يوم 30 يونيو هو اليوم الذى توحد الناس على انتظاره والتلهف للقائه.. جموع الشعب المصرى بمسلميه وأقباطه، بنسائه ورجاله، بشبابه وفتياته، حتى الفرقاء توحدوا ترقبا وانتظارا لهذا اليوم.. نزلنا إلى محيط قصر الاتحادية قبلة المتظاهرين يوم 30 يونيو رصدنا الأجواء وكيف كان الشارع يتشح بالهدوء والترقب والكتل الخرسانية مازالت موجودة منذ موقعة الاتحادية الأولى ومازالت تحيط بالقصر.. تحدثنا إلى فئات المجتمع التى ضمها هذا الشارع الطويل بين جنباته وتفريعاته.. تعرفنا على شعورهم وتطلعاتهم وتوقعاتهم لهذا اليوم. ∎أمام النادى
ومن أمام نادى هليوبوليس الذى يقع مباشرة أمام مبنى الاتحادية والذى شهد أيضا فى موقعة الاتحادية الأولى خروج آلاف الأعضاء من نساء وسيدات مصر الجديدة «الكلاس» أو كما يطلق عليهن بالإنجليزية «ladies of Heliopo lis» اللاتى ليس لديهن أى علاقة لا من بعيد أو من قريب بالعمل السياسى، ولكنهن خرجن من أجل مناصرة المتظاهرين وتأييدهم بالأعلام واليافطات المنادية بسقوط حكم الإخوان؛ وهو النادى أيضا الذى كانت تصطف أمامه سيارات الإسعاف لعلاج المصابين أو لنقلهم إلى أقرب مستشفى.
∎ ادعى يا مشمش
ومن أمام النادى التقيت بكل من السيدة هدى الهيطى والسيدة كريمة حسين، وهما امرأتان فى السبعين من عمرهما تتكئان على عصا ولما سألتهما «نازلين يوم 30؟» فقالت كل منهما: «ياريت نعرف نيجى، لكن المشكلة إننا ساكنين بعيد ومافيش أى تاكسى هايرضى يجبنا لكن إن كان علينا الود ودنا إننا نيجى ونشارك المتظاهرين.. نفسنا نسقط مرسى ومن قلبنا بندعى».
وتحدثت السيدة هدى عن سيدات النادى وقالت لى: «الستات جوه متفائلة ومش خايفة وهتشارك فى المظاهرات، وفيه نساء أيضا عضوات فى النادى من مؤيدى الرئيس فكانت هناكامرأة شقراء تجلس بالطاولة المجاورة لنا وكانت ترتدى ملابس لا تدل على أنها تنتمى إلى الإخوان.. ملابس ليست للنادى أو للخروج العادى المهم قامت واحدة مننا ووقعت على استمارة تمرد قائلة (أنا ضربت نفسى بالجزمة لانتخابى مرسى) فردت الشقراء قائلة: (وهاتضربى نفسك بالجزمة لأننا إخوان) وأنا قلت أكيد هذه السيدة زوجها يستفيد من الإخوان أو يعمل معهم لأن شكلها ليس من الإخوان..
وأضافت السيدة هدى قائلة: «أيام موقعة الاتحادية الأولى كانت الإدارة تغلق الباب الرئيسى وتمنع دخول السيارات، ولكن كان يتم فتح الباب الخلفى لدخول الأعضاء» وقالت لى فى نهاية حديثها: «أى حاجة تطلبوها إحنا تحت أمركم المهم ربنا يخلصنا.. أنا ما ببطلش دعا».
∎ قلوبنا معاكم
تحدثت مع سائق إحدى السيدات الأعضاء بالنادى. ويدعى عماد محمد فقال لى: «الكل سينزل فى الشارع فى هذا اليوم.. الكل سيشارك فى المظاهرات من كل الفئاتالعمرية الشباب والرجال والفتيات وحتى السيدات من أعمار 40 الى 50 عاما، أما من هن فى سن ال 60 أو ال 70 فقد قررن أن ينزلن أمام بيوتهن ويجلسن على الكراسى ويرفعن الأعلام تضامنا مع أبنائهن من الشباب وكأنهن يردن أن يوصلن لهم رسالة «قلوبنا معكم ولكن سننا لا يسمح لنا».
«سمعت أن الحكومة ستغلق 41 شارعا وستقوم بتشغيل كوبرى أكتوبر على حارة واحدة كى يحدث نوعا من الارتباك المرورى وتمنع المتظاهرين من التوجه إلى الاتحادية، ولكن رغم كل ذلك الناس قررت النزول وستتحدى كل هذه العقبات وأنا واحد منهم لأننى «زهقت» من الوضع الحالى فى البلد (مافيش تعليم، مافيش صحة؛ والأسعار غالية والكهربا بتقطع ومافيش ميه ولا بنزين.. والواحد عشان يتكلم محتاج جرايد يملاها بالأسباب اللى مخلياه لازم ينزل) أنا هانزل أنا وإخواتى وكان نفسى زوجتى تنزل معانا بس هى حامل ولو ولدت يوم 03 هاتبقى مشكلة!
∎ غليان
وأمام النادى أيضا شاهدت فتاة فى الثلاثينيات من عمرها وركضت وراءها وسألتها عن اسمها، ولكنها رفضت ورغم ذلك قالت لى: «يوم 30 يونيو (هانبقى داخلين خارجين على النادى لأن رئيس مجلس إدارة النادى معنا فى حملة تمرد التى أنتمى إليها) احنا لسه لم نقرر ماذا سنفعل ولكن كل الشلة والأصحاب هاينضموا للمظاهرات مش شرط أن يرحل الرئيس مرسى، ولكن أن يتراجع بعض الشىء عن قراراته وأنا أود أن أقول إن الكل هاينزل كبار صغار رجال أو سيدات شباب وفتيات وسنمسك بالأعلام وسنشارك بالمظاهرات وده لو استنينا ليوم 03 فيه غليان جوانا وأكيد هاننزل قبل كده كمان!
∎ هم اللى يخافوا
أما السيدة هالة الحميلى فى ال 60 من عمرها تقطن بميدان روكسى الذى يبعد عن محيط قصر الاتحادية بشارعين فقالت: «أنا كلى حماس أن أنزل فى المظاهرات فلن أنزل بمفردى، بل ستنزل ابنتى وأصدقاؤها وزوجى وأصدقاؤه وأنا عن نفسى قداتفقت مع صديقاتى من شلة نادى هليوبوليس أن ننزل جميعنا ونرفع الشعارات واليافطات وعلم مصر وكذلك سأضع شارات على أكتافى «يسقط الاخوان» وعلى الآخر «يسقط الخرفان».. لقد شاركت فى موقعة الاتحادية الأولى وكنت أردد الهتافات والشعارات مع جموع المتظاهرين ويوم 30 يونيو سأنزل مجددا وسأشارك ولن يخور حماسى أو قوتى، بل سأنزل وكلى إيمان أن يخلصنا الله من الإخوان وأن تعود إلينا مصرنا التى عرفناها فأكثر ما يؤلمنى أن هذه ليست مصر التى نعهدها فتغيرت كل ملامحها وباتت مظلمة منذ أن ركبها الإخوان وزادت ظلمتها بعد القطع المتكرر للكهرباء ليلا ونهارا.. فمصر عمها الخراب وسكنها الذئاب ولابد لهم من نهاية ونهايتهم يوم 30 يونيو إن شاء الله على أيدينا.. ولما سألتها: «مش خايفة؟» فأجابتنى: «لا طبعا مش خايفة احنا أصلا اللى مخوفينهم وهم عمالين بقالهم شهرين عمالين يدرسوا ويخططوا هايعملوا قصادناايه.. أصلا هم اللى لازم يخافوا مننا واحنا مش خايفين مهما رموا قنابل غاز أو رفعوا أسلحتهم .. دى بلدنا ومش هانفرط فيها ومش هانسيبها لهم».
∎ حياة أو موت
«أنا الموضوع بالنسبة لى حياة أو موت»، هكذا نطق أحمد مخيمر 14 عاما متزوج ولديه بنتان توأم ويقطن بالعمارة المجاورة لكافيه جروبى الشهير والذى يقابل السور الجانبى لقصر الاتحادية... واستطرد: «هذه آخر فرصة بالنسبة لنا ولو لم نستغلها سيكون حراما علينا.. لن أذهب لعملى فى هذا اليوم فأنا أنتظر يوم 30 يونيو بفارغ الصبر ... كلى شجاعة وحماس أن أنضم للمتظاهرين.. لابد أن نكون عددا كبيرا.. لابد أن نغلبهم بكثرتنا.. لابد أن ينزل كل مواطن مصرى بيخاف على البلد دى وبيحبها وعايز يخلص من الإخوان اللى زادوا البلد فقر فوق فقر وأفسدوا علاقتنا الخارجية مع كل دول العالم.. أنا بصراحة نازل عشان ولادى عايزلهم مستقبل أفضل وبدون إخوان... أنامش مصدق إن دولة زى مصر لسه بيتقطع عليها الكهربا فى عام 2013 .. حكومة غير رشيدة وأداء مترهل وفساد.. هايفضلوا كده يضغطوا علينا لغاية إمتى؟! خلاص فاض بينا ودى فرصتنا وجت لعندنا مانستغلهاش؟ يبقى حرام علينا والله ونستاهل اللى بيحصل فينا.
أما مؤمن عامل بمحطة البنزين الواقعة فى أول شارع الميرغنى وفى مواجهة نادى هليوبوليس حيث كانت هذه المحطة شاهدا على العديد من الاشتباكات والاحتكاكات بين الفصيلين فى موقعة الاتحادية الأولى فقال : «بالنسبة لاستعدادنا ليوم 30 يونيو فهذا سيتحدد حسب تعليمات شركة البنزين القومية» مصر للبترول، ولكن كما حدث فى الموقعة الأولى أمدتنا الشركة بحوالى 51 أو 02 عاملا لتأمين المحطة من دخول مندسين يحاولون سرقة شىء أو تخريب شىء آخر.. ولا نعرف حتى الآن ما إذا كانت هناك تعليمات بتفريغ حاويات البنزين أم لا.. ولكن أود أن أقول شيئا أن محطة البنزين لا تشكل أى قلق للمتظاهرين أو حتى للأمن بل إنهم يحاولون الابتعاد عنها حرصا منهم على سلامة المنشآت العامة.. وعندما سألته: «خائف؟» قال لى: «زى ما أنت يا أستاذة بتكونى فى وسط الأحداث وتؤدى عملك نحن أيضا سنكون متواجدين للحفاظ على «أكل عيشنا»، ونحن نيتنا كويسة وبنقول يا رب تعدى على خير وسايبنها على الله.. فهذا مكانى ولابد أن أحافظ عليه.. ولا أكون مع أحد ضد الآخر مثل الصحفى أو العسكرى أو القاضى.. فما أن ارتديت الزى الرسمى للعمل أترك كل شىء ولا أهتم بالمظاهرات ولكن بعد أن أخلع ملابسى سيكون من حقى ومن حق زملائى أن نفعل أى شىء.. أصلا الغلط أن المتظاهرين ييجوا هنا عند قصر الاتحادية كان المفروض إنهم يزحفوا على قصر القبة لأن سكان حدائق القبة هايعرفوا بجد يعلموا الإخوان درس مش هاينسوه طول عمرهم.