى روض الفرج    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‬سيدة الإيموبيليا تنتظر القتل‮ ‬

أمام عمارة الإيموبيليا توقفت سيارة التاكسى التى أستقلها فى إشارة مرورية بشارع شريف‮.. ‬تأمل السائق الثلاثينى حركة المارة فى ملل‮.. ‬تنبهت إلى صوته الغاضب‮ «‬ياشيخة روحى شوفيلك موتة بدل اللى أنت عملاه‮»‬
اتجهت عيناى ناحية‮ «‬الشيخة‮» ‬التى استفزت السائق‮.. ‬لم أجد إلا سيدة ستينية وقورة وأنيقة فى‮ ‬ملابسها تقف أمام عمارة الإيموبيليا‮.. ‬منحتنى ملابسها والخلفية المعمارية كادراً سينمائياً هارباً من أربعينيات أو خمسينيات القرن الماضى‮. ‬
ازداد‮ ‬غضب السائق بلا سبب مفهوم‮ «‬ياولية روحى شوفيلك سجادة صلاة فى آخر أيامك‮.. ‬والله الأشكال دى تستاهل القتل يا عم الحج‮».‬
الحج أمام شارع شريف
فجأة وجدت نفسى شاهدا على تربص بالقتل من سائق لسيدة لا نعرفها نحن الاثنين‮.. ‬وأديت شعيرة الحج فى شارع شريف‮.‬
انطلق السائق بسيارته وهو مازال يتوعد السيدة التى لا نعرفها متجاوزا بصوته آيات الذكر الحكيم المنسابة من راديو السيارة سألته بدهشة عن سبب‮ ‬غضبه من هذه السيدة التى لم تفعل شيئا سوى أنها خرجت للشارع مرتدية ملابس محترمة وأنيقة‮.‬
صمت السائق‮.. ‬الإنسان الطبيعى لم يعرف لماذا يريد قتل هذه السيدة‮.. ‬لكن المشوه داخله أنفجر‮ ‬غضبا موجها كما محترما من السباب البذيئ للسيدة ومن تركها من أهلها تخرج إلى الشارع على هذه الشاكلة‮.. ‬أعتقد تلك هى المرة الأولى وأيضا الأخيرة التى يقابل فيها سائق التاكسى سيدة الإيموبيليا واستمر اللقاء ثوان معدودة لم تدر فيه السيدة أن هناك إنسانا آخر لا تعرفه يتمنى لها القتل‮. ‬
طرحت هذه الثوانى المعدودة مئات الأسئلة منها‮.. ‬لماذا تحولت سيدة الإيموبيليا إلى هدف يستحق القتل فى عينى السائق؟ من هو العقل الذى صاغ‮ ‬وصنع هذه الثوانى القاتلة؟ الأخطر استهانة السائق بحياة الآخر لدرجة القتل؟‮ ‬
محاورة هذه الأسئلة تلزم تحليل شخصيتى الصراع السيدة والسائق أو المقتول والقاتل‮.‬
سيدة نموذج للإنسان السوى
تعطى سيدة الإيموبيليا نموذجا للإنسان السوى من وجهة نظرى على الأقل كما رأيتها فى تلك الثوانى،‮ ‬سيدة تهتم بأناقتها ترتدى ملابس تناسب مستواها العمرى والاجتماعى تتصرف بعقلانية وفق السلوك العام المنضبط،‮ ‬لم تجنح إلى فعل أمر خارج عن المألوف‮.‬
لا يلفت النموذج السوى عين الإنسان الطبيعى لأنه متسق مع المجتمع‮.. ‬فقط النماذج الشاذة هى ما تأخذ نظره،‮ ‬فلن تتوقف عينى الإنسان الطبيعى أمام آلاف السيارات التى تسير أمامه فى الطريق ينتبه عندما يجد مثلا سيارة ذات مواصفات خاصة وفارهة أو متهالكة تماما وتلوث البيئة‮.‬
يستشعر هنا بوجود أمر خارج عن الخط العام لحركة السير بوصول هذه السيارة وصاحبها أو يتساءل‮: ‬كيف سمحت الدولة بسيارة على هذه الدرجة من الرداءة من السير فى الشارع فيدرك وجود خلل‮.. ‬أما لو استمرت حركة السير فى رتابتها المعتادة فلن يستوقفه شىء‮.‬
تطبيق هذا المنطق على سيدة الإيموبيليا يجعلها ارتكبت فعلا شاذا فى نظر السائق جعله يتمنى زوالها من الحراك العام للمجتمع حتى تستقيم حركته من جديد‮. ‬
تصورى السابق يقول حسب وجهة نظرى ونظر آخرين أنها سيدة طبيعية تماما إذا الخلل جاء من الطرف الثانى أو سائق التاكسى خلال تلك الثوانى المعدودة التى لمح فيها السيدة واقفة أمامه‮.‬
بالتأكيد لا أمتلك تاريخ حياة هذا الرجل أو أعرفه معرفة شخصية لكن ما فعله يشير لوجود خلل ما فى رؤيته للفعل الطبيعى فى المجتمع ممثلا فى هذه السيدة‮.‬
يبدأ الخلل من التدخل فى شئون الآخرين دون وجه حق بالسلب أو الإيجاب‮.. ‬فالخصوصية المفقودة فى مجتمعنا آفة لم نسع لعلاجها وهذه إشارة واضحة لعدم احترامنا لمساحة الحرية لكل منا وعدم اهتمامنا بالعلاج‮.‬
تؤدى الخصوصية المفقودة إلى حالة من الانفلات المجتمعى وتعدى كل منا على الآخر ولو بالتلميح أو بالفعل الشائع الذى نعانى منه جميعا وهو التلوث السمعي‮. ‬
احترام الخصوصية!
تستشعر على الفور عندما تذهب إلى بلد متقدم أن أساس هذا التقدم والتطور احترام الخصوصية كحق كامل للمواطن يستعمله فى حماية نفسه من التلوث السمعى والبصرى وأيضا ممارسة حرياته الشخصية فى الملبس والتحرك حتى يصل إلى الاعتقاد فيما يراه‮. ‬
خالف السائق هذا المبدأ الإنسانى عندما علق على سيدة الإيموبيليا ويمكن إرجاعه إلى قلة الذوق الشخصى أو عدم انضباط سلوكى،‮ ‬لكن عندما يتمنى لها القتل فهنا نخرج عما هو شخصى إلى ما هو عام فهذه الأمنية المسمومة صنعها فكر تدميرى يسعى للخراب‮.‬
استشهد السائق بعد كم السباب المحترم الذى وجهه للسيدة وأهلها بأقوال مأثورة ومرويات دينية لا أعلم مدى صحتها أو من أين أتى بها تدور كلها حول التزام المرأة بيتها وبقائها خلف ألف ساتر يحميها من الساعين إلى نهشها‮.‬
نزع الفكر التدميري‮ - ‬مجازا هو فكر‮ - ‬الذى لوث دماغ‮ ‬السائق الطابع الإنسانى عن السيدة فلا حزن أو ألم عندما تموت أو تقتل فهى مجرد شيء يجب تدميره ليتطهر المجتمع‮.‬
يرتفع معدل التلوث فى هذه الأدمغة ولا يتوقف عند حد الكراهية بتمنى الموت بل يتجه إلى العنف والإرهاب عندما يرى قتلها‮.. ‬لو امتلك هذا السائق السلطة ثم القدرة على التنفيذ سيحقق‮ ‬غرضه المجنون بيسر وسرعة‮.‬
الوكيل الإلهى الأزمة والحل
يحول هذا التلوث العقلى الآخر الذى يخالفه حتى بالمظهر إلى عدو يشيطنه ويعطى لأمثال السائق الحق فى الوصاية على الجميع بصفته الوكيل الإلهي‮.‬
يقسم بمرور الوقت هذا التلوث المجتمع إلى أخيار وأشرار وتوصيف الخير والشرير لا يعود إلى قواعد عقلانية أو قانونية بل إلى رغبة الأمير أو المرشد فهو يضع قوالب يسلمها إلى وكلائه دون أدنى تدبر ليأبلسوا الآخر فى كل لحظة‮.‬
تصنيع العدو يعطى لهذا التلوث والمصابين به القدرة على إخضاع الآخر عن طريق تحقيره وإدخاله فى دائرة المنبوذين ثم فرض حالة ‬من الترهيب على المجتمع بكامله بإخافة الجميع من إدخالهم هذه الدائرة الجهنمية‮.‬
عندما يصل المجتمع إلى هذه النقطة من الخضوع تصبح إدارته أمرا يسيرا ويسمح بإنشاء شبكات المصالح الخاصة بهؤلاء الملوثين وتبدأ لعبة صكوك الغفران بتطهيرك من النبذ والتحقير مقابل ما تدفعه‮.‬
يظن الكثيرون أن الهزيمة السياسية لهذا التيار الظلامى تعنى إنهاء سيطرته على المجتمع‮.. ‬العكس هو الصحيح فابتعاد هذا الظلام‮ ‬عن كرسى السلطة سيجعله أكثر شراسة تجاه قواعد المجتمع فى محاولة لتعويض ما فقده‮.‬
فى نفس الوقت هذه السيطرة على قواعد المجتمع تعطى للتيار الظلامى مخزونا يسعى لاستخدامه فى ألعابه السياسية وأملا بحلم العودة‮.‬
تغيير هذه الثوانى أو نظرة السائق القاتلة لسيدة الإيموبيليا تسلتزم إرادة حازمة فى تطهير المساحات التى يتحرك فيها هؤلاء الملوثون والوصول إلى مخزونهم الذى يمنحهم الأمل ليتم تفريغه‮.‬
بالتأكيد هذا التغيير ليس سهلا أو هينا لكن هناك ما يمكن فعله لتحقيقه ورسم خريطة واضحة نسير عليها حتى يتم ولهذا حديث آخر‮.. ‬وإلا ستظل سيدة الإيموبيليا تنتظر‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.