تحت رعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب وفى حضور لفيف من سفراء الدول العربية .. أقامت مؤسسة الصداقة المصرية - الفلسطينية مؤتمرها الأول تحت مسمى ( التراث الإنسانى الإسلامى والمسيحى فى القدس وحمايته). وقد استضاف المؤتمر سيادة المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس والمفكر : خليل تفكجى رئيس جمعية الدراسات العربية فى القدس التابع لبيت الشرق .. وقد بدأ المؤتمر بكلمة افتتاحية للدكتور بركات الفرا سفير دولة فلسطين السابق ورئيس المؤسسة الذى دعا النخب العربية والمصرية على الأخص لإيجاد حلول عملية للحفاظ على التراث الدينى الإسلامى والمسيحى فى القدس من عمليات التدمير المستمرة له من قبل السلطات الإسرائيلية، كما تحدث عن الأوضاع المأساوية التى يعيشها المقدسيون وهو واحد من سيناريوهات حكومة نتانياهو لطمس كل ما هو عربى فى القدس . • .. حوار الأنبياء ! وفى كلمة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الذى ألقاه نيابة عنه الشيخ محمد أبوزيد الأمير عضو مكتب المشيخة، حيث اعتذر الشيخ أحمد الطيب عن الحضور لارتباطه بمهام عاجلة خاصة بالدولة وتضمنت كلمة شيخ الأزهر أن مدينة القدس هى مدينة الأنبياء وشهدت حوار الأنبياء، وأكد أن قصة الإسراء والمعراج هى من ثوابت الإسلام وأن محاولات التشكيك فى ذلك أمر مرفوض . كما دعا إلى وحدة الصف فى الدفاع عن المسجد الأقصى .. وشهد المؤتمر الحديث حول عدة محاور أهمها كان كيفية مواجهة المخاطر التى يتعرض لها التراث الثقافى العربى فى القدس . التى تحدث عنها د.أيمن فؤاد السيد أستاذ التاريخ الإسلامى ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية . حيث أكد أن كثيراً من المساجد والكنائس الأثرية الفلسطينية العربية قامت إسرائيل بهدمها، وذلك من أجل تغيير ثقافة وتاريخ القدس وأن هذه المؤامرات مستمرة منذ 1967 وقد تم بناء 15 مستعمرة يسكنها 200 ألف إسرائيلى وهو ما غير فى بنية القدسالشرقية . ومن أبرز الكلمات التى نالت حفاوة الحضور، كانت كلمة المطران «عطا الله حنا» رئيس أساقفة سبسطية والمعروف بمواقفه الحادة ضد السلطة الإسرائيلية، حيث بدأ حديثه قائلا : «سلام على مساجد القدس وكنائسها، وسلام على مصر التى نحبها وتتعرض لمؤامرة نعرفها جميعا ولكننا متأكدون أنها ستنتصر على أعدائها». كما قال أيضا «الذين يريدون الإضرار بمصر هم الذين يريدون تصفية القضية الفلسطينية». ثم وجه حديثه إلى العالم الغربى قائلا بأن القدس هى المركز المسيحى الأول الذى انطلق منه المسيح إلى سائر أنحاء العالم، ورغم احترامنا كمسيحيين إلى مراكز المسيحية فى روما . إلا أن «القدس» هى التى شهدت حياة المسيح وآلامه وسجنه وصلبه .. ومدينة القدس هى مدينة الإنسان المسيحى والمسلم، وإننا مسيحيو القدس نفتخر بقوميتنا العربية وهويتنا الفلسطينية وعلى العالم المسيحى الدفاع عن التراث المسيحى ضد مؤامرات إسرائيل.. وإننا نعتبر الاعتداء على الأقصى هو اعتداء على كنيسة القيامة والعكس صحيح .. وأكد الأب عطا الله حنا أن هذا هو ما يزعج الاحتلال كثيرا، كما أكد الأب عطا الله حنا لصباح الخير بأن ما يحدث فى الوطن العربى مرتبط بما يحدث فى القدس من أجل تمرير مشاريع إسرائيل لتهويد القدس، وأن توحيد العرب لا بد أن يأتى من خلال قضية القدس .. إن داعش لن يستطيع الفصل بين وحدة كنائس ومساجد القدس ولا من يدعم داعش .. وحول محاولات إسرائيل للسيطرة على الكنائس فى القدس أكد الأب عطا الله حنا، بأن الكنائس الفلسطينية والعربية أصدرت وثيقة منذ 6 سنوات لمواجهة السلطات الصهيونية أطلق عليها اسم «وقفة حق».. أهم ما جاء بها أن انتماء المسيحيين إلى قضيتهم الفلسطينيةوالقدس العربية، وانفتاح الكنيسة على كل الديانات من أجل إبراز العدالة.. وأننا نريد دولة فلسطينية مدنية ديمقراطية لتكون نموذجاً لدول الشرق، ولا نريد دولة دينية أياً كانت. • القدس المعزولة !! ومن أهم القضايا التى أثارها المؤتمر كانت المعاناة التى يعيشها المقدسيون العرب فى القدس التى تحدث عنها الكاتب والباحث خليل تفكجى رئيس جمعية الدراسات العربية فى القدس، والذى أكد أن القدس ليست فقط آثاراً ولكنها أيضا بشر مازالوا يعيشون شاهدين على أن القدسفلسطينية ولكن المعاناة التى يعيشونها يومياً جراء القوانين الإسرائيلية التى تهدف إلى محو وجودهم مثال الجدار العازل الذى فرق الأسر الفلسطينية عن بعضها البعض وممنوع زيارة أحدهما للآخر . بل إن الفلسطينى داخل القدس عليه أن يعيش دون هوية وليس بإمكانه أن يتزوج من أى فلسطينية أخرى خارج النطاق الذى يعيش به . وعلى «المقدسى» الاختيار ما بين حمل الهوية الفلسطينية وبذلك يفقد أملاكه لأنها تصبح أملاك غائبين من حق السلطة الإسرائيلية الاستيلاء عليها فى أى وقت أو أن يحمل الهوية الأردنية وبذلك يمكن ترحيله. أو عليه أن يتجنس بالجنسية الإسرائيلية حتى يمكنه أن يمارس حياته اليومية دون عناء نسبى وبذلك فقد أصبح إسرائيلياً وليس له أى حقوق فلسطينية للمطالبة بها ونتيجة لتلك القوانين غير الشرعية وضد حقوق الإنسان تمارس السلطة الإسرائيلية يوميا وحشيتها ضد أهل القدس وتشردهم وتأخذ منازلهم ومحالهم . دون تدخل من الشرعية الدولية .. كما أنها تمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية، المسلمون ممنوعون من الصلاة فى المسجد الأقصى لأقل من 50 عاما وأحيانا 60 عاما .. والمسيحيون ممنوعون من إقامة احتفالات أعياد الميلاد والقيامة لأنها تقام للسياح الأجانب فقط !! دون المسيحيين المقدسيين، ومن أبرز القضايا التى أثيرت داخل المؤتمر وأثارت جدلا واسعا، كانت قضية الذهاب إلى القدس من قبل العرب والمصريين . حيث أثيرت من المنصة كمحور خاص لدعم المقدسيين ضمن إيجاد حلول لمواجهة السيناريو الإسرائيلى لمحو عروبة القدس . غير أن الحضور اختلفوا فيما بينهم حول الدعوة القديمة الجديدة من المقدسيين التى دعا إليها مرارا وتكرارا الرئيس «محمود عباس» رئيس السلطة الفلسطينية، بقوله إن الزيارة للسجين وليس للسجان . غير أن الخلاف مازال قائما حول الزيارة فمن يؤديها من أجل دعم المقدسيين من عوائد السياحة التى تمكنهم من الصعود والعيش بعد أن مارست عليهم سلطات الاحتلال جميع الممارسات للتضييق فى الرزق والعمل . وما بين رافضى تلك الزيارة بدعوى أن هذا تطبيع مع الكيان الصهيونى. وقد طرحت «صباح الخير» على المنصة توصية: بإنشاء كيان فلسطينى عربى تحت رعاية السلطة الفلسطينية ورعاية جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة لدعوة وفود عربية لزيارة القدس ودون التعامل مع الكيان الإسرائيلى من خلال تأشيرات خاصة من السلطة الفلسطينية . كما تم اقتراح آخر للمنصة بمطالبة الكنسية العربية للجاليات التابعة لها فى العالم بالدعم المالى لصندوق خاص ينشأ للحفاظ على التراث المسيحى والإسلامى فى القدس . وتخلل المناقشة توضيح خاص من مندوب الكنيسة الأرثوذكسية القبطية (سامى صبرى) بأهمية زيارة البابا تواضروس الثانى إلى القدس مؤخرا كزيارة «استثنائية» من أجل الحفاظ على ممتلكات الكنيسة المصرية بالقدس التى تشمل ثلاثة أديرة أهمها دير السلطان، ومدرستنان يتعلم بهما أبناء وبنات الفلسطينيين وأربع كنائس . وأن الزيارة كانت إنسانية لتشييع جنازة الأنبا «إبرام» وهو البطريرك الثانى بعد البابا ويتم تعيينه من الكنيسة المصرية وأن هذا الوجود القبطى الدينى هو دعم للقضية الفلسطينية وإخواننا الفلسطينيين . وانتهى المؤتمر ولكن لم ينته الجدل حول زيارة القدس بين الحضور !! •