ربما فاق ما حدث يوم الأربعاء الماضى كل التوقعات، ففض اعتصام رابعة العدوية واجهته كثير من أعمال العنف والتخريب داخل مدينة نصر وفى محيط الاعتصام وخارج مدينة نصر فى جميع أحياء ومحافظات القاهرة. الإخوان حرقوا عربات الأمن وقاموا بأعمال تخريب عديدة وحرقوا مسجد رابعة العدوية وحرقوا عشرات من السيارات خلف مسجد رابعة وأشعلوا النيران فى إطاراتها وانتشروا بشوارع مدينة نصر الجانبية ومداخل ومخارج رابعة وقطعوا منزل ومطلع كوبرى أكتوبر وأطلقوا أعيرة النيران على سكان المناطق السكنية، ففى الشارع الذى أقطن فيه وهو شارع نصر أحمد زكى وهو شارع متفرع من عباس العقاد ويقع على مقربة من محيط اعتصام رابعة العدوية قامت مجموعة من الإخوان باقتحام الشارع مطالبين بحمايتهم داخل العقارات السكنية وعندما رفضت اللجان الشعبية للشارع والمكونة من شباب المنطقة أطلق الإخوان النيران الحية فى الهواء والطلقات المسيلة للدموع واشتبكوا مع بواب إحدى العمارات ووصفوه بالمسيحى الكافر لأنه لم يسمح لهم بالدخول، بينما خلعوا قطع الحديد الموجودة فى الشارع والتى يستخدمها السكان لحجز أماكن لسياراتهموضربوا بها واجهات العمارات ثم لاذوا بالفرار بعد إطلاقهم لطلقات مسيلة للدموع منعت شباب المنطقة من مطاردتهم.
المسيرات لا تزال تجوب شوارع مدينة نصر منددة بفض الاعتصام والادعاء بأن الجيش والشرطة قتلة.
وعلى الرغم من ساعات الرعب والخوف التى قضاها سكان مدينة نصر وخاصة فى المنطقة المحيطة وامتناعهم عن الشبابيك والبلكونات واحتمائهم بالمنازل إلا أنهم أخيرا استطاعوا أن يتنفسوا بعدما يقرب من 46 يوما كانوا تحت الحصار، حيث وصف كثير من السكان ما حدث بأنه غمة قد ارتاحوا منها مستقبلين إخلاء الميدان بارتياح شاكرين الجيش والشرطة لمجهوداتهم فى فض الاعتصام وقام سكان رابعة العدوية، بالتلويح بعلم مصر من أعلى شرفات منازلهم، معبرين عن انتهاء معاناتهم بفض اعتصام مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين.
رحاب من سكان منطقة رابعة قالت لى إنها كانت معتادة على صلاة العيد فى مسجد رابعة وهذا هو العام الأول الذى حرمت من الصلاة فيه، وإن فك الاعتصام خطوة جيدة وحاسمة قد يرى كثير منا أنها تأخرت وقد يرى البعض أنها جاءت فى موعدها بعد أن نفد صبر الأهالى وبعد تقديمهم لعدة بلاغات، والاعتصام له شروطه وإجراءاته، وكان من غير المقبول أن يتسم الاعتصام بغير السلمية فيتم تخزين الأسلحة والطلقات النارية بين العقارات ويعزل أنصار مرسى سكان محيط رابعة عن الحياة فيصبحون بمثابة رهائن لهم.
محمد من سكان شارع عباس العقاد يرى أن فض الاعتصام جاء متأخرا وسط تراخٍ من قوات الجيش والشرطة، الأمر الذى أدى إلى تمرير الأسلحة والذخائر ومواد المتاريس إلى مواقع الاعتصاميين على مدار أكثر من 04 يوما، وتفشى ممارسات القتل والتعذيب، والاعتداء البدنى على الصحفيين دون أى شكل من المحاسبة حتى تحولت المنطقة إلى بؤرة إرهابية لا يعلم أحد ما بداخلها، لذلك فإن أى كلام عن فض الاعتصام بالقوة أو انتظار التحاور كلام رومانسى غير مسئول لا علاقة له بالواقع.
ثريا على من سكان مدينة نصر تؤكد أنها شعرت بالارتياح بعد أن فض الاعتصام مشيرة إلى أن الدولة كلها تحتاج إلى يد من الحديد لقمع أى عمليات إرهابية وأن الخوف من منظرنا الخارجى يجعل الجميع يتعامل بيد مرتعشة، لذلك يجب تغليب مصلحة الوطن فوق الجميع ولا ينظر لأى تصريحات دولية مؤكدة أن العام الماضى كفيل بأن يؤكد أن الإخوان ليسوا وطنيين وليسوا مسلمين وأن الشعب المصرى كان صبورا عليهم ويكفى ما فعلوا بالبلد وأبنائنا من الجيش والشرطة والتعامل بحسم وقوة هو ما سينقذ مصر لأن الاعتصام عند رابعة لم يكن سلميا وكان لابد من فضه بأى شكل من الأشكال، وكان متوقعا أن يكون هناك ضحايا من الطرفين فهو كان بمثابة بؤرة إرهابية كانت تهدد سكان مدينة نصر كلهم فالإخوان رفضوا التفاوض ورفضوا الانخراط فى الحياة السياسية.
سمير من سكان المنطقة يؤكد أن فض الاعتصام جاء فى وقته فمحيط رابعة كان يمتلئ بمنشورات مريبة موقعة مما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية وتطرح هذه المنشورات ما كان يدور فى أذهان جماعة الإخوان المسلمين حول كيفية استعادة السلطة مرة أخرى ومقاومة إرادة الشعب أو ما كانوا يصفونه بالانقلاب، كما تتواجد أيضا منشورات مطبوعة فى مطابع دولة خارجية وكتيبات منها كتاب الأقوال المأثورة لحسن البنا وكتيبات تنتمى للفكر الوهابى المتطرف وكتيبات توثيقية حول ما حدث فى مصر فى فترة ما بعد 30 يونيو وذلك حسب رؤية الإخوان وأنصارهم.
ويرى سمير أن أهالى رابعة العدوية سعوا بكل ما امتلكوا لاستعادة الميدان وقد قاموا بتدشين صفحة على الفيس بوك بعنوان استغاثة سكان رابعة وقدموا بلاغا للنائب العام ولم تفلح أى محاولات طيلة ال 45 يوما لاستعادة المكان وتحول لخرابات مخيفة ومظلمة وجثث موتى.
مصطفى إمام من سكان مدينة نصر يؤكد أنه لم يكن أمام السلطة المصرية المتمثلة فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى خيار، فإما بقاء الدولة وهيبتها أو بقاء الاعتصامات المسلحة.
وأضاف أن ما كان يحدث داخل اعتصامى رابعة العدوية وميدان الجيزة وكمية الانتهاكات الكبيرة التى حدثت منذ اعتصامهم كان أمرا خطيرا.
والسلطة المصرية انحازت وبشكل كبير إلى منطق هيبة الدولة، فهى باقية والأفراد والجماعات إلى زوال.
ويؤكد مصطفى أن أهالى رابعة العدوية لا يزالون خائفين وأن عمليات تمشيط محيط رابعة وتنظيفها والبحث عن متفجرات يطمئن الأهالى لاستعادة الحياة بشكل طبيعى.
لمياء من سكان مدينة نصر عمارات التوفيق تقول إن لديها حساسية فى صدرها وأن يوم فض الاعتصام أخذت كمية كبيرة من المسكنات ودواء للحساسية حتى استطاعت النوم وتجنبا لحدوث أى مشاكل لها من استخدام القنابل المسيلة للدموع وطوال فترة فض الاعتصام كانت تتعاطى المسكنات ولكنها استيقظت على أمل جديد بعد أن تم إخلاء منطقة رابعة العدوية وتم تنظيف المكان مؤكدة أنها عانت كثيرة خلال فترة الاعتصام وإن عاشت فى عزلة ولم يتمكن أحد من زيارتها ولم تتمكن هى من زيارة أحد وأنها كانت تشعر أنها رهينة لدى الإخوان.
محمد مصطفى طبيب من سكان عمارات التوفيق يؤكد أن ساعات فض الاعتصام كانت عصيبة ومرعبة على كل المنطقة فسكان عمارات التوفيق كانوا محاصرين تماما على مدى 46 يوما ولم يكن هناك منفذ لخروجنا ودخولنا غير خضر التونى.
مصطفى يشير إلى أن والدته أعصابها منهارة منذ فض الاعتصام ولايزال إلى الآن يسمع دوى إطلاق الأعيرة النارية فى شوارع مدينة نصر ويوم الجمعة الماضية سمع انفجارا فى محطة البنزين الموجودة فى أول شارع يوسف عباس من اتجاه نادى الزهور.
مصطفى يؤكد على أن يوم الأربعاء الماضى كان يوما داميا الإخوان استخدموا فيه كل وسائل الترهيب والقسوة، ففى ميدان الساعة قام الإخوان بسرقة عدد من السيارات أداروا محركاتها وتحركوا بها ناحية قسم مدينة نصر أول والذى يقع فى الجهة المقابلة لميدان الساعة ثم قفزوا من السيارات وتركوها تصطدم بالسيارات والعقارات المجاورة للقسم (عمارات مايو).